مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 أسوأ تبديد للثروة فى مصر
...............................................................

 

رشدى سعيد

 

بقلم :  مسعد غنيم
.....................


د. رشدي سعيد صاحب الكتاب المرجع "نهر النيل" الذي نشر في عام 2001، كان قد كرمه الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر فى عام ١٩٦٢، حيث سلمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، وليس هناك مايفيد بأي تكريم آخر بعد عبد الناصر، اهتماما ومعرفة بالأهمية الاستراتيجية للنيل في وجود مصر، ومعرفة بقدر الرجل وعلمه.

في حديثة لجريدة المصري اليوم في ٢٥/ ٥/ ٢٠١٠ قال بالحرف: "لابد أن يكون لدينا على السواحل محطات لتحلية مياه البحر بحيث يقدر أن يعيش عليها الناس وتقدر تعمل امتدادات خارج مصر.. فهتروح فين مفيش غير السواحل وإنت الآن بعت السواحل للسياح فى البحر الأحمر وللبشوات بتوع مصر فى البحر المتوسط فى غرب الإسكندرية.. وهذا أسوأ تبديد للثروة فى مصر.” ويبدو أن هذه الجملة الأخيرة لم تسترعي انتباها كافيا لدى جريدة المصري اليوم، أو أن الجريدة اختارت، لأسباب أو لأخرى، أن تكتفي بها في نص وسياق التحيق المنشور دون تصعيد أو تركيز لهذا المعنى الخطير على مستوى عنوان التحقيق أو حتى العنوان الفرعي.

وأعتقد أن تلك الجملة هي خبر مهم جدا وقد يكون الأهم في هذا التحقيق لأنها تشخص الداء وتشير إلى الدواء في آن واحد، ليس أي داء، وإنما هو منتهى كل الداءات التي قد تصيب أي أمة، أن تفقد ثروتها. ومن المنطقي هنا أن نستنتج أن فقدان الثروة المادية قد سبقه تبديد للثروة البشرية المتمثلة في العقول والخبرات ونتاجها من الأفكار على السواء (ورشدي سعيد نفسه أحد الأمثلة أو أحد الضحايا!)، وأن فقدان قيمة الثروة البشرية لابد وأن يسبقه بالضرورة فقدان أو تهميش أو سحق القيم البناءة للطبقة المتوسطة حاملة القيم، وإحلالها بقيم الفساد والإفساد كما هو ظاهر لكل ذي عينين ولكل ذي بصيرة. تلك العلاقة بين تبديد الثروة البشرية وغيرها من البلاءات، شرحها الأستاذ محمد عبد الحكم دياب بعمق في مقاله بمصرنا بعنوان "مصر: استهانة السلطة بالثروة البشرية سبب كل بلاء".

ليس هناك جديد أو مفاجأة في أن ليس هناك ما هو أخطر من موضوع نهر النيل على وجود مصر ذاتها، حتى خطر الهجوم النووي، لأنه يمكن التعافي منه ولو بعد حين، أما النيل فهو ببساطة مخيفة مسألة حياة أو موت. لهذا فإن الاهتمام الأقصى بمشكلة إحياء ملف توزيع مياة نهر النيل، أيا كانت أسبابه المعلومة أو الخفية، هو أمر لايحتاج لتبرير أو تأكيد. بل إن أي تناول لهذا الموضوع دون المستوى الاستراتيجي الأعلى، من الدولة أو المثقفين، لايمكن قبوله أو فهمه إلا في إطارين أولهما الجهل الشديد والثاني الخيانة العظمى، وللأسف الشديد فقد سمعنا تبريرات منسوبة لمسئولين مصريين تخفف من أهمية الموضوع. إن ألف باء الإدارة الاستراتيجية تقول بأنه لايمكن أن تكون هناك مبالغة أبدا في تناول الموضوعات الوجودية!

نشرت تفسيرات لزيارة الرئيس مبارك لإيطاليا تقول بأنه يلتمس تنسيقا استراتيجيا مع إيطاليا باعتبار خبرتها التاريخية بمستعمرتها السابقة وهي إثيوبيا التي يأتي منها أكثر من 80% من مياة النيل. إذا كان ذلك صحيحا، فإنه يدل على أن رئاسة الدولة وأجهزتها الأمنية الأعلى تدرك خطورة الأمر وتديره على أعلى مستوى وبسرعة كبيرة، الآن فقط!، وأقول الآن فقط لأنه ليس لدينا معلومات تفيد أو تشير إلى أي استباق أو تخطيط لإدارة هذه الأزمة الوجودية، بل إن الانطباع الأقرب لنا كناس في الشارع هو عشوائية تلك الإدارة وغيبوبتها التي أفاقت منها متأخرة جدا كما هو واضح من التناول، فمبارك أو أي مسئول آخر لم يقم بخطوة إيطاليا أو مثيلها قبل توقيع اتفاق معظم دول الحوض (8 من أصل 10) وتفجر الأزمة، بل حتى الأزمة الصحية للرئيس لاتصلح تبريرا للتأخير، فما تأخر الرجل إلا بضعة أشهر، وأزمة بهذا الحجم وهذه الخطورة تأخذ سنينا لتصل إلى ما وصلت إليه!، ولا أعتقد أن القيادة العليا في مصر لاتستوعب مقولة الأستاذ هيكل بأن مسألتي النيل والأقباط هما فقط أخص مهام القيادة العليا. وبذلك تبقى هناك علامة استفهام كبيرة جدا بلا إجابة حتى الآن.

إن نهر النيل يمثل جوهر "موضع" مصر، الذي يتكامل مع "موقعها" بحسب تعبير جمال حمدان، ليصنع في النهاية عبقرية شخصية مصر التي نعرفها موقعا وموضعا، وفي "مصرنا" فإن هذا المحور يمثل أهم محور تناولناه أو نتناوله من زوايا مختلفة من حين لآخر، ولعل بعض مقالات أو أبحاث الأستاذ غريب المنسي في سلسلة ثقافة الهزيمة ما يؤيد ذلك.

ونعتقد أن ليس هناك دور لنا كمثقفين أهم من المشاركة في تلمس أسباب الخروج من هذه الأزمة الوجودية، وأن المقاربة العلمية هي المقاربة الوحيدة الممكنة، وأن المقاربة العلمية تعني منهجية التفكير والتنفيذ، أي الإدارة الاستراتيجية كما يستقر معناها في أدبيات الإدارة والاستراتيجية. ولما كنا كمثقفين لا نملك إلا أسباب المعرفة باب للمشاركة، فإننا نبدأ بوضع "أزمة توزيع مياة النيل على دول الحوض" باعتبارها السؤال الأساسي والمحرك الرئيسي لجهود المساهمة في الحل. ومساهمتنا كمثقفين يمكن أن تبدأ بنشر المعرفة، ولا أظن أن أحدا يختلف حول أهمية نشر الوعي والمعرفة بالمشكلة على كل أصحاب المصلحة وهم المصريون، كعنصر أساسي ومكون من مكونات حل المشكلة، ولنبدأ بكتاب د. رشدي سعيد "نهر النيل".

في مسار معرفي لموضوع كتاب نهر النيل للدكتور رشدي سعيد، لخص، مشكورا، موقع المعرفة http://www.marefa.org/index.php المعلومات الأساسية عن الكتاب وصاحبه كالتالي:

الموضوع الأساسي الذي يدور حوله هذا الكتاب هو مياه النيل، ويتكون من أربعة أجزاء يتناول الجزء الأول موضوع نشأة النهر وتطوره حتى اتخاذه شكله الحالي وهذا الجزء شديد التخصص حاول الكاتب فيه الكتابة بلغة سهلة على قدر المستطاع، وأعد موجزا لخص فيه نتائج هذا الجزء ليستطيع القارئ بعدها القفز مباشرة إلى الجزء الثاني إن رغب. ونتائج الجزء الأول مثيرة حقا فهي أن النيل بدأ في حصر خانقا عظيما منذ ستة ملايين سنة ولم يتم اتصاله بأفريقيا الاستوائية إلى منذ 800 ألف سنة مضت فقط وأن النيل الذي نراه اليوم هو نهر حديث ولد مع أمطار الفترة المطيرة التي أعقبت تراجع ثلوج العصر الجليدي الأخير منذ حوالي عشرة آلاف سنة، وقد قلت المياه التي يحملها النهر منذ أن انكمشت جبهة أمطار هذه الفترة منذ خمسة آلاف سنة حتى ليمكن القول أنه لولا عبقرية المهندس المصري القديم والحديث وجهد الفلاح المصري ما أمكن لمصر أن تكون لها هذه الكمية من المياه التي تصلها بل وربما ما وصل إليها النهر أصلا.

ويتعلق الجزء الثاني من الكتاب بهديرولوجية النهر وكمية المياه التي يحملها اليوم وتقلباتها وأسباب هذه التقلبات. ويتناول الجزء الثالث موضوع استخدامات مياه النيل منذ أن نزل الانسان على ضفاف النيل منذ مئات الآلاف من السنين وكيف استطاع الانسان أن يستغل بيئة النهر التي تغيرت عبر السنوات الطوال لتطوير معاشه متنقلا من الصيد مجمع النبات البري والدرنات وصيد الأسماك إلى الزراعة البدائية فالزراعة باستغلال ظاهرة الفيضان ثم بترويض النهر حتى تمام ضبطه بالكامل ببناء السد العالي.
ويعالج الجزء الرابع مستقبل استخدامات مياه النيل وموقف الاتفاقيات القائمة بين دول الحوض ومصادر المياه والأرض القابلة للزراعة المتاحة لهذه الدول وطريقة استخدامها في الوقت الحاضر وخطط استخدامها في المستقبل لكل دولة من دول الحوض.

أقسام الكتاب
الجزء الأول: نشأة وتطور نهر النيل
الجزء الثاني: هديرولوجية نهر النيل.
الجزء الثالث: استخدامات نهر النيل.
الجزء الرابع: مستقبل استخدامات نهر النيل.

كما لخص موقع "المعرفة" مشكورا أيضا، المعلومات الأساسية عن حوض النيل في موجز شامل ودال كالتالي:
النشأة•: الوادي • فيضان النيل • جبال القمر • فيضان النيل
الدول: حوض النيل • اوغندا • إثيوبيا • إرتريا • السودان • الكونغو د. • بوروندي • تنزانيا • رواندا • كنيا • مصر •
الروافد والفروع: اوغندا: سمليكي • كاگـِرا • إثيوپيا: النيل الأزرق • تكزه • اومو • السودان: النيل النوبي • النيل الأبيض • عطبرة • بحر العرب • الجبل • الغزال • الزراف • السوباط • نيل مصر: • فرع دمياط • فرع رشيد • الدلتا
البحيرات: فكتوريا • ابراهيم • ألبرت • إدوارد • شلالات مرتشيسون • تنگانيقا • تانا • توركانا • نو • ناصر • بحيرة قارون

السياسات والاتفاقيات:
بروتوكول روما 1891 • اتفاقية أديس أبابا 1902 • اتفاقية لندن 1906 • اتفاقية مياه النيل 1929 • اتفاقية تقاسم مياه النيل 1959 • ندوگو • وزارة الري المصرية • وزارة الري السودانية

الاتفاقيات القائمة
مصر • السودان • تنزانيا • إثيوپيا • اوغندا • كنيا • رواندا • بوروندي • الكونغو د. • إرتريا •

السياسات المائية
البنك الدولي • أمانة مبادرة حوض النيل • المجلس الوزاري لدول حوض النيل • اللجنة الاستشارية الفنية لدول حوض النيل

مبادرة حوض النيل
الشعوب والجماعات العرقية
تنزانيا: عرب زنزبار • بانتو • اوغندا: بوگندا • كاكوا • أتشولي • السودان: نوبيون • دنكا • دنكا نگوك • شيلوك • نوير • إثيوپيا: أمهرة • اورومو • تگراي • البحيرات العظمى: • هوتو • توتسي • فور • زغاوة • مساليت • النوبا • كنيا: مساي • مصر: بشارية • عبابدة • عرب •
حيوم النيل
تمساح النيل • أبو قردان • بلطي • ورد النيل • ڤيروس غرب النيل •
منشآت مائية ومشاريع استصلاح
إثيوپيا: • سد كرا دوبه • سد تكزه • سدود گلگل گيبه • سد بليسه • مصر: السد العالي • خزان أسوان • مشروع توشكى • السلام • المريوطية • الرياح الناصري • القناطر • الكباري • الشلالات • السودان: سد مروي • سد الرصيرص • مشروع الجزيرة • الكباري • الخزانات (جبل الأولياء • خشم القربة • سنار) • قناة جونگلي)
الثقافة: حاپي • نيلوس • فسيفساء النيل في پالسترينا • مقياس النيل • عروس النيل • أزرق نيلي • معركة النيل • اللغات النيلية.

المستكشفون والهيدرولوجيون: ماسون بك • ديڤيد لڤنگستون • أمين باشا • ريتشارد فرانسيس برتون • جون هاننگ سپيك • هنري مورتون ستانلي • هـ.إ. هرست • سميكة • رشدي سعيد • نجيب سعيد
كتب: موسوعة نهر النيل • الصليب والنيل - إثيوبيا ومصر والنيل • نهر النيل (لرشدي سعيد) مياه النيل وقناة جونگلي. وأضيف إلى قائمة تلك الكتب الكتاب الأشهر "شخصية مصر" للراحل جمال حمدان.

لعل هذه البداية المعرفية تكفي لأن نعرف المعلومات الأساسية عن الأزمة من العارفين بها، وذلك قبل أن نتناولها بالفهم أو التعليق كشعب، وهذا أقصى استطاعتنا، فالمفترض أن هناك مسئولون معنيون بالتحليل والحل، مسئولون لديهم ما يجب من انتماء لمصر، وما يدعم من علم ومعرفة بالأزمة، وما يكفي أو يتبقى من إخلاص لم يتلوث بتسونامي الفساد الذي ضرب في جسد مصر حتى مستوى البنية الجزيئية، ليستعيدوا قيم مصر أولا، ويطلقوا طاقات ثروتها البشرية ثانيا، فهي التي ستكون قادرة على إدارة أزمة نهر النيل وبالتالي استعادة ثروتها التي تبددت بالفساد والجهل كما أشار أستاذنا رشدي سعيد.....

....... أو هكذا نأمل، وإلا.....

25 مايو 2010


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية