مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الخلافة العلمية

 

الخلافة

 

بقلم : غريب المنسى
........................


من وجهة نظر الاسلاميين يعتبر مشروع الخلافة الاسلامية غاية مقدسة تهون فى سبيله كل التضحيات , وطبعا عندما نناقش هذا الأمر لابد أن نلبس حذاؤهم حتى نرى الصورة بعيونهم أكثر وضوحا , فالخلافة الاسلامية سيكون مقرها القاهرة وستتولى قيادة العالم الاسلامى بطريقة اسلامية مثالية يشوبها العدل والقسطاس والونس والحب والجمال .. والخليفة سيكون رجل أمين ساهر على راحة رعاياه وانه لو نهقت بغلة فى الرياض لبكى سيادته فى القاهرة على هذه البغلة المظلومة!! وأن الرعية فى كل أركان الخلافة سينالون أقساط من من السريد واللحم والمرق يوميا تطفى نيران الجوع القادم من أعماق الفقر , وأن الأخاء والمحبة والوئام سيكون دستور هذا المشروع العظيم .

ومن يقرأ التاريخ الاسلامى جيدا سيلفت نظره أنه على مدار التاريخ الاسلامى بالكامل لم تعيش دولة مسلمة فى يوتوبيا السعادة المطلقة .. فكل العصر الاسلامى كان لايختلف عن واقعنا المعاش اليوم , لأن الفقراء كانوا فى هذا العصر بمقاييس اليوم أشد فقرا وكان الظلم بمقاييس اليوم أعنف, وأن الخليفة كان ممسكا بسيف حاد جدا بلا رقابة دستورية, وأن الخليفة على الرغم من حريته المطلقة فى تقرير الأمور لم يستطيع أن يمنع أبدا البيروقراطية والرشوة والمحسوبية والتملق والفاحشة وكل ماينغص حياة أى مدينة يزيد عددها عن أربعمائة شخص. كل ماقرأناه قى كتب التراث بعين الناقد المتجرد هو عبارة عن وصف وتجميل لهذه الحقبة من خبراء الاعلام فى هذه العصور الاسلامية , فالمنافقين والمدلسين بالمناسبة لم يولدو فقط اليوم فى عصر مبارك وصدام والقذاقى أنهم موجودون ياولدى فى كل زمان ومكان .. والظلم كان موجودا وسيظل موجودا مابقى الانسان على ظهر البسيطة .. والدول الحديثة تحاول فقط أن تخفف من حدته ولكنه مازال موجودا حتى فى أعتى الدول الديموقراطية.

اذن نحن أمام مشروع نظرى يفترض أن الخلافة الاسلامية كانت مشروع نموذجى ومن الواجب اعادة احياؤه حتى نقتدى بالسلف الصالح وحتى نكون فى وضع أيمانى وسياسى واقتصادى أقوى من الواقع الحالى!! وبالأضافة الى أنه مشروع نظرى لايصمد كثيرا أمام الاختبارات العقلية المجردة, فانه مشروع عدوانى لايفكر فى حياة الفرد ورفاهيته بقدر مايفكر فى تكوين جيش قوى لغزو الدول التى لاتؤمن به واجبارها ذليلة على الدخول فى هذا المشروع والذى لو قام لتحولنا جميعا الى جنود وعساكر فى خدمة الزامية مفتوحة الى مشاء الله خاضعين لمشيئة الخليفة عندما يقرر لمن الغزو والقتل والتدمير اليوم , وستتحول نساؤنا طبقا لهذا المشروع الطموح الى ممرضات وثكالى وخدم فى دهاليس هذا المشروع الذى يفرض حالة من التعبئة العامة على شعب دولة الخلافة لمساعدة الجبهة الداخلية وطبعا أطفالنا طبقا لهذا السيناريو سيتحولون الى عناصر مساعدة لتهيؤات قائد أركان الخلافة فهناك مهن لابد أن يشغلها هؤلاء الأبرياء فى غيبة الرجال فى ساحات المعارك والوغى.

وفضلا عن كل ماسبق وهو قليل وأرجوك الأ تتوه منى فأن هناك عدة عقبات سوف تواجه مشروع الخلافة بوضعه الحالى لأنه مشروع نظرى نبيل ولكنه لن يحتمل قوة الاختبار الفعلى فى الحياة اليومية: أولى هذه العقبات هى من سيمول هذا المشروع ؟ والعقبة الثانية هل الشعوب المسلمة فى هذا الوقت التاريخى فعلا مهيئة لهكذا مشروع سيربطها بمنظومة اسلامية قد لا تتفق بالضرورة وربما كانت متضادة مع الحقائق على أرض الواقع ؟ والعقبة الثالثة ماذا ستكون قوة مشروع الخلافة الاسلامية وان تحقق بالمقارنة بالخلافة الرومانية القوية التى بدأت فعلا فى أوروبا بقيادة المانيا وامتدت فى صمت بالغ من الفاتيكان الى أمريكا اللاتينية والشمالية وكندا؟

لو تمكن منظرى مشروع الخلافة الاسلامية من حل مشكلة التمويل بالسطو على أموال السعودية والخليج ستبقى هناك مشكلة هل الشعوب مهيئة للانتساب الى هكذا مشروع سينهى تماما على خدمة الاسكايب والفيس بوك وسيحولها بالضرورة الى وسيلة اتصال عسكرية سرية مشفرة لارسال التعليمات الى الجنود والخلايا النائمة فى محيط خريطة الخلافة!! وحتى ان تمكن الشيوخ المنظرين من تهيئة الشعوب لقبول هذا المشروع والانضمام اليه ومساندته والتضحية فى سبيله من خلال اعلام اسلامى موجه يدعو الناس للتضحية بالغالى والنفيس فى سبيل اعلاء دولة الخلافة كيف سيتمكن هؤلاء المنظرون من حل معضلة تباين القوة بين دولة الخلافة القائمة على مخلفات بشرية من عصور ثورية عبد الناصر والحبيب بورقيبة والاستاذ زين العابدين والقوة الغربية الموجدة فعلا وحقا؟ سيقولون لك أن دولة الخلافة ستهزم الكفرة والمشركين ليس بالسلاح فقط ولكن بالتصميم .. وهذه الاجابة المسطحة الساذجة ستعيدنا الى المربع رقم واحد مرة أخرى.

فلوقامت دولة الخلافة اليوم سيكون تسليحها كليشنكوف وطبنجات شرقية عفى عليها الزمن ولن يكون لها من سبيل لمواجهة القوة الغربية بأى حال ولو فى الخيال وهنا سيدعونا الخليفة مرة أخرى الى الصبر والاجتهاد وربط الأحزمة حتى نستعد لمواجهة هؤلاء الكفرة وهذا قد يستغرق على الأقل مائة سنة.. وهنا لابد أن نضيف أن هذا المشروع فضلا عن أنه نظرى وعدوانى الا أنه مشروع دجال يدعونا للتضحية فى سبيل شىء مجهول .. كل أهداف هذا المشروع السياسية والاقتصادية والمعيشية يمكننا من تحقيقها بدون خلافة ولايحزنون يمكننا تحقيقها من خلال التعليم والتربية السليمة .

على مايبدو أننا كشعوب عربية مكتوب علينا أن نخرج من عصر الجنرال عنترة الى عصر الخليفة المجاهد عنتظزه والاثنين هدفهم مص طاقاتنا المبدعة وتبديدها فى صحراء العجرفة والتطلع الى السراب .. لن يكون هناك أى أمل للعرب فى الخروج من هذه المطبات الأيدلوجية الا باعلاء مشروع الخلافة العلمية .. وهو مشروع لو تعلمون عظيم.

سوو صفوفكم..



 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية