الامم المتحدة مشروع فاشل جدا
...............................................................
| |
بطرس غالى | |
بقلم : غريب المنسى
........................
فى مذكراتها - المدام الوزيرة - اعترفت السيدة مادلين اولبرايت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة بأنها - عندما كانت سفيرة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة -كانت هى شخصيا خلف الحملة الامريكية المكثفة والمنظمة لخلع الدكتور بطرس غالى من منصب الامين العام للامم المتحدة وعدم التجديد له فترة ثانية... ولكن الذى لم تذكره السيدة اولبرايت أنها استغلت هذه الحملة لغرض شخصى ولبناء مستقبلها الدبلوماسى فبعد أن نجحت فى مسعاها وأقنعت ادارة كلينتون بضرورة ازاحة الدكتور بطرس وتعيين شخصية أقل عنادا -أو أقل علما منه - اذا ماأرادت الولايات المتحدة أن تسيطر على هذه المنظمة الدولية .. فهذا المصرى -على حد تعبيرها - صعب وعنيد وفاهم سياسة من الطرازالاول.
وحتى تتجنب الولايات المتحدة أى رد فعل سلبى من الدكتورغالى فقد كان الاتفاق على أن يخرج من منصبه خروج مشرف وأن يتولى منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للفرانكفونية بباريس - وفعلا نجحت اولبرايت و كانت جائزتها حقيبة وزارة الخارجية الامريكيه.
وأيضا كان مطلوب من السيدة اولبرايت أن تأتى ببديل للدكتورغالى ..فلم تتردد فى ترشيح السيد كوفى أنان لهذا المنصب الرفيع فهو أيضا على حد تعبيرها هادى وفيه كل المواصفات المطلوبه منها على سبيل المثال أنه أفريقى دارس بالولايات المتحدة وأيضا موظف من الطرازالاول - فلقد ارتقى السيد أنان السلم الوظيفى فى الامم المتحدة من أوله - وكان مطيعا ولم يسمع له رأى مخالف لرؤساؤه طوال فترة خدمته التى زادت عن ثلاثين عاما.
الفرق بين غالى وأنان كبير.. فالاول أستاذ جامعى سابق درس ودرس سياسة دولية ووزير سابق ودبلوماسى رفيع المستوى وكاتب متميز وله رأى واضح وثابت فى شئون العالم وشئون القارة الافريقية ويعلم جيدا ماهو دور الامين العام وجاهز للتنفيذ ... والثانى موظف دولى يرى العالم فقط من خلال المهام التى كلف بها من قبل رؤساؤه فى الامم المتحدة فلقد كان وكيلا للأمين العام لشؤون عمليات حفظ السلام .. هذا بكل تأكيد لاينفى كفاءة السيد أنان ... ولكن يتفاوت الاشخاص بكل تأكيد فى القدرات !! .. ولقد كانت قدراته هذه هى القدرات المفضلة لدى الولايات المتحدة عند تعيينه وعند قبوله المنصب .. فالولايات المتحدة تريد الهيمنه على الامم المتحدة لتنفيذ خطط سابقة الاعداد .. فلذلك كان من المفضل أن يكون السكرتير العام من الشخصيات التى يسمونها تأدبا شخصيات دبلوماسيه.
نجح السيد أنان بأسلوبه الدبلوماسى هذا فى الفوز بفترتين فى قيادة الامم المتحدة فى أخطرمرحلة تاريخية فلقد تعرض العالم فى خلال العقد الاخير لتغيرات كثيرة لم نسمع منه أى رأى معارض بل كانت كل تصريحاته من النوع الزئبقى الذى يحتاج الى شرح .. وكان كلاعب السيرك الذى يسيرعلى حبل وأى خطاء سيكون من نتيجته الطرد من المنصب .. والمرة الوحيدة التى أعلن فيها رأيه ضد حرب العراق فتحت له ملفات ابنه وعرف العالم أن لسيادته ولد من النوع الحرامى بل لقد تفرغ سينتورأمريكى مغمور نسبيا - نورم كولمن - فى مهاجمة السيد أنان وأبنه ليل نهار حتى يكسب شعبية سياسية رخصية على حساب الموقف مطالبا اياه بالاستقالة.
عانت القارة الافريقية - والعالم النامى - فى عهده وستعانى بعدة كما عانت قبله من مشاكل كثيرة لم يستطع أن يفعل أى شىء بصددها - لاهو ولا غيره - لان يديه مقيدتان .. فالايدز والفقر والحروب والقتل الجماعى ودافور والصومال مازالت قائمه ... وأخيرا بعدما تأكد من أنه ذاهب الى المعاش صرح بشجاعة غير معهوده عنه وعرفنا رأى السيد أنان فى الولايات المتحدة والعالم بصراحة على غرار- كتر من الفضايح ما انا سايبها ورايح - وهذا يؤكد أنه ديبلوماسى من النوع الاول.
فى الوقت الضائع - أقصد الشهر الاخير - من نهاية خدمته خطب السيد أنان عدد من الخطب العصماء على طريقة وقد أعذر من أنذر وسبل عينيه وكان صريحا .. وكانت كلها تدور حول معنى واحد وان اختلفت نبرات صوته وحركات يديه ولون بدلته !! وكان أهمها هى خطبته فى مكتبة هارى تورمان الرئيس الامريكى الذى كان من المؤيدين والجادين فى تأسيس الامم المتحدة والذى قال أن مسؤلية الدول العظمى هى خدمة وليس التحكم فى المجتمع الدولى .. ركز السيد أنان على خمسة نقاط اعتبرها هى الاساس فى مستقبل هذه الهيئه العالمية وهى المسؤلية الجماعية والاتحاد الدولى والقانونية الدولية والمساواة والمسؤلية فى تبادل المسؤليات والنقاش المتعدد الجنسيات وكانت الرسالة ومفهومها تتجنب الاشارة الى الادارة الامريكية الحالية وبالتحديد جورج دبليو بوش والاشادة بهارى تورمان. وكان رد الادارة الامريكية على رسالة أنان مقتضبا للغاية فقد قال المتحدث الصحفى للبيت الابيض - تونى سنو - أن السيد عنان حر فى رأيه مثل أى ا نسان آخر.
بقى أن نعرف أن الامين العام الجديد الكوري الجنوبي بان كيمون والمختار بعناية من الولايات المتحدة لن يكون أكثر فاعلية من سابقيه الا فى حالة واحدة وهى اذا رفعت الولايات المتحدة يديها عن السيطرة والهيمنة على الامم المتحدة.
............................
ملخص سريع للامناء السابقون للامم المتحدة
الأمناء العامون السابقون للسيد أنان هم بطرس بطرس غالى، من مصر، الذي شغل ذلك المنصب من عام 1992 إلى عام 1996؛ وخافيير بيريز دي كوييار، من بيرو، الذي استمر في منصبه من عام 1982 إلى عام 1991؛ وكورت فالدهايم، من النمسا، الذي شغل منصبه من عام 1972 إلى عـــام 1981؛ ويوثانت، من بورما (ميانمار حاليا)، الذي استمرت مدة خدمته من عام 1961 إلى عام 1971؛ وداغ همرشولد، من السويد، الذي شغل المنصب من عام 1953 حتى وفاته في حادث تحطم طائرة في أفريقيا في عام 1961؛ وتريغف لي، من النرويج، الذي استمر في الخدمة من عام 1945 إلى عام 1953.