مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 نموذج من ثقافة الفساد فى مصر: استراتيجية العــزة بالإثـــــم!
...............................................................

بقلم : مســـعد غنيم
....................

يمثل مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام (عبد المنعم سعيد) عينة مثالية لثقافة الفساد على مستوى الفكر الاستراتيجي في صحافة مصر، تطبيقا لما طرحه كاتبنا الجليل الأستاذ محمد دياب في مقاله عن ثقافة الفساد في مصر. ففي الوقت الذي يعترف فيه العالم؛ أقطابه الرأسمالية قبل أي طرف آخر بمدى جذرية الكارثة الاقتصادية العالمية وطبيعتها البنيوية، يطل علينا عبد المنعم سعيد من شاشة الجزيرة مباشر وعلى صفحات الجرائد بوجه بارد كالح، تماما كوجه بوش وبلير أثناء ترويج كذبهم قبل وأثناء وبعد غزو العراق، مؤكدا بتعجرف على تسيد هواة الرأسمالية في مصر على مقدرات الأمور مستشهدا بنسب مشاركة القطاع الخاص في الناتج القومي (بضع وثمانون بالمائة) وكأنه يؤكد انتصاره في معركة حربية!، ومتحديا بوقاحة تكشف حقيقة الوجه القبيح والمتوحش للرأسمالية في مركزها الأمريكي كأصل عاقل وفي طرفها المصري كهجين أخرق، وذلك بقوله بالحرف: " سموها رأسمالية متوحشة أو رأسمالية بدائية، فهذا لايغير من الواقع شيئا!"، قول لايجرؤ على القول به أعتى عتاة الجمهوريين الأصوليين!

يصدر خطاب العزة بالأثم هذا في غير موقعه وبدون مناسبة، ويسطح الأمر وكأنه صراع ساذج بين اشتراكية ورأسمالية في الوقت الذي نضج العالم فيه شرقا وغربا، حيث تراجع فوكوياما نفسه عن مقولته بنهاية التاريخ بانتصار الرأسمالية، وفي الوقت نفسه لم تنتفض روسيا أو الصين لتعلنا عودة الاشتراكية، وحتى ساركوزي أكبر منتقد لأمريكا في هذه الأزمة لم يقل بأكثر من العودة لأساسيات الرأسمالية حيث يرى أن ما حدث هو انحراف عنها، كما لم تعلن أمريكا نهاية الرأسمالية. هي إذن معركة يفتعلها مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في تكتيك ساذج بالهجوم كخير وسيلة للدفاع!

ينتهى سعيد في مقاله بالمصري اليوم في 12 أكتوبر 2008 بأن "مايجري الآن ليس خروجا عن الرأسمالية ولاهو عودة للاشتراكية، وإنما هو العلاج لقدرة الرأسمالية على وفرة الإنتاج"! فماذا يريد أن يقول؟ إنه ببساطة يريد أن ينقل عين القارئ وذهنه بعيدا عن المشهد الرئيسي لإنهيار النموذج الرأسمالي الحالي وإسقاطاته المحلية بسبب الممارسات اللاأخلاقية هنا وهناك، وأن يستحصر بدونة مناسبة وبدون داع من باب تحصيل الحاصل ولزوم ما لايلزم! لخيرات الرأسمالية وقدرتها الفائقة على إنتاج الوفرة مقابل القدرة الفائقة للاشتراكية على إنتاج الندرة!. لم يناقش أحد مايطرحه سعيد وهو لايجرؤ على مناقشة المطروح عالميا ورأسماليا بالتحديد، لما يلزم من فتح ملف الممارسات اللاأخلاقية للزواج الفاسد بين السلطة والمال في مصر، وبالقطع فهو لا يملك شجاعة المسئول الأمريكي الرفيع المستوى الذي اعتذر علنا عن سوء ممارسة الرأسمالية في أمريكا!

أي صورة تتكشف أمامنا هنا؟ الرجل في موقع فكري استراتيجي يحاول أن يصرف ذهن القارئ المصري عن مجريات المناقشة الموضوعية العلمية بالحيدة الأخلاقية لحقائق كارثة اقتصادية عالمية تمس لقمة عيشة مباشرة، إلى معارك وهمية لم يعد لها مكان في التاريخ أو السياسة أوالاقتصاد، فقط حتى لايضطر لفتح ملفات الفساد في مصر والتي تتفجر رغما عنه وعمن يمالئهم في سلسلة كوارث يروح ضحيتها ألاف المصريين غرقا وحرقا وفي حوداث الطرق التي ضاقت على أهلها بما رحبت أرض مصر، ويندثر على إثرها تراث تاريخي في مجلس الشورى والمسرح القومي المحترقين.

إن ألية الإدارة الاستراتيجية تعني التعامل مع الحقائق وتحليلها بواقعية للوصول إلى أفضل الحلول الممكنة، ولا دخل للإيديولوجيا فيها، أما الأهداف الاستراتيجية فهي تخضع للتوجهات الإيديولوجية، وحتى هذه فقد تعلم العالم الدرس من سقوط الشيوعية عندما تم أدلجة العلم فسقطت مقاربته المؤدلجة مع سقوط الشيوعية. أي أن المخطط الاستراتيجي الحقيقي لايضع أهدافا استراتيجية تحت تأثير الإيديولوجية فتفقد موضوعيتها وعلميتها فيخسر معركتة من بدايتها، وهذا ماتعلمه العالم من منهج العلم وصرامته؛ إن الممارسة الصحيحة للعلم تستدعى الأخلاق أولا وأخيرا، تماما مثلما قال آدم سميث بأن السوق كما عرَفه هو لايستقيم بدون أخلاق، وبمعنى أبسط فإنه لا يصح إلا الصحيح. فهل مايقول به سعيد يندرج تحت مظلة الفكر الاستراتيجي أو تطبيقاته العلمية؟ أو أن مايمارسه ومايقول به هو من باب الآخلاق؟ بالقطع لا؛ إذن ليس أمامنا إلا خيارين، فإما أن مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام العتيد يفهم معنى الإدارة الاستراتيجية ويستخدمها في ممالئة الفساد وممارسته، فهو فاسد أصيل، أو أنه لايفهم معنى الإدارة الاسترتيجية أصلا، فهو جاهل غبي، وهنا نأتي إلى أصل الابتلاء بالفساد الذي يصعد أمثال تلك النماذج الفاسدة خلقا إلى تلك المواقع البراقة الإسم والمعنى، فلو كان عالما بحق لساقه علمه إلى الخلق القويم، ولو كان ذا خلق لهداه خلقه إلى العلم الصحيح.


19 أكتوبر 2008
mosaadg@hotmail.com
 

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية