مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 المقاومة في معركة الوعي والذاكرة
...............................................................

بقلم : مســـعد غنيم
....................

1. تعريـف الـــوعـــي
الوعي كلمة تعبر عن حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ الوعي التي تتمثل عادة بحواس الإنسان الخمس. كما يمثل الوعي عند العديد من علماء علم النفس الحالة العقلية التي يتميز بها الإنسان بملكات المحاكمة المنطقية، الذاتية (الإحساس بالذات) (subjectivity)، والإدراك الذاتي (self-awareness)، والحالة الشعورية (sentience) والحكمة أو العقلانية (sentience) والقدرة على الإدراك الحسي (perception) للعلاقة بين الكيان الشخصي والمحيط الطبيعي له. (تعريف الويكيبيديا)

2. الــوعي الإسرائيلي بالــوطــن المغتصب

قرأت في جريدة الشرق الأوسط عدد 23 مايو 2009،عن نتائج بحث أجرته جامعة تل أبيب، وهي أن 23 % من الإسرائيليين يفكرون في الرحيل من إسرائيل في حال نجاح مشروع السلاح النووي الإيراني. أيقظ هذا الخبر بعضا من وعيي المغيب من مشقة السعي من أجل لقمة العيش، وهو أنه من المستحيل أن أفكر في الهجرة من مصر لأن إسرائيل تمتلك بالفعل منذ عقود أكثر من 200 رأس نووي، وحتى لو ضربت به مصرا، فلا أعتقد أن هناك مصريا واحدا سيفكر في الهجرة بسبب هذا، عدا الـ 7% الذين استحوذوا على ثرواتها مؤخرا وارتبطوا ثقافيا واقتصاديا بالرأسمالية في مراكزها بالغرب. أي نعم قد يموت أو ينتحر عشرات المصريين كل سنة في محاولاتهم الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عن طريق البحر، ولكنهم يفعلون ذلك من أجل لقمة العيش، ويغادرون الوطن، ولكنه لا يغادرهم أبدا كما يقولون. هذا هو الوعي المصري بالوطن المصري، الذي يوضح الفرق في "الوعي" بالوطن بين الدولة العريقة بالمفهوم الجغرافي والتاريخي، والدولة الاصطناعية "إسرائيل" كما صورها فيلسوفنا الكبير الدكتور زكي نجيب محمود قبل أكثر من ربع قرن بقوله: " فهي مسخ صنعوه وقالوا له كن "دولة" فلم يكن، لأنه يعوزه كل مقومات الدولة السوية. ولذلك النقص في تكوينه، لجأ إلى سياسة ذات ثلاث شعب، لا يلجأ إلى أي منها إلا من ركبته عقدة النقص فزادته مرضا على مرض؛ أما هذه الثلاثة الأثافي فهي العنصرية أولا، والعنف ثانيا، وشهوة التوسع ثالثا." وأعتقد أن سيكلوجية اللص عندما يضيق عليه الخناق ويبدأ في الهرب أن يتخلى عما سرقه، أما صاحب الحق فأعتقد أنه يموت ولا يتخلى عما يملكه.

3. وعي حسن نصر الله

لم يكن بحث جامعة تل أبيب وحده هو الذي أيقظ تلك النقطة العميقة من الوعي في داخلي، بل سبقته مشاهدة ندوة عقدها في 22 مايو 2009 السيد حسن نصر الله بعنوان "المقاومة في معركة الوعي والذاكرة". قد تختلف أو تتفق مع السيد حسن نصر الله، ولكنك قد لا تستطيع أن تمنع نفسك من احترام ذكاء الرجل أو تنكر قوة مصداقيته. وهو، مثله مثل أي قادة فكر أو حركة شعبية أو قومية، منخرط حتى ذقنه كما يقولون، في الصراع الجيوبوليتيكي الإقليمي في المنطقة العربية. ثم أنه لا يستطيع، ولا ينتظر أن يكون من موقعه هذا، بمنأى عن محركات وآثار الصراع في المنطقة. ولا أعتقد أن منتقديه أو أعداؤه هم أنفسهم مبرأون من البراجماتيه (النفعية) المصاحبة للانخراط في اللعبة الجيوبوليتيكية العالمية وانعكاساتها على الجيوبوليتيكا الإقليمية. في تلك الندوة أعتقد أن السيد نصر الله أضاف ما يؤكد عمق استيعابه لفلسفة التاريخ، تلك الفلسفة التي تستوعب الآن كل علوم السيوسولوجيا والسيكلوجيا والأنثروبولوجيا و...غيرها من العلوم الإنسانية بحسب رأي الفيلسوف الجزائري الأصل محمد أركون. هنا نحن أمام قائد مقاومة مثقف يعرف كيف كيف يكون براجماتيا دون أن يتخلى عن ثوابته القومية.

يتجلى الوعي في خطاب حسن نصر الله أن الرجل رغم أنه يتحرك من منطلق أيديولوجي أو عقيدي مذهبي شيعي، فالرجل يركز وعيه ويوجه وعينا إلى أنه ينطلق من موقعه كقائد مقاومة وطنية ضد عدو معتد وغاصب لا يتخلى عن العنف ولا يتوقف عن التوسع، وهو الواقع الذي تحاول آلة الإعلام الغربية والعربية المعتدله أن تغيب "وعينا" بشأنه، ولا تكل من أن تزرع في ذلك الوعي سلاما زائفا، بدليل أن الدم العربي لم يجف بعد أن أعلن السادات أن أكتوبر 73 آخر الحروب منذ ثلاثين عاما، بما فيها الدم المصري نفسه. وحينا آخر تزرع في "وعينا" اليأس من الواقع العربي المهترئ وأن تؤكد في عمق ذلك "الوعي" أن هزيمتنا التاريخية هي بسبب أصل جيني في السوسيولوجيا العربية، وأن تمحو من ذلك "الوعي" أن نظم الحكم العربية والنخبة المستفيدة هما بحكم برامجيتهما اللاأخلاقية ارتضتا الهزيمة ولا تسعي للـ "المقاومة"، في معظمها. وتسعى تلك الآلة الإعلامية الجهنمية أن تزرع في "وعينا" أن المقاومة الوطنية المشروعة بالقوانين الدولية هي إرهاب، بحيث لم يسلم من تهمة الإرهاب أي وطني عربي مقاوم بدءا من عرابي الذي يصوروه الآن قاطع طريق، وناصر الذي يحاولون مؤخرا وصمه بالخيانة عندما فشل سعيهم في تحطيم صورته الناصعة في "وعينا" بالارتكاز على خطأه التاريخي في 67 والذي لم يؤثر عمليا في "وعي" غالبية الشعب، في مصر والعالم العربي، والذي انحاز إليه ناصر، ذلك الوعي الذي فهم بعمق الحس المشترك وبالعقل البديهي كما يقول الفلاسفة، فهم أن ناصر ما تم ضربه إلا لمصلحة مشروع الهيمنة الأمريكي، حتى وإن أظهرت البحوث والوثائق التاريخية عدم وجود دعم أمريكي مباشر في 67، فالمغفل فقط هو الذي يتصور حياد أمريكا، والشعوب العربية "الواعية" ليست بأقل من وعي الشعوب التي "تعي" ذلك، حتى في الغرب نفسه، واسألوا نعوم تشوموسكي الفيلسوف الأمريكي اليهودي.

هذا الإعلام الموظف أيديولوجيا، في ظاهرة الغربي والصهيوني وخفيه العربي، يشن اليوم حربا على جميع الجبهات، على رمز المقاومة الآني السيد حسن نصر الله، وهاهو بايدن نائب الرئيس الأمريكي "المعتدل" أوباما يزور لبنان عشية الانتخابات النيابية اللبنانية ليدعم أمريكيا القوى "المعتدلة" ويتأكد من عدم فوز تيار المقاومة ممثلة في حزب الله وحسن نصر الله، وفي نفس الوقت يحاول ذلك الإعلام تزييف "وعينا" بالقول بأن زيارة بايدن ما هي إلا تعبير عن سعى أمريكا للسلام ولإحقاق حق الفلسطينيين في وطن لهم على ما تبقى من بقية فلسطين!. بل إن هذا الإعلام يحاول دون ملل أو خجل أن يزيد من تغييب "وعينا" بأن ينسينا دم الأطفال في غزة المحترقة، وأن نغمض أعيننا عن تهويد القدس، وترحيل سكانها العرب بإطلاق المسميات والألفاظ والتعبيرات العبقرية مثل "المستوطنات غير القانونية"، تعبير يستخدمه الأستاذ مكرم محمد رمز الحزب الوطني المصري يحاول به تزييف وعينا بأنه ليست هناك مستوطنات غير قانونية في القرن الواحد والعشرين!!، وأن يستغفلنا الرئيس الأمريكي الواعد بطلب "وقف المستوطنات" وكأنه عدل وإنصاف أمريكي، ولم يستخدم تعبير إزالتها! مثلا، منتهى تغييبب "الوعي".

4. الـوعـي الجـيوبوليتــيكي

من المعلوم بالواقع أنه من حق القوة الأمريكية أن تعبر عن نفسها بالطريقة التي تراها، وبالمقابل فمن حق إيران أن تعبر عن قوتها وتؤكد وجودها الإقليمي بالطريقة التي تراها، وحتى مصر رغم قصور فعاليتها الجيوبوليتيكة الحالية بعد كامب ديفيد، فمن حقها أن تسعى لتأمين أمنها القومي داخل حدودها، وخارج حدودها بحسب مفهومها للأمن القومي. ذلك عالم السياسة والاستراتيجية، أما عالمنا نحن الناس العاديون، أما المشروع الصهيوني، فإنه بالإضافة إلى العنصرية المتجذرة في فكره، والعنف الملازم لتاريخة في المنطقة، وهو أقل من ومضة تاريخية، والتوسع الذي لم يتوقف حتى بعد 61 عاما من اغتصاب فلسطين، كما توضح في تحليل د. زكي نجيب محمود، فهذا الكيان غير السوي مؤسس على فلسفة القوة وينتهج الميكافيلية بأسوأ تفسيراتها. وهذا ما يجب أن لا يغيب عن "وعينا" وأن نثبته في "ذاكرتنا"، وهكذا يجب أن نخوض "معركة الوعي والذاكرة"، انتصارا للمقاومة ضد العدوان واغتصاب الأوطان باعتبارها أساس البناء والتنمية والمشاركة في الحضارة العالمية كأي شعب من شعوب الأرض، لا أكثر ولا أقل.

23 مايو 2009
 

 

06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية