"لو حَبَكِتْ لا مؤاخذة"
...............................................................
| |
أهلا بالطوارىء | |
بقلم : علاء الدين حمدى
..........................
ـ لم تختلف مشاهد فيلم "تمديد العمل بقانون الطوارىء 2010" عن نسخه الأرشيفية العديدة السابقة ، لذلك لم أعد مهتماً ، كمواطن بسيط ، بالضجة السخيفة التى تثيرها كل مرة تلك القلة الحاقدة المتنمردة ناكرة الجميل من بعض أبناء الجالية المصرية التى تستضيفها حكومة المحروسة ، دون أن يصيبها كللٌ أو ملل ، ولا استشهادها بوعد رئيس الجمهورية فى برنامجه الانتخابى حول انهاء العمل بالطوارىء ، ولا هجومها المغرض دون داع على المجلس الموقر بسبب موافقته الدائمة على تمديد العمل بالقانون ، فقد أعماها حقدها الدفين غير المقدس عن ملاحظة أن إعلان الطوارىء أو تمديد العمل بها حق أصيل لرئيس الجمهورية وحده ولا يشترط القانون موافقة المجلس الموقر عليه ، وانما ترك مسألة استشارته "جوازاً" للرئيس الذى يلقى الكرة بذكاء وخبرة وحرفنة الى المجلس الموقر ليكون القرار قراره أمام الشعب وعلى مسئوليته ! وليأتى معبرا عن إرادة الأمة وأحلامها فى غد أكثر حرية ً واشراقاً ، لذلك دائما ما يجيىء التمديد بموافقة الأغلبية الموقرة كقرار "وطنى ديمقراطى" ، لرد الجميل للقانون الذى وقى البلاد والعباد من ويلات الارهابيين والبلطجيين وتجار المخدرات "الوحشين" طوال 29سنة هى مدة خدمته قبل التمديد الذى سيخرج بعده على المعاش ، كما يظن البعض ، تاركا الفرصة لخلفه "قانون الارهاب" ليكمل مسيرة سلفه النقية الطاهرة فى خدمة الوطن المُفَدى وشعبه النبيل .
ـ لذلك كنت أتمنى من تلك "القلة" المزايدة عديمة الاستقرار والوطنية والتى هى أخطر على أمن الوطن من اسرائيل كما تكشف مؤخرا ً ! أن تتفهم موقف الأغلبية من نواب الأمة الذين صادف توقيت التمديد للقانون تطلعاتهم للفوز بترشيح الحزب الحاكم للانتخابات التشريعية القادمة ! وأن تعى حديثهم عن "البعد الجزئى" و"النصر التشريعى" الذى حققته الحكومة ، وأن تستمع دعوتهم لـ "كل ضمير مصرى وكل مواطن لتقديم الشكر للرئيس على قرار التمديد حتى يطمئن الشعب" ، وتحذيرهم من أن "من يرفض قانون الطوارىء لا ينتمى لهذا الوطن وأنه سيصبح ذو وطنية منقوصة" ، يعنى الخيانة العظمى على حد فهمى البسيط !
ـ ولا ينال من خدمة قانون الطوارىء المشرفة أن مصر شهدت تحت مظلته أشد الأعمال الارهابية وحشية ودموية فى تاريخها ، وأيضا لا ينال من كفائته الكبيرة أنه لم يمنع اغتيال المرحوم الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق أو المحاولات الفاشلة لاغتيال المرحوم د . عاطف صدقى أو الأستاذ صفوت الشريف أوأكثر من وزير داخلية ، كذلك لا يقلل من قدرته على حماية شباب الوطن وأمنه أننا لم نسمع كثيرا عن أسماء تجار المخدرات الذين طبق عليهم القانون !
ـ ولا يعنينى كذلك أن المادة الثالثة الرئيسية فى قانون الطوارىء وضعت قيودا على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة وصرحت باعتقال المشتبه بهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام ورخصت بتفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية وكذلك تكليف أي شخص بتأدية أي عمل من الأعمال ، كما يفعل أباطرة المرور بتسخير سيارات الأجرة والنقل مثلا ! ، أو الأمر بمراقبة كافة وسائل التعبير وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها أوالاستيلاء على أي منقول أو عقار ، أوالأمر بفرض الحراسة على الشركات والمؤسسات الى آخره .
ـ كذلك لست مهتماً بما اذا كانت الحكومة ستقتدى بحكومة "زمبوزيا" و"ستجرؤ" على دعم قائمة الخطرين على الأمن والنظام العام المعرضين لتطبيق القانون باضافة أسماء باعة الوطن والمحتكرين والمسقعين والمرتشين والمهربين والمتلاعبين بأقوات الشعب ، ومستوردى النفايات ، وأصحاب تصريحات سب الدين وارهاب المجتمع والرصاص والتهريب والآثار والشيكات والقروض والكازينوهات الى آخر الطابور الطويل ، من منطلق بديهية أن خطورتهم على الوطن تعلو بمراحل على خطر عمليات الارهاب .
ـ هذا "العدم اهتمام" من شخصى الضعيف ، جاء لأن كل ما سبق تستطيع الحكومة عمله وأكثر منه ببساطة كيفما تشاء ووقتما تريد ! ولن يجرؤ أحدٌ على اعتراض جندى باشا أمن مركزى واحد فى تنفيذ شيء من ذلك بأحكام الطوارىء أو بدونها ، أو كما لخص عمنا الدكتور زكريا عزمى الفلسفة الشعبية بايجاز مفعم مفحم قائلا (الناس عايزة تاكل ولا تسأل عن حالة الطوارئ) !!!
ـ وهو بالضبط نفس "عدم الاهتمام" الذى مارسته مع التمديد السابق "2008" ، حيث لم ألق بالاً وقتها لمشهدين لم يختلفا فى قليل أو كثير عن التوجه "الوطنى" وفكره الجديد فى 2010 ! :
ـ أولهما الأسرار الرهيبة التى أفشاها الأستاذ الدكتور مفيد شهاب فى "روتاري" الزمالك "!!!" بمناسبة تمديد "2008" ، والتى قالها بتأثر شديد ، دفعنى لحالة من البكاء المستمر من وقتها وحتى الآن ، حين قال : ( إيه اللي رماك علي المر قال اللي أمر منه ) ، ( لو عرفتم حجم الجرائم التخريبية التي تم إجهاضها قبل حدوثها وعدد التنظيمات المتصلة بالخارج لقلتم الحمد لله إن قانون الطوارئ موجود ) ، ( لا أستطيع أن أعيش دون قانون إرهاب أو طوارئ ولو لشهر واحد لأن وقوع أي عملية إرهابية توديني في داهية ) ، ( هو فيه حد بيفتح بقه زي عندنا لو طبقنا قانون الطوارئ علي غير الإرهابيين أو تجار المخدرات لأغلقنا العديد من الصحف ) ، ( كنا خلاص أوشكنا علي الانتهاء من قانون الارهاب إلا أننا اختلفنا حول بعض النقاط ) ، هذا ما قاله الدكتور مفيد فى طبعة 2008 ! .
ـ وثانيهما كانت كلمة النائب المحترم فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم وقتها ، والذى جلى الله تعالى بصيرته ومنحه القدرة على استشراف المستقبل وتداعياته ، و"جاب من الآخر" ودعا الى تطبيق القانون الى يوم القيامة ! قائلا : (ان قرار مد العمل بقانون الطوارىء جاء من رجل اختارته الأمة كلها ونستند لقول الرسول بأن أهل مصر في رباط الى يوم القيامة" ، يعنى "بَحّْ" خلص الكلام .. ومن يجرؤ على الاعتراض ودخول النار طالما أن الحديث " قال الله وقال الرسول " ؟! ، خاصة ولم تتغير عناصر المشهد ، لا الرجل الذى اختارته الأمة ، ولاحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا قامت القيامة ! وتذكرت وقتها الممثل الراحل "حسن البارودى" فى الفيلم السينمائى "الزوجة الثانية" وهو يتلو الآية الكريمة من قوله تعالى "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم" !.
ـ كل ما سبق ، كما صدعت رؤوسكم ، لا يعنينى حقيقة فى قليل أو كثير ، فليس لى ، أو لك ، من الأمر شىء ! ، ولكن الذى يهمنى ويشغل بالى وينغص حالى ويؤرقنى ليل نهار خوفاً على مستقبل هذا البلد الطيب ومصير أبنائه الكرام وسلامة المجتمع وأمنه واستقراره هو ما سألت عنه من قبل .. ماذا لو تعنتت الحكومة ورفضت أن يدفع المخالفون لأوامر الطوارىء مبالغ الغرامات المستحقة عليهم "بالليرة السورية" كما نصت المادة الخامسة من القانون ! يعنى لو حَبَكِتْ ، لا مؤاخذة ، مع مُعتَقَل "غلس ورخم" ؟!
ضمير مستتر
يا مُخلِفَ الوعد إني كنت أنتظـرُ
والقلب فيه لهيب الشـوق يستعـرُ
ألقيتني في بحـار الشـك مائجـة ً
واليأسُ مِن فَوقِها كالغيـمِ ينتَشِـرُ
ياليتني ما ملئت الروح مـن أمـلٍ
كالبرق يسطع حينـاً ثـم ينحسـرُ !
(علية الجعار)
a4hamdy@yahoo.com