| | | | الشقراء تسأل
| | الشقراء تسأل | |
بقلم : مسعد غنيم ....................
الآنسة رانيا شقراء جميلة من جيل بناتي، فاجأتني بسؤال: هل هناك علاقة رمزية بين إحراق المجمع العلمي بميدان التحرير في منتصف شهر ديسمبر 2011 والصراع بين "الإسلاميين" و "العلمانيين"؟ لم يفاجأني سؤالها تماما لما أعرفه عن ذكائها رغم جمالها الذي يوحي بعكس ذلك طبقا للعرف السائد عن الشقراء الجميلة والغبية!، ولكن أدهشني عمق دلالات السؤال، فأحسست أن من يسألني هي مصر بعمقها الحضاري ممثلة في تلك الفتاة النابهة من جيل ثورة 25 يناير 2011 ، جيل المفاجآت التاريخية، وأحسست وكأنها هي نفسها كتاب وصف مصر يسألني لماذا أحرقوني، وكأنها إيزيس السمراء وقد صارت شقراء على ضوء المرجع المحترق باللهب الأصفر. عندما سألتني كنت بصدد كتابة هذا المقال عن كم الرموز والدلالات المشحونة في المشهد الذي شهدته مصر بعيد منتصف ديسمبر 2011، ممثلا في إحتراق كتاب "وصف مصر" في حريق دمر "المجمع العلمي" بمدخل أحد الشوارع الجانبية لميدان "التحرير" بالقاهرة والذي ينتهي في الجهة المقابلة بالجامع الأشهر عمر مكرم. فتح سؤال المصرية الشقراء أمامي دلالات ورموز أخرى لم أكن قد فكرت فيها بعد.
وجدت أن هذه الرموز تحاكي بغرابة ثلاث مثلثات من الدلالات تكاد تلخص جل عناصر المشهد الثوري في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011. تتمثل أضلاع المثلث الأول في مؤسسة تملك التنظيم والسلاح وهي المؤسسة العسكرية ممثلة في مجلسها العسكري، وتيار ديني من شقين أولهما تنظيم سياسي منظم وقديم ينسب نفسه للحركة الإصلاحية الدينية ممثلة في الإخوان المسلمين، وثانيهما تيار سلفي قديم أيضا ومتوطن في مصر المتدينة وحديث العهد بالسياسة، ثم قوة ثورية ممثلة في طليعة من الشباب نظمته وأطلقته قوة التواصل الرهيبة لتكنولوجيا الفضاء السيبرناطيقي (فيس بوك وتويتر)، وأبرز ما فيها التيار الليبرالي / العلماني.
المثلث الثاني هو الشق المادي من الحادثة المحزنة، ويتمثل أول أضلاعه في المجمع العلمي العريق الذي أنشأه نابليون بمطلع القرن التاسع عشر، إيذانا بالدخول في عصر الحداثة بالمفهوم الغربي، وإنطلاق عصر النهضة مع محمد علي وإنشاء الجيش المصري منذ ما يقرب من 200 سنة مع باقي مؤسسات الدولة المصرية الحديثة. تتمثل رمزية الضلع الثاني في جامع عمر مكرم الذي يقع في الجهة المقابلة للمجمع العلمي، ترتفع مئذنته منفردة في طرف الميدان، ويردد منها المؤذن خمس مرات في اليوم كشأن آلاف المآذن في القاهرة الفاطمية. وأخيرا يمثل ميدان التحرير نفسه الضلع الثالث للمثلث الثاني، مسجلا لذكرى التحرر من الإستعمار البريطاني على يد ثورة يوليو 1952 بقيادة جمال عبد الناصر وبقوة الجيش المصري الذي يشكل وربما وجه تلك الأحداث الدامية في الميدان.
المثلث الثالث يلخص دلالات هذين المثلثين في مفاهيم جوهرية تمثل الحرية والدين والعلم. وهي تتقابل وتتوازى مع دلالات ورموز الأضلاع الأخرى للمثلثلين الآخرين يمكن تمثيلها بالشكل البياني التالي:
كما يمكننا أن نعيد صياغة الشكل البياني السابق في ثلاث معاني أو معادلات خطية مباشرة كالآتي:
1. (دين / إسلام سياسي / جامع عمر مكرم) => قوى التيار الديني (إخوان وسطي / سلفي متشدد / أزهر جامع ووسطي، يجمعهم الحركة الإصلاحية التي بدأت بعد صدمة الحملة الفرنسية التي قاومها الأزهري عمر مكرم)
2. (حرية / الجيش / ميدان التحرير) => قوة الجيش (حررت مصر من الإحتلال الإنجليزي في يوليو 1952 وتصطدم الآن بثوار 25 يناير 2011 الذين حرروا مصر من الإستبداد، في نفس الميدان الذي سمته هي التحرير)
3. (علم / علماني ليبرالي / المجمع العلمي) => قوة الثورة (طليعة شبابية مسلحة بالتكنولوجيا التي هي من نتاج الحداثة أو العلمانية التي يمثلها المجمع العلمي)
الملاحظ أن هذه الرموز كلها تتداخل بشكل مثير للدهشة، فمن حيث الرمز الديني هنا فإن عمر مكرم المسمى الجامع على إسمه تخرج في الأزهر الشريف وقاوم الفرنسيين في ثورة القاهرة الثانية سنة 1800، وكان له دور في تولية محمد علي شؤون البلاد بعد إنسحاب الحملة الفرنسية، كما أنه عاصر بناء المجمع العلمي، أي أن الجامع يمثل إلى جانب رمزية الدين كلا من رمزية الثورة والتحرير والعلم. ومن نفس الأزهر وفي نفس الوقت إستشهد في هذه الأحداث الدامية الشيخ "عماد" أحد "شيوخ" إدارة الفتوى بالأزهر أمام المجمع العلمي المحترق برصاص ينكر الجيش إطلاقه!. هذا الرجل يمثل الأزهر ممثلا وسطية الدين الإسلامي فكرا ودعوة، رغم أنه كان يشارك الثوار هدفهم وفعلهم بصفة شخصية وبدون الزي الأزهري.
في هذا المشهد الفرعي لإستشهاد الشيخ عماد تتبلور نتيجة التفاعل داخل الوجه الديني لثورة 25 يناير، فقد تم إغتياله من قبل القوى المضادة للثورة أي للحرية، في ظل إنسحاب معلن وواضح من الممثلين الآخرين للتيار الديني من مساندة الثورة، وهما الإخوان والسلفيون! أي أن دلالة رمز الحرية مقابل الدين هنا يصب صبا في إتجاه تصفية الوسطية الدينية الرسمية لإفساح المجال لصالح البراجماتية الإخوانية والسلفية المتشددة من أجل الوصول للسلطة من خلال صناديق الإنتخاب تطبيقا للديموقراطية ولكن بدون إستكمال إشتراطاتها، فالديموقراطية أولا وأخيرا ليست هي الحرية.
ومن حيث رمزية التحرير، فإن الجيش المصري الذي سمى الميدان بإسمه، هو نفس الجيش الذي يقمع "الحرية"، ولأول مرة في تاريخه، في ممارسة العنف الدموي ضد شباب ثائرين، عنف سقط فيه 17 شهيدا للـحرية ومئات الجرحى حتى هذه اللحظة قرب نهاية ديسمبر 2011. لخص هذا المشهد الفرعي الثاني رحلة في الزمن بدءا من محمد علي مؤسس مصر الحديثة بمطلع القرن التاسع عشر، وفي مقدمة مؤسساتها الجيش المصري، على أسس الحداثة التي مثلها المجمع العلمي، ثم إضمحلال أسرة محمد علي وإحتلال الإنجليز لمصر عقب ثورة أحمد عرابي بنهاية القرن التاسع عشر، حتى قام جمال عبد الناصر بقوة الجيش بالثورة بمنتصف القرن العشرين، ليقوم نفس جيش ناصر للتحرير بنهاية 2011 بعد أن تحول إلى جيش آخر للقمع، فيصطدم بثورة 25 يناير التي قامت لتحرير الشعب المصري من إستبداد وإستخفاف فاق الحدود. هذا الإصطدام يظهر صراعا واضحا على السلطة، صراع بين شرعيات متداخلة ومتضاربة، فهنا شرعية الثورة وهناك شرعية القوة وبينهما شرعية صناديق إنتخاب على علاتها. في هذا الصراع لم تصادر فيه فقط حرية شباب الثورة بل أهدرت دماؤهم وعريت فيه أجساد نسائهم في مشهد تاريخي للعار صار أيقونة مصرية في الفضاء السيبرناطيقي.
ومن حيث رمزية العلم، فيكفي إحراق المجمع العلمي وإحتراق كتاب وصف مصر، هذا إضافة لتلك الخطبة الشهيرة لأحد قيادات الجماعات السلفية في إحتفالية بجامعة القاهرة في نفس توقيت إشتعال ميدان التحرير بالثورة فيما عرف بأحداث شارع القصر العيني ومجلس الوزراء. في تلك الخطبة ، ألقى أحد قادة السلفيين بتصريحات مفادها أن جامعة القاهرة أنشئت لتغيب وتحارب شريعة الله سبحانه وتعالى وأنها أنشئت لتنتج شباباً يقاومون شريعة الله ويرفضونها، متحديا بذلك كل المؤسسات الدينية المستنيرة، ومعلنا أن شريعة الله يداس عليها فى مصر بوجود هذه الجامعة. والدلالة هنا من حبكتها تكاد تكون من إخراج مخرج سينمائي ذو خيال خصب للغاية، إحراق المجمع العلمي على التوازي مع إهدار وهدم قيمة جامعة القاهرة، وسابقا جامعة فؤاد الأول حفيد محمد علي مؤسس مصر الحديثة .
تعيدنا هذه الرمزية وتلك الدلالات إلى سؤال الشقراء عن علاقة إحراق المجمع بالصراع بين الإسلاموية والعلمانية. وها أنا ذا أحاول الإجابة على سؤالها. لعل هذا الرمز هو صاحب أخطر دلالة في خضم كل هذه الدلالات والإشارات المعقدة، بل أزعم أنه يحتويها كلها من حيث كونه المنبع والأصل. فلقد إنطلق مشروع النهضة العربية الإسلامية على أثر صدمة حضارية تمثلت في هزيمة عسكرية أمام جيوش فرنسا العلمانية / الليبرالية بمطلع القرن التاسع عشر، وفي إنكشاف علمي ومعرفي أذهل الجبرتي حينذاك وإنتهى الأمر إلى إنشاء المجمع العلمي بميدان التحرير وبدء البعثات التعليمية من مصر محمد علي إلى فرنسا / أوروبا لتعلم أصول الحداثة.
منذ بدء عصر النهضة قبل 200 سنة، بدأ التمايز بين مشروعين للنهضة، الأول مشروع نهضوي منبهر بالحداثة الأوروبية بكل إنجازاتها العلمية ومعطياتها التطبيقية، ويعتبرالحداثة أساس النهضة ويمكن أن يأخذ من الدين الإسلامي (فقها وشريعة) ما يكمل به المشروع ليلائم المجتمع العربي الإسلامي، ومن أكثر رواد النهضة تمثيلا لهذا المشروع الدكتور (الشيخ الأزهري سابقا) طه حسين، وهو الذي تم رفع إسمه من قائمة أهم خريجي الأزهر عند الإحتفال بالعيد الألفي للأزهر بنهاية ثمانينيات القرن العشرين. والثاني مشروع ديني للنهضة يعتبر العودة إلى الأصول (القرآن والسنة) ونفض غبار سنين الجمود والتخلف وتوقف الإجتهاد عنها هو أساس النهضة أو الإحياء أو التجديد، وهو مشروع يرتطز على أن الإسلام بذاته مشروع حضاري متكامل للدنيا والدين، ولا يمنع ذلك من الإقتباس من منجزات الحداثة الغربية بعلومها وتطبيقاتها دون التعارض مع الإسلام فقها وشريعة، ولعل من أبرز أواخر رموزه هو الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة "الإخوان المسلمون" عام 1928، والتي تتأهب للحكم الآن.
مع تطور الزمن حدث الإستقطاب بين المشروعين بحيث إنتهى الأمر في أحيان كثيرة إلى التضاد والإنكار المتبادل. فقد إنقسم المشروع الحداثي إلى أطياف تتأرجح بين المصالحة مع الدين إلى أبعد ما يمكن وهو حد مخاصمة الدين بإعتباره معاديا للعلم ومعوقا للنهضة. وفي المقابل تقوقع مشروع النهضة الإحيائي الديني وتقلص إلى مجرد شكليات العبادة وفرعيات تتعلق بالزي والهيئة، وكان هذا التقوقع نتيجة الإصطدام بالسلطة الحاكمة التي منذ أن بدأت الدولة الحديثة بعد محمد علي وهي ذات شكل ومضمون مدني / ليبرالي، فتحول المشروع من نهضوي إحيائي إلى أصولي منغلق، وصل منه في نهاية الأمر تيارات إنتهجت العنف والقتل وتكفير المجتمع وسيلة "شرعية" ضد السلطة الحاكمة الليبرالية / العلمانية من أجل العودة إلى الأصول وتحقيق النهضة المنشودة، ولم تختف تلك الجماعات اليوم بل إن رموزها قفزت بقوة وغرور إلى قلب المشهد السياسي اليوم في أحجية تستدعى الإستفهام! رغم أنهم أعلنوا المراجعة ونبذ القتل والتكفير.
إذن فمشهد ميدان التحرير في تلك الأيام بمنتصف ديسمبر 2011 حيث المصادمات الدامية بين الجيش المصري وطلائع من الشعب المصري الثائر والذي أطاح بالطاغية مبارك، هو بمثابة كبسولة زمنية تاريخية تلخص وتركز فيها كل زمن وإجتهادات مشروع النهضة العربية الإسلامية الذي يقارب 200 سنة منذ تولى محمد علي وحتى خلع مبارك. في تلك الكبسولة تمثلت كل التيارات والإجتهادات السياسية والدينية، ولم يختلف المشهد كثيرا في نهايته عن بدايته، فما زال شباب مصر يناضل من أجل الحرية ضد الإستبداد المتأصل أو المتخفي وضد أشكال الإستعمار الحديث ووكيله الرسمي في المنطقة؛ إسرائيل. وما زال دعاة مشروع النهضة الحداثيون يحاولون الجمع أو الفصل! بين الأصالة والحداثة، ولعل مشروع الدكتور أحمد زويل هو في حد ذاته رمز لقوة دفع العلم والمعرفة كأساس لمشروع النهضة الذي تأخر كثيرا، ومن ناحية مقابلة يعود مشروع النهضة والإحياء الإسلامي بأطيافة الوسطية ممثلة في جماعة الإخوان والمتشددة ممثلة في "مولد" السلفيين، يعود ليتسلم السلطة لأول مرة منذ 200 سنة من بدء الدولة الحديثة.
هنا تكمن المفارقة الكبرى بين المشروعين من حيث الخلط بين مفاهيم الدين والحرية والعلم. فالمشروع الحداثي أو العلماني أو الليبرالي، سمه أيا ما شئت، تقدم من باب الحرية إلى الإنتخابات البرلمانية ليحقق النهضة المنشودة بمعايير العلم والمعرفة كما إستقر عليها الأمر في الغرب والشرق، وهو مشروع لا يعادي الدين ولا يقصيه بالضرورة، بل إن العلم في ذاته وفيما بعد الحداثة يقر بواقعية ولزوم دور الدين في حياة البشر. هذا بينما تقدم المشروع النهضوي ذو المرجعية الدينية الإسلامية تحديدا من نفس باب الحرية، الذي فتحه شباب الثورة بدمائهم وهم غير مؤدلجين وبلا مرجعيات محددة سواء دينية أو أيديولوجية. تقدم المشروع "الإسلامي" إلى الإنتخابات في إزدواجية مكشوفة تستخدم معيارين. المعيار الأول معلن إضطراريا طبقا لقانون الإنتخابات، وهو معيار ديموقراطي يحتكم لأصوات الناخبين، والثاني معيار ديني غير معلن رسميا وإن كانت دلالاته في الإعلانات تكاد تعمي البصر من شدة وضوحها! فتحول الإختيار الديموقراطي شكلا إلى إختيار عقائدي فعلا، وبذلك تم توظيف الفطرة الدينية لدى المصريين لصالح هدف سياسي، وضاعف من قوة هذا التوظيف عاملي الفقر والجهل الذي يغطي ما يقرب من نصف عددج الناخبين! والهدف هو تمرير مشروع ذا مرجعية دينية مستعد للإقتباس من العلم وتطبيقاته من خلال إنتخابات ذات مرجعية ديموقراطية علمانية!.
أي أننا نحن أمام صراع يبدو أنه سيطول، صراع بين مشروعين نهضويين أحدهما ذو مرجعية دينية تعلن أنها ستسخدم العلم، وقد وصل أصحاب المشروع أخيرا للسلطة التشريعية بالفعل ممثلة في مجلس الشعب، والآخر ذو مرجعية علمية معرفية تعلن أنها تحترم الدين وتتضمنه في المشروع، وقد حصل أصحاب المشروع على نصيب الأقلية في المجلس.
في إطار مثلث المفاهيم الذي عرضناه، نحن أمام صراع سياسي تحرر من الإستبداد المباركي (رمزه ميدان التحرير نفسه) بين أغلبية برلمانية كبيرة وهي "دينية المرجع"، (رمزها جامع عمر مكرم) وأقلية برلمانية قد تكون قوية وهي "علمية أو علمانية المرجع"، رمزها المجمع العلمي المحترق). مشهد معقد يفرض إشكالية قديمة مختلف عليها. فأصحاب المشروع النهضوي العلمي يقولون "ضمنا" بأن الحداثة الأوربية لم تحدث من داخل الدين المسيحي بل بالثورة عليه، وأصحاب المشروع "الإسلامي" يقولون "صراحة" أن الإسلام بذاته مشروع حضاري متكامل ولا مقارنه مع المسيحية.
من جانب جيوسياسي بغض النظر، وبغض النظر عن صراع الأشباه داخل السلة العربية الإسلامية، هناك سؤال تاريخي يفرض نفسه: بعيدا عن نظرية المؤامرة، وقراءة مباشرة للواقع التاريخي، ترى هل للتركيز الإستعماري على المنطقة، بكل أشكاله الكولينيالية والإستعمارية والحديثة، علاقة بإستمرار فشل مشروع النهضة العربية الإسلامية حتى الآن، مع فشل أول لمشروع نهضوي كبير لمحمد علي، ثم فشل لمشروع ثوري محدود لجمال عبد الناصر؟
بمعنى أوضح، هل يعزى سبب فشل مشروع النهضة العربية لإسلامية إلى "تخلف حضاري" ذاتي أيا كان السبب، أم لتدخل إستعماري وهيمنة إمبراطورية غربية؟ أم هو نتاج الإثنين معا؟ سؤال مطروح منذ قرنين ولم تتضح الإجابة عليه بعد!!
فهل يا ترى كان من قبيل الصدفة أن يصدر وعد بلفور بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين عام 1917 بنهاية الحرب العالمية الأولى ومع توقيت إنهيار الخلافة العثمانية "الإسلامية"؟
وهل من قبيل الصدفة أيضا أن تنشأ دولة إسرائيل بنهاية الحرب العالمية الثانية ومع بدء حركات التحرر العربية من الإستعمار؟ وبدء الحرب الباردة "الجيوإستراتيجية" بين الغرب الرأسمالي والشرق الشيوعي؟
أي، هل يعزى فشل المشروع النهضوي العربي برمته إلى العامل الجيوسياسي إضافة إلى القصور المحلي بكل تناقضاته غير المحلولة بين العلم والدين؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هو مقدار النجاح الذي يمكن واقعيا أن يحققه الربيع العربي الإسلامي؟....
أم أن الأمر لا يعدو مجرد بدء دورة تاريخية جديدة للمنطقة تحت رايات إسلامية الشكل بدلا من الليبرالية التي فشل مشروعها في تحقيق النهضة العربية رغم نجاحه المبهر في تحقيق أهداف مشروع الهيمنة الصهيو- أمريكي؟ وهل يؤول حكم "الإسلاميين" في النهاية إلى نفس النتيجة المحددة سلفا وهي مزيد من الفشل لمشروع النهضة العربية نتيجة طبيعة المشروع ذي التوجه الديني من حيث البعد عن روح العلم الحديث والإستغراق في العودة إلى شكليات الماضي دون روحه "العلمية"؟ وهل يؤدي هذا إلى مزيد من النجاح لمشروع الهيمنة الصهيوغربي وإستخدام المنطقة العربية بهدف محاصرة الدب الروسي وتعطيل نمو دب الباندا الصيني في صراع الهيمنة الكونية للإستحواذ على غرب آسيا وشرق أوروبا (أوراسيا)، تلك المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية العظمى، والغنية بالموارد أيضا؟!
آسف يا إبنتي رانيا، إنتهيت إلى طرح الأسئلة عليك بدلا من الإجابة على سؤالك، أم هل تكمن الإجابة في الأسئلة؟ .... ربما.
25 ديسمبر 2011
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|