| | | | البريزة
| البريزة |
بقلم : غريب المنسى ........................
فى مصر نقحوا الحكومة الحالية بعشرة وزراء جدد يقولون أنهم سيساعدون فى رفع المعاناة عن كاهل المواطن المطحون , وهذه الجملة – كاهل المواطن المطحون – جملة اكليشيهية نسمعها منذ أيام سيدنا عبد الكريم !! وأكاد أن أجزم بأنه مر على البلاد والعباد لايقل عن أربعين وزيرا للاقتصاد والمالية ومازال كاهل المواطن المطحون على حاله من البؤس والشقاء والحيرة. المشكلة هنا أننا نعرف أن مواردنا الاقتصادية محدودة ومع ذلك مازلنا نحاول أن نتجمل ونتصور أن تغيير الوزير هو الذى سيجلب الحظ وستتغير الأحوال الاقتصادية الى الأحسن وهذا من الناحية الواقعية لن يحدث لأن حجم الديون الخارجية مع الديون المحلية يفوق حجم الناتج القومى وبالتالى فحل مشكلة مصر الاقتصادية لن يكون من خلال دكتور اكاديمى يفهم فى الاقتصاد النظرى . ان حل جزء كبير من مشكلة مصر الاقتصادية سيحدث لو تم تطبيق نظرية البريزة وهى نظرية واقعية .
قبل أن أشرح لكم نظرية البريزة لأبد أن ألفت نظر حضراتكم الى شىء مهم جدا يحدث فقط فى بر العرب وهو الفذلكة بالكلمات من قبل المسؤولين وكلما زاد المتفذلك فى الرطرطه كلما تصور العوام أنه يفهم أكثر!! ولكن بالتجربة المكلفة توصلنا الى كل من تكلم ووضع هذه العبارات فى جمل مفيدة كان طورالله فى برسيمه , والعبارات المكررة هى : سيسيولوجى – جيوبوليتك – تضخم – انكماش – كساد- انديد !! .. وما الى ذلك من عبارات لزوم الوجاهة وسعة الاطلاع.
دعونى أذكركم بأن الاقتصاد سهل جدا لو تفهمنا أبجدياته ولكن المشكلة أنهم يدرسون الاقتصاد لنا فى الجامعات وكأنه لوغاريتمات معقدة وبالتالى يهرب الطلاب من فهم الاقتصاد. والاقتصاد قائم على فكرة أن تتبادل النقود بين الناس فاذا لم تتبادل النقود يكون هناك وقف حال يسمونه كساد. وفى مصر بوضعها الحالى بغض النظر عن من هو الرئيس يوجد نقص حاد فى الاحتياطى النقدى من العملة الصعبة مع زيادة الفوائد على الديون الخارجية والداخلية بمعنى أننا نحاول أن ندفع فقط فوائد الديون فى مواعيدها أما الدين فهو ثابت الى يوم يبعثون وبالتالى سنظل فى وضع دائرة القروض المفرغة الى أجل غير مسمى ولايوجد اقتصادى مصرى وأتحدى يستطيع أن يضع مصر على الطريق الصحيح اقتصاديا فى فترة وجيزة … مصر تحتاج على الأقل عشر سنوات من الاستقرار السياسى والاقتصادى مع وقف النهب والسرقة حتى تستطيع أن تكون مهيئة للنهوض واللى يقول غير كده طبعا كذاب.
فرصة جيدة أمام الرئيس مرسى أن يطبق نظرية البريزة فورا وهو لو طبقها سيكسب شعبية كبيرة ستزيد من رصيده الشعبى وبالذات بين الطبقات التى صدعونا بأنهم سيرفعون الكاهل عنها .. ونظرية البريزة هى ضخ قرض البنك الدولى بعد فكه بالمصرى والذى سيصل حجمه الى أربعة وعشرين مليار جنيه الى المشروعات الصغيرة فى القرى والنجوع والعزب وطبيعة هذه المشروعات تكون مزارع الدواجن والأبقار ومنتجات الألبان على أن تعطى الحكومة كل صاحب مشروع صغير عشرة الاف جنيه ليزيد من رأس ماله حتى يتشجع على المنافسة والانتاج وأن يكون القرض بسعر فائدة مناسب ولمدة عشر سنوات. وطبعا سيستفيد من هذا المشروع أرامل كثيرة ومطلقات وأصحاب عيال فقراء فى أمس الحاجة لرأس مال لتشغيل مشروعاتهم.
هذه الفكرة طبقت فى ماليزيا ويسمونها " مايكرو قرض" وهو قرض بسيط تضخه الحكومة فى الاتجاه الصحيح وهو القاعدة الاقتصادية وبالتالى فالحكومة ستكون فى وضع أفضل عندما يكون الضخ الاقتصادى من قاعدة الهرم وليس العكس , فالحاصل أن الحكومات السابقة ضخت القروض والمساعدات من أعلى الهرم ولكن الفائدة لم تصل أبدا الى قاعدة الهرم ويكفى أن نعرف أن هناك ملايين من الفقراء فى الصعيد والوجه البحرى فى أمس الحاجة الى قرض حكومى ميسر لزيادة دخل الناس الغلابة من خلال تشغيله فى مشروعات اقتصادية محلية مفيدة للمجتمع وبالتالى سيخف الضغط على هؤلاء المهمشين وتنتعش الحالة الاقتصادية فى قاعدة الهرم.
اذا كانت حكمومة الرئيس مرسى جادة فى مساعدة الفقراء والمهمشين وأظن أنهم جادين فى هذا الأمر لابد من ضخ عشرين بليون جنيه لحوالى أتنين مليون صاحب مشروع مهمش لتشجيعه على الانتاج والتنافس وسيكون مقدار القرض بريزة كبيرة على عشر سنوات بفائدة معقولة والنتيجة حتما ستكون ايجابية جدا لأننا فى هذه الحالة سننعش الاقتصاد فى دولة الفقراء العميقة .
وحتى لا أنسى : أن مشروع بهذا الحجم لابد أن يخطط له بجدية وأن يوضع تحت اشراف شخصية مسؤولة على أن يستعين بكوادر شابة وطنية حتى تصل القروض الى مستحقيها بدون وساطة ومحسوبية وتدليس .
****
خير الكلام
'أحب أن أصارحك ياحبيبتي أنني أتهرّب الآن من الإمامة ما استطعت، فإن تفكيري فيك لا يفارقني، وهذا ما يجعلني ياحبيبتي أسهو، ومع السهو أسهو إن أسجد للسهو!' .. يوسف القرضاوى
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|