فى وسط العاصفة : مذكرات جورج تينت .. الجزء الثانى
...............................................................
| |
جورج تينت | |
بقلم : غريب المنسى
.......................
فى خطاب وداعه - قبل التقاعد - لزملائه وجموع العاملين فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية توجه جورج تينت فى نهاية الخطاب ناحية ابنه الوحيد مايكل وقال .. أعدك يابنى أن أكون أبا ممتازا من الأن فصاعدا وانهار باكيا.
مالذى أبكى الرجل الذى يعرف خطوات أى انسان على سطح الكرة الأرضية.. والذى كان يهابه كل الحكام العرب ؟ هل هو بكى لتركه المنصب مضطرا بعدما تناولته الصحافة بالهجوم ؟ أم لأنه فقدالسلطه ؟ أم على فراق زملائه فى الوكالة ؟ أم لأنه اشتاق لأسرته ؟.. فعمل المخابرات متواصل ولاوقت للأسرة .. أم هو بكى على ليلاه؟
من الواضح من مذكرات جورج تينت أنه فعلا بكى على ليلاه .. لأن حرب العراق .. وبقدرة قادرتحمل هو بعض من وزرها لأنه - على حد تعبير الصحافة - هو الرجل الذى قال لجورج بوش أنها معركة مضمونة النتائج.
ولقد أوضح الرجل فى مذكراته بما لايدع مجالا للشك أن قرار حرب العراق قد أتخد بعد فترة قصيرة من أحداث سبتمبر .. وأنه قام بعمله على أتم وجه ولم يسعى وأيضا لم يسخر المعلومات المتاحة لديه لخدمة فكرة غزو العراق .. فلقد نصح الرئيس مرارا وتكراربأن حصول العراق على أسلحة دمار شامل أمرغير أكيد.
يقول جورج تينت أنه فى يوم الثانى عشر من سبتمبر سنة ألفين وواحد ..بعد يوم واحد من أحداث سبتمبر كان هناك اجتماع فى البيت الأبيض وانه ذهب لهذا الاجتماع ... وتصادف دخوله مع خروج ريتشارد بيرل من البيت الابيض ..هذا الرجل - رتشارد بيرل - الذى أعتقد أنه رجل غامض وغير معروف على الاطلاق .. ولكنه .. صدق أولا تصدق هو المسؤل رقم واحد عن اقناع الادارة الامريكية وجورج بوش بضرورة غزو العراق .. وقد كان له ماأراد !! واختفى عن الانظار وترك العالم كله يشير بأصابع الاتهام الى جورج تينت تارة أو كولن باول تارة أخرى وغيرهم من مشاهير الادارة الامريكية.
من هو ريتشارد بيرل ؟ ومن هم أصدقائه فى الادارة الامريكية ؟ ولماذا كانت نصيحته مسموعة ؟ ولماذا اختفى وترك العالم على سطح من الحديد الساخن ؟
ريتشارد بيرل يهودى امريكى من نيويورك .. عمل مساعد وزير الدفاع فى عهد ريجان وبعد ذلك ترأس المجلس الاستشارى للجنة السياسات العسكرية .. وهو مجلس فيدرالى مهمته تقديم النصائح الاستراتيجية لوزير الدفاع ومساعدوه ومن هو فى مستواهم ...ومن هنا نجد الرابط المهم بين السيد بيرل والسيد بول ولفتز رئيس البنك الدولى الحالى ومساعد رامسفيلد عشية حرب العراق .
كل من الرجلين من المحافظين الجدد .. كل من الرجلين عضو فى عدة مؤسسات استراتيجية للفكر المحافظ وكل من الرجلين من مهتم بموضوعات الدفاع .. والأمن القومى .. والشرق الأوسط .
كل من الرجلين عضو فى مشروع أميركا والتحديات فى القرن الجديد .. بالأضافة الى انهم يهود ومن رأيهم أن تغيير خريطة الشرق الأوسط سيكون فى صالح اسرائيل وأمريكا على المدى الطويل .
ريتشارد بيرل يمكن وصفه ببساطه بأنه عراف ادارة بوش ..والرجل التى وجدت أفكاره ومقترحاته أذان صاغية وبالذات من نائب الرئيس ديك شينى ووزير الدفاع رامسفيلد .
نرجع لجورج تينت .. فمثله مثل كولن باول حاولوا أن يساعدوا الرئيس فى حدود تخصصهم وقدراتهم ..ولكن فى النهاية اتهمهم الأعلام بالتواطوء فى قرار حرب العراق .. فكولن باول هو من ألقى الخطاب الشهير فى الأمم المتحدة عشية الحرب ولعلكم تتذكرون أن جورج تينت كان يجلس خلفه مباشرة .. ومن الغريب ان كل من الرجلين لم يناقش قرار الحرب مع الرئيس... بل أنهم لم يكونوا من ضمن المقربين من دائرة صنع القرارعلى الاطلاق .
ولعلنا نتذكر أن الأمير بندر بن سلطان السفير السعودى السابق لدى الولايات المتحدة كان يعلم بقرارحرب العراق من الرئيس بوش قبل أن يعلم به كولن باول وزير خارجيته.
فى ملحق الصور فى كتاب السيد تينت صورتين الأولى له مع جلالة الملك حسين - رحمه الله - أطيب حاكم عربى والأخرى مع نجله جلالة الملك عبد الله ملك الأردن والذى اهداه السيجار الذى دخنه فى يومه الأخير فى وكالة المخابرات المركزية .
مذكرات جورج تينت أكدت ما ذكره بوب وود وورد وأكده تومى فرانك قائد القيادة المركزية السابق وأكده جيى جيرنر الحاكم الأمريكى للعراق عشية الغزو وأكده بول بيريمر خليفة جيى جيرنر.
ماأكده هؤلاء الرجال هو أن هذه الحرب لايمكن أن يتحمل مسؤليتها شخص واحد وأيضا هى حرب ناقصة كل أساسيات التخطيط الاستراتيجى والتكتيكى .. وهى حرب متعجلة .. وهى نتيجة أفكار شديدة التحفظ .. افكار نظرية بحته..لم تثبت بعد صلاحيتها على أرض الواقع... حتى لو كانت أفكار ريتشارد بيرل وشركاه .