تحليل تخصصي أسلحة وذخيرة لواقعة الحرس الجمهوري
| |
صبحى | |
تحليل فنى بقلم : مسعد غنيم
........................................
اكتب هذا التحليل بصفتي مهندس متخصص في الأسلحة والذخيرة، وعملت بهذا التخصص لمدة تزيد عن ربع قرن في القوات المسلحة المصرية التي شرفت بالقتال في صفوفها لتحقيق نصر أكتوبر 1973.يقع مسكني بالضبط في تقاطع شارعي الطيران وخضر التوني بمدينة نصر بالقاهرة. وفي هذا التقاطع جرى جزء من واقعة الحرس الجمهوري فجر الإثنين 8 يوليو 2013، وجرت الأحداث كالتالي:
بعد صلاة الفجر وفي حوالي الساعة 4:10 صباحا صحوت من نومي على أصوات مزعجة ظننت مبدئيا أنها ألعاب نارية يقوم بها متظاهرو رابعة من المؤيدين للإخوان المسلمين والمرابطين في تقاطع رابعة العدوية منذ حوالي 10 أيام، في محاولة منهم للحفاظ على زخم التظاهرات التي ما برحوا يطوفون بها في شارع الطيران في طريقهم من تقاطع رابعة العدوية إلى مبنى الحرس الجمهوري في شارع العروبة (صلاح سالم) في مجموعات (100- 200 فرد) لإظهار القوة والتصميم، بالهتافات الزاعقة، لسكان المنطقة وربما لأنفسهم طبقا لمبادئ علم النفس.
سرعان ما اتضح لي أن الأمر ليس ألعاب نارية وإنما هي أصوات أسلحة نارية تدوي حول مسكني، ولم أجرؤ بالطبع على الخروج من البلكونه أو الإطلال من شباك لخطورة الموقف الواضحة. إستمرت أصوات الطلقات النارية بكثافة عالية من الساعة 4:10 وحتى الساعة 5:15 تقريباـ أي لمدة تزيد عن الساعة. ثم انخفض معدل إطلاق النيران بصورة ملحوظة حتى الساعة 6:00 تقريبا حيث بدأ المعدل يزيد بكثافة متوسطة ومنخفضة حتى الساعة 7:20 تقريبا. أي أن مراحل القتال استغرقت حوالي 3 ساعات، الأولى منها كان معدل النيران كثيفا، والثانية منخفضا والثالثة متوسطا ثم منخفضا، وكانت آخر طلقة سمعتها حوالي 10:20 صباحا.
صباح اليوم 9 يوليو 2013 خرجت إلى المنطقة لمعاينة آثار الأحداث ووجدت الآتي:
• مباشرة أمام البناية التي تضم مسكني وفي مجرى شارع الطيران وجدت آثار دماء كثيفة في 3 مواقع من الواضح أن ضحايها كانوا يستترون خلف السيارات الواقفة.
• في جدار البناية المجاورة لمسكني وهي من 12 طابقا، وجدت آثار طلقات نارية غالبا من سلاح آلي منتشرة في الجدار من الدور الثالث وحتى الدور العاشر تقريبا، ولحسن الحظ أن هذا الجدار مصمت وبه شباك واحد في كل دور. كما أبلغت إحدى ساكنات بنايتنا بتحطم زجاج شقتها في الدور التاسع بطلق ناري.
• قمت بدورة حول البناية وعاينت البنايات المحيطة والمطلة على شارع خضر التوني المتقاطع مع الطيران فوجدت آثار قليلة لطلقات نارية على ارتفاعات عالية ومنخفضة أيضا.
بالتحليل من واقع علم الاشتباك القتالي وعلم المقذوفات يمكن استنتاج الآتي:
1. أن ما جرى حول مسكني بعد فجر 8 يوليو كان قتالا بين جانبين مسلحين محترفين وذلك للأسباب التالية:
أن الاقتتال استمر 3 ساعات منها ساعة كثيفة النيران، ولو أن هناك وحدة عسكرية بقوة جماعة (10 أفراد) مع كل فرد بندقة آلية وخزنة واحدة (36 طلقة) وبفرض أنهم يواجهون متظاهرين عزل من السلاح فلن يستغرق الأمر منهم كقوة محترفة للقتال أكثر من 5 دقائق لكي يفرغوا من ذخيرتهم بالكامل (360 طلقة)، وباحتمال دقة إصابة 50% لكانوا قد أوقعوا أكثر من 150 ضحية في هذه المنطقة وحدها من تقاطع شارعي الطيران وخضر التوني. فما بالنا وأن القوة التي تحمي منشأة الحرس الجمهوري لن يقل عددها عن كتيبة واحدة (3 جماعات في كل فصيلة، وثلاث فصائل في كل سرية، وثلاث سرايا في كل كتيبة) أي بقوة نيران لا تقل عن 9720 طلقة لو أن كل جندي يحمل خزنة ذخيرة واحدة وهو أمر مستبعد قتاليا.
بما أن أصوات الطلقات استمرت 3 ساعات تقريبا، وكانت الخسائر الإجمالية للواقعة حوالي 51 ضحية فقط من واقع البيانات المنشورة حتى الآن رسميا، وحتى لو كانوا 100 ضحية، فهذه خسائر محدودة جدا تدل على أنه كان هناك طرفان مسلحان يتبادلان إطلاق النيران، وأن الطرفين كلاهما على درجة عالية من المهارة القتالية.
تدل آثار الطلقات على جدران البنايات وفي الأدوار العليا أنها أطلقت من سلاح آلي بزاوية مرتفعة جدا وهذا يرجح أنها كانت طلقات تحذيرية، لأنه من غير المعقول أن يوجه أي من الطرفين المحترفين أو حتى نصف المحترف بهذه الزاوية المرتفعة جدا. وبالتالي من المرجح أنها طلقات تحذيرية من القوات المسلحة وليس العكس بطبيعة المنطق.
الخلاصة:
أن ما جرى في تقاطع شارعي الطيران وخضر التوني بعد فجر الإثنين 8 يوليو 2013 كان اقتتالا بالأسلحة النارية بين جانبين محترفين وهذا يرجح صحة بيان القوات المسلحة بأنها كانت تدافع عن منشأة عسكرية ضد مهاجمين مسلحين بأسلحة نارية، ولا يرجح بيان الإخوان المسلمين بأن القوات المسلحة ضربت بالأسلحة النارية مصلين مسالمين عزل من السلاح.
مسعد غنيم
عميد مهندس وخبير أسلحة وذخيرة
9 يوليو 201