مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 إنها الجيو- بوليتيكيا ياغـبــي!
...............................................................

بقلم : مســـعد غنيم
....................

صفعت تلك الإجابة وجهي بشدة عندما حاولت مثل ملايين المسلمين والعرب، أن أفهم خطاب أوباما في القاهرة 2009، بسؤال أهل الذكر من الذين يعلمون، وليس من الذين في قلوبهم مرض. قرأت رأي كل من نعوم تشومسكي "الفيلسوف المعارض" غربا، والأستاذ هيكل "الحكيم المعارض" شرقا. وهما يريان أن الخطاب يترجم استراتيجية أمريكية جديدة – عرفتها مؤسسة السياسة الأمريكية بالقوة الناعمة - بعد ممارسة القوة الغشوم بيد اليمين المسيحي المتطرف لمدة 8 سنوات، هي مجموع ولايتي بوش الإبن. وهما يؤكدان بالاتفاق مع رأي قطاع كبير من مثقفين كثر في الشرق الإسلامي وقليل في الغرب المسيحي، أن هذه الاستراتيجية الجديدة تمثل استمرارا وليس انقطاعا أو انقلابا في استراتيجية الهيمنة الكونية للغرب بقيادة أمريكا.

 يقرر الأستاذ هيكل أن إعداد مثل هذا الخطاب الكوني الأبعاد، تطلب استشارة أوباما لعدد من أعظم العقول الأمريكية في مختلف التخصصات ومن منطلق العديد من الخبرات، ولعل أهمها علم نفس التسويق، حدد عددهم الأستاذ في حديثه لصحيفة الشروق المصرية من 38 إلى 40 شخصية أمريكية منهم هنري كيسنجر. ويلخص رأيه في خطاب أوباما في القاهرة بقوله: «البعض فهم خطأ أن أوباما جاء لكى يعلن سياسات جديدة. وهذا غير صحيح. لأنه لو أراد أن يتحدث عن تغيير فى السياسات لذهب إلى الكونجرس، الذى يصنع فيه القرار السياسى وليس إلى جامعة القاهرة».، ومن ناحية أخرى يؤكد نعوم تشومسكي في مقال بعنوان "نقطة تحول؟": " أن "المبادرة الجديدة" لواشنطن قد عبر عنها بوضوح شديد المرشح الديموقراطي لمنصب الرئيس في انتخابات 2004، السيد جون كيري، والذي يرأس الآن لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، في خطاب هام ألقاه في معهد بروكنجز في 9 يونيو 2009. ولتفسير كلمات كيري، يجب أن نعلق أو نلغي الفهم العاقل للأمور، وأن نتفق على أن الحقائق الفعلية في التاريخ ليس لها أي علاقة بالأمر. وأن المهم هو ليس هو الصورة المستنبطة من الماضي و الحاضر، ولكن المهم هي الخطط المرسومة ".

الهولوكوست الأمريكي - الصهيوني

" إنها الجيو- بوليتيكا ياغبي!!". تلك هي الحقيقة التي صفعتني مرة أخرى عندما قرأت تأكيد تشومسكي." أن " مبادرة واشنطن الجديدة من أجل سلام الشرق الأوسط، أو ما تأمل فيه، سوف تدمج إسرائيل في الدول العربية "المعتدلة" وذلك كقاعدة متقدمة للهيمنة الأمريكية على المناطق الحيوية المنتجة للطاقة". هي نفس الإجابة التي قفزت في وجهي لتخرجني من دائرة السحر الذي القاه عليّ الخطاب الكوني الأبعاد لأوباما في القاهرة! مع عشرات الملايين من السذج أمثالي. كنت قد طرحت السؤال على نفسي في مطلع الثمانينات، عندما أتيح لي أن أزور مبنى وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون". في أحد مداخله الثمانية، صدمني حينئذ بشدة وجود تمثال تكريم للجنرال كاستر. ولمن لا يعرف من هو، فهو الجنرال الأمريكي الذي أباد قرية هندية بالكامل معظمها نساء وشيوخ وأطفال قبيلة من السكان الأصليين أو "الهنود الحمر" في 27 نوفمبر 1868. ذلك دفع باقي قبائل المنطقة للتحالف مع القبلية المنكوبة، وشنوا هجوما كاسحا على جيش كاستر وقتلوه مع جيشه بعد مقاومة عنيدة اعتبرتها العسكرية الأمريكية بطولة من كاستر وشجاعة، استحق عليها التكريم في أحد مداخل البنتاجون!. وكان السؤال هو: إذا كان التيار العام للتاريخ الأمريكي يجرم كاستر على لا إنسانيته، فلماذا يكرمه العسكريون؟ عندما قفزت الإجابة في وجهي: إنها الجيو- بوليتيكا ياغبي!

كان كاستر يمثل مرحلة استراتيجية في التطهير العرقي لسكان أمريكا الأصليين، وبغض النظر عن لا إنسانيته وفشله التكتيكي في معركته التي انتهت بقتله، إلا أنه أعطى المثال المحفز للجيش الأمريكي، كما أرسل رسالة إرهاب ورعب لقبائل الهنود الحمر، وهما هدفان يستحقان التكريم من وجهة نظر استراتيجية الاستيطان والتطهير العرقي. والسؤال التالي هو، متى وأين سيقيم أوباما تمثالا لبوش الإبن، برغم اندفاعه الأيديولوجي الغبي وفشله التكتيكي، على نجاحه في الاختراق الجيوستراتيجي لمنطقة القلب من العالم "أوراسيا"، التي هي محل الصراع الكوني بين القوى العظمى، منذ الإسكندر الأكبر الذي توقفت إمبراطوريته في أفغانستان تحديدا!، وتمكنه، أي بوش، من وضع القدم العسكرية الأمريكية في أفغانستان والعراق وبعض من دول الـ "ستان"، وشكل بذلك طوقا استراتيجيا محيطا بروسيا الصاعدة، ومواجها العملاق الصيني ؟.
"كانت المعاهدات فيما بين 1778 و 1883 واحدة من الطرق التي استخدمتها حكومة الولايات المتحدة لنزع السكان الهنود من ترابهم الوطني. كثير من تلك المعاهدات خرقت بمجرد توقيعها وليس دائما من قبل الهنود. كان إزاحة الهنود شئ ضروري لحكومات الولايات المتحدة لتتوسع غربا" نقلا من موقع http://www.accessgenealogy.com/native/treaty/
" نحن نصنع المعاهدات التي نقسم عليها بأيماننا ثم نترك فيها كل أنواع المماحكات والمعوقات التي تمنع تنفيذها. نحن ننشئ ونحافظ على مستعمرات فقيرة لهم (سكان أمريكا الأصليون). أولئك المتوحشون الذين يعرفوننا والذين لن يقبلوا بالفقر الذي نضعهم فيه، ولا يثقوا بكلمتنا سوف نطارهم ونذبحهم." من مقال بصحيفة هاربرز ويكلي في 5 أغسطس 1876، Harper's Weekly, 5 August 1876..
هل يمكن أن نقرأ تأكيد أوباما، ومن قبله، أن "العلاقات بين أمريكا وإسرائيل غير قابلة للكسر"، على أنه وحدة المبدأ والمنشأ، والأسلوب؟. يؤكد المؤرخ الأمريكي دافيد إى ستانارد في كتابه " الهولوكوست الأمريكي : كولمبس وفتح العالم الجديد": إن تدمير هنود أمريكا، كان إلى حد بعيد جدا، هو فعل التطهير العرقي الأكثر شناعة في تاريخ العالم." هل يمكن أن نتوقع من الرجل، بغض النظر عن لون بشرته، بعد أن وضعوه على عرش الإمبراطورية التي قامت على التطهير العرقي، أن يتنكر للثوابت الجيوبوليتكية التي قامت عليها تلك الإمبراطورية؟ وهل تلك العلاقات الغير قابلة للكسر، في بعدها النفسي والديني، هي بعيدة عن الهولوكوست الصهيوني المستمر منذ ما يقرب من قرن، بمباركة ودعم غربي - أمريكي مباشر وغير مباشر، لتصفية الشعب الفلسطيني؟.

صفحة جديدة؟

يقرر نعوم تشومسكي في مقاله عن "مذكرات التعذيب" حقيقة أن التعذيب في أبو غريب أو جوانتامو ليس جديدا على النظام الأمريكي، فهي سياسة نمطية متبعة منذ الآباء المؤسسين، وكل ما أضافه المحافظون الجدد بزعامة تشيني – بوش – رامسفيلد هو أن التعذيب أصبح يوكل إلى دول أو مؤسسات أخرى تنفذه بالوكالة. ويعلق على مقولة أوباما "لنفتح صفحة جديدة" بقوله " نتعجب من أن يطلب منا الرئيس أن ننظر للأمام، وليس للخلف— عقيدة نمطية لهؤلاء الذين يمسكون بالعصي. أما الذين يتم ضربهم بها يبدوا أنهم يرون العالم من منظور مختلف، مما يزعجنا كثيرا". في المقابل ذكر الأستاذ هيكل في إشارة واضحة لاستمرار آليات استراتيجية الهيمنة عبر العصور أن أول كلمة نطق بها هنري كيسنجر وبالعربية عندما هبط من طائرته عام 1973 ليبدأ مباحثاته في القاهرة مع السادات قبل أن تنتهي بكامب ديفيد في سلام مزعوم حتى بعد 30 سنة، كانت الكلمة هي "اللي فات مات"!

الغيبوبة التاريخية

يؤكد نعوم تشومسكي في نهاية مقاله عن "مذكرات التعذيب" أن الغيبوبة التاريخية ظاهرة خطيرة، ليس فقط لأنها تحط من الكرامة الفكرية والمعنوية، ولكن لأنها تؤسس الأرضية لجرائم تنتظرنا في المستقبل."
تلك الغيبوبة التاريخية، فيما أعتقد، هي بالضبط ما تريده الإمبراطورية الأمريكية أن يقع فيها المسلمون والعرب، بتأثير سحر الخطاب وكاريزما الساحر، حتى يتسنى لها أن تتفرغ لصراعها الجيوبوليتيكي مع المركزين الأكبر في موسكو وبكين حول السيطرة على أوراسيا من أفغانستان وحتى تركيا، وطبعا بالمرور على إيران، بيت القصيد الحالي والمستهدف الرئيسي من الخطاب الساحر. حقا إنها الجيوبوليتيكا .....يا غبي!.

12 يونيو 2009
 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية