جولدا
...............................................................
| |
غلاف الكتاب | |
بقلم : غريب المنسى
......................
ظهر حديثا كتاب عن جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل السابقة للكاتبة الأمريكية Elinor Burkett وهو تخليد لهذه الشخصية العصامية التى تعتبر من مؤسسى الدولة العبرية . فقصة حياة السيدة جولدا قصة شيقة ومثيرة وتستحق القراءة ولاسيما أنها تعتبر امراة محاربة منذ نعومة أظافرها فى روسيا مرورا بالولايات المتحدة فى صباها , وانتهاء بشقة متواضعة فى تل أبيب قبل تأسيس دولة اسرائيل. وعندما يذكر أى مؤرخ قصة حياة جولدا لابد أن يستعرض الأوضاع العربية فى تلك الفترة والتى تبدأ بفكرة المشروع الصهيونى فى أرض الميعاد مرورا بحرب 48 و56 و76 وحرب الاستنزاف المصرية وأخيرا حرب 73 والتى بدأت وانتهت عندما كانت جولدا هى بالفعل رئيسة وزراء اسرائيل وفى نهاية حياتها السياسية والطبيعية فلقد كانت تيلغ من العمر 77 سنة .
وتؤكد الكاتبة مرة أخرى فى هذا الكتاب أن أشرف مروان والذى كان اسمه الحركى فى دائرة المخابرات الاسرائيلية " زوج الابنه "in law " كان عميلا للموساد وهو الذى أخبرهم بالهجوم المصرى فى حرب 73 . فلقد أخبرهم مروان فى نهاية شهر سبتمبر أن الهجوم المصرى وشيك وفى ليلة 6 أكتوبر وصل الخبر لجولدا الساعة الثالثة فجرا - من مدير الموساد من لندن حيث ذهب للقاء أشرف مروان هناك - عن نية المصريين فى العبور فى غضون الساعات القادمة وأن التحركات المصرية غرب القناة ليست مناورة عسكرية روتينية كما توقع الاسرائيليون ولكنها خطة عبور متكاملة بالتنسيق مع الجيش السورى الذى كان فعلا قد بدأ بتعزيز القوات فى جبهة الجولان ولكن لم تستفيد اسرائيل من هذه المعلومات لعدة أسباب منها ثقة ديان فى نفسه الزائده والتى أعمته عن الواقع فهو لم يكن مقتنع بقيام قائمة للجيش المصرى مرة أخرى , وأيضا الانشقاق وعدم التناسق بين ديان وديفيد اليعازر رئيس أركانه فكل من الرجلين على النقيض تماما فى كل شىء , وأيضا تبسيط مدير المخابرات العسكرية الاسرائيلية للتحركات المصرية والسورية على الجبهتين ووصفها بأنها غير جدية فهى مناورات عادية فى تقديره , هذا بالاضافة الى أن المصريون كانوا قد كلفوا اسرائيل 35 مليون دولار منذ عدة شهور مضت فى عملية الاستدعاء الشامل للقوات الاسرائيلية فى مناورة مصرية شاملة والتى كانت خدعة مصرية .. فعملية استدعاء الاحتياطى التعبوى مكلفة لميزانية الدولة العبرية وبالذات فى يوم عيد الغفران.
وعندما يتردد اسم أشرف مروان فى أكثر من رواية اسرائيلية رسمية وبوصف دقيق لاتصالاته بالموساد فهذه عملية تدعوا للتعجب قليلا لأنه من ضمن ابجديات مهنة التجسس هو عدم الافصاح عن أسماء الشخصيات التى تتعامل مع هذه الأجهزة لاعتبارات أمنية واجتماعية.. فلماذا سربت المخابرات الاسرائيلية اسم أشرف مروان وفى حياته كاسرة بكل القوانين العرفية والاخلاقية عرض الحائط ؟ وهل كان مروان عميلا مزدوجا أم عميلا فقط ؟ واذا كان عميلا مزدوجا ماهى المعلومات الخطيرة التى حصل عليها للمصريين ؟ وهل يعقل أن يكون هناك عميلا مزدوجا يبلغ جهاز المخابرات المعادى بمعلومات دقيقة عن توقيت الحرب ؟ معلوماتى أن العميل المزدوج يعطى العدو معلومات عامة وليست دقيقة وهى فى حالتنا هذه موعد بداية حرب أكتوبر 73 .
وطريقة موت أشرف مروان الغامضة تؤكد أنه على مايبدوا لم يكن هو العميل المزدوج الوحيد للموساد فى مصر فى تلك الفترة ولكن هناك شخصيات أخرى هامة ركبت مركب التجسس تحت مسمى "عميل مزدوج " وهى صفة تعطى حاملها كارت وطنى ومخرج صالح لكل الظروف والأحوال ولكن من هى تلك الشخصيات ياترى ؟ هل هى نفس الشخصيات التى ألقت به من بلكونة شقته فى لندن حتى تخرسه بعدما بدأ مروان يخطط لحرب انتقامية من هذه الشخصيات بعد كشفه من الموساد ولسان حاله يقول كلنا فى الهوى سوا !! ربما .. ولكن الوقت لم يساعده للاسف الشديد.
وأشرف مروان كان شخصية غامضة فهو أولا وأخيرا تسلق السلم الاجتماعى بزواجه كريمة الرئيس عبد الناصر وبالتالى احترمه الموساد ودفعوا له ملايين من الدولارات فى مقابل خدمات مشبوهة بررها لنا كتاب تاريخنا بأنه كان عميل مزدوج !! وللخروج من هذه الأزمة لابد من رمى أكثر من شخصية مصرية موجوده حاليا من البلكونات أو فى بالوعات المجارى لأن المؤرخين فى الغرب آجلا أم عاجلا سيأتون بهذه الأسماء وعندئذ سيظهر المستور وتنكشف اسرار ضعاف النفوس الذين لبسوا ثوب الوطنية وهم فى الواقع مزدوجين نفسيا. ولابد أيضا من فتح هذا الملف مرة أخرى لنعرف من هو هذا المسئول المصرى فى جهاز المخابرات المصرية الذى كان يلقن أشرف مروان المعلومات المضللة للعدو والذى قد يكون بطلا قوميا ينبغى أن نكرم عمله وتضحياته.
الطريف فى كتاب جولدا هو أنها كانت جميلة فى شبابها ولكن لم يراها العرب الا فى شيخوختها .
مصرنا ©