جيش قطاع خاص جدا
...............................................................
| |
بلاك ووتر | |
بقلم :غريب المنسى
......................
بعد أحداث سبتمبر وبداية حمى الحرب على الارهاب فى الولايات المتحدة بدأ التكالب والتسابق والتنافس واتباع كل الطرق الواضحة والخفية بين شركات القطاع الخاص الأمريكية لبيع منتجاتها البوليسية والتجسسية للحكومة الأمريكية من ضمن هذه التكنولوجيا برامج كمبيوتر تستطيع أن تحدد البصمات لأى شخص فى لمح البصر وأخرى تحدد الأنسان من خلال حدقة العين وكاميرات خفية تقرأ الأفكار وغيرها الكثير والكثير من التكنولوجيا المركونة على أرفف الشركات التجارية والتى تتعارض مع قانون الحماية الشخصية لبيانات الأفراد الأمريكى.
كانت أحداث سبتمبر .. هى فرصة الكسب الكبيرة لهذه الشركات التى كانت تعانى من مشاكل مادية حادة.. والتى كانت منتجاتها كاسدة أو تكاد تكون ..وكانت فرصة التعاقد مع الحكومة الأمريكية هى الباب الواسع للنجاح المادى لأصحاب هذه الشركات ويحكى أن مبرمج كمبيوترهاوى كانت كل هوايته أن يجمع البيانات الشخصية للأفراد عن طريق مكاتب رخص القيادة قد تقدم بعرض للحكومة ..وكان برنامجه من النوع العملى والشيق .. الأمر الذى جعله ضيفا على الرئيس الأمريكى جورج بوش وفريق الأمن القومى ليعرض برنامجه عليهم .. وقد كان من أشد المعجبين به والمشجعين له .. ديك شينى نائب الرئيس !!.
كان هذا البرنامج يتفوق على كل البرامج المعروضة لأنه كان بمجرد وضع اسم شخص معين يرد عليك البرنامج بكل بيانات هذا الشخص الدقيقة جدا وصورته وأيضا بيانات الجيران المحيطون بهذا الشخص فى السكن وصورهم .. وبسرعة أقل من خمس ثوانى .. ويذكر أن مساعد مستشار الأمن القومى الأمريكى -ستيف هادلى - وحتى يجعل الاختبار له معنى أمام الرئيس ومساعدوه قد وضع بياناته الشخصية وقد كانت النتيجة مذهلة لأعضاء مجلس الأمن القومى وقد فاز هذا المجتهد بعقد مع وزارة الأمن الداخلى وضعه فى مرتبة الأثرياء بين ليلة وضحاها !!.
فى بلد رأسمالية كالولايات المتحدة التنافس على أشده بين الشركات والبقاء دائما للأجود .. وهذا مبدء متفق عليه.. ولكن أن تأتى قريحة رجل أعمال فى سبيل الكسب المادى أن يكون شركة هدفها امداد الحكومة الأمريكية بجيش متخصص جدا ويبدء من مستوى الفصيلة وحتى مستوى الفرقة.. ومزود بكل أنواع الأسلحة التقليدية والغير تقليدية .. أمر يلفت النظر قليلا !! فقد وضع الرجل قائمة بأسعار خدماته العسكرية وأيضا وجد من يدفع له السعر المطلوب لأنه ظهر فى الوقت المناسب وفى المكان المناسب والتقى بالناس المناسبين فى البيت الأبيض .. فسعر ايجار هذا الجيش متفاوت كأى سلعة.. فالسعرلكتيبة سيكون دورها دفاعى فقط يختلف عن سعر ايجار كتيبة سيكون دورها هجومى فقط... وأيضا اذا كان دور الكتيبة دفاعى وهجومى فالسعر أعلى وهكذا..... .
وبداية الحكاية أن رجل أعمال أمريكى يدعى ايرك برنس من عائلة جمهورية محافظه.. وكان عضوا فى القوات الخاصة للبحرية الامريكية قبل أن يتقاعد .. وتبلغ حصيلة ثروته مليار وسبعمائة مليون دولار قد أسس شركة محلية فى أواخر التسعينات لتدريب الأفراد على استخدام السلاح ...وبعد ذلك توسع ليدرب قوات الشرطة على وسائل حديثة لمقاومة الجريمة .. وبعد أحداث سبتمبر مثله مثل كل رجال الأعمال الباحثين عن الثراء من وراء الارهاب طور شركته لتكون أكبر شركة لتوريد جيش على أعلى مستوى من التقنية والتجهيز لمن يدفع الثمن المطلوب .
وكانت حرب أفغانستان والعراق هما بداية نجاح فكرته وحصوله على تعاقدات بمليارات الدولارات من الحكومة الأمريكية جعلته يضع قواته فى حاملات جنود مصفحة جدا .. لاتؤثر فيها حتى صواريخ الأر بى جى فى العراق .. وهذه الناقلات ليست موجودة ولا متوفرة للجيش الأمريكى النظامى الذى يعانى يوميا من الانفجارات التى تخترق حاملات الجنود.
أما أعضاء مجلس ادارة هذه الشركة واسمها بلاك ووترBlack Water – المياه السوداء – فكلهم ضباط سابقون فى القوات الخاصة للبحرية الأمريكية وهذه القوات هى خلاصة القوات الخاصة على مستوى العالم ويطلق عليهم النيفى سيل.. وأيضا أعضاء سابقون فى الحكومة الأمريكية ومنذ عهد ريجان ..أما صاحب الشركة فله اتصالات على أعلى مستوى بالادارة الأمريكية ساعدته بالفوز بنصيب الأسد فى عقود الحراسة فى العراق بدء بحماية الشخصيات الأمريكية فى المنطقة الخضراء.. وانتهاء بمقاومة جيش مقتدى الصدر.
تتفوق هذه القوات عن الجيش الأمريكى النظامى فى أنها تدار بعقلية تجارية بحته .. وبذلك تتلافى الروتين الموجود دائما فى الجيش النظامى فتسلسل القرار فى الجيش النظامى يخضع لقواعد معينة غير قابلة للجدل أو النقاش .. وبالتالى وقت اتخاذ القرار يكون أطول .. وأحيانا يكون قراراغير سليم .
وهنا لابد أن نتسأل : وبعد أن اتخذت حرب العراق منحنى مختلف .. هل هذه القوات قوات مرتزقة فقط ؟ أم هى قوات مرتزقة ولكن ورائها دافع أيدولجى ؟ وأيضا هل هذه القوات على المدى الطويل فى صالح الأمن القومى الأمريكى ؟ ولاسيما وأن مؤسسها مرتبط بفكر المحافظين الجدد والحزب الجمهورى وادارة بوش.. وهل هذا الجيش سيحترم معاهدة جينيف الخاصة بالحرب ومعاملة الأسرى؟
كل هذه الأسئلة أجاب عليها الصحفى الأمريكى جيرمى شاهيل والذى قضى فترة فى تغطية حرب العراق فى كتابه الرائع ظهور أقوى جيش مرتزقة فى العالم.