مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 رحمك الله يا محمد بو عزيزي

 

عبيد

 

هناء عبيد
...........

شعور متضارب تعيشه أمتنا الإسلامية والعربية هذه الأيام ، شعور ممزوج بالفرح والأمل يقابله شعور يمتزج بالحزن والألم. إن إقدام شاب في مقتبل العمر على إحراق نفسه بهذه الطريقة المحزنة التي أبكتنا دما ، لا بد وأن يحمل وراءه مأساة كبيرة. فما حصل ليس بالأمر الهين العابر الذي يمكن أن يكون حدثا عابرا تنساه الذاكرة بعد حين. لا بد أن تكون الويلات قد اكتنفت حياة هذا الشاب المسكين الذي ما زال يخطو خطواته الأولى لتحقيق آماله البسيطة التي تتمثل في إيجاد ما يكفي من أقل متطلبات الحياة من مسكن وملبس ومأكل . إن اتخاذ قرار بهذه الخطورة لا يمكن أن يقدم عليه إلا شاب قد عانى الكثير حتى وصل إلى أعلى مراحل اليأس.

محمد بو عزيزي شاب مثل غيره من الشباب العربي اجتهد وقدم كل ما في وسعه ليصل إلى مكانة مقبولة من العلم ليتسنى له الحصول على وظيفة تليق بمجهوده وتتناسب مع تخصصه العلمي ، ولكن في بلد تفوقت فيه نسبة البطالة بين أفراد الطبقة المتعلمة على22 % كان من الصعب جدا توفر فرصة عمل له. ولكن إصراره واجتهاده أبيا عليه إلا أن يشق طريقه رغم الصعاب، وأن يعمل بكل جهده ليؤمن لقمة العيش له و لأفراد عائلته التي تعتمد عليه حتى لو كان ذلك يتعارض ولا يتناسب مع تحصيله العلمي. فما يضير نوع العمل إن تم الوصول إلى المراد من عيش كريم . فما كان منه الا أن جر عربة خضار ليجول فيها بين الشوارع لالتقاط رزقه. لكن للأسف لم تتركه آلة الدمار وشأنه فقد لاحقته الجهات المسؤولة ومنعته من مزاولة عمله الذي سعد به بالرغم من عدم تناسبه وحجم الشهادة التي يحملها ، فقد منعوه من التقاط رزقه بحجة عدم حصوله على رخصة للعمل بذلك. فما كان منه، وبعد أن فقد آخر بصيص للأمل إلا وأن أحرق نفسه لينهي مأساة كان قد أيقن تماما أنها أبدية لا نهاية لها ، ممزقا بذلك قلوب الملايين من البشر لهول الحدث ولقساوة المشهد الذي لن تنساه ذاكرتهم أبدا حينما التهمت النار كل جسده وظهر من بين اللهيب وجهه الذي حمل كل معالم البأس والحزن واليأس والمرارة، منهيا بذلك حياة شاب قد عانى الكثير ولم يكترث لشيء وراءه، لأن كل ما وراءه لا يتجاوز الأسى والقهر والظلم . إنه المشهد المأساوي الذي لن ننساه ما حيينا . كم هو مؤلم ذلك الغضب الذي كان يحتبس في داخله والذي لم يحتمل أن يظل محبوسا ، فتفجر بركانا حرق الجسد وحرق معه الملايين من القلوب حسرة وأسى على شبابه المهدور. وفي حين بكت الملايين هذا الشاب إلا إن بعض الجماعات ممن لا تعرف معنى القهر والظلم لم تهتز لها شعرة في رأس، لأنها أبرع الناس في صناعة هذا الظلم والقهر.

ولكن وبالرغم من الأسى والحزن والألم الذي تركهم هذا الشاب اليانع في قلوبنا، إلا أنه استطاع أن يزرع بذرة الأمل في نفوسنا من جديد بعد أن انعدم بصيص الأمل منها ، وانعدمت الثقة بأنه سيأتي اليوم الذي سيظهر فيه النور بعد ظلمات طال أمدها. إن العالم بأسره الآن يراقب ما ستؤول إليه الأحداث في تونس بعد أن غادرها رئيسها الذي هيمن على الحكم لمدة 23 عاما متواصلة. وتنتظر أمتنا العربية بفارغ الصبر ما ستحدثه هذه الثورة التي انتظرها الشعب بفارغ الصبر. فهل سيكون هناك تغيير جذري ونهاية للطغيان والقهر في تونس الخضراء..؟ وهل ستعود الأحلام تحلق بمستقبل مزهر..؟ نتمنى أن تستمر الثورة مشتعلة دون أن تخمد. وأن لا تعود الجماهير الأِبية لصنع تماثيل أكثر تصلفا من سابقتها، وأن يعم الخير والسلام على تونس العربية البطلة التي لم تستسلم للخوف ، وقلبت المعايير في زمن ساد فيه البطش والقهر.

فكما جميعنا تابع ويتابع ، فقد بلغ الظلم المدى في هذا القطر العربي الإسلامي الحبيب ، فأي خير كان يتوقع في قيادة قد نهبت ثروات البلاد ، وحاولت تهريب طن ونصف من الذهب من المستحيل أن تكون حصيلة مجهود شخصي ، أو ورثة شرعية للرئيس أو زوجه ، في حين لا يجد الشعب كسرة خبز لتسد رمق جوعه..؟ فهل هذه نماذج للقيادة التي يمكن أن تكون حريصة وأمينة على مصالح دولة وشعب وإنسانية. إن هذه الحادثة المؤلمة كانت الضربة القاضية على هذا النظام الذي أحرق الأخضر واليابس بل وأحرق النفوس إلى أن أحرق الجسد.

رحمك الله يا محمد ، وصبر ذويك على بلائهم ، ودمت رمزا للثورة ضد الظلم والقهر والتعسف. وبارك الله فيك يا شعب تونس الأبي البطل فقد أثبت مدى عزيمتك وقوتك وصلابتك في وجه الظلم والاستبداد
ندعو من الله تعالى الحياة الكريمة لكل أفراد أمتنا إلاسلامية والعربية ودمتم بألف خير
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية