| | | | الصراع العربي الإسرائيلي في ضوء نهج "النظم العالمية"-2 ...............................................................
بقلم : مسعد غنيم .....................
مقدمة ضرورية:
في إحصائية أخرى محزنة عن الواقع الثقافي والعلمي العربي، وبالبحث في "جوجل" عن ارتباط "الجغرافيا السياسية" بـ"الصراع العربي الإسرائيلي" في المنشور على الإنترنت. بلغت نسبة المنشور باللغة العربية (1190 عنوان) إلى المنشور باللغة الأنجليزية (93300 عنوان) فقط 1,3 %، [ملاحظة ذات مغزى: جاء العنوان الأكثر تكرارا بالعربية، عن علاقة الجغرافية السياسية للضفة الغربية بغزة في ضوء الصراع الفلسطيني الفلسطيني، وليس عن علاقة الجغرافية السياسية للأرض العربية بالدولة الإسرائيلية!، وكأن طلائع الباحثين العرب يستدعون العلم فقط عند تأصيل انقسام العرب، بينما يغيبونه عند مواجهة العدو!] . وعن ارتباط "الجيوبوليتيك" بالـ "الصراع العربي الإسرائيلي"، بلغت نسبة المنشور باللغة العربية (213عنوان) إلى المنشور باللغة الأنجليزية (75100عنوان) فقط 0,3 % !!. وبالبحث في موقع "مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية" فلم تعمل آلية البحث للموقع من الأساس!، وبتصفح آخر عدد لقسم القراءات الاستراتيجية العدد السابع يوليه 2009 لم أجد غير مقال واحد بعنوان "التأثيرات الجيوسياسية للأزمة المالية"، وفي العدد السابق للعام 2008 لم أجد أثرا لأي من الموضوعين!، وهذا لايعني أنه ليست هناك مقالات تتضمن منهج أو تطبيقات الجغرافيا السياسية، حيث أن البحث كان بعنوان المقال فقط وليس بمضمونه. من ذلك يمكننا أن نستنج باطمئنان (حقيقة بانزعاج) مقدار الفقر الشديد في الفكر العربي الاستراتيجي المعاصر فيما يخص متابعة علم الجغرافيا السياسية وهو أقرب وأخص والأكثر احتياجا في إدارة الصراع العربي الإسرائيلي الذي لا شاغل لنا إلاه منذ 60 عاما!، أو ربما لايكون شاغلنا حقيقة؟؟
ملخص ماسبق في المقال السابق تم استقراء سريع في نهج "المنظومة العالمية" الحديثةModern World System كما صاغه عالم الاجتماع الأمريكي إمانويل ولارشتين في ثلاث أجزاء (1971 1980 1989)، وهو مفهوم آخر غير النظام العالمي الجديد New World order الذي هو تعبير سياسي عن هيمنة القوة الواحدة على العالم. تبنى ذلك النهج وقدمه كولين فلنت و بيتر تايلور في كتابهما "الجغرافيا السياسية". ونهج المنظومة العالمية لايقبل فكرة التحولات الاجتماعية في "بلد" أو "مجتمع" ما في معزل عن البلدان الأخرى، ويفترض وجود "نظام عالمي" راهن كوني النطاق. من هذا المنطلق الشمولي النظرة، تصبح بعض البلدان مجرد أجزاء أو عناصر في بنية أكبر وأكثر رحابة". يستوجب هذا النهج وجود "نظرة شمولية بحيث تصبح الأحداث السياسية مجرد مكون واحد ضمن مكونات أخرى متعددة تتصل بحقيقة روح العصر والحياة اليومية لبسطاء الناس". من خلال ذلك الاستقراء حاولنا في المقال السابق أن نتفهم على مستوى الناس العاديين أمثالنا، ما آل إليه الصراع العربي الإسرائيلي من ملامح تصفية للقضية الفلسطينية وضعف وميوعة في الموقف العربي.
خاصة في الأجواء الضبابية المفروضة علينا بكل أنواع ومستويات الهيمنة الثقافية والإعلامية في عصر المعرفة والتكنولوجيا، حيث يظل العلم والمعرفة هما السبيل الوحيد أمامنا لمزيد من الفهم، وفي ضوء نهج المنظومة العالمية كان أهم ما نما إلى فهمنا في المقال السابق النقاط التالية:
1. من مجرد مدخل منهج "النظم العالمي" تبين أنه يمكننا أن نطمئن إلى فهمنا كناس عاديين، لحقيقة القضية الفلسطينية، وهي أنها ليست مجرد "مشكلة" لا تخص إلا "إخواننا الفلسطينيون" مع "دولة إسرائيل"! كما يصورها لنا مثقفوا الهزيمة والتفكك والانعزالية. بل إنها مشكلة العالم كله أولا وأخيرا، وهي مشكلة مجموع "المجتمعات" العربية من باب أولى، ومشكلة المشاكل للمجتمع المصري من باب أقرب.
2. من الأطلس الزمني لـ"بلاركلاف" تأكد لنا الفهم الفطري البسيط لدينا نحن غير المتخصصين، للطبيعة العنصرية والسياسية للكيان الصهيوني بعيدا عن أي مزايدات دينية من هنا أو هناك!. كما أن هذا الفهم الفطري لم يفقد الإحساس يوما بالعمق التاريخي الذي يوضحه الأطلس التاريخي المبني على نهج النظم التاريخية، وهو مفهوم آخر لولارشتين.
3. من المسار الخطي لأطلس باراكلاف تبين وضوح العمق التاريخي من تحليل النظم التاريخية، واستنتجنا أنه يجب أن يمثل عمق مقاومتنا للمشروع الصهيوني، بعيدا عن المزايدات العقائدية، والتمسك بحق الشعب الفلسطيني بأرضه التاريخية، مهما تغيرت مورفولوجية السطح الجغرافي بفعل التهويد والاستيطان.
أبعاد "المنظومة التاريخية World History System" وفي هذا المقال، نستكمل سويا أبعاد "المنظومة التاريخية"، وكيف أن مؤلفا كتاب "الجغرافيا السياسية" ينصب اهتمامهما على بناء هيكلية تاريخية للجغرافيا السياسية لاتكتفي بمجرد إبراز خطى التقدم الإنساني على درب التاريخ (أطلس باراكلاف تماما كما يتم تدريس التاريخ في مدارسنا وجامعاتنا المصرية، مجرد سلسلة زمنية تبدو جامدة لاحياة فيها، ومن هنا يصعب على الدارسين فهمها، ويكون محظوظا من يستطيع الحفظ عن ظهر قلب حتى يحصل على أعلى الدرجات!!). وبدلا من إعادة بناء التاريخ في مسار خطي، يؤكدان على إبراز حقب الصعود وأوقات الهبوط في اقتصاديات العالم. وعلاوة على ذلك يؤكدان أن الأجزاء المختلفة من الاقتصاد العالمي ستتأثر بطرق مختلفة نتيجة تلك التحركات. كما لن يتم التعامل مع البعدين الزماني والمكاني على أنهما منفصلان بأي مفهوم كان عن الاقتصاد العالمي. ويتم التأكيد على الأحداث الكبرى التي أثرت في العالم من منطلق جغرافي سياسي. وفي هذه المنظومة التاريخية، فإن البعدين الزماني والمكاني هما بالأحرى نتاج لتفاعل العلاقات الاجتماعية والدولية، وليسا مجرد وعاء لاستيعاب "رحلة" الاقتصاد العالمي. فيكون البعد الزماني هو ناتج اجتماعي لديناميات الاقتصاد العالمي، ويكون البعد المكاني ناتجا اجتماعيا لبنية الاقتصاد العالمي. وبناء على ذلك صمم المؤلفان مصفوفة (4 X 10( عبارة عن نموذج بسيط يربط بين القوى الديناميكية الفاعلة والبنية، وصولا إلى إطار عام للجغرافيا السياسية.
البنية المكانية للاقتصاد العالمي: وفي إطار تلك المنظومة التاريخية للاقتصاد العالمي، ينبني مفهوم البنية المكانية للاقتصاد العالمي، وهي بنية ليست استاتيكية كما يوحي المسمى، ولكنها بنية حيوية دائبة الفعالية والحركة. وتمتد تلك المنظومة لتشمل سائر أنحاء الأرض منذ العام 1900. وفي إطار تلك البنية المكانية، يضع ولارشتين مفهوما المركز والأطراف، حيث يمثل المركز البلدان الغنية في أمريكا الشمالية وغرب أوروبا وبلدان آسيا الباسيفية نسبة إلى المحيط الهادي، وتمثل الأطراف البلدان الفقيرة في العالم الثالث. والمكان في حد ذاته ليس هو الذي يحدد مركزية أو طرفية المكان، وإنما المحك هو واقع مايتم داخل هذا المكان من أنشطة إنتاجية في نقطة زمنية معينة. فالمركز هو حيث تسود العمليات المركزية المعقدة للإنتاج، بغض النظر عن مكان المنطقة أو الإقليم أو الدولة. والطرف هو حيث تسود فيه العمليات الهامشية أو الطرفية. بمعنى أن مركزية أو طرفية مكان ما لاتنبع من موقعه المكاني بل من طبيعة العمليات الإنتاجية السائدة فيه. ولأن تلك العمليات لاتجري اعتباطا ولكنها تولد تنمية إقتصادية غير متساوية، بالتالي تتواجد مناطق عريضة لكل من المركز وللأطراف. وحدد ولارشتين مناطق أشباه الأطراف وهي التي تجمع بين الخاصيتين في بنية الاقتصاد العالمي. وليس معنى ذلك أن هناك عمليت شبه طرفية، بل يعني أن الأقاليم أو المناطق أو الدول المعنية لاتظهر أي سيادة لأي من عمليات المركز أو الأطراف، حيث يمكن أن تكون العلاقات الاجتماعية الممارسة في تلك المناطق تتضمن مناطق أطرافية مستغلة، بينما تكون هي نفسها مستغلة من المركز.
ديناميات (آليات فعل) الاقتصاد العالمي: إن الغموض الذي سبق الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية يعد بمثابة إقرار بالتأثير الاستقطابي للعولمة. مثال على ذلك الاستقطاب أن المستثمر الدولي جورج سوروس استثمر 20 مليار دولار في مضارباته في الأرجنتين، وامتلك مركز تجاري ضخم في الوقت الذي بلغت فيه نسبة البطالة في الأرجنتين حوالي 20%. وذلك هو المثال الكلاسيكي لعولمة قوامها "النمو والفقر معا". إن الأزمة الاقتصادية الحالية تمثل أحد أهم أسباب الاهتمام الراهن بالنطاق الكوني للتحليل في حقيقة أن العالم في مجمله يسعى بقوة للخروج من هذه الأزمة، التي يرجح مؤلفا الكتاب أن أسبابها تعود إلى أكثر من ثلاث عقود مضت. ومثل تلك الأزمة توضح بشدة ديناميات (آليات فعل) الاقتصاد العالمي. ومن الواضح أنها ليست المرة الأولى، وبغض النظر عما إذا كانت العولمة المعاصرة تعكس أو لاتعكس الاقتصاد العالمي الناجم عن كسادها الآخير، التي يمر فيها العالم بمثل هذا الكساد العام الذي تعقبه استعادة العافية مجددا. فلقد أعقب الازدهار الكبير خلال العقدين التاليين للحرب العالمية الثانية الكساد الكبير الذي شهده عقد الثلاثينات. ومن يقلب في صفحات التاريخ يجد أمثلة أخرى من قبيل ما وقع في أواخر عصر الملكة فيكتوريا قبيل العام 1850م. وبين كل ركود وآخر ظهرت فترات انتعاش. من هذه الملاحظات البسيطة خرج العالم الروسي "كوندراتيف" باستنتاج خمسين دورة كاملة في تاريخ الاقتصاد العالمي. وبناء على دورات كوندراتيف هناك شبه اتفاق بين الدارسين على دورات أربع رئيسية وقعت بالفعل: 1. 1870 حتى 1890 (انتعاش الثروة الصناعية الأصلية - القطن) 2. 1844 حتى 1851 (انتعاش في منتصف عصر فيكتوريا السكة الحديد) 3. 1890 حتى 1896 ( انتعاش عهد الملك إدوارد السفن التجارية) 4. 1940 حتى 1945 (انتعاش عقب الحرب العالمية الثانية البتروكيماويات والسيارات)، تلاها دورة فرعية من 1967 حتى 1973، أعقبتها دورة ركود انتهت إلى الأزمة الاقتصادية العالمي الحالية مع نهاية 2008 (إعادة الهيكلة - التكنولوجيا العالية والتكنولوجيا الحيوية). وترجع أهمية دورات كوندرانيف بالنسبة للجغرافيا السياسية أنها تساعد على توليد دورات من السلوك السياسي، وأن الإيقاعات التاريخية للإمبريالية الرسمية وغير الرسمية تتبع الدورات الاقتصادية. وينتهي المؤلفان إلى أن الغرض من كتاب "الجغرافيا السياسية" هو أن بنية الاقتصاد العالمي الرأسمالي ودينامياته توفران إطارا من الجغرافيا السياسية لتفسير مثل تلك الأفعال السياسية. وهو ما نستهدفه في مقالنا هذا نحو فهم قضيتنا القومية المركزية في ضوء المعرفة العلمية. مصفوفة زمانية مكانية للجغرافيا السياسية على أساس دورات كوندراتيف بنى المؤلفان كولين فلنت وبيتر تايلور مصفوفة (جدول) زمانية مكانية للجغرافيا السياسية ( أفقي 4 في 10 رأسي). حيث أضافا دورة لوجيستية قبل دورات كوندراتيف الأربع وذلك على المحور الرأسي، وقسما كل دورة إلى دورتين فرعيتين (أ، ب). وبينا على المحور الأفقي كل من دول المركز، ودول أشباه الأطراف، ودول الأطراف (للاطلاع على المصفوفة بالتفصيل أو لمزيد من الإيضاح، ننصح بالرجوع لكتاب , Political Geography, Prentice Hall, Fifth edition 2007، أو كتاب عالم المعرفة الجغرافيا السياسية العدد 282 لعام 2002، لـ كولين فلنت وبيتر تايلور). وما يعنينا هنا بشأن فائدة مثل تلك الآليات التحليلية فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي هو أن الدورة الفرعية الثانية (ب) من الدورة الأخيرة للمصفوفة (دورة كوندراتيف الرابعة: انتعاش من 1967 حتى 1971 يتلوه كساد نعيش نهايته الحادة الآن بالفعل) تحدد الملامح الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للعالم كمنظومة عالمية، موزعة علي دول المركز والأطراف وأشباه الأطراف كالتالي:
- دول المركز: تراجع قوة الولايات المتحدة بالنسبة إلى أوروبا، ونهاية الحرب الباردة، والحرب على الإرهاب، مع ظهور النيوليبراليون Neo-Liberalism - دول أشباه الأطراف: دخول اليابان "الصغيرة" في آسيا، وانهيار الشيوعية في شرق أوروبا، واختفاء الاتحاد السوفيتي، وازدياد ديون العالم الثالث للمركز، والنمو الاقتصادي للصين ودخولها نظام التجارة الحرة - دول الأطراف: أزمات اقتصادية حادة وصراعات، توسع الفقر، وظهور "الأصوليون" الإسلاميون وحيث أنه يمكن اعتبار إسرائيل من دول المركز أو على أقل تقدير من دول أشباه الأطراف، وحيث أن عالمنا العربي والإسلامي يقع معظمه في نطاق دول الأطراف، خاصة دول المواجهة التاريخية مع إسرائيل: مصر وسوريا والسعودية ولبنان والعراق (رغم الاحتلال)، فإن المصفوفة لم تذهب بعيدا في التنبؤ بمصيرنا في السنوات القادمة: مزيد من الأزمات الاقتصادية، وازدياد حدة الصراعات بكافة أشكالها، ونمو قوة "الأصولية " الإسلامية.
آخر ولاية صليبية
كان هذا عن تنبؤ المصفوفة فيما يخص الاتجاهات العامة للتاريخ في بعدى الزمان والمكان، طبقناه على الصراع العربي الإسرائيلي بشكل مبسط جدا، ولكن ماذا عن التنبؤ مع إدخال طبيعة الصراع نفسه من حيث بعده الثقافي والديني الممتدة جذوره إلى الولايات المتحدة نفسها (التي سماها المهاجرون البروتستانت الأنجلوساكسون الأوائل: إسرائيل!)؟. ربما يكون مناسبا هنا أن نعرف رأي إمانويل ولارشتين صاحب منهج النظم العالمية نفسه، وذلك من خلال أحدث مقال له نشر في أول سبتمبر 2009، بعنوان مثير وهو " العاصفة النارية القادمة "The Firestorm Ahead في موقع Agence Global. بعد أن يحلل ولارشتين تراجع هيمنة الولايات المتحدة (في تطابق مع المصفوفة) وخسارتها المتوقعة في العراق وأفغانستان وباكستان، يوضح تحليله لعلاقة إسرائيل بفلسطين والعالم العربي كالتالي:
" ما لا تدركه الحكومة الإسرائيلية هو أن لا حماس ولا حزب الله يحتاجان لإسرائيل. إن إسرائيل هي التي في تحتاج إليهما، وتحتاجهما بشدة. إذا لم ترد إسرائيل أن تصبح ولاية صليبية ينتهي أمرها بالزوال، فإن فقط حماس وحزب الله هما القادران على ضمان بقاء إسرائيل. فقط عندما تصبح إسرائيل قادرة على الاتفاق معهما، باعتبارهما المتحدثان الرسميان الأكثر تجذرا عن الفلسطينيين والقومية العربية، تصبح إسرائيل قادرة على البقاء في سلام." ملحوظة: تعبير القومية العربية Arab Nationalism في هذا السياق هو صياغة ولارشتين (2009)، وذلك لمن تأثر بإعلام ثقافة الهزيمة وأصبح يخجل من ذكرها! ثم يختتم ولارشتين تحليله للموقف الفلسطيني / الإسرائيلي في إطار مقاله بقوله:
" هنا تأتي المرحلة الرابعة من العاصفة النارية: إسرائيل / فلسطين. سوف يلاحظ العالم العربي انهيار مشروعات الولايات المتحدة في العراق، وأفغانستان وباكستان. المشروع الأمريكي في إسرائيل / فلسطين عبارة عن صفقة سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لن يتخلى الإسرائيليون عن بوصة واحدة. ولكن الآن، خاصة بعد بقية العاصفة النارية، لن يتخلى الفلسطينيون أيضا. النتيجية الوحيدة ستكون الضغط الشديد الذي ستضعه الدول العربية الأخرى على فتح وحماس لضم صفوفهما. وسوف يكون ذلك على جثة محمود عباس الأمر الذي يمكن يكون فعليا." ملحوظة: تعبير العالم العربي Arab World في هذا السياق هو صياغة ولارشتين (2009)، وذلك لمن تأثر بإعلام ثقافة الهزيمة وأصبح يخجل من ذكره!
من دواعي إحداث التوازن عند قراءة أراء الباحثين، أن نشير إلى نقدهم أيضا، حتى لايجرفنا الحماس لرأي ما خارج الموضوعية العلمية. وهنا لابد أن نشير إلى أن منهج ولارشتين للنظم العالمية قد استثار النقد الحاد ليس فقط من دوائر النيوليبراليين، أو المحافظين، ولكن من بعض التاريخيين الذين دفعوا بأن بعض نتائجه ربما تكون غير صحيحة تاريخيا. وبالمثل، اقترح بعض النقاد أن ولارشتين ينحو إلى إهمال البعد الثقافي، وأنه يختزله إلى مايمكن تسميته الأيديولوجيات "الرسمية" للدول، والتي نكتشف بسهولة أنها مجرد مؤسسات للمصالح الاقتصادية.
كانت هذه رحلة مع كتاب "الجغرافيا السياسية" حاولنا فيها باستقراء أدوات العلم ونتائجه المعرفية، أن نتأكد أو نصحح من فهمنا الفطري كأناس عاديين، لطبيعة الصراع العربي الإسرائيلي. وهي محاولة ليست بالبحث الأكاديمي بالقطع، وإنما مجرد انطباعات في حدود الفهم البديهي. وذلك حتى نفك بعض من أسر الهيمنة الثقافية التي تجثم على عقولنا وعيوننا أينما توجهنا، سواء بالبث المباشر من مراكز البحث "الاستشراقية" كما حلل بواعثها السياسية، وعرى مناهجها العنصرية، إدوارد سعيد في كتابه "الاستشراق"، أو بالبث المحلي من وكلاء الاستشراق المحليين، الذين قفزوا إلى مواقع النخبه الثقافية وما هم في أحسن الأحوال إلا "مجرد مصادر معلومات للمستشرق الغربي" بحسب إدوارد سعيد أيضا، وهم بوعي أحيانا أو بغير وعي غالبا، يقودون كتائب مثقفي الهزيمة، وسرايا التطبيع، وفصائل التهريج التاريخي، وهم في ذلك كله "يحسبون أنهم يحسنون صنعا"!.
18 سبتمبر 2009 06/11/2014
مصرنا ©
| | ..................................................................................... | |
| | | | |
|
|