مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

سرو بلدنا

الطابور الخامس مصطلح متداول فى أدبيات العلوم السياسية والاجتماعية نشأ أثناء الحرب الأهلية الأسبانية التي نشبت عام 1936 م واستمرت ثلاث سنوات وأول من أطلق هذا التعبير هو الجنرال اميليو مولا أحد قادة القوات الوطنية الزاحفة على مدريد وكانت تتكون من أربعة طوابير من الثوار فقال حينها إن هناك طابورًا خامسًاً يعمل مع الوطنيين لجيش الجنرال فرانكو ضد الحكومة الجمهورية التي كانت ذات ميول ماركسية يسارية من داخل مدريد ويقصد به مؤيدي فرانكو من الشعب , وبعدها ترسخ هذا المعنى في الاعتماد على الجواسيس في الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي.

بقلم : غريب المنسى
........................


وحتى يوم 11 سبتمبر الفين وواحد لم تكن من ضمن اهتمامات الولايات المتحدة لا من قريب ولا من بعيد الديموقراطية وحقوق الانسان فى دول العالم الثالث وبالذات مصر, وكانت الولايات المتحدة تتعامل مع مصر بعد توقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل على أنها دولة خرجت عن الاجماع العربى فى التطبيع مع الكيان العبرى وبالتالى رأى كارتر بعد موافقة الكونجرس على أن يضع بعض من السكر على الاتفاقية ليجعلها مقبولة ومغرية فى شكل منحة عسكرية لمصر طالما كانت الاتفاقية بينها وبين اسرائيل سارية المفعول.

كانت المنحة العسكرية هى الميزة الوحيدة من اتفاقية السلام مع اسرائيل وقد استغلها الجيش المصرى أحسن استغلال فى تحديث معداته خلال الثلث قرن المنصرم , وكانت العلاقة ممتازة بين الجانب المصرى ونظيره الأمريكى على المستوى العسكرى والديبلوماسى والتعاون الاقتصادى وأصبح التمثيل الأمريكى الديبلوماسى فى مصر يزداد حتى وصل الى أن مصر تعتبر ثانى أكبر محطة ديبلوماسية أمريكية فى العالم .. والسفارة الأمريكية يراها البعض من الجانب القنصلى فقط ولكن هذا الجانب يعتبر صغيرا جدا بالقياس بالقسم المخابراتى والعسكرى والتجارى والسياسى فى سفارة الولايات المتحدة فى القاهرة.

وكما هى العادة فى أى علاقة تبدأ المشاكل فى الظهور على السطح عندما يصر كل طرف على فهم العلاقة من وجهة نظره هو وليست بالنظرة الشاملة للعلاقة , فالولايات المتحدة تنظر لعلاقاتها بمصر على أنها دولة نامية متخلفة تحصل على مساعدة اقتصادية سنوية وبالتالى فهى دولة لايحق لها أن تتبنى موقف مستقل تجاه مشاكل منطقتها وجيرانها وأيضا نفسها , فهى دولة تابعة وقد ساعدهم مبارك جدا فى ترسيخ هذا المفهوم بمساعدتهم فى التوسع فى ارسال جحافل من الجواسيس تحت مسميات قانونية براقة لتخلق طابورا خامسا فى مصر ينهش فى لحمها تدريجيا ولفترة طويلة حتى خارت عظامها. هؤلاء الجواسيس يدخلون الى مصر وكأنهم دعاة لحقوق الانسان والديموقراطية وحقوق المرأة والطفل ودائما يحملون حقائب من الكاش كافية لتجنيد شخصيات مؤثرة من شأنها بلبلة الرأى العام ومد الحكومة الامريكية بمعلومات دقيقة من أرض الواقع وبالتالى أصبحت مصر فى خلال الثلاثين عاما الماضية محاطة بأذرع الأخطبوط الأمريكى ولايمكن لها أن تتخلص من هذه الورطة الا بتعريض نفسها لخطر قطع المعونة الامريكية وعليه لايجد الجيش قطع غيار للسلاح الأمريكى وبالتالى يتعطل وطبعا سيتعطل مع الجيش أى قطاع مرتبط بشكل أو بآخر بالمساعدات الأمريكية العينية والنقدية. اذن الولايات المتحدة تعلم جيدا أن مصر تحت سيطرة شديدة لايمكن لها الافلات منها بدون خسائر .. وكانت متأكدة من خنوع نظام مبارك وبعد ذلك خليفته مرسى.

أما المصريين فينظرون للعلاقة نظرة مختلفة تماما , ففى بداية علاقة الزواج الكاثوليكى بين مصر والولايات المتحدة كان المصريين مبهورين بأمريكا ولكن تدريجيا بدأت العلاقة يشوبها شىء من البرود بعدما تعرف المصريين على المكياج الأمريكى , وبدأ المصريين الشرفاء يدركون أنهم دخلوا حفرة عميقة وكل يوم تزداد عمقا تحت أقدامهم , وكان أول من أكتشف هذه الحقيقة المرحوم المشير أبو غزالة الذى حاول جاهدا أن يستقل فى التسليح تدريجيا ويعتمد على الامكانيات الذاتية وكانت النتيجة أن أطاح به بوش الأب بعدما تأكد من أن أبو غزالة رجل وطنى بدون تحفظات وله تطلعات استيراتيجية.

وظلت العلاقة الغير صحية بين مصر والولايات المتحدة على هذا الأساس طوال فترة حكم مبارك ,فكلما ارتفع صوتا فى القاهرة مناديا بالاستقلال , ارتفع صوتا أعلى منه فى واشنطن مهددا بقطع المعونة !! وأصبحت الزيجة يعتريها بعض من المنغصات الى أن وصلت الى حد التهديد بالهجر فى الفراش .

من يهجر من؟ هذه هى المشكلة التى نحن بصددها الآن فالولايات المتحدة ترى أنها هى الذكر والمصريين هم الأنثى الضعيفة التى ينبغى عليها أن تتعطر قبل تدلف الى الفراش الأمريكى !! والمصريين فى قرارة ضميرهم الريفى الصلد يرون عكس ذلك تماما فكيف وهم أصحاب الموقع الجغرافى الفريد الذى يؤثر على سلامة العالم يكونون زوجة مطيعة لليانكى الأمريكى .. وتدريجيا أصبحت العلاقة فاترة وعلى وشك الطلاق المدنى . ولأن الحب كان شديدا فالأنفصال لابد أن يتم بمعارك تكسير العظام وهو أمر يفهمه جيدا كل من يعمل فى محاكم الأحوال الشخصية.

ماهى الأسباب السالبة التى تسللت الى قلوب العشاق؟ وكيف تنسى الولايات المتحدة هذه العشرة العاطفية الطويلة؟ الم تغنى أمريكا لمصر على مدار ستة رؤساء أمريكان أغنية حتى فساتينى التى أهملتها!! ياربى ألم يكن مبارك ومصر تباعا هو الصدر الحنون الذى تبكى عليه أمريكا كلما طمعت فى قطعة حلوى من جيرانه العرب؟ كيف أمسى هذا الحب خبرا وحديثا من احاديث الجوى؟!!

لايمكن الاجابة على أيا من هذه الأسئلة دون الدخول فى تفصيلات المزاد العلنى والأكازيون والبيع بالتخفيض الذى قام به الأخوان لمصر حتى يستقر مشروعهم وأيضا تكون الاجابة ناقصة بدون الاشارة الى أن مصر ومع كل الظروف السيئة المحيطة عالميا واقليميا ومحليا مازال بها رجال أوقفوا هذا التهريج .

*****

خرج المصريون من مشروع التوريث بصعوبة شديدة ليتلقفهم الأخوان على مشمهم بمشروع التمكين , فخلال ثلاثين سنة من حكم مبارك تمت فيها أكبر عملية تجريف للشخصية المصرية وكأن هذا لم يكن سببا كافيا للتعاطف مع الشعب المصرى ومساعدته فى بلوغ طريق الرفاهية حتى تدفعه أمريكا وترغمه مرة أخرى على قبول الدخول فى عصر الجلباب والقبقاب والعقيقة تحت عنوان خادع يسمى شرعية الصندوق.

ساعدت أمريكا مبارك وهى تعلم أنه ديكتاتورى طالما أنه كان يحافظ على مصالحها ويقول نعم والآن تتباكى نفس أمريكا بشحمها ولحمها على مرسى وهى تعلم من خلال عيونها على أرض الواقع أنه بمشروعه الأخوانى أكثر ديكتاتورية من مبارك بل وأكثر خطرا على أمن العالم .. فهل أمريكا فعلا دولة صديقة للمصريين كما تدعى ؟! واقع الحال يقول أن الولايات المتحدة على وشك خسارة أكبر شعب عربى يصادق من يصادقه ويعادى من يعاديه.

للمرة المليون نذكر الادارة الامريكية أن ازاحة مرسى هو شأن مصرى داخلى , وأن ازاحته كما تتذرع أمريكا جاءت مخالفة لقانون الاجراءات لأنها تمت على يد الجيش ولكن هذا لايمنع أن هذا كان مطلب الأغلبية الصامته وأنه لو استمرلنهاية ولايته لربما كانت مصر المركز الرئيس للقاعدة بدلا من جبال أفغانستان , وللمرة المليون نذكر أوباما أن الجيوش فى العالم الثالث لها القول الفصل فيمن يحكم سواء تماشى ذلك مع الديموقراطية الغربية أم لم يتماشى أو سواء رضيت أم لم ترضى .

فى الولايات المتحدة وأوروبا تكون مدة ولاية الرئيس كنزيل الفندق , يستعمل غرفته بكل حرية وخصوصية ويغادرها فى وقت محدد معلوم مسبقا عندما قام بعملية الحجز , ولكن فى دول العالم الثالث ومنهم مصر تكون ولاية الرئيس هى التكويش على مقدرات البلاد لخدمة أسرته أو جماعته وبالتالى لن تكون هناك ديموقراطية تحت حكم الأخوان بمفهومها الطبيعى أو الغربى وانما ستكون ولاية الاسلام السياسى فرض مشروع اسلامى مهلهل بدون قواعد وأساس بالقوة على الناس ,والولايات المتحدة تعلم ذلك ومع ذلك تتعامى عن هذه البديهية تحت ذريعة شرعية الصندوق وهى تعلم أن مرسى جاء بالتدليس وأنه ليس أكفأ من يحكم مصر وأن مشروعه فاشل للمصريين.

الولايات المتحدة وجدت نفسها فى تناقض بين سياستها المعلنة والخفية , والعالم من شرقه لغربه بات يكره سياسات الولايات المتحدة المتضاربة , فلو أن ازاحة مرسى كانت فى صالحها كانت أعلنت أن هذا شأن مصرى داخلى وهى تحترم رغبة المصريين , ولكن لأن ازاحة مرسى ستدفع بجيل جديد من الرجال الشرفاء القادرين على حماية مصر ودفعها للطريق الصحيح وهذا فى غير صالحها فهى تعطى اشارات متضاربة للأخوان وللشعب المصرى حتى يستمر الصراع متأججا وحتى تطول فترة عدم الاستقرار.

ان الجيش المصرى يثبت مرة أخرى أن الشعب المصرى مازال له درع وسيف , والى هؤلاء الرجال جميعا ممثلين فى شخصية الفريق السيسى نقول : استمروا فى طريقكم بكل قوة لتطهير مصر من الاسلام السياسى ولاتخافوا من الضغوط الأوربية والأمريكية فالأمم المتحدة أكبر منظمة فاشلة وقرارتها لم ولن تكون فى صالح دول العالم الثالث فهى منظمة تابعة وأن من حقكم أن تكونوا الولى الشرعى على حقوق هذا الشعب الكادح , ومن حق المصريين أن يختاروا من يحكمهم بالطريقة التى يرتضونها بدون تذويق وشعارات فالشعب كالأعمى وأنتم بعلمكم وخبرتكم تقودونه الى طريق الصواب , واستمروا فى تكسير عظام الطابور الخامس الداخلى العنكبوتى .

وعندما يصل دخل أقل اسرة مصرية مكونة من اربعة افراد الى سبعة وعشرين الف دولار سنويا كحد أدنى يمكننا أن نفكر فى الديموقراطية على الطريقة الأمريكية .. فلا ديموقراطية مع الفقر ولاحياة كريمة بغسل عقول البسطاء بالدين ولا استقرار بدون الثقة فى رجال القوات المسلحة الشرفاء ولا استمرارية لمصر بدون الوقوف فى وجه الولايات المتحدة واعلان الاستقلال وعدم التدخل فى شئونها .

لكل دولة طقوس فى المعيشة .. دعوا المصريين يعيشون بالطقوس التى يرتضونها .

 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية