روسيا دولة مستقلة ذات سيادة
| |
بوتين | |
بقلم : غريب المنسى
......................
طبعا حبنا واعجابنا بروسيا لن يصل الى واحد فى المليون من حب "الدريتش أميس" أو "روبرت هانسون" الجواسيس الأمريكان الأيدولوجيين لصالح روسيا فى مرحلة مابعد الحرب الباردة فالرجلين حاليا يقضون حكم بالمؤبد فى سجون شديدة الحراسة , اعجابنا بروسيا دوافعه بسيطه وهى أن روسيا أكثر تعاطفا مع دول العالم الثالث وأقل تعجرفا وتدخلا فى الشؤون الداخلية لهذه الدول , فروسيا لن تطالبنا بتطبيق النموذج الروسى السياسى والاقتصادى والمجتمعى بالعافية ولن ترسل الينا لجان مراقبة لحقوق الانسان !! وروسيا أيضا قريبة الى طريقة تفكيرنا الشعبوية فمثلا عندما أرسلنا آخر سبوبة تحت مسمى " الوفد الشعبى" بعضوية الخرباوى ومصطفى بكرى أرسلت لنا روسيا أيضا وفدا شعبيا روسيا بعضوية كورتاييف اندرى وإيساف ليونيد !! كورتاييف منشق على الأخوان الشيوعيين وبنى شهرته من هذا الانشقاق, وايساف من كبار المطبلاتيه الروس منذ عهد جورباتشوف مرورا ببوريس يلتسن الى بوتين .
كل شىء قابل للبيع والشراء فى النظام الرأسمالى حتى أحدث النظم العسكرية الدفاعية والهجومية سواء كان البائع روسيا أو أمريكيا والقول بأن روسيا لن تعطينا أحدث الأسلحة خوفا من أمريكا واسرائيل كلام يشوبه عدم الصواب , فالولايات المتحدة تمنع عنا أحدث الأسلحة لأننا بالاساس نتسول المعونات العسكرية ولكن لو قدمت القيادة المصرية شيكا بخمسين مليار دولار للولايات المتحدة وطلبت شراء أحدث حاملات الطائرات الأمريكية " جورج بوش" لوافقت الحكومة الأمريكية على الفور , فكل شىء قابلا للبيع والشراء فى النظام الرأسمالى اذا توفر المبلغ المناسب.
وعندما تدخل الخمسين مليار دولارا الخزينة الأمريكية فسيقومون مرة أخرى ببناء حاملة طائرات أحدث من الحاملة التى باعوها لنا بنصف المبلغ والباقى لنعنشة اقتصادهم , وهكذا تدور عجلة تصنيع السلاح من أجل الربح فى النظام العالمى الجديد القائم , وروسيا لن تختلف كثيرا فهى على أتم الاستعداد لبيع أحدث الأنظمة الصاروخية لمن يدفع الثمن المناسب شريطة أن يلتزم ببعض الاجراءات الروتينية منها عدم الاعتداء على اسرائيل أو أيا من حلفاء الروس .
التقدم التكنولوجى عموما وفى صناعة السلاح خصوصا لايتوقف وماسنشتريه اليوم على أساس أنه الأحدث سيكون قديما فى العام المقبل وهكذا تنشط هذه الصناعة المربحة والتى تعتمد على الصراعات القائمة فى دول العالم الثالث والتسابق المحموم بين دول من المفترض أن تكون شقيقة , فمالذى يدعونا لشراء سلاح راقى جدا طالما اننا لن نستخدمه ضد اسرائيل ومالذى يمنعنا من استخدام هذه الأموال الطائلة فى تحسين مستوى معيشة مواطنينا ووضع خطط تنمية حقيقية ؟ والاجابة هنا أننا محكومين بعقلية خائفة مؤمنة بأن القوة العسكرية أهم من تنمية القوة البشرية وهذه العقلية ليست لديها أية شهية لفكرة القوة الاقتصادية التى هى فى الأساس مصدر القوة الرئيسية سواء كان بشرية أو عسكرية.
ليكن معلوما وبعيدا عن الدبلوماسية والمصطلحات السياسية والاكليشيهات المكررة أن هناك تنافس بين اثنين من كبار تجار السلاح وكل تاجر يحاول سرقة زبائن الآخر سواء بتقديم نخفيض أو بتوصيل السلاح الى المنازل مثل البيزا , وعندما تسرق روسيا الزبون العربى من أمريكا فحتما ستقوم أمريكا باعادة هيكلة ادارة "خدمة ارضاء العملاء" وستعرض علينا آجلا أم عاجلا بضاعة أجود من الروسية بأسعار مناسبة جدا وهكذا ستستمر المنافسة على امتصاص دخولنا القومية فى شراء وهم القوة العسكرية , ومع ذلك سيظل السؤال قائما : متى سنفكر فى القوة الاقتصادية؟
السعودية والخليج يتقاسمون دخولهم القومية مع الغرب فى صفقات سلاح وهمية لايستخدموها ولن يستخدموها وهى محفوظة فى المخازن لديهم وهذه المشتروات هى رشوة على الطريقة العربية لضمان الحماية الغربية , ولكن مصر مختلفة تماما فلديها جيش ونظام عسكرى مميز وجيشها له خبرات جيدة وليس لها عدوات اقليمية فهل ستلعب مصر دور الحارس للأعراب لضيق ذات اليد؟ هذا ماسنراه ونعرفه قريبا عندما تظهر خفايا الاتفاق العسكرى مع الروس الذى يدور حاليا .
نحن نتوقع ولكننا لسنا صناع سياسة .