مصر دولة مصرية...وكفى
...............................................................
بقلم : مســـعد غنيم
....................
مصر دولة خليجية!، هذا ما طرحه بجرأة يحسد عليها، مأمون فندي (أمريكي - مصري) على أساس مبررات اقتصادية واستراتيجية. وبالقياس المباشر على ذلك؛ لماذا لا تكون مصر دولة عبرية!! أيضا، إذ ربما تكون نفس المبررات أقوى وأوضح، إضافة إلى المبرر الجغرافي الذي لايتوافر في حالة الخليج؟! ذلك هو القياس السريع الذي قد يقفز إلى الذهن عندما نقرأ مثل ذلك الطرح الغريب، خاصة وأن صاحبه نفسه، يقر بأن مقولته تبدو خيالا استراتيجيا، وإن كان إقراره قد أتى في سياق النفي لا الإثبات، ليقنعنا بعقلانيته وتطهره من الجهل والغرض. ومن المنطقي، دون الإخلال بالموضوعي، أن يتسائل القارئ الواعي عن دوافع وأهداف طرح مثل هذا الشخص لتلك المقولة، لأنه ينطلق من أحد مراكز الفكر الأمريكية المعنية بالشرق الأوسط، وهي ليست فوق مستوى الشبهات بأي حال، فيما يخص السياسة على الأقل!. ولكن عندما يؤكد نفس المقولة شخص بالقيمة الأكاديمية والوزن السياسي لـ "علي الدين هلال"، المتخصص في السياسة والاقتصاد، والوزير السابق، والقطب الدائم في الحزب الحاكم في مصر؛ فإن الأمر يتطلب الانتقال الفوري من التساؤل العرضي إلى التحقق الجاد.
قياس علمي لمقولة صحفية
عند مناقشة رأي متخصصين بهذه الأوزان، وفي حدود انطباعات الرجل العادي، فإني لاأملك أدنى فرصة في أي تكافؤ يؤهلني للنقاش حول موضوع هو من حيث المستوى: استراتيجي، ومن حيث المحتوى: مصر، بجلالة قدرها! ولا يتبقى لي إلا الحس المشترك Common Sense أستخدمه في القياس Analogy أو المقارنة Benchmark كآلياتين أقيس بها أطروحات هؤلاء المتخصصين على المرجعيات المشهود لها والمجمع عليها تقريبا. وفي حدود اطلاعي، فلم أجد خيرا من جمال حمدان صاحب "شخصية مصر" مرجعا، هو الأعلى شأنا على الإطلاق في الجغرافيا السياسية، في مصر، بدليل حصوله على وسام العلوم من الطبقة الأولى عن الكتاب: "شخصية مصر" عام 1988م.، من نفس الدولة التي كان، ولا زال على الدين هلال رمزا في أكاديميتها وقطبا في حزبها الحاكم.
فماذا يقول جمال حمدان في علاقات مصر الاستراتيجية بالخليج خاصةوهو بعيد عن الدوافع الآنية، والأهداف السياسية المؤقته، وكلها متغيرات تحيط بتلك المقولة. فجمال حمدان انتقل إلى جوار ربه منذ 17 أبريل 1993، ومن المعلوم أن الجغرافيا السياسية لاتحكم إلا بالثوابت، مهما علا صوت المتغيرات وتلونت إغراءاتها.
استراتيجية مصر الخارجية
يقرر جمال حمدان استراتيجية مصر الخارجية كالتالي:
" الحقيقة العظمى في كيان مصر ونقطة البدء لأي فهم لشخصيتها الاستراتيجية، هي اجتماع موقع جغرافي أمثل مع موضع طبيعي مثالي، وذلك في تناسب أو توازن نادر المثال. فالموقع والموضع هنا متماثلان، ومتناسبان إلى حد بعيد في المقياس. فكل منهما ضخم الحجم أو الخطر. ولكن في تناسق دقيق وشبه محسوب. فمصر ليست مجرد موقع أوموضع هام بل الإثنان معا، ليست مجرد ممر أو مقر خطر، بل كلاهما، ليست مجرد محطة طريق حاسمة أو صومعة غلال ضخمة، بل هي هما على السواء.....إن معادلة القوة في مصر هي : القوة = الموقع X الموضع. ذلك مفتاح الماضي مثلما هو دليل المستقبل "
ويقول في وزن مصر السياسي:
" بتاريخها الألفي المفعم، كان وزن مصر السياسي – ولم يكن له بد من أن يكون – مذبذبا عنيف الذبذبة ديناميا بالغ الدينامية، خاض مراحل ودورات عديدة لاحصر لها من الارتفاع والانحدار أو القيام والسقوط Rise and fall, Rise and decline، بالتعبير التاريخي المتداول. ولقد رأينا أن الذبذبات التاريخية في قوة مصر السياسية ترتبط ارتباطا وثيقا بذبذبات العلاقة المتغيرة بين موقعها وموضعها. "
معادلة قوة مصر: الموقع X الموضع
لايتجمد بنا جمال حمدان في الماضي، بل يقرر بحس واقعي ومستقبلي متطور، وقع العلم والثورة الصناعية والتكنولوجيا على ثاني عنصر من معادلة قوة مصر (الموقع X الموضع)، وهو الموضع، كالتالي:
" للمرة الأولى في التاريخ لايصبح الموضع حقيقة جغرافية مطلقة من معطيات الطبيعة : لقد أصبح العلم عاملا جغرافيا واقتصاديا كما هو عامل سياسي يمكن أن نعيد خلق الموضع شكلا ووزنا ووقعا، ولأول مرة أيضا يصبح الاستقلال حقيقة مثلثة : ليس سياسيا فحسب، وليس اقتصاديا بعد ذلك، وإنما هو علمي في النهاية...."
وعن قيمة الموقع في العصر الحديث يقول حمدان:
" بوعي جغرافي لاشك فيه انطلقت مصر المعاصرة (جمال عبد الناصر) تشتري الموضع بالموقع، فجعلت كل عوائد القناة رأسمالها للسد العالي الذي خلق T.V.A (Tennessee Valley Authority) مكبرا على النيل ومحدثا بذلك ثورة جديدة في الموضع. وليس من الصدفة أننا لم نستطع أن نسترد القناة إلا بعد أن كانت كفاءة القاعدة البشرية قد زادت وتطورت. إن مصر المستقلة لم تبدأ إلا منذ أن ارتفع فيها الموضع إلى مستوى الموقع. وعليها دائما أن تعمق موضعها وتكثفه لكي يظل كفؤا لموقعها الحاسم."
وهنا يخطر تساؤل ضروري: ماذا فعلت مصر- ما بعد عبد الناصر لتعمق موضعها وتكثفه، لكي يظل كفؤا لموقعها الحاسم؟ الأمر الذي يحدد وزنها السياسي، وقوتها الذاتية، وبالتالي استراتيجيتها الخارجية؟ وهل يرقى مشروع توشكى إلى مستوى الـ TVA؟ أي المشروع العظيم الذي يغير جغرافية المكان لتعظيم قوة الموضع؟ مجرد سؤال.
بعد اغتصاب فلسطين وثورة البترول وعودة إلى جمال حمدان الذي يرى قدر مصر بعد اغتصاب فلسطين وثورة البترول في الخليج كالتالي:
" كأنما على ميعاد، مأساة فلسطين – إسرائيل ومأساة البترول – العرب لتعملا بتوافق كامل على تحجيم وتأزيم وتضمير مصر. ليت هذا فحسب، فكنتيجية لانقلاب الاستراتيجية المعاصرة، عسكرية وتجارية، فقدت قناة السويس الكثير من قيمتها ومغزاها القديم، بينما انتقل مركز الثقل الاستراتيجي العالمي الجديد إلى الخليج العربي كمستودع الطاقة وبئر البترول الاستراتيجية الأولى في العالم . وحتى من الناحية الاقتصادية البحتة لم تكن عائدات القناة لتعادل عائدات حقل بترول كبير أو متوسط من بين عشرات الحقول في مختلف دول البترول العربية...... معنى هذا أن القيمة الاستراتيجية لثروة الموضع وموارده قد تفوقت كثيرا على القيمة التقليدية للموقع ومكاسبه.......ومعنى هذا التشخيص إن صح أن القلب والأطراف الجغرافية من المنطقة قد تبادلت الأدوار الاستراتيجية فيما بينها، بحيث انقلب النمط ظهرا لبطن أو بطنا لظهر. فأصبح القلب الجغرافي هامشيا والأطراف الهامشية مركزية. وأيا كان مدى الصحة أو الخطأ في هذا التصور، فلا مجال للشك في أن البترول قد أثر على توزيع وتركيب القيم والأوزان والأدوار الاستراتيجية والسياسية في المنطقة بشكل لايمكن تجاهله."
تقييما عام جامع لموقع مصر الجغرافي في الاستراتيجية العالمية
ثم يستشرف جمال حمدان، في ثقة العالم المتمكن، تقييما عاما جامعا لموقع مصر الجغرافي في الاستراتيجية العالمية كما آل إليه اليوم كالتالي:
" لعل الحكم السديد والصيغة الرشيدة تتلخص في مزيج مركب بنسب متفاوتة من قيم مراحله التاريخية الأساسية الأربع التي تمثل كل درجات سلم صعوده وهبوطه ما بين الأوج والحضيض، وتلك هي استراتيجيات العصر الاستعماري في القرن الأخير (الأوج) واستراتيجية كشف طريق رأس الرجاء الصالح (الحضيض) ثم استراتيجيات العصر العباسي والصليبيات (الوسط). "
كانت مراكز القوة عبر العصور، وذلك كما رسمها جمال حمدان منذ المملكة القديمة وحتى العصر الإسلامي. وذلك قبل أن تستعيد مصر مركزيتها الجغرافية الاستراتيجية مرحليا على يد محمد علي، إلى أن ضربه التحالف الانجليزي الفرنسي التركي، ثم أن استعادت مصر عافيتها للمحة خاطفة في عرف تاريخها الطويل على يد جمال عبد الناصر، قبل أن تضربه بعنف الإمبراطورية الأمريكية الصاعدة. ، إلى أن تفجرت ثورة البترول وأقيمت إسرائيل، فحدث الانقلاب الاستراتيجي في تبادل المراكز والأطراف للقوة. وسنلاحظ أن الخليج وإسرائيل هما خارج المعادلة تماما، رغم انتقال المراكز حتى إلى كل من إثيوبيا وليبيا في وقت ما، كما سيتضح.
وإذا ما تصورنا خريطة لمراكز القوى الكونية والإقليمية الحالية في ما بعد العصر الأمريكي After Pax- Americana، فبإضافة المتغيرات الحديثة، يمكن تصور الخريطة التالية بشكل تمثيلي انطباعي، وليس بشكل علمي، فقط ليساعد على شرح الفكرة كما صاغها جمال حمدان كالتالي:
" في النتيجة الصافية ومجمل القول انتقل مركز الثقل الجيوبوليتيكي والجاذبية الاستراتيجية من البحر المتوسط إلى المحيط الهندي، ومن قناة السويس إلى الخليج العربي، ومن مصر والشام إلى شرق الجزيرة العربية والمشرق العربي، ومن شمال البحر الأحمر إلى جنوبه، بالاختصار من وسط الشرق الأوسط إلى شرقه، أو إن شئت فقل بالتقريب من الشرق الأدنى إلى الشرق الأوسط. ولعل من أبرز مظاهر وأعراض هذا الاختلال أو الانتقال شرقا تحول بؤرة الحروب المحلية في المنطقة مؤخرا لاسيما بعد الصلح المصري – الإسرائيلي من ركن مصر – إسرائيل – سوريا إلى ركن العراق – إيران – أفغانستان."
وإذا ما تذكرنا أن جمال حمدان وضع ذلك التصور من أكثر من عشرين عاما، وأنه رحل عن عالمنا منذ 16 عام، يمكننا إدراك، إلى جانب عبقريته الأكيدة، مدى قوة ودقة التحليل المستند إلى الثوابت الجغرافية. والخريطة التالية توضح استنتاجاته:
هنا نرى مراكز القوة العالمية على رأسها أمريكا وتشمل الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين، والمراكز الإقليمية – بعد انكماش مصر بالسلام الإسرائيلي، واحتلال بغداد بالحرب الأمريكية – هي تركيا وإيران وإسرائيل بمعيار القوة الشاملة، والخليج / السعودية وإيران بمعيار ثروة البترول. ونحن نعلم بارتباط كل من المركز التركي والإسرائيل عبر الأطلنطي بواشنطن. هكذا تبدو مصر من منظور جغرافي استراتيجي وقد نقص وزن موقعها بشدة، ومن منظور اقتصادي وقد تقلصت قيمة موضعها، وهكذا أصبحت بلاحول لها ولاقوة، لأنها فقدت القدره على الخيال والحلم لتشتري الموقع بالموضع كما فعل عبد الناصر واشترى بقناة السويس السد العالي فعوض بعض من خسارة الموقع ببعض القوة في الموضع. والأمر كذلك، يبدو أن اتجاهها أو انحيازها غربا نحو مركز القوة العظمى في واشنطن، يمكن فهمه في ضوء فقر الفكر وافتقاد الرؤية الاستراتيجية التي طالما مكنتها طوال تاريخها من اللعب على التوازن بين القوى العالمية والإقليمية. وأن هذا الاتجاه قد استلزم، أو بدأ بالانزلاق في التحالف بدلا من التوازن، وذلك بالاندفاع فيما وراء معاهدة السلام مع إسرائيل. وإن كان هذا هو الواقع الذي يجب أن نتعامل معه، شئنا أم أبينا، فأعتقد أن هذا لا يعني التسليم به أو الاستسلام له. فإن اللعب الذكي على التوازنات الإقليمية يستدعي "الاتزان في اللعب" وعدم وضع البيض كله في السلة الأمريكية، على الأقل بدءا من الآن، وقد فقدت أمريكا مكانتها كقوة عظمى وحيدة.
وعلى ذلك، فيمكننا أن نرى أن استعادة مصر لمكانها ومكانتها يكمن في المقاومة، وليس في الانحياز أو الانصياع، وهنا نجد، للدهشة والغرابة، أن جمال حمدان يستدرك قبل عشرين عاما تقريبا، بشدة وبسرعه حسب تعبيره، وصفة التعامل انكماش الدور المصري فيقرر بوضوح:
" ليس الموقف إذن، دعنا نستدرك بشدة وبسرعة، "نعيا" ولا "رثاء" لموقع مصر الجغرافي التاريخي، وإن كان فيه يقينا ما يدعو إلى الرثاء ولكن أكثر منه إلى الصمود والإصرار على مواجهته وتصحيحه إلى أقصى حد بوعي واقتدار. على أن العزاء الحقيقي أن الموقف برمته عابر مؤقت مهما طال، فهو موقوت بعمر البترول الخليجي، وبعده بتذبذب البندول مرة أخرى في الاتجاه الصحيح نحو الغرب مثلما فعل دائما. فمصر رغم كل شئ موقع خالد لايمكن أن يتجاهل أو يهمل أو يبلى."
مصر دولة مصرية...
قياسا على ماسبق وفي ضوء نتائجه، هل تعتبر مقولة القائلين بأن مصر خليجية، مقولة صحيحة؟ بالقطع لا، فمصر دولة مصرية، لآننا كما رأينا يمكن، استراتيجيا، أن ينقلب المركز طرفا والطرف مركزا، بحكم الثروة كما في حالة الخليج، وبحكم القوة والتكنولوجيا والقوى العظمى كما في حالة إسرائيل، ولكن تظل تلك العوامل من المتغيرات، لا الثوابت، التي تصنع التاريخ على المدى الطويل. فالبترول إلى زوال بحكم الطبيعة الفيزيولوجية للأرض، والقوة الإسرائيلية أيضا إلى زوال بحكم التاريخ فهي قسر له ضد مساره الطبيعي، خاصة بعد ثبوت زيف "تاريخانية" التوراة والتي تاسست عليها إسرائيل. تلك التاريخانية التي اشتراها العرب طويلا كما كتب المفكر المغاربي عبد الله العروي، وكما أثبتها أيضا علماء أنثروبولوجيا يهود.
وبحكم الجغرافيا فهي، إسرائيل، ضد المنطق الجغرافي في الأساس، وليس لها إلا التوسع لتحيا، ولهذا فهي لن تتخلى أبدا عن التوسع المستمر، ففي توقفها عن التوسع بداية نهايتها. هذه حقيقة تاريخية وجغرافية انطبقت وتنطبق على الإمبراطوريات بصفة عامة. إلا أن الإمبراطوريات المبنية على منطق الجغرافيا تحتمل التمدد والانكماش، ومصر خير دليل، فهي أبدية، مهما انكمشت بعد توسع، أو انحدرت بعد صعود، أما إسرائيل فهي كيان صناعي لايحتمل التوقف عن التوسع والعدوان. وإن كان ذلك هو حلمهم الصهيوني الذي نجحوا فيه، حتى الآن، بالعلم والتكنولوجيا والقوة العسكرية ضد ثوابت الجغرافيا والتاريخ، فإن العلم بطبيعته محايد، ومهمتنا أن نوقف تحيزه القسري بتخلفنا نحن، وتلك هي أولى خطوات مقاومة ذلك الانقلاب الجغرافي الاستراتيجي بالـ " الصمود والإصرار على مواجهته وتصحيحه إلى أقصى حد بوعي واقتدار"، كما يقول جمال حمدان.
إن القائلين بأن مصر خليجية، قد خانتهم الثقة بمصر الحضارية، قبل أن يتهاونوا في الكرامة الوطنية، فليست أول مرة لمصر تفقد فيها قوتها المتمثلة في تفاعل الموقع والموضع، وحتى لو احتلت مصر، فهي دائما مصر، فلم تتحول مصر إلى فرنسية مع نابليون، وكما حاولت فرنسا مع الجزائر، ولم تصبح مصر إنجليزية مع كرومر، رغم أن الهند كانت درة التاج االبريطاني، ولم تتحول مصر إلى شيوعية حتى في أقصى فترات اعتمادها واحتياجها للاتحاد السوفيتي في مقاومتها للمشروع الصهيو- أمريكي.
أن مصر تملك القدرة على الصمود والكرامة رغم أي شئ، وفي هذا يسبقنا كالعادة جمال حمدان حيث يقرر:
" فيما عدا الخطر الإسرائيلي إذا صفي، فإن مستقبل موقع مصر ليس المنافسة بقدر ما هو التكامل، بل ليس المنافسة بقدر ما هو التفوق.....والخلاصة النهائية؟ الحقيقة المؤكدة هي أن كل الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها موقع مصر عارضة ومفتعلة للاستعمار فيها دور كبير، وليست نابعة من المنطقة أو المنطق. وموقعنا في جوهره الباقي ليس أقل ضمانا أو رسوخا من موضعنا. وإنها لحقيقة حاسمة مثلما هي فأل حسن أننا ملكنا زمام كل منهما في وقت واحد حين "أممنا" النهر و القناة. والإثنان معا يؤكدان سلامة الأساس الطبيعي لبنائنا البشري رغم كل الشبهات والشكوك، وأن "كنانة الله"، "مصر المحروسة"، يمكنها أن تنطلق إلى مستقبلها وأهدافها مطمئنة إلى أنها سيدة نفسها ومالكة أمرها من يمين أو شمال بلا أدنى شك أو قلق، لأن ما كان أبوه التاريخ و أما الجغرافي فهو من صنع الطبيعة وصلبها." أما إسرائيل فأعتقد بالقياس أن أبوها انجلترا وأمها أمريكا!.
لست متأكدا أن على الدين هلال قد قرأ هذا لجمال حمدان، ثم كتب ماكتب!!،
أخيرا، من المفهوم والمعروف بالواقع، التزام مصر أو إلزامها بالتعاون على تحقيق الأهداف الجيوستراتيجية الأمريكية للسيطرة على أوراسيا بدءا من إيران بعد سقوط بغداد، ومحاولات تثبيت أقدامها في أفغانستان. ولكنى لا أعتقد أن مصر التاريخية مضطرة أن تذهب من أجل ذلك إلى حد المساس بكرامتها اليوم باستجداء انتمائها للخليج العربي لتصبح مصر دولة خليجية، أو إلى حد بيع شرفها غدا بالانطواء في ظل تل أبيب لتصبح مصر دولة عبرية، ليس من العبور في أكتوبر 73، ولكن بالانتماء لإسرائيل الدولة العبرية!، وذلك لنفس الأسباب والمبررات التي ساقها من ينادون بأنها دولة خليجية: الاقتصادية (الكويز)، والاستراتيجية (أمريكا)، هذا بالإضافة إلى التكامل الجغرافي الطبيعي لمصر وفلسطين (إسرائيل الآن).
إن مصر طوال تاريخها كانت، وستظل دولة مصرية.
أول مايو 2009
مصرنا ©