مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 من جهل مخجل إلى تجهيل مغرض! / 1
...............................................................

بقلم : مسعد غنيم
.....................

"مشكلة العرب أنهم لا يقرأون التاريخ"، تلك مقولة مأثورة عن الإرهابي بن جوريون مؤسس الدولة الصهيونية المغتصبة لفلسطين العربية. وفي خبر حديث في أواخر أغسطس 2009 أعلنت القنصلية البريطانية إغلاق مكتبتها العريقة في القاهرة لأن المصريين ما عادوا يقرأون! فيما يمكن اعتباره تأريخا للعار الحضاري للمصريين! وتأكيدا مؤسفا لمقولة بن جوريون. وفي أعقاب هزيمة يونيو 1967 تعالت من بعض الأقباط المصريين صيحة نشاز تقول "فليعودوا إلى جزيرة العرب من حيث أتوا!"، حيث تصوروها اللحظة التاريخية للتخلص من "الاحتلال" الإسلامي العربي لمصر!، مما حدا بصاحب "شخصية مصر"، الرائع جمال حمدان في مطلع الثمانينات أن يصف تلك الصيحة بـ "الجهل المخجل". وقرأت اليوم 9 سبتمبر 2009 لعضو مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية د. حسن أبو طالب – رغم تحفظي على تهافت وضعف منطقه - المقال الثاني الذي يعالج فيه مايراه خطرا على الوحدة الوطنية من تكرار تلك الصيحة النشاز من بعض أقباط المهجر والمحليين أيضا، وذلك في نهاية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين!، وذلك فيما يمكن أن نسميه اقتداء بجمال حمدان: التجهيل المغرض!.
على خلفية ذلك الجهل والتخلف الذي يخيم على ربوع مصر وأثبتته القنصلية البريطانية بغلق مكتبتها التي لايقرأها المصريون، برغم أكبر مشروعين للنهضة الوطنية في تاريخها الحديث على يد محمد على وجمال عبد الناصر اللذين تم ضربهما بشدة، يبدو أن أكثر من أربعين عاما، منذ يونيو 67، لم تزد بعض أو معظم المصريين إلا جهلا مخجلا بـ (تاريخ مصر) والتاريخ الإنساني عموما، وبالتالي لم تكسبهم بالطبع أى إحساس بالخجل على مايبدو!، لأن الخجل لا يأتي إلا من العلم بما يُخْجِل!، وبعضهم لا يقرأ في الغالب إلا مايروق له أو يقدم له من مزيف التاريخ ومدسوس السياسة! وما أدراك ما ألاعيب السياسة في عصر العولمة، حيث تعملقت فيه شيطنة أجهزة المخابرات الخادمة للمجمع الصناعي العسكري العالمي، بشكل جعل من سياسة "فرق تسد" البريطانية الاستعمارية الكلاسيكية نكتة قديمة لاتبعث على الضحك!.
غمر طوفان الإعلام الفضائي أركان المعمورة وفضائها بشكل لاتجدي معه سفينة نوح شيئا، هذا بالنسبة للعوام والدهماء من أمثالنا!، ومن ناحية أخرى نجحت مراكز الأبحاث ومستودعات الفكر الأمريكية والغربية عموما، في إخراج طوفان آخر موجه للمثقفين والدارسين والباحثين، طوفان من المعلومات المنقوصة، والتحليلات المتحيزة والموجهة لخدمة سياسات وأطماع إمبريالية كوكبية، ولنا في كتابي صراع الحضارات ونهاية التاريخ مثالين صارخين. ولا يغرنك الأسماء المحترمة جدا وراء تلك المؤسسات، يكفي أن تتذكر أن اللورد كيث في بدايات القرن العشرين وأثناء ما سمي بـ "حرب الجماجم"، وهو الأستاذ الأكاديمي المتخصص وشيخ الطريقة في علم الأنثروبولوجي (دراسة الإنسان)، قام، بالإشراف الغير مباشر طبعا، على تزييف هيكل عظمي في دراسة علمية أكاديمية مبهرة!، تم تركيبه من مكونات قرد أوروبي وبقايا بشرية، وذلك حتى يثبت الأصل الأوروبي للإنسان الأوروبي لما بدأت نتائج الباحثين، الإنجليز أيضا، تثبت الأصل الأفريقي لكل البشر في جنوب أفريقيا!، منتهى العنصرية الأكاديمية الإنجليزية العريقة المحترمة!!.
وعودة إلى نهر الجهل الذي يغمر مصر والعرب عموما، هذا النهر المصنوع باقتدار من روافد التعليم المنهار والإعلام المسف والصحافة المأجورة للزواج غير الشرعي لرأس المال المنهوب بالسلطة المحتكرة والجاري توريثها بدم بارد وعيون وقحة ولسان كاذب!. والحال كذلك فيكون محظوظا من يتبقى له بعض من عقل واع، أو يستطيع بطريقة أو بأخرى أن يحتفظ برأسه فوق كتفيه، وبعينيه وسط رأسه، فلا تزيغ الأبصار، ولا تعمى القلوب التي في الصدور، وسبحان المنجي من بحر ظلمات الجهل!. ولست أرى جبلا يمكن أن يكون منقذا من ذلك الغرق، ولكني أرى أن المنقذ هو ذلك العقل الذي في الأدمغة، فهو القادر على صنع مراكب النجاة. ووسيلة العقل إلى المعرفة هي القراءة والتفكر. ومن هنا يمكننا أن نبدأ سويا محاولة ميكروسكوبية نحو بعض من المعرفة التاريخية العلمية، بغرض إزاحة بعض من ضباب ذلك الجهل المخجل من بعض إخواننا أقباط المهجر، أو كشف بعض من تزييف ذلك "التجهيل المغرض" الذي تعرضوا له أو يمارسونه لأسباب لاتخفى كثيرا. ويمكن أن نبدأ تلك الرحلة الصغيرة للمعرفة التاريخية العلمية بتاريخ مصر، بالبدء بمن نثق في إنسانيتهم أولا وفي علمهم ثانيا. وقد اخترت مرجعين مجمع على نزاهتهما وموسوعيتهما، آمل أن ينطبق عليهما شرطي الإنسانية والعلم. الأول كتاب شخصية مصر للدكتور جمال حمدان وهو غني عن التعريف وعن الشهادة له، والثاني كتاب الإسلام: الماضي والحاضر والمستقبل للدكتور هانز كونج الفيلسوف اللاهوتي الألماني الأشهر Hans Kung Islam: Past, Present & Future (Oneworld Oxford2009).
والغرض هنا هو البدء ببعض من القراءة الرشيدة، ولو بأدنى حد ممكن، لإماطة بعض من ركام الجهل المخجل أو ظلمات التجهيل المغرض بـ (تاريخ مصر) من بعض شباب أو شيوخ أقباط المهجر، ومن يدور في فلكهم في الداخل، ونتائج ذلك الإلحاح على الكثرة التي أزعجتهم تلك الصيحات، من عموم المصريين مسلمين ومسيحيين على السواء، والذين لايجدون للقراءة وقتا هو مستهلك أصلا في طابور العيش، القاتل أيضا!. وأفترض في كل ذلك أن المستهدف هو مصر، مصرنا أم الدنيا، أم المسلمين والأقباط واليهود على حد سواء. ولعل بعض من شذرات صحيحة من تاريخ الإسلام والعروبة في مصر تجلى قليلا مما ران علي عقول البعض من الجهل المخجل، وتكشف بعض ما أسست عليه الفتنة قواعدها لتفكيك مصر من خلال التجهيل المغرض. ولعل البدء بقراءة د. هانز كونج اللاهوتي المسيحي الألماني (2009)، يغنيني عن تأكيد الحيادية وإثبات العلمية في قراءة التاريخ "الصحيح"، ولعله يكشف غمة المزيف والمدسوس الذي يرتع في ربوع مصر زارعا عوالق وعوائق الجهل المخجل.
يأتي كتاب د. كونج عن الإسلام (2009) كأخر حلقة في ثلاثيته التي بدأت بكتابه الأول عن اليهودية في 1991، ثم كتابه الثاني عن المسيحية 1994. وما يربط تلك الكتب الثلاث هو الرغبة الإنسانية البحتة لدكتور كونج للمساهمة في فض إشكالية تصادم الأديان السماوية الثلاث، حيث يعتقد أنه لا يمكن إحلال السلام السياسي إلا بعد إحلال السلام بين الأديان. وهو في ذلك لا ينحى منحى صمويل هننجتون في نظريته عن صراع الحضارات، بل يضادها من حيث أنه يرى أن مجالات الحوار والتوحد أكبر من مجالات الصراع بينها في حقيقة الأمر. اتبع د. كونج في ثلاثيته منهجية البحث العلمي "التحليل الإطاري المنهجي Paradigm Analysis"، وطبقها على الثلاثة أديان بالمثل، بغرض تحقيق أكبر قدر ممكن من الحيادية العلمية، مدفوعا بالطبع، كما يقول هو، بإيمان شديد برب إبراهيم، أبو الأنبياء، والذي لا يختلف عليه أي من تلك الديانات الثلاث، وتلك هي نقطة ابتداءه للحوار.
في الباب الثالث: التاريخ C. History، الفصل الخامس: المجتمع الأصلي يتوسع 5. The Original community expands، فاجأني الدكتور كونج بأكثر مما كنت أتمنى أن أجد الإجابة التاريخية العلمية عليه فيما يتصل بصيحة الجهل المخجل كما وصفها جمال حمدان: "إخرجوهم إلى من حيث أتوا". وربما يكون مفيدا تقديم فهرس الكتاب بافتراض معرفة موضوعه من عنوانه.
الكتاب يقع في 767 صفحة من القطع المتوسط، ويضم خمسة أبواب رئيسية A,B,C,D and E. ويشمل الباب الأول: المنبع A. ORIGIN فصلان رئيسيان، ينقسمان بدورهما إلى ما مجموعة 6 أقسام. ويشمل الباب الثاني: المركز B. CENTRE ثلاث فصول تنقسم إلى ما مجموعه 7 أقسام. الباب الثالث: التاريخ C. HISTORY يشمل خمس فصول تضم ما مجموعه 34 قسما. الباب الرابع: تحديات المستقبل D. CHALLENGES OF THE PRESENT يشمل 6 فصول تضم ما مجموعه 14 قسما. الباب الخامس والأخير: إمكانيات المستقبل E.POSSIBILITIES FOR THE FUTURE يشمل 6 فصول تضم ما مجموعه 20 قسما.
بتحليل إحصائي بسيط نستطيع أن نرى بوضوح أهمية "التاريخ" – الذي لا يقرأه العرب – في كتاب د. كونج، فباب التاريخ وحدة وهو يمثل الخمس أي 20 % من مجموع عدد أبواب الكتاب الخمسة، يستهلك 38 % من عدد صفحات الكتاب الـ 767 صفحة، بما يقابل 42 % من إجمالي عدد الأقسام وهو 81 قسما!. هذا بينما يستهلك مجموع البابين الأول والثاني (40 % من عدد الأبواب) عددا من الصفحات تعادل 18 % فقط من مجموع صفحات الكتاب، وعدد أقسام تعادل 16 % من إجمالي عدد الأقسام. وعندما نعلم أن البابين الأول والثاني يتعرضان لأصل العقدية الإسلامية ثم لمركزها وهيكل بنيانها، نتبين الأهمية النسبية لفهم تاريخ الأديان على فهم أصول وبنية الدين نفسه، هذا من وجهة نظر د. كونج طبعا، وهذا في إطار ما أوضحناه من منهجية علمية: التحليل الإطاري المنهجي.
من الصعب طبعا تلخيص مثل هذا العمل الموسوعي في مقال صحفي، ولكن من الممكن التعرض لبعض المقتطفات، مرة أخرى، نقلا، لا مجادلة، ولا تفسيرا. ومسئوليتي هنا كقارئ وناقل في آن، هي أمانة الاقتطاف بعيدا عن أساليب ابتسار المنقول أو الاقتطاع من السياق بما يخدم غرضا مسبقا من النقل. وعموما يبقى أصل النص موجودا ومعروفا للرجوع إليه إن سهوت أو أخطأت، وهو أمر وارد بالقطع.
يبدأ د. كونج القسم الخامس من الفصل الأول من الباب الثالث، والقسم بعنوان " المجتمع الأصلي يتوسع"، يبدأه بمحاولة الإجابة من خلال منهج تاريخي إجتماعي على سؤال اعتبره هو هاما: ماهي أسباب ذلك التوسع المذهل للعرب من الصحراء إلى الأرض المزروعة؟، ويقرر بدءا أن النبي محمد في حياته قد سطر حدثا أسطوريا حين أرسل رسالة إلى كل من إمبراطور الروم وملك فارس العظيم يدعوهما إلى الإسلام في وقت كان الدخول إلى مكة للمرة الأولى بعد هجرته إلى المدينة كافيا ببساطة لأن يسعده!. ثم يؤكد في مقطع آخر أن في إجابة الدارسين المتشككين (الذين ليسوا دائما منزهين عن معاداة الدين وعن مشاعر ضيقهم بالإسلام كما يقرر د. كونج) على هذا السؤال، قد حاولوا التهوين من شأن العامل الديني في الغزوات أو الفتوحات Conquests بقدر إمكانهم، وميلهم إلى تأكيد كل العوامل الغير دينية. وبعد تحليل مرجعي نقلا عن فريد ماكجرو دونر Fred McGraw Donner من جامعة شيكاغو، يتفق معه في الإجابة على ذلك السؤال كالتالي:
" بهذا المفهوم، إن الفتوحات كانت حقا حركة إسلامية. حيث أن الإسلام – مجموعة المعتقدات الدينية التي دعا إليها محمد، مع تداعياتها الاجتماعية والسياسية – هي التي في النهاية أطلقت شرارة عملية التوحد والتكامل، وبالتالي كانت السبب الأسمى وراء "نجاح" الفتوحات."
وبعد أن حدد ثلاث أسباب لتوضيح لماذا كان المسلمون العرب منافسين خطيرين للإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، عرج على تحليل "الموجة الأولى" للفتوحات والمواجهة الكبرى مع المسيحية، حيث كانت الدفعة الأولى ضد المقاطعة المسيحية البيزنطية في سوريا وفيها تم الاستيلاء على دمشق، ثم موقعة اليرموك وفتح القدس. ثم يتدارك د. كونج في جملة ذات دلالة بعد استعراضه ببعض التفصيل لمراحل فتح الشام بعد مواجهة الإمبراطوية البيزنطية المسيحية، ويؤكد أنه:
" لايجب أن ننسى أن المسلمين سمحوا لليهود بالعودة لدخول القدس، بعد ما كانوا قد منعوا من دخولها بعد تدمير القدس سنة 135 ميلادية، وذلك بأمر الأباطرة المسيحيين!!"
ثم تعرض د. كونج لتحليل أحداث الدفعة الثالثة من المد الإسلامي العربي وكانت نحو مصر التي اعتبرها كونج فريسة سهلة للعرب، حيث أن مصر كانت بمثابة مخزن قمح للبيزنطيين وبالكاد كانت متمدينة،
 وكانت تابعة تماما لمركزية الإمبراطورية البيزنطية. ثم يؤكد د.كونج:
" إن الأقباط القائلين بأن للمسيح طبيعة واحدة Monophysite قد رحبوا بالعرب الغزاة Conquest باعتبارهم محررين لهم من نير الأرثوذكسية البيزنطية، تماما كما رحب اليهود بغزو العرب المسلمين للقدس!"
وفي فقرة مميزة وهامة بعنوان " ليس استيعابا للمسلمين ولا تحولا عن المسيحية" وهي الفقرة التي تعنينا هنا في المقام الأول، وبعد تحليل تاريخي مدقق أجاب كونج على السؤال الذي يصب في مركز اهتمام هذا المقال، والسؤال يقول: "هل كان من مصلحة الغزاة (المسلمون العرب) أن يحولوا غير المسلمين من رعاياهم (في البلاد المفتوحة) عن دينهم؟؟" ويجيب د. كونج مؤكدا: بالقطع لا، لماذا؟ ويكمل بقوله أن الإسلام كان في المفهوم الابتدائي عقيدة للعرب، وهكذا كان يفترض أن يستمر. أما الاستغلال الاقتصادي فأمر آخر:
" إن المسلمين بفرض خضوع الناس لهم سياسيا، قد أظهروا استعدادا مدهشا للدخول في معاهدات تسمح غالبا للسكان (الذين أثقلت كاهلهم سابقا ضرائب البيزنطيين) بالعيش أفضل مما سبق....وماذا عن حماسة المسلمين التبشيرية لتحويل غير المسلمين إلى الإسلام؟ لم يتولد لدى العرب مثل ذلك الحماس. لاتوجد أي تقارير عن التحول لمدن بكاملها، أو قرى أو مناطق، ولا عن أي تحول تم بالقوة. هناك تقارير تشير إلى أن العرب، الذين فرضوا ضرائب معقولة، كان يتم استقبالهم في أماكن كثيرة كمحررين؛ على النقيض من المسيحيين الأرثوذوكس الذين كانوا غير محبوبين بطريقة غير طبيعية وذلك بين الأقباط القائلين بأن للمسيح طبيعة واحدة Monophysite، في مصر وكذلك من النسطوريين في سوريا ومابين النهرين"

ثم يضيف د. كونج"
" إن العرب مارسوا التفرقة في كل مكان وذلك في المرحلة الأولى من الغزو. ولم يكن التحول (للإسلام) مطلوبا؛ كما لم يكن مطلوبا أن يقرأ الأطفال المسيحيون القرآن. إن التحول للإسلام يعني خسارة الضرائب ويؤدي إلى مشاكل لا لزوم لها، مثل تساوي المكانة مع الصفوة المسلمة والمطالبة بنفس المزايا المالية. وفي أفضل الظروف فقد قبل تحول بعض قبائل البدو العرب المسيحيين على هامش الوادي (وبقي الآخرون مسيحيون) أو تحول الأفراد المهمين، على سبيل المثال الموظفون، والكتبة والجنود في خدمة السلطة الجديدة. إن هذا النمو السريع لعدد المسلمين الجدد من أصول غير عربية (موالي) قد شكل مساهمة مهمة في التأسلم التدريجي للمؤسسات التقليدية، بالرغم من عدم تساويهم في الحقوق بأي شكل."
وفي تحليله وتأكيده على التسامح المميز لسياسة الفاتحين العرب (عمر بن الخطاب تحديدا)، يقرر د. كونج:
" ...بالمثل، لقد ترك نظام الخليفة (عمر) غير المسلمين في الأراضي المفتوحة – كل المسيحيين واليهود والزرادشتيين – في سلام لممارسة دياناتهم. حتى أن هذا ساعد الكنائس المسيحية – مثل الكنيسة النسطورية في العراق أو الكنيسة القبطية في مصر – على إعادة تنظيم نفسها."
ثم يوضح أن:
"ممارسة ذلك التسامح كان على أساس خضوع ملزم ومقيد، حيث أن المسلمين يحكمون غير المسلمين ويوفرون لهم الحماية وضمان ممارسة الأديان المحلية والاستقلال الاقتصادي، وأن غير المسلمين كانوا، وظلوا مواطنين من الدرجة الثانية، وعادة ما يستثنون من تولي المناصب العليا في الدولة حتى ولو شكلوا الغالبية العظمى من السكان. رغم هذا فإنه في مصر، وحتى القرن الثالث والرابع عشر الميلادي، كانت إدارة الضرائب والمكوس في أيدي الموظفين الأقباط المسيحيين، وكما كانت في سوريا أيضا. وعلى كل حال، كان هذا التسامح مع الإخضاع نوعا من التوافق أو الحل الوسط بين الغزاة والذين تم غزوهم، وهو الشئ الذي يحدث دائما عندما يغزو البدو الرحل مناطق الاستقرار الزراعي."

كان ذلك استخلاصا لمتلازمة تاريخية إنسانية لاتخص العرب وحدهم كبدو رحل، كما لاتخص مصر وحدها كواد أخضر وسط هوامش بدوية من كل الجهات. إلى هنا أكون قد أديت قليل جدا مما أرجوه كناقل، لا مجادل أو مفسر. واكتفاء بهذا القدر من كتاب د. هانز كونج الفيلسوف اللاهوتي المسيحي عن الإسلام، لعل تلك الشذرات على ابتسارها تكون حدت بعض الشئ من حدة ذلك الجهل المخجل، وأن تكون قد وضعت القارئ الجاد أما مسئوليته الشخصية في أن يقرأ المزيد. ثم يتبقي الدور على قراءة من "شخصية مصر للدكتور جمال حمدان، حيث نقرأ نفس التاريخ، ليس من مؤرخ غربي مسيحي ومن منظور تاريخي إجتماعي ولاهوتي، ولكن من جغرافي سياسي مصري مميز، ومن منظور جغرافي اجتماعي. ، ولهذا مقال آخر.
9 سبتمبر 2009


 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية