مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 تقرير المكتب الأرضي رقم Ω µ Φ من مقر قيادة مجرة درب التبانة
...............................................................

مسعد غنيم
.............


للوهلة الأولى تصورت أنه فيروسا أصاب جهازي الحاسب، حيث أن الجدار الناري الذي أستخدمه من النوع المجاني، فلا قبل لي بتكلفة النوع الممتاز ومعاشي الشهري من حكومة مصر العزيزة لايكفي طعام أسرتي!. وللوهلة الثانية حاولت أن أتبع تعليمات برنامج التخلص من الفيروسات الذي استشعر بالفعل وجود الفيروس، فاستعصى علي الأمر، ولأني مهندس أصلا فأحيانا أستشعر الخجل من استدعاء ابني أو ابنتي لمساعدتي في حل مشاكلي مع هذا الجهاز العجائبي!، لذا قررت أن أتعامل مع المشكلة بنفسي، ونظرت مليا في الاختيارات المتاحة أمامي على الشاشة في الشباك الألكتروني للتعامل مع هذا الفيروس، فوجدت أن الخيارات الثلاث غير متاحة كلها، وهي تجاهل الفيروس أو الحجر عليه أو قتله!، والمفروض أن يتاح واحد على الأقل. للوهلة الثالثة تصورت أن الفيروس أكبر من قدرة البرنامج المعالج، فاتبعت نصيحة كلاسيكية من أولادي وهي أن أغلق الجهاز وأعيد فتحه، وقد كان.

للوهلة الرابعة بعد فتح الجهاز وجدت نفس الرسالة من البرنامج المعالج للفيروسات، وبدون اختيارات! فاحتار دليلي! فقررت أن أغلق البرنامج، وما إن فعلت حتى فوجئت بما يبدو أنه ملف نصي Text File يتصدر شاشة جهازي الحاسب بلغة مثل الهيروغليفية، وهي شكل معتاد عندما لايكون هناك توافق مع البرنامج المترجم، وهذا ما حاولت أن أعالجه رغم رعبي الشديد من أن يكون الفيروس قاتلا للقرص الصلب أو للـ Boot!. ومرة أخرى لم تفلح أي من البرامج لدي من ترجمة تلك اللغة إلى أي من اللغات الحية في الحاسب. فقررت غلق الجهاز كلية بعد أن فرغ صبري خاصة وأن طاقتي على "المناهدة" مع الحاسب تقل مع التقدم في العمر. وما إن أغلقت الجهاز وما كدت أبتعد عنه خطوات حتى سمعت صوتا مألوفا، الجهاز الحاسب تم فتحه آليا! فقمت بغلقه مرة أخرى وأنا مرتعب من فكرة تدمير محتمل لـ "شقا عمري" من المعلومات على الحاسب، رغم أني أحتفظ بنسخة إحتياطية، ولكنى لم أحدثها منذ فترة طويلة. هذه المرة لم أذهب بعيدا، وجلست أراقب الشاشة برعب ممزوج بالفضول!!

لم يفتح الجهاز لمدة دقائق فهممت بأن أغادر مكتبي، وإذا بي أسمع أزيزا وطنينا بالمكان يأتي من لا مكان، فهرعت إلى الموزع Router الذي يغذي الشبكة اللاسلكية للإنترنت في شقتي، وأنا أخشى أن يكون به ماسا كهربيا أو ما شابه. لم أجد ماسا كهربيا ولم أشم رائحة احتراق أسلاك ولم أرى دخانا، ولكني وجدت لدهشتي أن جميع لمبات بيان الموزع لاتضئ كالمعتاد، بل كأن مسا شيطانيا قد أصابها، فهي تتبادل الإضاءة والإطفاء مثلما يحدث في أفلام الخيال العلمي. ووجدت أن هناك نمطا ثابتا وغير عشوائي لحركة الإضاءة بين لمبات البيان. أصابني رعب فني رغم كوني مهندسا أصلا ولكن الزمن على ما يبدو قد عفى على!. تحاملت على حرجي واتصلت بابني خبير الكمبيوتر لنجدتي ولكنه كالمعتاد كان مشغولا في اجتماع هام ولم يأخذ الأمر بجدية، فما أنا بالنسبة له إلا رجل عجوز محال إلى التقاعد يحاول أن يشغل وقته وأبناؤه تشغلهم جدية الحياة.

ابتلعت كرامتي وتوجهت للموزع أستقرأ تبادل أضواء لمبات البيان، فوجدتها مستقرة على أنماط متكررة ذكرتني بذلك الفيلم في السبعينات عن سفينة فضاء تتفاهم مع البشر الأرضيين بالموسيقى المتناغمة والأضواء المتناسقة، فقفزت إلى رأسي فكرة مجنونة، ولم لا يكون هناك اتصالا فضائيا بي أنا العبد لله؟؟!! فتجمدت للحظة محاولا تصور خطوتي التالية في التعامل مع هذا المس الألكتروني وفي ظل هذا الاحتمال الخيالي العلمي، ولكني انفجرت ضاحكا من سخافة الفكرة واعتبرت هذا الخاطر من تخاريف الشيخوخة والوحدة. ثم عدت وفي لحظة مجنونة لأنه ليس هناك ما يمكنني فعله تجاه هذه المشكلة أطلقت العنان لخيالي العلمي وقمت بمخاطبة الموزع الإلكتروني Router بصفير من فمي بما أتصوره نغمة متوافقة مع ما أراه من تغير الإضاءات!. طبعا لم يكن هناك أي استجابة وخجلت من لحظة جنوني!.

قررت أن أترك الموزع على حاله وتوجهت إلى جهاز الحاسب فهالني ما وجدت. رغم أني قد أغلقته سابقا إلا أنني وجدت شاشة الحاسب مضيئة، ليس هذا فحسب، بل وهناك ذلك الملف الغامض يجري ذلك الذي يشبه التقرير سريعا جدا على الشاشة. وبدا بما لا يدع مجالا للشك أن هناك قوة خفية تدير جهازي رغما عني. لم أجد مفرا من مشاهدة الملف الجاري أمامي، ,من باب الفضول بدأت أتصفح الملف النصي، وبدأت أجريه على الشاشة، صفحة بعد صفحة، ولا يظهر أمامي غير أشكال هندسية غير مفهومة، ولكني بدأت أدرك أن هناك نمطا محددا يحكم شكل الكتابة وكأنه فقرات مقسمة إلى فقرات أصغر وهكذا، بما يشابه شكل التقارير الذي نعرفه.

قررت أن أستمر في التصفح لعل وعسى، فإذا بي ألحظ أن هناك تغيرا في شكل الحروف في نمط ثاني مغاير للنمط الأول، ثم نمط ثالث يبدو أنه يعيد نفس التقرير، ومرة أخرى قفزت إلى ذهني صورة أخرى، وهي صورة حجر رشيد الذي فك طلاسم اللغة الهيروغليفية بوجود نفس النص بلغات ثلاث متعاقبة مكنت العلماء من فك ألغاز تلك اللغة. ولكن ذلك الخاطر الذي أتى من تلك الصورة سرعان ما تبخر لأن الثلاث أنماط من الحروف التي جرت أمامي لاتشبه أي حروف معروفة لدي، وأعتقد أني اطلعت على كثير من أشكال الحروف بحكم الاتساع المعرفي المتاح على الإنترنت.

لم يكن هناك أمامي إلا أن أجلس يائسا، أمام شاشة الحاسب أشاهد ما يعرض على بدون اي قدرة على التحكم في الجهاز أو الملف النصي، إلا أن الدهشة المجنونة لم تفارق ذهني رغم أي إحباط. وعند الوهلة الخامسة، توقف جريان التقرير فجأة وظهر أمامي شباك اختيارات على الشاشة كان من الواضح أنه موجه إلىّ. لم يكن هناك مجال للحيرة، فالاختيار كان ثنائيا، إما هذا (0) أو ذاك (1)، فتشجعت واخترت ذاك، فظهر شباك ثان واخترت ثانيا، ثم ثالث، ثم رابع، ثم خامس، وتكرر الأمر معها جميعا بصورة عشوائية لأني لم أفهم أي من الاختيارات، ثم توقفت الشبابيك كما ظهرت فجأة، وقفزت إلى الشاشة أخيرا صورة تبدو أنها ترجمة لنفس التقرير، ولكن هذه المرة كان باللغة الإنجليزية!. توقفت عن التنفس والتفكير للحظة محاولا استيعاب ما يجري والتأكد أن الأمر ليس حلما سخيفا أو علميا حتى!. لم تمض لحظات حتى كنت بدافع الفضول أتجاوز لحظة التجمد الفكري ووجدتني أقرأ التقرير...

كان رأس التقرير موجها مما يبدو أنه المكتب الأرضي بمقر قيادة مجرة درب التبانة برقم Ω µ Φ، وكان واضحا أن موقع القيادة ذاك يقع في وسط الثقب الأسود بمركز المجرة! بدا الأمر لي عبثا أو نكته سخيفة مما يملأ الفضاء السيبرناطيقي من سخافات بلا حصر، ولكن ذلك لم يوقف فضولي للاستمرار في القراءة. بدا أيضا أن التقرير موجه لقيادة الكون الواقع في ثقب أسود عملاق في مكان ما بمركز الكون لم يفصح التقرير عن مكانه بالتحديد وبدا أنه "سري للغاية". كانت كفة الفضول للقراءة دائما أرجح من كفة الشك في سخافة ما أفعله، فاستمريت في القراءة، فوجدت عجبا يفوق ما أعرفه من خيال علمي!! وما إن بدأت في القراءة حتى ظهرت أمامي رسالة تخبرني أن وقت جلسة الاطلاع قد انتهى!! كان من الواضح أن هناك من يريد أن يخبرني بأمر ما، ولكن على طريقته وتحت سيطرته هو أو هي!، فأقفل الحاسب من نفسه وعاد جسدا معدنيا لا إلكترون فيه! فتلفت حولي لأتأكد أني في كامل وعيي وأن أحدا لا يشاهد جنوني المؤقت، ولكن كان هناك شيئا قد استبد بخيالي وفضولي لم أستطع أن أطرده من عقلي، فقررت أن أنتظر الفتح التالي للجهاز، أيا كان من وراء ذلك، مهرجا أو قرصانا إنترنتاويا أو مخلوقا فضائيا حقيقيا أو حتى مزيفا......
21 أغسطس 2009
 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية