فى ذكرى أكتوبر هل سنحيا كراما ؟
| |
السيسى | |
بقلم : غريب المنسى
......................
فى يوم السادس من أكتوبر سنة ثلاثة وسبعين كنت فى الصف الأول الثانوى وأتذكر ذلك التاريخ جيدا وكأنه بالأمس لأننى فى ذلك اليوم كان قد مضى على بالتمام والكمال خمس سنوات معتزلا الجرى وراء الرشاشة وهى عادة يصعب الاقلاع عنها مثل التدخين خصوصا فى فصل الصيف وقيظه فى مدن مصر الغير ساحلية , وكنت أيضا فى هذه الفترة بدأت أول تجاربى العاطفية فى المنطقة لدرجة أننى من فرط مشاعرى الجياشة أحببت كل بنات الجيران وبدأت تجربتى الشعرية التى كانت تنبىء بشاعر عظيم. وأحمد الله أن تجاربى العاطفية والشعرية انتهت مبكرا جدا بفعل فاعل لأننى لم أكن شاعر نظرى عذرى المشاعر يصف شيئا لم يتذوقه بقدر ماكنت أفضل التجربة والاحساس اليدوى اللذيذ على صدور ومؤخرات كل حبيباتى الأمر الذى انتهى بى مطاردا من عصبة من الأباء والأمهات والأخوال والأعمام .
وفى نفس هذا السادس من أكتوبر كان المشير طنطاوى رائدا بالجيش يخوض معركة المزرعة الصينية شرق القناة مع قوات الجنرال ابراهام آدان , بينما كان الفريق عنان ضابطا برتبة ملازم !! وكان يجلس فى غرفة القيادة بالقاهرة الفريق الشاذلى بجوار الرئيس السادات .
وأعتقد أنه وطبقا للمعلومات المتاحة كان الرئيس السابق مرسى مازال شابا فرحا بأن شعر الذقن الكثيف بدأ يغزو ويتراكم على وجهه وكان محمد بديع فى بداية تعلم تشريح لامؤاخذه الحمير وكان جميع اللاعبين الآن على الساحة اما أطفالا أو أكبر قليلا بمافيهم حجازى وأبو اسماعيل .. الا محمد حسنين هيكل هذا الفرعون المصرى الذى فرم ملكا وخمسة رؤساء ومازال ينظر - بضم الياء- ويشارك فى خطة الطريق . وهيكل سوف يعيش الى المئة وعشرين عاما فهو ابن حسنين ولكل حسن منهم ستون عاما من الحياة اتحفنا وسيتحفنا بالمزيد من المذكرات التاريخية مجهولة النسب والحسب وطبعا الشهود.
فى لعبة كراسى موسيقية طار الشاذلى وجلس السادات على القمة ليطير مقتولا ويجلس حسنى الذى طالت جلسته وعندما طيروه أخيرا بعد ثلاثين سنه بدأت لعبة الكراسى الموسيقية المصرية مرة أخرى بازاحة طنطاوى وعنان فى ضربة واحدة بعد أن أن أنعم عليهم مرسى بتاج الجزيرة ليجلس مرسى على عرش مصر مطمئنا بعرش ممتد الى يوم يبعثون ليطيح به السيسى بكل شياكه وينفرد بالعرش من خلف الستار والى حين !! وبقراءة متأنيه لما يحدث فى مصر فنحن ندعى أننا شعوب متحضرة تخاف الله ولكن كل منا لديه القدرة والرغبة والشبق للانتقام من خصومه اذا – وخد بالك من اذا هذه- أولا سنحت له الفرصة ثانيا ليست هناك مسؤولية جنائية على تصرفه, ثالثا وجد هناك اناسا يشكرونه ويعظموه على ندالته مع خصومه.
أى أننا بمعنى آخر نتظاهر بالمثالية والورع والتقوى وحب الخير وفى داخل كل منا شيطان يختلف حجم هذا الشيطان بداخلنا طبقا لموقعنا فى السلم الاجتماعى أى أننا نعانى من انفصام الشخصية فكلنا مرضى ونحتاج الى علاج نفسى فورا. قد تتفق معى وقد تختلف معى بشدة ولكن هذا لاينفى اننا أبعد خلق الله عن تعاليم السماء وأننا ندعى ماليس فينا وهذا هو سر تعثرنا الدائم فلن ننجح الا اذا واجهنا نفسنا بالحقيقة , والحقيقة الساطعة أننا أمة منافقة أنانية لانحب الخير للآخرين من نفس جلدتنا , انظر حولك بتجرد وقارن علاقاتك بأخوتك وأخواتك وجيرانك وأصحابك لتجد أننا كلنا نفكر فقط فى أنفسنا وليس الآخرين وكلنا نصلى ونصوم ونتصدق رياء ونساؤنا يلبسون الحجاب والنقاب وهن ثعابين سامة متسربلة بالملابس الدينية.
فى السجون المصرية تقبع الآن أكبر مجموعة تظهر غير ماتبطن , مجموعة كنا نظن انهم رسل الله الينا من شدة ورعهم وتقواهم وأدبهم قبل السلطة وفى خارج السجون يجلس على أنفاسنا مجموعة لاتقل باسا ونفاقا عنهم وبينهم نحن أوسخ وأضل سبيلا ومع ذلك نطمع فى النجاح ونتكلم عن النجاح ونصف النجاح ونعرف النجاح ولكن كيف سننجح ونحن أساسا لم نأخذ بسبل النجاح ؟ هل السماء تمطر ذهبا أو حتى صفيح ؟ ولذلك فنحن سنظل نتنقل بين الحفر الى أن يحدث أحد أمرين: الأول أن نتعلم من أخطاؤنا وننهض من ثباتنا من شدة الجوع والثانى أن يرزقنا الله بطاغية عادل يربينا بمعرفته وهذا هو أقرب الحلول الى المنطقيه فنحن لانفهم الا بالعصا.
كان المفروض فى الذكرى الأربعين لحرب أكتوبر أن نتكلم عن عدد أقمارنا الصناعية فى الفضاء وعن كيف أننا سنطور تقنيات الاتصالات العالمية فنحن من أكتشف النانو والفيمتو !! وكيف أننا دخلنا عصر الاكتفاء الذاتى من كل شىء ولكن بكل أسف أننا فى الذكرى الأربعين لحرب أكتوبر مازلنا ننبش فى كتابة دستور بدائى غير قادر على تحديد هوية الدولة ومازلنا نلعب فى بيضاتنا ,ومازلنا بدون رئيس ولا مجلس نواب وأنه فى هذه الذكرى العزيزة على كل مصرى مازال لدينا اثنين من الرؤساء تحت التحفظ الاول متهم بتهم جنائية لاتمت لمنصب الرئيس بشىء والثانى كان فى طريقه ليمشى على طريق الأول بالمسطرة لولا أنه طار بفعل فاعل.
فى الذكرى الأربعين لحرب أكتوبر نتساءل ماذا فعلنا لمستقبلنا ومستقبل أجيالنا ؟ ماهى الخطوات العلمية التى سرنا عليها كل هذه السنين؟ وماذا كان هدفنا ؟ أخوانى بكل تجرد ومن تسلسل الأحداث دعونى أواجهكم بالحقيقة الساطعة: نحن أمة فاشلة .. نحن أمة اضرب واجرى !! فلا تلوموا أمريكا واسرائيل بل لوموا أنفسكم .
سوو صفوفكم ..
حرب أكتوبر