مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 خلايا نائمة

 

السيسى

 

بقلم : غريب المنسى
.......................


عندما اختير ديفيد باترويس لقيادة القوات الأمريكية فى العراق كان معدل انفجار السيارات المفخخة اليومى قد وصل الى أرقام مزعجة أثرت بشكل مباشر على معنويات القوات الامريكية فى العراق وعلى كفاءة مهمتهم. وكان اختيار ديفيد باترويس لهذه المهمة يرجع فى المقام الأول الى أن للجنرال اهتمامات مركزة بحروب العصابات والتى سجلها فى كتيب يعتبر هو المرجع الاساسى لدراسة فن حروب العصابات فى كلية ويست بوينت العسكرية وبالذات فى المدن المفتوحة والمكتظة بالسكان.

ولعبة السيارات المفخخة تعتبر بالمقياس العسكرى هى أسهل حرب من أى طرف خفى وأصعبها على أى جيش نظامى ولايمكن السيطرة عليها تماما ولكن يمكن تقليل نسبتها اذا استوعبنا الخطوط العريضة لفلسفة باترويس فى محاربة عدو جبان يروع المدنيين الأبرياء. ووجود الجهاديون فى أى دولة هو المقدمة الطبيعية لهذه الحرب الضروس وفى معظم الأحيان تستخدم المخابرات العالمية وجود الجهاديون لشن حرب السيارات المفخخة وتنسبها اليهم حتى تزيح الشبهات عن نفسها وفى نفس الوقت يزداد حجم الكره والغضب عليهم من قطاعات عريضة من الشعب, أى أن هدف اللعبة بالأساس هو شق المجتمع ونشر التوجس والخوف والهلع بين الناس وهذا من شانه أن ينسف الاستقرار ويدمر الاقتصاد.

وفكرة ديفيد باترويس يمكن تلخيصها فى عدة نقاط رئيسية وقد أضيف عليها بتصرف بسيط حتى تتماشى مع التفكير الشرق أوسطى لأن هذه الحرب المفخخة والتى بدأت فى العراق والآن تمر بسوريا بكل تأكيد ستنتهى فى مصر .

أولا : لابد من جمع المعلومات عن اللاعبين الأساسيين فى أى صراع والتخلص منهم بالطريقة التى تناسب نشاطهم . وبالنسبة للوضع فى سوريا ومصر باعتبارهم من أكبر الجيوش النظامية فى المنطقة ولديهم مؤسسات استخبارية على مستوى جيد يتعين عليهم أن يحددوا بدقة منابع ومراكز هؤلاء اللاعبين ووسائل اتصالاتهم وكيفية اختراقهم . ولتحقيق هذا الهدف هناك طريقتين :

الاولى : استخدام سلاح المال مكافئة لمن يرشد بمعلومات عن شخصيات معينة تحددها الدولة كاارهابين ومطلوبين للعدالة.

الثانية : أن تتبع الدولة نفس طريقة تفكير الارهابيين وتستعين بخلاياها النائمة , والدولة لها قدرة أكبر وكفاءة أعلى فى تكوين شبكة هائلة من الخلايا النائمة يمكن أن تغطى كل شبر من حدودها.

وخلايا الدولة النائمة يمكن تشكيلها من فئتين:

الاولى : الضباط المتقاعدون الوطنيون والغير ملوثين أيدولوجيا والذين يمكن لهم تولى الاشراف بكل سهولة على قطاعات جغرافية تقع فى زمام اقامتهم بلباسهم المدنى .

الثانية : الجنود اللذين سرحوا من الخدمة الالزامية بمهارات عسكرية معينة وهؤلاء بلباسهم المدنى يعتبرون خلايا وطنية نائمة تغطى كل الربوع الجغرافية. ونسبة الضباط المتقاعدون الى الجنود المسرحون من الخدمة حوالى واحد الى سبعين وهى نسبة معقولة جدا ويستطيع أى ضابط متقاعد من السيطرة على محيطه الجغرافى فيما يخص تجميع المعلومات ورفع معنويات خليته وامدادهم بالمال والسلاح طبقا للتنسيق مع القيادة المركزية.

وخلايا الدولة النائمة لابد ان يكون لديها وسيلتها فى التسليح وحتى تكون فى وضع دفاعى متمكن ويفضل أن تعامل وزارة الدفاع كل خلية بطريقة عنقودية منفردة وهو نفس تفكير وتخطيط الجهاديون وبالتالى يكون كل قائد خلية مسؤول عن خليته فقط فى قطاعه الجغرافى ويمد القيادة المركزية بالمعلومات فى محيطه أولا بأول وبالتالى تستطيع القيادة المركزية من التعامل مع الجهاديون من المنبع.

للاعلام دور مهم جدا فى محاصرة الارهابيين وتوعية الرأى العام فالولايات المتحدة بعد احداث سبتمبر 2001 استخدمت الاعلام كوسيلة مهمة من وسائل الاتصال بالقيادة الأمنية المركزية والرأى العام , والاعلام هو الذى نبه الناس الى ضرورة التعرف على مايجرى فى محيط سكنهم وعملهم والتبليغ فورا عن أى نشاط يثير الشكوك.فالمواطن لابد أن يتفرس وجوه جيرانه ويتحرى عن الغريب وأن يتصل بالسلطات الرسمية اذا كانت شكوكه منطقية.

لابد للمفكريين العسكريين فى الدول العربية التى تتعرض لحروب عصابات وسيارات مفخخة أن يفكروا بعقلية الجهاديون فالجيش النظامى مؤهل للقيام بحروب مختلفة تماما عن الحرب الغير متكافئة والتى يعتنقها الجهاديون . وان لم يغير الجيش النظامى من خططه لمواجهة الارهاب حتما سيخسر الحرب لأنها حرب غير متكافئة, وبالتالى لابد من البدء فورا فى تفعيل مشروع الخلايا النائمة على كل شبر من تراب الوطن .

عندما فكر ديفيد باترويس بعقلية الجهاديون انخفض معدل تفجير السيارات فى العراق بدرجة كبيرة ونجحت نظريته وصمدت أمام التجربة الفعلية فى بغداد وغيرها من المدن العراقية. ونحن من خلال هذه السطور نهيب بالقيادات العسكرية فى سوريا ومصر بضرورة التعامل مع هذا الأمر بجدية قبل أن يستفحل فالسرطان الجهادى موجود بالفعل على ترابنا والطريقة الوحيدة للسيطرة عليه هو استخدام طريقة الخلايا الوطنية النائمة وهى الطريقة التى ستقضى على أى تحركات شيطانية ضد المدنيين العزل فى مهدها.

... ان الأعداء يستدرجوننا الى حرب جديدة علينا تماما فى زمن مختلف وعلينا أن نكون بالسرعة المطلوبة لتغيير طريقتنا فى التعامل مع هذه التحولات الغير متوقعة والغير متكافئة .. حفظ الله العراق وسوريا ومصر.. والرحمة للشهداء الأبرياء.

خير الكلام : الضربة لا تُرعِب، ما يرعب هو انتظارها…ألفريد هتشكوك



 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية