مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

المبادرة

"الاستاذ"

بقلم : غريب المنسى
......................

فى شهر أغسطس عام سبعة وستين وفى خضم الهزيمة العسكرية زار سيرجى بوخاروف رئيس تحرير البرافدا الروسية مصر بدعوة من مؤسسة الأهرام والتقى "الاستاذ" الذى استضافه لمدة اسبوع على نفقة الجريدة المدعومة من دم الشعب المصرى ,وعاد ليكتب مقال افتتاحى فى البرافدا عن التحديات التى تواجه مصر عبد الناصر بعد الهزيمة الاسرائيلية الماحقة, وبطبيعة الحال قدم تقريرا عن الزيارة " للكى جى بى " فمن المعروف أن الاعلاميين الروس كانوا فى هذه الفترة على الأقل عناصر مخابراتيه , وبعد أقل من أسبوع كان تقريره معروض على مجلس السوفيت الأعلى , ولفت التقرير نظر الرئيس الروسى ليونيد برجنيف لطرافته وتناقضه !! فأول شىء لفت نظر بوخاروف فى زيارته لمصر فى هذه المرة بعد الهزيمة هو مستوى المعيشة البرجوازى "للأستاذ"الذى يمارس عمله من مكتب فاخر مكيف وسيارة مرسيدس أحدث موديل وشقة واسعة جدا فى الزمالك تطل مباشرة على النيل فى دولة تبحث عن مساعدات اقتصادية وعسكرية لتواجه زلزالا عسكريا أفقدها توازنها , وبدا لبوخاروف أن "الأستاذ" هو الحاكم الفعلى لمصر من خلف الستار ويقول بوخاروف : وجدته يدخن سيجارا كوبيا فاخرا طوله عشرين سنتيمترا وقطره خمسة سنتيمترات بعنتظزة النبلاء الأوروبيين ويقدم لى قائمة باحتياجات مصر من القمح والسلاح بطريقة مستفزة وكأن روسيا هى التى تحتاج المساعدات المصرية العسكرية والاقتصادية!! ولم ينسى "الأستاذ" أن يذكرنى بين حين وآخر بأن مصر هى أم الدنيا وستكون قد الدنيا وكأننى مواطن صومالى !! بيد أننى عندما زرت عبد الناصر فى مكتبه وهو مكتب متواضع جدا وجدته حزينا مكسورا ويدخن سيجارة صناعة مصرية مخلوطة بالقش اسمها على ما أتذكر " كليوباترا " !!!

وعندما كان يزور جيمس كيجن المسؤول عن المساعدات الأمريكية لمصر القاهرة كل عام ليطمئن على أحوال الرعية كان يستقبله فى كل مرة مسؤول مصرى مختلف الشكل والحجم ويدعوه بكرم حاتمى الى العشاء فى قصره الواقع وسط كمبوند مشابه تماما لقصور جنوب كاليفورنيا !!! وعاد الرجل ليكتب تقريرا مفصلا عن التناقض الرهيب بين معيشة هؤلاء المسؤولين وباقى الشعب الذى يعيش على الحد الأدنى , وتساءل الرجل فى تقريره هل هناك طريقة مناسبة ليصل دعم دافع الضرائب الأمريكى مباشرة الى الشعب المصرى بدلا من مروره خلال هذا النظام البيروقراطى ؟!! نحن نعرف أن مبارك حليف قوى ولكنه حليف محاط بمجموعة كبيرة من اللصوص البرجوازيين!! .

أقول هذا الكلام حتى يعرف أولادى الشباب أن عودة "الأستاذ" بعد هذا العمر الطويل ليضع الخطوط العريضة للسياسة الخارجية والداخلية المصرية هى أكبر خطر على المستوى السياسى والاقتصادى والأمنى ببساطة لأن الرجل انتهت فترة صلاحيته منذ موت عبد الناصر , ف" الأستاذ" يمكن تصنيفه على أنه مصرى من "الفئة ألف" وهى الفئة التى تعيش اقتصاديا فوق السحاب سواء فى العهد الاشتراكى أو العهد الرأسمالى منفصلا تماما عن مصر "الفئة ج" التى يعيش فيها السواد الأعظم من المصريين تحت خط الفقر وهو بذلك لن يكون معبرا عن المصريين أصحاب الثورة. هو مفكر نظرى لم يعانى فى حياته مثل أى مواطن مصرى بما فيهم عبد الناصر والسادات ومبارك.أضف الى ذلك أن بصماته وحامضه النووى موجودة على حملة شيطنة الأخوان والتى سيكون لها نتائج وخيمة على الاستقرار الأمنى والسلم الاجتماعى الذى بدوره سينعكس على الاستقرار الاقتصادى .

و"الأستاذ" هو مهندس فكرة اقصاء الاخوان فى غياهب السجون والاتجاه سريعا الى روسيا حتى يلجم الولايات المتحدة ويمنعها من الضغط الفعال على القيادة المصرية بعد الانقلاب الناعم على حكم الأخوان , وهى فكرة كلاسيكية لاتحتاج الى جهبوز استيراتجيات سيما أن روسيا وطبقا لآخر التقارير طلبت رسميا من القيادة المصرية انشاء قاعدة روسية فى مصر على البحر المتوسط وهم الآن فى مرحلة الاختيار والمفاضلة هل سيكون مقر القاعدة فى : بورسعيد أو دمياط أو رشيد أو الاسكندرية؟ وبالتالى ستدخل مصر بفضل فكر "الأستاذ" مرحلة القواعد الأجنبية على أراضيها وهى فكرة كانت غير قائمة بالمرة فى عهد مبارك .

هل مصر والمصريين فى محنة نفسية ؟ ولماذا توقفت الذاكرة الجمعية للمصريين قيادة وشعبا وفلاسفة ومفكرين عند الحقبة الناصرية وحذفت أربعة عقود من ذاكرتها وهى فترة حكم مبارك والسادات ؟ واذا كان المصريين متيمين بالحقبة الناصرية - وهذا حقهم على الأقل من الزاوية الديموقراطية - فلماذا هم يريدون عودتها بقواعد وقوانين وأعراف الستينيات ؟ والاجابة هنا ستدفعنا الى التصديق بأن فكر "الأستاذ" ومن لف لفه توقف فعلا عند هذه الفترة وهو غير مدرك تماما لتغير المعادلات الاقتصادية والسياسية حول مصر والعالم فى الألفية الثالثة. نحن نتفهم جدا رغبة الشعب فى العودة الى الحقبة الناصرية لما لعبد الناصر من تاثير عظيم على المصريين ولكن على الأقل لابد أن ننقح الناصرية من أخطاؤها وأول هذه الأخطاء اعتماد الرئيس على صحفى واحد يكتب خطاباته ويعد له توجيهاته ويكون هو المرآه التى تعكس نبض الشعب له والتى أثبتت التجارب الحية أن هذه المرآه مع الوقت تصاب بالتقعر وأحياتا كثيرة بالتحدب. والتخلص من الأخوان حاليا وبهذه الطريقة هو دليل حى على اصرارنا على مواجهة مشاكلنا فى الألفية الثالثة وعهد ثورة الاتصالات بنفس عقلية الستينيات .

تخلص عبد الناصر من كل خصومه ومنهم الأخوان بسهولة لأن فى عصره كان مايحدث فى القاهرة كان من الممكن جدا وبفضل اعلام "الأستاذ" أن لايعرفه سكان طنطا ولكن الآن انتهى بدون رجعة عصر "قتل القتيل والمشى فى جنازته" فالعالم له عيون على مدار الساعة .. وسؤال الأخوان سيظل قائما سواء بشعار رابعة أو بالصراخ والعويل أو بتهديد السلم الاجتماعى وكلما تهربنا من الاجابة على هذا السؤال بذرائع كثيرة غير قاطعة كلما كبرت المشكلة وازاد كبرها وثقلها على كاهل الاقتصاد والأمن الداخلى وأصبحت نقضة ضعف لدينا يستغلها المستغلون وما أكثرهم فى هذا العالم اليوم.

سؤال الأخوان لن ينفع فى اجابته الا الطريقة الحاسمة فى السيطرة على المصائب وهى طريقة واضحة وصريحة ومباشرة وتتلخص فى التالى:

أولا : للاجابة على سؤال الشرعية .. حسنا مالذى يمنع من اجراء انتخابات مبكرة بالأمر المباشر؟
ثانيا : تكون هذه الانتخابات بين الرئيس مرسى ومرشح واحد يختاره الجيش والشعب .
ثالثا : يكون هناك اشراف دولى على الانتخابات ويفضل أن يكون كارتر موجودا .
رابعا: بعد اعلان نتيجة الانتخابات على العالم فى وضح النهار أعتقد أن الاخوان سيعرفون جيدا حجمهم فى الشارع المصرى .

وهنا تستطيع مصر من المضى قدما فى أى طريق تختاره تحت أى رعاية تختارها سواء كانت هذه الرعاية أمريكية أو روسية!! فنحن مازلنا بعيدا جدا عن فكرة الاستقلال الاقتصادى والسياسى وهذه حقيقة تؤكدها التحركات القبلية على الساحة السياسية المصرية. وللتأكد من هذا الكلام أرجوك مراجعة حملة "أسفين ياريس" وحملة " كمل جميلك " .

سوو صفوفكم....


 



06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية