مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 أشعر هذا..أم ألغاز وأحاجي..؟
...............................................................

بقلم : هناء عبيد
..................


لقد جاد علينا الشعراء العرب من مختلف العصور بأجمل وأروع القصائد العربية التي أثرت أرواحنا، وقلوبنا بإحساس مفعم، ولغة جميلة تحلق بنا في عالم بين الحقيقة والخيال. ويزخر تاريخ الشعر العربي بشعراء كان لهم الأثر الكبير في أن يحتل الشعر مكانة ومنزلة كبيرة في عالم الأدب . من هؤلاء الشاعر أبو الطيب المتنبي، أبو العلاء المعري، جبران خليل جبران، محمود درويش، نزار قباني وغيرهم من الأسماء التي لمعت في سماء الإبداع والإحساس والمشاعر المميزة.

وفي عصرنا الحالي برزت أسماء كثيرة في عالم الشعر والقصيدة، وكثرت الندوات والمسابقات الشعرية لإختيار الأكثر إبداعا في هذا المجال المميز من الأدب. وقد كان من المفرح جدا أن تتقدم الأقلام النسائية في هذا المجال خاصة لندرة هذه الأقلام فيه. وقد حاولت أن أتعرف على بعض الإبداعات الحديثة، لأحلق في عالم الإحساس الجميل ولأسكن في راحة الوجدان، وأغوص في بديع الكلمات. فاخترت قصائد لإحدى الشاعرات المبدعات التي حازت على إحدى الجوائز عن أحد دواوين شعرها. وكم كانت دهشتي الكبرى عندما أخذت أقرأ قصائدها قصيدة تلو الأخرى لأفاجأ بأنني أمام عبارات لم أفهم منها شيئا، فهي عبارات ورموز تتبعثر هنا وهناك و يحيط بها الغموض من كل جانب، ووجدت نفسي أمام شيفرات تحتاج لخبراء لفكها، وأصبت بخيبة أمل لم أشهد لها مثيلا. هل يعني هذا أنني لا أتذوق جمال الشعر الحديث!!؟ أم أنني لم أعد أتقن العربية!!؟ أم أنني ابتعدت كثيرا عن المصطلحات العربية الحديثة!!؟
لم أيأس وعاودت المحاولة مرة أخرى ولكن بطريقة أخرى كان قد أفصح عنها وجربها أحد الإخوة القراء حينما عجز عن فك طلاسم إحدى المقالات، لهذا فقد جربت القراءة كما فعل، حيث قمت بقراءة الأشعار مرة أخرى من اليمين إلى اليسار كما تعلمنا في المدرسة، ولما لم أفلح في فهمها حاولت قراءتها من اليسار إلى اليمين لعل وعسى تتضح الرؤية أكثر ثم قرأتها من الأعلى إلى الأسفل ومن الأسفل للأعلى، علي أجد ضالتي، وقد باءت جميع محاولاتي بالفشل في فهم هذه الألغاز والأحاجي. ثم أخذت الأمر بجدية أكثر وطلبت من بعض من له خبرة وباع أكثر مني في عالم الشعر ليقرأها عني، علني أصل إلى ما تريد الشاعرة أن توصله من خلال أشعارها الغامضة، لأفاجأ بأنه لو كانت لغة الشعر بالصينية لكان من الأسهل فهمها.

فلماذا يحاول هؤلاء الشعراء إضفاء طابع الغموض، واللامألوف على أشعارهم..؟ ولماذا يحاولون إستخدام الرموز التي تبعد القصيدة عن الموسيقى العذبة والكلمات والمعاني الجميلة..؟ جميل جدا أن تكون للأبيات معان بايحاءات ومجازات ورموز, تحتاج لبعض الجهد أحيانا للتعرف على ما تحمله من معان جميلة وصور رائعة وقيم سامية، ولكن بحدود معقولة بحيث يتسنى ل 70 % على الأقل من القراء بفهم المرمى والمغزى من القصيدة.

ولكن للأسف الشديد، فقد بات الشعراء يكثرون من إستعمال الرموز التي هي حصيلة فلسفات عالمية لا تمت لمجتمعاتنا بأي صلة. وحتى لو تقبلنا هذه الرموز بإسم التقدم والتحضر فإنها للأسف لا تخدم القصيدة بشيء، بل إنها تضفي طابع الجمود والغموض عليها، مع أنه من المفترض أن يغلب على القصيدة روح الحس والوجدان وأن تبعد عن كل ما يضعها في خانة الجمود والمادية. ولكن يبدو أن هؤلاء الشعراء يحاولون إستعراض ثقافتهم ليبينوا لنا بأنهم على قدر عال من الذكاء، وأنه لا يمكن لأحد إختراق هذا الذكاء ولا يتسنى لأحد أن يدرك أو أن يتقدم على هذه العبقرية الفذة. والحقيقة أنه من الأفضل لهؤلاء المتشاعرين أن يقوموا بتقديم دراسات أو تقارير فلسفية عن الحضارات التي لا تمت للشعر العربي بأي صلة، بحيث يتسنى لهم من هذا المنطلق إستعمال ما طاب لهم من الرموز الغريبة التي لا يدرك مغزاها معظم من يقرأها، لا لجهلهم بل لأنها لا تمت للشعر بصلة، فقد يفيدهم ذلك " أي الشعراء الجدد" أكثر من خوضهم غمار تجارب لا تتماشى مع ثقافتهم وتطلعاتهم.

لهذا فإن هذه دعوة إلى الشعراء والنقاد الحقيقيين والذين هم كثر في مجتمعاتنا العربية، بأن يقوموا بالتنبه إلى هذه التوجهات الحديثة التي تحاول أن تأخذ بالشعر العربي إلى منحى ليس له علاقة بالشعر. وبالطبع هذا لا يمنع من الإعتراف بأن هناك شعراء من العصر الحديث، كانت وما تزال وستبقى أشعارهم ذات صدى طيب على المدى البعيد أمثال جبران خليل جبران، نزار قباني ،محمود درويش وغيرهم من الشعراء الذين أثروا الشعر العربي بإحساسهم العميق.

أننا وبعد أن فقدنا في هذا العصر الحديث، كل ما يرتبط بالمشاعر بشيء وكل ما يمت إلى الأحاسيس الجميلة بصلة، وبعد أن سيطرت المادية وطغى الجمود على جل مرافق حياتنا، فإننا لا نكاد نجد شيئا يعوضنا عن هذا الجمود سوى واحة الشعر الأصيل الجميلة كي نرتاح عندها من عناء ومشقة وسقم هذه الحياة. فالرجاء الحار أن يبقى الشعر مقتصرا على ذوي الإحساس المرهف والمشاعر الفياضة، لا لمن يريدون إستعراض ثقافتهم بإستعمال بعض الرموز المتناثره هنا وهناك دون أي معنى أو مغزى يفيد القارئ ويأخذه إلى مكان آخر، بعيدا عن عناء الجمود والمادية والمشقة التي نعيشها، ودمتم


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية