مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 غزوة إمبابة .. مَن يَحكُم مصر ؟!

مَن يَحكُم مصر ؟

علاء الدين حمدى
......................

ـ من الخطأ الجسيم أن نكتفى بالتعامل مع أحداث "إمبابة"، وما سبقها وما سيليها إذا استمرت حالة الحنان فى مواجهة الانفلات، على أنها فتنة طائفية تستهدف نسيج الوطن ومصير أبنائه، أو أن نلقى بتبعتها على فصيل دون آخر، أو أن نعتبرها تصرفات عفوية غير مرتب لها مسبقاً دفعت لها ظروف وقتية نفسية معينة، وإلا فسيتجه مسعانا لطرح آليات علاج غير كافية وغير صحيحة، ستبتعد بنا كثيراً عن موطن الداء وأسبابه الحقيقية، خاصة وكلنا يشترك فيه بطريق أو بآخر!

ـ الموضوع على حقيقته أراه أكبر من ذلك وأخطر، يتمحور، حسب تصورى، حول ثقافة الغشم والحماقة المصحوبة بغياب الرادع والناصح، والتى تهىء المناخ الجيد لمشروع شيطانى هدفه على المدى البعيد، جَرّ البلاد الى آتون صراعات طاحنة بين عناصر المجتمع برمته، نتيجتها المعروفة فى النهاية تحول البلاد الى كنتونات متشرذمة ومناطق نفوذ قبلية أو عرقية أو دينية. ونظرة سريعة على كميات وأنواع الأسلحة المتداولة فى الشارع وطبيعة الجرائم وعنفها وتنظيمها وتفاهة أسبابها أيضاً، سترفع مؤشرات الخطر الى أقصى درجاته، وسيُفهَم منها أبعاد المشروع الخبيث ومحركوه وأدواته وشخوصه الغبية، فمصر تستمد دولتها من عاملين .. النيل وقد ذهب بكل أسف، ووحدتها التى إذا ذهبت هى الأخرى رُفِعَت مصر من خريطة الدنيا والى الأبد، إلا إذا شاء سبحانه أن يخرج من بين أبنائها "مينا" جديد يعيد توحيدها مرة أخرى!

ـ إنها حرب ضروس تلوح بوادرها ويُعَد لها جيداً، تظهر إرهاصاتها فى تصريحات الغرور والأنا المتتابعة، وفى إستعراضات القوة اليومية التى تدور حول مَن سيمكنه فرض قانونه وسطوته ليحكم الشارع والبلد، أومَن الذى يعد نفسه لذلك مستغلاً تداعيات الفوضى والبلطجة والعنف دون ردع سريع ملموس، وفى ظل غياب القرار المدروس الحاسم، كما ظهر فى إستعطاف رئيس الوزراء متظاهرى "قنا" ليسمحوا له بزيارة المدينة رغم أن الأولى كان تحسس رغبتهم من البداية حتى لا يُضطر معاليه، بهيبة الدولة، للظهور بمظهر الضعف والتراجع، أو فى قرار صرف التعويضات للقتلى والمصابين المشاركين فى "غزوة إمبابة" من الطرفين وكأنهم ضحايا أبرياء أو أبطال تجب مكافئتهم على انجازاتهم العظيمة ! والكثير غير ذلك مما يسقط هيبة الدولة ويدفع بالجميع ليفعل ما يشاء كما يشاء، وليسعى لإتخاذ سبل القوة والحماية لنفسه، واضعا آلية الحساب بنفسه، بعد أن إستشعر حجم الرخاوة والتراخى وغياب نية المحاسبة الجادة وفشل سياسة الحنان "أنا منكم وبكم" التى ظهرت، مثلاً، فى التنازل عن حق المجتمع وإختيار التحكيم العرفى وإيكال التهدئة الى رموز بعينها بديلاً وبعيدأً عن القانون! حتى أصبح الموقف يدار "بالبركة" وبطريقة تحمل تشجيعاً للمتجاوز من أى طرف على التصعيد والتمادى بدلاً من ردعه وقصف رقبته بتطبيق القانون بكل القسوة والشدة والحزم، ناسين أن أمن الوطن لا يحتمل أبداً أساليب الترضية وتطييب خواطر أى فئة ظالمة كانت أو مظلومة، لذلك، وحتى تكون آخر الأحزان، فحساب "غزوة إمبابة" يجب أن يشمل من إحتجز إمرأة أسلمت كما نشرت الصحف على لسانها، وكذلك مَن حرَّض الناس على إخراجها بالقوة بدلاً من أن يسلك المسلك القانونى ! وفى كل الأحوال، لا أدرى ماذا يضير البعض إن أسلم أو تنصر من فى الأرض جميعا ؟! ولكنها للأسف فلسفة القطيع، أو ثقافة الغشم والحماقة كما تقدم.

ـ كذلك من الخطأ الجسيم الذى يصل الى حد التغييب، إلقاء مبررات ما يجرى على شماعة فلول النظام وبقايا الحزب المنحل وغيرها من سخافات يرددها البعض طمساً للحقيقة وهروباً من المواجهة، لأنه إلتفاف وتعامى عن الواقع الذى يؤكد القصور الواضح والمتكرر فى أداء منظومة إدارة الدولة التى لا أدرى هل تغفل تقارير الشارع وحالته الأمنية كما هو ملاحظ فى الآونة الأخيرة رغم سقوط فلسفة التوازنات السياسية، أم أن تلك التقارير لم تعد موجودة أصلاً مع أنها عنصر شديد الأهمية فى كل دول العالم بلا استثناء كاستبيان دورى لحالة المجتمع والمؤثرات الفاعلة فيه من خارجه أو داخله ؟

ـ بصراحة .. نحن مجتمع تجب إعادة صياغته من جديد على كافة مناحيه ومستوياته، تحت مظلة قانون قوى رادع، يزع بالسلطان من لم يزع بالقرآن، ومناخ سياسى وطنى جاذب، يشجع على العمل فى الشارع ويرفض التضييق أو المحاباة أو تفصيل القوانين لفئة دون أخرى، كما صيغ قانون الأحزاب الجديد ليصب فى صالح تيارات محددة، أوكما سيصاغ قانون "اللص حسن النية" الذى تحدثنا عنه من قبل !

ـ الشاهد أن مصر تحتاج لدولة قانون أعمى، ولإدارة قوية "تبطش" بالمتجاوز بسيف ذلك القانون الذى يتحتم، وضعه على رقاب الجميع دون تمييز او إلتفاف أو تفصيل أياً كانت مكانة صاحب الرقبة وأياً كان حجمه، كذلك فالأحداث تؤكد يومياً أن الأمة ينقصها "رمانة الميزان" .. ذلك الكيان السياسى الحقيقى الذى يحتوى ويصهر فى بوتقته كل أطيافها وتياراتها الفكرية المختلفة لتتفاعل من داخله لما فيه صالح البلاد، فيكون عن حق .. كياناً يمثل رغبة أهالى مصر.

ـ ضمير مستتر:

يقول تعالى: { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً Ѻ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً } الكهف (103 ـ 104)

علاء الدين حمدى
a4hamdy@yahoo.com
 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية