| | | | المشير والمدير
| | المشير | |
بقلم : غريب المنسى ......................
عناصر القوة فى الدولة الحديثه تتمثل فى القوة الناعمة – الدبلوماسيه- والقوة الصلدة – الجيش- يضاف اليها القوة المركزيه وهى مؤسسات الاستطلاع وتوجيه اتخاذ القرارات. ولاتستطيع القوة الناعمة أو الصلدة من العمل بنجاح بدون القوة المركزية لأن هذه القوة هى مصدر تحديد اتجاه الرياح السياسية والاقتصادية الاقليميه والدولية ولاغنى عنها أبدا , وحتى وان لم تكن ظاهرة فهى تعمل من خلف الستار . وفى الولايات المتحدة تكون قرارت الرئيس ومداولات الكونجرس واتجاهات الاعلام معتمدة بصورة ما أو بأخرى على نتائج وخلاصة توصيات القوة المركزية.
والقوة المركزية هى عدد محدود جدا من مراكز الابحاث الحكومية المكلفة بالتفكير العلمى لاستنباط حلول لمشاكل حالية أو مستقبلية كما يترأى لمفكرى هذه القوة , وهم لذلك فى حالة عمل متواصل على مدار الساعة ويقومون بعمل سيناريوهات مختلفه طول الوقت ويدعون أهل الثقة والخبرة للمشاركة فى هذه السيناريوهات للتوصل لحلول لمشاكل افتراضية من المتوقع أن تواجه متخد القرار الرسمى للدولة.
فمثلا هناك فى شهر يونيو من كل عام يكون هناك اجتماع سرى فى منتجع سرى لمجموعة من الشخصيات الموثوق فيها جدا , ولها ولاء مثبوت , وخدموا فى مواقع حساسة فى السابق , وتكون مدة الاجتماع الذى هو عبارة عن اسبوع منعزل عن العالم الخارجى هو تقسيمهم الى فريقين لمواجهة سيناريوهات معينة يلعب فيها فريق " الرجل الشهم" ضد فريق " الرجل الغير شهم" ليتوصلوا الى حلول وتصورات واقعية للمشاكل بعيدا عن النظريات الأكاديميه الصامته .. وقد يكون من ضمن هؤلاء الأشخاص رؤساء سابقون ورجال جيش ورؤساء وكالة المخابرات السابقون وأكاديميون .
أعضاء مراكز القوة المركزية فى الولايات المتحدة لابد لهم من اجتياز اجراءات أمنية على مستوى عال من الجدية والتدقيق وتشمل فحص لتاريخ العضو منذ يوم ولادته الى اللحظة الحالية وهى عملية فحص مستمرة ومرهقة ولامجال فيها للمجاملات فهؤلاء الأعضاء هم خلاصة الخلاصة.
الجهة الوحيدة فى مصر المؤهلة للعب دور القوة المركزية جنبا الى جنب مع القوة الصلدة هى القوات المسلحة المصرية لعدة أسباب مهمة منها أنها مؤسسة فوق مستوى شبهات الاختراق , فلو وكلت هذه المهمة لجهة مدنية ستكون احتمالات اختراقها بعناصر ليبرالية أو اسلامية مرتفعة وبالتالى ستنشأ فجوة بين مراكز القوى فى الدولة وسيكون القرار فى أعلى مستوى مخترق وغير هادف. وهذه هى المشكلة الأساسية التى وقع فى فخها جماعة الاخوان المسلمين عندما وصلوا للحكم , فهم أرادوا سواء عن عمد أو عن جهل العمل خارج الاطار المركزى للدولة بدون هرمونية مع مراكز القوة الحقيقية متصورين أن صناديق الاقتراع تعطيهم كل الحق فى الانفصال فى اتخاذ القرار بسذاجة تنم عن جهل عميق بكيفية ادارة الدول وبالذات الولايات المتحدة على اعتبارها أنها القوة العظمى التى تؤمن بالديموقراطية وحق الشعب فى اختيار من يحكمه.
ان اختيار الشعب لمن يحكمه قضية مختلفة تماما عن قضية استيعاب هذا الحاكم للدورة الادارية لعملية التنسيق بين المراكز المختلفة التى تساعده فى نهاية اليوم على اتخاذ قرار يصب فى مصلحة الدولة العليا بدون أى شبهه من شبهات الاختراق.
مشاكل مصر التنموية آجلا أم عاجلا ستصطدم مع قوانين ولوائح ونظريات العولمة , فضلا عن أنها أهداف ثابته مصيرية تصب مباشرة فى بؤرة الأمن القومى بكل مفاهيمه وبالتالى من هو الشخص المؤتمن لادارة هذه الملفات الشائكة بعيدا عن الانحياز لحزبه أو جماعته أو التأثر بمذهب ايدولوجى معين أو له علاقة غير معلنة مع مراكز اتخاذ القرارات فى دول أخرى ؟ من هو هذا الشخص الذى ستثق فيه مراكز القوة الصلدة والقوة الناعمة والقوة المركزية بدون سابق خبرة ملموسة ؟ ومن هو على الساحة الآن قادرا على الفوز بهذه الثقة لمواجهة هذه التحديات التنموية ؟
مثلا : تعمير سيناء وتطوير محور قناة السويس وتعمير الصحراء الغربية وتهيئة الأجواء أمام الاستثمار وخلق فرص عمل للشباب ومواجهة الاضطرابات الداخلية كلها قرارات على مستوى عال من سرية الدولة المصرية ولن تثق مراكز القوة فى أى شخص قادم من خارج مؤسسات القوة للاطلاع على هذه الملفات وادارتها خوفا من عمليات الاختراق بكل أشكاله وأنواعه الظاهر منها والباطن, قد تختلف معى بشدة ولكن هذا هو واقع الدولة المصرية هذا الواقع لم أصنعه من الخيال ولكنه قائم , وطالما أنه واقع فلابد من التعامل معه بقدر من الموضوعية , واذا اتفقنا على ذلك ستكون مشكلتنا هنا فقط فى قدرات الشخص المؤهل لمواجهة هكذا تحديات .
وتفهمنا لهذا الواقع يجعلنا أقرب الى الحقيقة , فلندع مؤسسات القوة تدفع بمن تراه محل ثقتها وهذا لايمنع أبدا من أن يمد هذا الرجل يداه لكل مخلص يريد أن يشاركه فى تحمل المسؤلية ومواجهة التحديات .
هناك نظريات فى الكتب جميلة ورنانة وهناك واقع ملىء بالتحديات , وبين الأمانى والواقع فرق كبير جدا , وبعيدا عن الحنجوريات الفارغة مرحبا بالمشير ونحن على ثقة أنه سيختار كل مدير .
لقد توصلت إلى قناعة مفادها أن السياسة أمر أكثر جدية من أن يُترك للسياسيين !! ..... شارل ديغول
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|