مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 منابع نهر الجنون إلى مستنقع البلادة
...............................................................

بقلم : مســـعد غنيم
....................

نعلم من علم المناخ أن أصل الحركة المناخية التي تنتهي إلى تدفق نهر النيل في مصر، تبدأ في المحيط الهادي غرب أمريكا بما يعرف بظاهرة النينو، وهي ظاهرة مناخية كوكبية تبدأ على ساحل البيرو بأمريكا الجنوبية وتمتد عبر المحيط الهادي لتصنع الرياح الموسمية فوق أدغال الهند ومحيطها الهندي، فتحمل الريح مطرا وتتجه غربا حتى تصطدم بالهضبة الإثيوبية، فتسقط مطرها الذي يجري إلى صحراء مصر فيحييها. هذا الشكل المناخي يمثل نموذجا لارتباط ظواهر المناخ الجوي على اتساع هذا الكوكب الآرضي ارتباطا لايبدو واضحا للناظر من قريب، وبما لا يخطر على العقول المغرقة في المحلية والتقوقع والانعزال. قد لايختلف نموذج المناخ البشري عن ذلك كثيرا. فما رأيناه من نهر الجنون الجاري بالدماء المسفوحة في غزة، ما هو إلا نتيجة الرياح الموسمية للإمبريالية الصهيو- غربية، والأمريكية تحديدا. ونحن الآن نمر بمرحلة ما بعد الفيضان البوشي نسبة إلى بوش الرئيس الأمريكي السابق، حيث يجري الأمر الآن ليكرس أوباما الرئيس الجديد البيئة المناسبة لركود المستنقع العربي والإسلامي عموما، والمصري تحديدا، حتى يمكن حصاد ما تم زرعه أثناء الفيضان، ولكن في هدوء وسكون ونعومة حركة العفن والفطريات التي تعلو سطح المستنقع عندما يموت غضب النهر وتسكن أمواج الجنون الشعبي، ليبدأ عمل طبقات العفن والطفيليات من الليبراليين الجدد والانعزاليين المتمركزين في الغرب، لاستكمال تغيير أيكيولوجية المستنقع المصري الراكد لثلث قرن من الزمان بعد أن اختمر وتعفن بما يكفي في تقدير هؤلاء، تغييرا يضمن توطين وتطبيع الكيان القابع في فلسطين ضد كل عوامل الثقافة والتاريخ الرافض لهذا الطفيل الاستيطاني.

"يبدو أن الجميع قد شرب من نهر الجنون"، كان هذا تعليق الأستاذ محمد حسنين هيكل على مجزرة إسرائيل في غزة فلسطين مع مطلع يناير 2009. وبمرور زمن قصير جدا يقاس بالشهور فقط، بدا أن نهر الجنون هذا قد انتهى إلى مستنقع البلادة والعدم والعبثية، حيث البيئة المثالية لنمو العفن والطفيليات فتولد الضباب المعيق للرؤية، وتطلق الغازات السامة، فتقتل في سكون وصمت أي معاني للغضب أو حتى الاستهجان، وتخنق أي صوت للدهشة أو الاستغراب. ورغم محاولات الاستفاقة للبعض ممن لايزالون يحملون بقايا للغضب، لاستحضار الدهشة والحفاظ على الوعي، إلا أنها تبدو محاولات لا تصل إلى حد تحريك البحيرة المصرية الراكدة، إما تحت تأثير الاستبداد أو انتظارا للذي لا يأتي أو كلاهما معا، فلا تتطهر أو تتوضأ رغم تطاول سيقان المآذن للوصول إلى ضوء الشمس، و سعي سيقان أبراج الكنائس لأخذ مكانها تحت نفس الشمس.

وإذا ما ارتفعنا تدريجيا فوق مستوى ذلك المستنقع، سنعلو فوق ضباب التمويه فتتضح الرؤية، ونبتعد عن فساد الهواء فتصفو العقول. وأول ما يمكن رؤيته هو أن نهر الجنون الذي يغذي بحيرة العدم والعبثية بعد أن هدأ، له روافد واضحة أقربها ذلك الرافد الآتي من غزة فلسطين. ومثل أي رافد نهري فإن له منابع، وسنرى بوضوح أن منبع نهر الجنون في غزة هو جبال الاحتلال الصهيوني، وليس كما تشيع قوى الضباب والسموم أنه يأتي من سهول الرعي الفلسطينية المتفارقة، فليست تلك السهول على ضيق عقلها إلا مجرى للنهر وليست أبدا منبعا له. وإذا ما أخذنا في الارتفاع أكثر وأكثر فوق طبقات الغلاف الأرضي الإقليمي ونظرنا على اتساع رؤية كوكبية، سنرى بوضوح أن جبال الاحتلال ماكان لها أن تولد مياة الجنون والدم دون رياح تحمل المطر الإمبريالي، وسنرى أن بدايات تلك الرياح تتولد فوق القارة الأمريكية بتأثير تفاعل وتحالف المجمع العسكري في البنتاجون مع مراكز المال في وول ستريت فتنطلق من البيت الأبيض بعد أن تتدشن ببركة الكنيسة الصهيو- مسيحانية الجديدة. وفي طريقها للشرق، حيث الموارد ومنابع الطاقة، تتزود تلك الرياح بمزيد من المياة الإمبريالية وتتحدد أكثر مساراتها الاستراتيجية بالزخم الأوروبي المتوسط بين المناطق مرتفعة الضغط في القارة الأمريكية والأخرى المنخفضة نسبيا في الشرق الروسي والصيني.

بقدر الفرق في هذا الضغط بين قوى الصراع الكوكبية في كل من الشرق والغرب، تكون شدة الرياح الإمبريالية الغربية على منطقتنا العربية ومجالنا الإسلامي، وها هو نهر جنون "إسلامي" جديد ينبع من جبال الهيملايا في الصين تحت ضغط الريح الإمبريالية الغربية فتقفز إلى شاشات النشرة المناخية الإنسانية لمقاطعة إسلامية صينية، ليس إسلامها بجديد، ولكن الجديد هو التوظيف الإمبريالي للتمكين من تحجيم نمو العولاق الصيني. وهانحن نرى نتاج ضغط رياح "الإصلاح" الغربي على حركة الثورة الإيرانية. وها نحن في شرقنا العربي قابعون في مستنقع البلادة والغباء بانتظار أي رياح أمريكية صهيونية لتحرك مستقبلات الفضائيات، في فاصل بين الغنائيات والمسلسلات، للتحديق ببلاهة في نشرة المناخ الإنسانية دون أي وعي بحركة رياح التاريخ التي تسعى إلى تصحير مصر بخنق منابع النيل في الجنوب، وطمس منابع العقل في القاهرة رغم بهرجة مكتبته في الأسكندرية.

9 أغسطس 2009

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية