مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 لكل لون معنى ومغنى....
...............................................................

بقلم : مسعد غنيم - مدير التحرير
......................................

تلك كانت كلمات "غنوة" جميلة للفنان المصري المبدع محمد فوزي، وكانت الكلمات عن الزهور التي هي مثل "الستات" لكل لون معنى ومغنى!. من المعلوم من نظرية التطور لداروين في عالم البيولوجيا - أحد أعمدة العلم الحديث الثلاث مع قوانين نيوتن لعالم الفيزياء، ونظريات فرويد في عالم النفس البشرية – أنه بقدر ما تتيح البيئة حرية في التنوع والحركة والتصرف، بقدر ما تزداد قوة المخلوقات التي تنمو في تلك البيئة من حيث التكيف والبقاء. وعلى صفحات "مصرنا" يمكنك أن تقرأ مقالات لكتاب بكل الألوان تقريبا، وبكل الألحان أيضا، وهم أيضا مثل الزهور، رجالا و"ستات"!، لكل لون معنى ومغنى. ولا أعتقد أنه كان يمكن أن نرى هذا التنوع الغني في "ألوان وألحان" المقالات، وما كان يمكن أن تتطور إلى الأفضل دائما من حيث الموضوع أو الصياغة، لولا البيئة الحرة للجريدة التي ترتكز أساسا على حرية الكتابة لكل لون دون قيد أو شرط في إطار المتفق عليه عالميا من لزوم أدبيات الكتابة الصحفية عموما. وشخصيا، أدين للأستاذ محمد زكريا توفيق في تعريفي بالجريدة منذ عام مضى تقريبا، وذلك من خلال قراءتي لكتاباته الراقية المتوازنة دائما بين المعنى والمغني. فلا أذكر له مقالا تشدد، ولا أقول تطرف، في رأي ما، مع أو ضد اتجاه ما أو شخص ما، ودائما ما يكون سلسا هينا مع قوة قناعاته الظاهرة بحتمية المنهج العلمي طريقا لتعويض تخلفنا وبناء منهجنا في التنمية بعيدا عن الخرافات والأساطير والتحجر الذي يفرضه البعض، فقط من واقع رؤاهم وقرائتهم للنصوص الدينية، وضد قوى الاستبداد التي تنشر ظلام الجهل وتقيد العقل وتكمم الفم، فقط من واقع تسلطهم على الثروة والسلطة.
لا يتمتع الأستاذ محمد زكريا توفيق بهذا التوازن والرسوخ فقط، بل بالبساطة أيضا، وهي أمر لو تعلمون عسير على كل من يكتب!، فهو دائما يبذل جهدا لا يكل من أجل تبسيط المسائل العلمية المعقدة بدءا من روعة بناء الذرة وفيزياء الكوانتم ومجهول اللايقين، إلى نظرية الانفجار الكوني وبدع تركيب الكون، إلى عظمة بناء الخلية الحية، ثم إلى منطقية ووضوح نظرية التطور. كل هذا دون أن تشعر أنه فقد ولو جزءا يسيرا من الصفاء الروحي الذي يوفرة الدين للإنسان.

ليس هذا "ترويجا" لكاتبنا العزيز، فلا أعرف عنه أو منه أكثر مما تقرأه أنت على صفحات مصرنا، ولكنها مشاعر التقدير والعرفان لكل من ينير لنا دربا دون أن يوصد أي باب، أو يشعل لنا شمعة دون أن يحرق لنا روحا أو أعصابا. وأيضا كانت تلك مقدمة، على طولها، رأيتها مناسبة لتقديم بعض من علم تعلمته وقرأته، رأيت أن أشارك القارئ العزيز فيه على نفس منوال كاتبنا العزيز محمد زكريا توفيق، وإن كنت أشك في قدرتي على مجاراته في البساطة والأناقة. وحقيقة فقد دأبت على مثل هذه الكتابة وعلى هذا المنوال منذ بداياتي الأولى في "مصرنا".

من الخلق العلمي ألا يتعرض الكاتب لما يجهل أو لما لايتخصص فيه إلا بالنقل والإشارة، وقد كتبت أكثر من مرة في مجال الجغرافيا السياسية، والإدارة الاستراتيجية التي أدعي التخصص فيهما وأظن أن لدي بعض العلم بهما. وما أوحى إلى بكتابة هذا المقال هو ما كتبه الأستاذ غريب المنسي عن "بداية التاريخ" بعمق وحس تاريخي واضح. ورغم تحفظي على المسمى على اعتبار أن به من العموم ما يشوش به المعنى المخصوص. بل وأزيد، أن المقال استثارني للمزيد من البحث المنهجي فيما قصده الأستاذ غريب، خاصة وهو يقع في مجال معرفتي المتواضعة، الجغرافيا السياسية، وكما هو معلوم فالجغرافيا أم التاريخ بحسب الرائع جمال حمدان. وبالطبع فليس المقصود هنا هو البحث الأكاديمي، وإنما هو أولا وأخيرا مجال الفهم العام لغير المتخصصين الأكاديميين من أمثالي. فنحن نعلم أن اختلاف المدارس الأكاديمية، خاصة في العلوم الإنسانية، يجعل من الصعب جدا على القارئ العادي أن يكون رأيا واضحا ومتوازنا بين الرؤى العلمية المختلفة دائما وأبدا، وتلك في الواقع هي روح العلم وحقيقة جوهرة، الاختلاف المنضبط والهادف، أي "لكل لون معنى ومغنى"! وعلينا أن نتعلم دائما أن نرى الجمال في كل الألوان والأشكال حتى ما يمكن أن نعتبره قبيحا، وأن نستشعر الاتساق الروحي مع كل الأنغام، حتى مع النغم النشاز، أو الذي يبدو نشازا، فهناك دائما "إطارا" أكبر وأوسع وأرحم يشمل كل ما قد يبدو لنا قبحا أو تناقضا، أو حتى شرا خالصا!

فالإطار الإنساني والتاريخي الطويل المدى يقبل ويهضم حتى عنصرية المشروع الصهيوني إذا ما أحطنا بارتفاع وسمو ذلك الإطار وحكمته، بل وواقعيته أيضا. والإطار الوطني السامي والمتعالي يقبل ويهضم مشروع التوريث الاستبدادي في مصر وغيرها من "المنكوبات" العربية إذا ما استوعبنا حركة التاريخ حتى على المدى المتوسط، وهذا ما حاوله الأستاذ غريب في مقالة "بداية التاريخ". والإطار الديني المقدس، بالإضافة إلى الإطار التاريخي الطويل، يقبلان ويهضمان، فيما هضما عبر ألاف السنين المصرية!، إرهاصات "الانعزاليين الأقباط"، كما سماهم بحق أستاذنا محمد دياب، هذا إذا ما آمنا حقا بإله واحد ووطن واحد!.

بل أن كل تلك الأطر الإنسانية والتاريخية والدينية والوطنية يشملها إطار كوني أكبر وأعظم لو كنا نعقل أو نعلم!، إطارا يقبل كل سفاهات البشر وتفاهاتهم، بكل ألوانهم ونغماتهم!! كل ما علينا هو أن نأمل وأن نؤمن وأن نعقل بأن لكل لون معنى ومغنى!! في الإطار الأكبر.

18 /8/2009
 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية