مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 التائب من الذنب

 

التائب من الذنب

 

بقلم : غريب المنسى
........................


التائب من الذنب كمن لاذنب له , أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم .. وأقم الصلاة ياواد يامحمد..

***
انتهت الصلاة وجلس الشيخ متوجها للقبلة يقرأ ماتيسر من الدعوات المتمات للصلاة, وبعد أن انتهى من دعاؤه استادر الى المصلين وانتصب واقفا لكى يلقى عليهم عظته الاسبوعية التى عودهم عليها منذ أن فك الله أسره من سجن العقرب , فالرجل كانت حياته كلها ومنذ أن اتخذ الدين وسيلة حياة عبارة عن رحلة لاتنتهى بين السجون وعلى مدار سبعة وعشرين سنة ومنذ اغتيال السادات بفتوى من شيخه الأكبر طاف الرجل بسجون مصر كلها ولكن بقى سجن القناطر هو السجن المحبب الى قلبه, فالسجن قريب نسبيا من مسقط رأسه والسجانون كانوا الى حد ما متعاطفين معه , لأنه أولا وأخيرا ليس متهم بجريمة شرف .. فالمسجون السياسى الى حد ما يكون فى بحبوحة قياسا بباقى المساجين.

وخرج الشيخ من السجن ولانعرف كيف لرجل لم يعمل فى حياته عملا ملموسا يعيش فى مستوى اقتصادى يوازى أعلى شريحة فى الطبقة الوسطى فى المجتمع , فالشيخ له سائق وفريق حراسة ومزرعة وفيلا .. وعندما سأله أحد مريديه اليساريين عن سر ثروته أجابه بهذا البيت : اذا اتت باض الحمام على الوتد! وملك الملوك اذا وهب لاتسألن عن السبب .

أمريكا فى جيبى هذا .. قالها بثقة مشيرا الى جيب سرواله الأبيض المصنوع فى الصين .. وأردف .. وأنا متأكد أن أمريكا لن تكون لها قائمة فى العالم الاسلامى الا بالاعتماد علينا نحن اللذين نرفع كلمة الحق والدين , نحن يامعشر المسلمين اللذين جعلنا أمريكا تتخلص من مبارك وتمنحنا السلطة حتى ننشر العدل والقيم فى ربوع هذا الوطن. والله ثم تالله لو وضعوا الشمس عن يمنى والقمر عن يسارى وخيرونى بين أمريكا والاتحاد الأوربى لما ترددت لحظة فى أن أختار حبيبتى وربيبتى أمريكا , فالحياة بدون أمريكا حياة ناقصة ويجب علينا نحن معشر المتدينون أن نغير من نظرتنا ومواقفنا تجاه أمريكا .

*****

واشنطن – المكتب البيضاوى

جلس الرئيس بارك حسين يستمع الى مدير مكتب المخابرات المركزية خلال تلقينه اليومى .. وبدا التلقين روتينى فمشاكل العالم لم تتغير منذ آخر تلقين والذى كان بالضبط قبل أربعة وعشرين ساعة , فكرزاى أفغانستان مازال هناك وباكستان مازالت هناك والهند والصين وايران وجنوب كوريا .. كلهم موجودون بمشاكلهم وطموحهم وانتهازيتهم .. وبدا التلقين روتينى ممل الى أن تتطرق مدير المخابرات الى موضوع قلق بندر بن عبد العزيز من المد الأخوانى فى شبه الجزيرة ومنطقة الخليج .. فمدير المخابرات السعودى اكتشف خلية اخوانية فى المملكة هدفها نشر تعاليم سيد قطب وتحجيم أفكار محمد بن عبد الوهاب شريك بن عبد العزيز فى تثبيت ركائز حكم آل سعود , وبندر يعلم أنه حال تحول شعب شبه الجزيرة عن اعتناق الوهابية والدخول فى الاخوانية ستكون المملكة محكومة من مكتب الارشاد فى القاهرة , وهذا أمر خطير جدا.

- الرئيس : وما المشكلة من التواجد الأخوانى هناك .. أليس الدين واحدا وكلهم سنة .. وهابية أو اخوانية مالفرق ؟!! من خبرتى ومتابعتى كلها أيدولوجيات دينية محلية عفى عليها الزمن فى هذا القرن الذى تنبأ به العلماء أنه سيكون القرن الحاسم فى تاريخ الكوكب الأرضى.. بالله عليك ماذا تريد منى كرئيس لأقوى دولة فى العالم أن أفعل ازاء تعاليم رجلين توفاهم الله منذ زمن بعيد ومازالت أفكارهم تستخدم سياسيا لتخدير الناس .. انهم يتعاملون مع هذه الشخصيات وكأنهم كانوا فى مستوى بوذا مثلا .. يارجل أنا فى شهر الانتخابات الحاسم وانت تعرض على مشاكل بن عبد الوهاب وقطب !!
- مدير المخابرات : سيدى الرئيس .. بندر غضبان جدا ويهدد اذا نحن لم نفعل شيئا لوقف المد الاخوانى فى الخليج وشبه الجزيرة .. انه غاضب جدا ياسيدى الرئيس ..
- الرئيس : أنا أتفهم غضبه جيدا .. ولكن نحن فتحنا صفحة جديدة مع الأخوان وانهم تعهدو بعدم التعرض لاسرائيل ونحن تعهدنا بمساعدتهم فى استقرار أوضاعهم .. هل يعقل أن نخسرهم بهذه السرعة .. أيها الجنرال : أن العالم قد انتهى تقريبا من استعمال وتجربة كل الأيدولوجيات السياسية بعد أن فشلت فى تحقيق السعادة للانسان ونحن الآن فى اطار تجربة الدين عله يكون وسيلة استقرار وسعادة للشعوب .. لقد صدعونا بمقولة الدين هو الحل !! ونحن نريد أن نتيقن هل الدين هو الحل كما قالوا أم الدين سيكون المشكلة ؟!! وهذا لن يظهر الا بعد اعطاء هذه التجربة وقتا مناسبا حتى نستطيع أن نحكم عليها .. قل لبندر يابندر لاتخف ان الله معكم.. ولينصرن الله من ينصره.
- مدير المخابرات : سيدى الرئيس مانحن بصدده الآن هو بداية خلاف وصراع سنى – سنى , وهذا قد يحتاج الى اعادة ترتيب الأوراق مرة أخرى , فعندما كان الصراع سنى – شيعى كان من السهل أن نلهيهم ونخرج نحن من دائرة الصراع لنركز على تحقيق أهدافنا الكبرى بعيدة المدى .. ولكن الآن الوضع اختلف والسنة قادرين على نقل صراعاتهم الى حديقة البيت الأبيض الخلفية .. سيدى الرئيس , بندر وشيوخ الخليج على حق هذه المرة.
- الرئيس : دعهم يتصارعون .. ستكون شعوبهم هى الرهينة وهى الحكم فى هذا الأمر .. هذه الشعوب المخدرة لابد أن تفيق على حقيقة مهمة وهى أننا فى خلال القرن العشرين واوائل القرن الواحد والعشرين قد جربنا كل النظم السياسية والأيدولوجيات الفكرية ووجدنا أنه لاتوجد أيدولوجية أو نظام سياسى صالح للجميع .. فما يصلح لى ليس بالضرورة يصلح لغيرى , وبناء على ذلك فهم يرون أن الدين هو حلا لمشاكلهم ولابأس من ذلك ولكنهم فرقا وشيعا وأحزابا حتى الدين الواحد الواضح والمنزل من السماء هم مختلفون عليه تحت مسميات وهمية ونحن لعبنا دورا مهما فى تأجيج هذا الخلاف .. أعترف بذلك , ولكن اليوم الخلاف سيكون بين طائفة واحدة فهذا وهابى وذاك قطبيا ونحن لن نستطيع السيطرة على مشاعر الجماهير المؤدلجة دينيا .. الموضوع حتما سيخرج من دائرة سيطرتنا ..
- مدير المخابرات : سيدى الرئيس كل مراكز ابحاثنا ومراكز استنباط القرار تؤكد على أن هؤلاء القوم قوما فاسقيين بمفهوم الذكاء وليس بمفهوم الدين .. أنهم قوم أغبياء .
- الرئيس : دعنى أوضح لك شيئا مهما أيها الجنرال , نحن لسنا فى مدرسة نظرية للعلوم ,نحن هنا فى ميدان تطبيق نظريات بالذخيرة الحية .. لقد قالوا أن الدين هو الحل ولقد قلنا لهم حسنا .. جربوه .. نحن لسنا معنيين بنجاح تجربتهم بقدر مانحن معنيين بعلاج مشاكلنا التى نتجت عن تفتتيت قوتنا فى سبيل التفكير لهؤلاء الناس .. دعهم وشأنهم : اذا نجحوا فيامرحبا واذا فشلوا يامليون مرحبا .
- مدير المخابرات : أفهم من ذلك ياسيدى الرئيس أنك تتبع سياسة الباب المفتوح.
- الرئيس : أنا هنا لا أتكلم سياسيا .. أنه مجرد منطق يحكم الأشياء .. هل فكر بندر مثلا فى مشاكلنا نحن هنا بعد اعصار ساندى وأزمتنا الاقتصادية الطاحنة والعاطلين عن العمل هنا حتى يطلب منا أن نحل له خلافا بين أتباع قطب وابن عبد الوهاب ؟!! ان هذا البندر عليه أن يتحلى بالشجاعة ويضع حلولا لمشاكله هو واصدقاؤه الخليجيين..
- مدير المخابرات : سيدى الرئيس كما تعلم لقد عودنا بندر والخليجيين أن يرضعوا من ثدى أمريكا وهم لم يفطموا بعد .
- الرئيس : علينا أن نفطمهم اليوم .. وحمله وفطامه فى عامين!! لقد حملناهم فى أحشاؤنا منذ نهاية الحكم العثمانى ومازالوا غير قادرين على الحبو بعد؟ لو تركناهم اليوم لن يجدوا بديلا عن تعلم المشى .
- مدير المخابرات : نعم ياسيدى الرئيس .. أنها سياسة الأمر الواقع .. دعهم يتعلمون السير بعيدا عنا , نحن لدينا مشاكل كثيرة اعمق من مشاكلهم .. نحن نحاول أن نعبر الى المستقبل وهم مازالو يحنون الى الماضى السحيق .. قل لى بالله ياسيادة الرئيس : ماذا تصنف هذه العلاقة بيننا وبينهم ؟ هل هى ندية ؟ هل هى مصلحية؟ هل هى بلطجة من طرفنا ؟
- الرئيس : لاتنسى أن الطرف الآخر فى أى تعامل هو الذى يحدد بالضبط نوع المعاملة وأنا أرى أنهم يستعذبون البلطجة من طرفنا شريطة أن تكون فى السر , فأنت تعلم ماذا يقول قادتهم فى السر لنا ومايعلنونه على شعوبهم فى الجهر .. شىء رهيب حقا .. هؤلاء الناس أساتذه فى الكذب والتمثيل والادعاءات ..
- مدير المخابرات : لقد توصلت اسرائيل الى هذه الحقيقة منذ زمن طويل .. وهى تتعامل معهم من هذا المفهوم سيدى الرئيس .. ولكن مشكلتنا أننا قوة عظمى ولنا مصالح لابد أن نحميها هناك.
- الرئيس : مخطىء جدا من يتصور أن مصالحنا ستتأثر بأى صراع سينشب لديهم , بالعكس تماما .. فالسوق الاقتصادى هو الذى يتحكم فى مصالحنا وليس مجموعة الشيوخ والأمراء .. انهم يضخون بترولهم وغازهم ليس حبا فى عيوننا ولكن حبا فى الدولارات .. وبدون الدولار .. لن يكون هناك ودا على الاطلاق ..
- مدير المخابرات : تذكرنى ياسيادة الرئيس بقصة الرجل الذى كان يبيع اللحم بأعلى الأسعار ومازال يطلب خدمات من زبائنه غير مدفوعة الآجر متذرعا بأنه هو الذى يتحكم فى بطونهم .. علما بأن هناك بديلا عن اللحم ولكن الزبائن فى هذه المدينة مأفونين.
- الرئيس : نسيت أن تقول لى شيئا عن رومنى .. هل سيطيح بى فى الانتخابات ؟ اننى خائف من هذا اليوم ياجنرال.
مدير المخابرات : سيدى الرئيس سواء ذهبت أنت وجاء رومنى أو العكس , ساظل أنا هنا ألقن من يجلس على الكرسى عن مشاكل العرب والمسلمين . وهى كما تعلم سيادتكم مشاكل تصيب بالأكتئاب.

***

القراء الاعزاء .. صدرت رواية جديد لزميلنا فى عرب تايمز الأستاذ زهير كمال من فصيلة روايات الخيال العلمى تسمى " نيزك" والاستاذ زهير أثرى المكتبة العربية بالعديد من الكتب كان أكثرها شهرة وتأثيرا رواية صيد الثلج وكتابه الرائع عن الخليفة عمر بن الخطاب. وقد بذل الاستاذ زهير جهدا كبيرا يشكر عليه فى استبشار المستقبل الذى ينتظرنا. هذه ليست دعاية ولكن تنويه واجب لمن يريد اقتناء هذه الكتب المهمة والشيقة.

 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية