| | | | الجريمة الدينية المنظمة
| | مرسى | |
بقلم : غريب المنسى ........................
فى ثمانينات القرن الماضى أعلن الرئيس الأمريكى رونالد ريجان الحرب على المخدرات وهى تتشابه الى حد كبير مع ما أعلنه جورج بوش الابن بعد عقدين من حرب ريجان وهو الحرب على الارهاب , والحرب على الارهاب أو المخدرات تحتاج الى توظيف موارد الدولة المادية والبشرية وقدراتها التنظيمية والقانونية على محاربة الجريمة المنظمة سواء كانت دينية أو اقتصادية.
الحرب على المخدرات كانت شعار مرحلة أمريكا فى الثمانينات وتصدت وزارة العدل الأمريكية والمباحث الفيدرالية للمافيا التى تشعبت فى المجتمع الأمريكى كالسرطان , تماما كما تصدت الولايات المتحدة للحرب على الارهاب فى بداية الألفية الثالثة بعدما انتشر سرطان الارهاب فى العالم ولم تعد هناك أى دولة معصومة من شر وغدر الارهاب الدينى المنظم .
والجريمة المنظمة سواء كانت اقتصادية أو دينية لاتتم من فراغ ولكنها تتم من خلال منظومة ادارية على مستوى مرتفع من الذكاء والتنظيم والتخطيط والتنفيذ. وعندما تصدى ريجان للجريمة الاقتصادية المنظمة كانت المواجهة حاسمة مع عائلة " جامبينو" أكبر وأقوى عائلة اجرامية فى مدينة نيويورك التى كانت تحتضن فى ذلك الوقت ثمانية عائلات اجرامية جذورها ايطالية.
استعانت وزارة العدل الأمريكية بوكيل للنائب العام يسمى رودى جوليانى – عمدة نييورك لاحقا – وهو من جذور ايطالية لمواجهة عائلة جامبينو ومعه لويس فرحان – مدير المباحث الفيدرالية لاحقا فى عهد كلينتون وبوش الابن – وهو أيضا من جذور يونانية وسخرت لهم الامكانيات المادية والمخابراتية.
ومع العلم بأن نجاحهم كان باهرا فى تلك المواجهة لأنهم وضعوا كبير عائلة جامبينو وراء القضبان لمدى الحياة الا أنه كان نجاحا محدودا جدا , فالقضاء على الجريمة المنظمة نهائيا عمل من أعمال الخيال لأن هذه المنظمات الاجرامية لديها صف ثانى وثالث جاهز لحمل علم الاجرام فى كل الأوقات. وكل مااستطاعت الولايات المتحدة فعله هو الحد من حجم الجريمة المنظمة ولو الى حين!!
نفس الشىء حدث تماما مع بوش الابن فحربه على الارهاب بعد كل هذه التكلفة الباهظة فى الأرواح والأموال لم تقضى تماما على الارهاب ولكنها قللت من سرعة انتشار هذا السرطان فى جسد العالم, فخلايا هذا السرطان نائمة تنكمش وتتمدد حسب اليقظة الأمنية واتجاه الرياح السياسية ولذلك فهى حرب صعبة جدا ومكلفة جدا وتحتاج الى نوعية مختلفة من التخطيط والمواجهة وقد تعلم الأمريكان هذا الدرس جيدا بعدما اعتمدوا على قوتهم المفرطة فى مواجهة شبح متحرك فى العراق وأفغانستان.
فى بداية الحرب الأمريكية على الارهاب كان الأمريكان يستخدمون صواريخ الكروز الغالية الثمن فى قصف خيم طالبانية فى افغانستان لاتساوى خمسة دولارات وبعد أن بدأ العبىء الاقتصادى يؤثر على الجانب الأمريكى توصلوا بالتجربة العملية الى ان الحرب على الارهاب هى حرب مخابراتية فى المقام الأول وتحتاج الى تكاتف كل جهود الدولة لعرقلة التواصل والتخطيط للعقليات الارهابية المجرمة.
وجه الشبه بين المافيا الدينية والمافيا الاقتصادية يكاد يكون متتطابق , فالرجل الكبير يكون دائما فى مكان بعيد عن الأحداث يستمتع بالحياة الفخمة والرفاهية والحور العين والكفيار, أما الأموال والمدخولات الاقتصادية تكون فى مكان مختلف تماما عن مكان الرجل الكبير,ويكون قيادات الاركان موزعين جغرافيا فى أماكن متباعدة.. وحتى المجرم الدينى المترجل لايعرف أخاه المجرم فى الخلية الأخرى والتى لاتبعد عن نطاقه الجغرافى بميل مربع واحد.
أذا كانت الولايات المتحدة نجحت نجاحا محدودا فى القضاء على عائلة "جامبينو" فهل ستنجح مصر فى القضاء على عائلة "بديعو" أكبر عائلات الجريمة الدينية المنظمة على مستوى العالم ؟!! وهل العالم الحر فى حاجة للاتحاد العالمى لعلماء المسلمين الوهمى والتنظيم العالمى للأخوان ؟ أم أن العالم الحر هذا يضحك على نفسه وعلينا ؟!!
لفت نظرى أنه كلما تم القبض على قيادى اخوانى وجدنا معه شوال فلوس .. من أين جاء بها وفيما يستخدمها ؟ كل هذه الأسئلة سيتم الاجابة عليها ان شاء الله أمام جهات التحقيق المعنية ولكن بديهيا استخدام المال فى الحشد والتجنيد وبيع وشراء الذمم أمر معترف ومسلم به تماما فى ظل غيبة القانون وتدهور المستوى الاقتصادى للرعية وبالتالى فعملية تجفيف المصادر الرئيسية للأموال لابد أن تكون من أهم أولويات النائب العام بل والاعلان عن مصادرها وخضوعها للرقابة.. فبدون مال سيعم الهدوء والأدب .
أيضا لفت نظرى الرسالة التى نشرها ابن القرضاوى محذرا أباه من الأخوان , وفورا وبعد قراءة المفتى أبو خمسة للرسالة على صفحات الصحف جمع أغراضه وغادر على أول طائرة متجهة لبلاد بره , والحقيقة أن الرسالة كانت مشفرة للدرجة التى جعلت القرضاوى الأب يعلم أن الأمر فى مصر جاد للغاية فلا وقت للافتاء ولاوقت للفلسفة.. فهو كسجين اخوانى سابق وكمخبر ومرشد محترف فى عهد عبد الناصر يعلم أنهم فى مصر على وشك وضع العصا فى مؤخرته لذلك هرب بجلده تاركا وراؤه أخاه بديع وباقى الشلة يواجهون نصيبهم المحتوم , فالهروب نصف الجدعنة أو على الأقل بمفهوم عناصر الجريمة المنظمة.
وأيضا هناك شائعات متداولة منذ فترة تفيد بأن السفيرة الأمريكية فى القاهرة اعلنت اسلامها فى السر وكانوا ينادونها فى الدائرة العليا المغلقة فى المقطم بأم خالد , وقد أخذت العهد على يد بديع وبتزكية خاصة من الشاطر, والست أم خالد بارك الله لنا فيها كانت مسؤولة عن ملف تسليك المواسير بين مرسى وواشنطن.
الحل الوحيد من وجهة نظرى المتواضعة لبقاء الاخوان على الساحة المصرية هو التخلص من الجيل الأول والثانى من القيادات التى تؤمن بفلسفة قديمة لم تعد تتماشى مع العصر, فمنذ وفاة سيد قطب لم يظهر لديهم فليسوف قوى , فالأخوان لاغنى عنهم فى الريف كجماعة خدمات ولكنهم لايصلحون فى السياسة وهذا لايعيبهم فى شىء ورحم الله أمرىء عرف قدر نفسه.
كلما قابلت واحد اخوانى يقول لى أن القيادة برجماتية جدا وليست متعصبة ولديها عقلية منفتحة ومرة أخرى نلفت النظر الى أن البرجماتية كلمة خبيثة مطاطة فهى تحتمل الأنفتاح وتحتمل الانغلاق والمؤامرة وكل ذلك يتوقف على موقعها فى الاعراب!! فعندما تنفتح على العصر بكل وسائله التكنولوجية والعلمية فأنت برجماتى متفتح ولكن عندما تريد أن تتوغل فى الجيش والشرطة والمخابرات والأمن القومى وتتخلص من القيادات الموجودة وتعيين قيادات موالية لك حتى تفرض وجهة نظرك بالعافية على المجتمع فهذا غير برجماتى بالمرة .. انه الطمع والتجبر.. ولا مؤاخذه.
رمضان كريم
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|