الامريكان قادمون-6
...............................................................
بقلم :غريب المنسى
......................
كولن باول شخصية جذابة ومريحة .. بدء حياته ضابط مشاة فى فيتنام ...وتقاعد بعد أن وصل الى منصب رئيس هيئة العمليات العسكرية فى حرب الخليج الأولى...ويعتبر من المقربين الى بوش الأب الذى ساعده .. فبوش الأب هو الذى اختاره ليكون مدير هيئة العمليات متخطيا طابور طويل من اللواءات الحالمين.. وعندما فاز بوش الابن اختاره لحقيبة الخارجية وهى أهم حقيبة فى الادارة .
بعد انتهاء العمليات العسكرية فى افعانستان بداء الرباعى بوش وشينى ورامسفيلد وتينت يدرسون جديا فكرة غزو العراق والاطاحة بنظام صدام حسين .... وكانت الاوامر من رامسفيلد لفرانك أن يبدء فى تنقيح خطة الغزو وبدأ المخططون فى العمل على قدم وساق فالمعروف عن رامسفيلد أنه صارم وديكتاتورى .
يقول بوب وودورد فى كتابه بوش فى حرب أن الرئيس استدعى الامير بندر وأخبره بنية الادارة فى غزو العراق ..وذلك حتى قبل أن يعلم باول ولو صح هذا الكلام فمعناه أن باول كان معزول من الدائرة الضيقة للرئيس ..الأمر الذى دعى باول أن يطلب من رايس أن تنظم لقاء ثنائى بينهم ...وفعلا تم اللقاء فى استراحة الرئيس على عشاء خاص بين الرجلين وفى هذا اللقاء شرح باول وجهة نظره بالنسبة للحرب وأنه له بعض التحفظات عليها ولكن اذا ما قرر الرئيس غزو العراق فهذا قراره وانتهى اللقاء بينهما بتأكيد بوش له انها ستكون حرب خاطفة مضمونة النتائج.
لو أن كولن باول استغل منصبه وشعبيته وأعلن رفضه للحرب لكانت الصورة تغيرت تماما .. نعم كان فى مقدور باول أن يتصدى لقرار الحرب وكان الشعب الأمريكى والاعلام والكونجرس سيستمعون الى رأيه .. رجل واحد كان بمقدوره أن يغير الأمور ولكن على ما يبدوا أن كولن باول لم يكن يعلم أن رأيه مهم لهذه الدرجة.. لذلك انصاع للمجموع.... وان لم يكن هو شخصيا موافق على الحرب.
خطة غزو العراق خطة معقدة للغاية وتحتاج الى جهد جبار على المستوى السياسى والعسكرى والاعلامى فعلى المستوى السياسى لابد من موافقة الكونجرس بشقيه - مجلس الشيوخ والنواب - ثانيا لابد من اقناع مجلس الامن على ان العراق قد كانت متواطئه فى احداث سبتمبر وايضا حيازتها على اسلحة بيولوجيه وكيماوية وجرثوميه وهذا من الصعب أن يتم لأن اعضاء مجلس الامن الدائمين والذين لهم حق الاعتراض على اى مشروع امريكى بالحرب معظمهم له علاقات تجارية ضخمة مع العراق منهم روسيا وفرنسا والصين اما بريطانيا فكانت من المؤيدين للحرب .
أما على المستوى العسكرى فنقل مايقرب على ثلث مليون عسكرى بمعداتهم ماهى الا تحدى جبار ولاسيما أن تركيا لم توافق مبدئيا على الفكرة والكويت لاتستطيع ان تضخ هذه الاعداد من حدودها وكانت الخطة كما أعدها تامى فرنك تشمل عدة محاور.
الاول: شمال العراق حيث يعيش الاكراد فلابد من التمويه باأن تركيا مؤيدة للغزو من حدودها وبذلك يربط العراق احدى عشرة فرقة عسكرية بالاضافة الى فرقتين من الحرس الجمهورى على هذه الجبهة.
ثانيا: قصف جوى مركز بكل ما تملكه البحرية الامريكية من قنابل وصواريخ لتدمير الاهداف الاستراتيجيه.
ثالثا: الهجوم من الكويت باأكبر عد من المشاة الميكانيكى.
رابعا : غرب العراق ويتم تامينه بالقوات الخاصة الذين يطلق عليهم الباريه الاخضر وهى قوات عالية التدريب.
خامسا : تاأمين حقول البترول فا العراق يملك الفين وخمسمائة بئر بترول منها الف فى الشمال والف وخمسمائه فى الجنوب.
سادسا :احتلال بغداد وهى فى حد ذاتها عملية عسكرية منفصلة تماما فبغداد عاصمة العراق ويسكنها خمسة ملايين نسمه تمثل القلب النابض للعراق بالاضافة الى ان فرق الحرس الجمهورى المرابطة هناك تعطيها حماية ليست بسيطه.
أما على الجانب الاعلامى فلابد من حملات اعلامية مركزة سواء داخلية بالنسبة للامريكان وايضا خارجية بالنسبة للعراقيين فكلا الشعبين لايعرف ما يدور خلف الكواليس ولقد اسقطت امريكا على العراق خمسة وعشرون مليون منشور يناشدهم التخلى عن صدام كعسكريين او مدنيين وأتحفت قناة الفوكس نيوز وهى أمريكية المركز يهودية الهوية الامريكان بكل عناصر التشويق واثارة الدماء فى العروق وأيضا جاءت فكرة الحاق صحفيين بالقوات الغازية لنقل الوقائع من أرض الواقع لتصب فى نفس الغرض وهى جعل المواطن الامريكى يعيش المعركة .
فى يوم سبعة وعشرين فبراير سنة الفين وثلاثة قدم هانز بليكس رئيس لجنة التفتيش الدولية على اسلحة الدمار الشامل تقريرة للامم المتحدة وكان يطلب وقت اضافى فاالعراق بدء يتجاوب مع عملية التفتيش ولكن الولايات المتحدة لن تسلك هذا الطريق مرة اخرى- طريق المراوغة واللعب بالكلمات - وقد وضع كولن باول الحالة اما الامم المتحدة بالمستندات - التى علمنا أنها مفبركة فيما بعد - ان العراق ماهو الا خطر مزمن.
وهكذا مضت الادارة الامريكية جديا فى طريق الحرب هى وبريطانيا وبداءت الطبول تدق .
فى يوم سبعة عشر مارس سنة الفين وثلاثة أعطى بوش تحذيره الاخير لصدام بالتنازل عن السلطة والرحيل هو وأولاده قصى وعدى من العراق.
في يوم عشرين مارس سنة الفين وثلاثة بدءت الحرب ودارت عجلة احتلال بغداد .
فى يوم السابع من ابريل سقطت بغداد .
فى يوم الرابع عشر من ابريل سنة الفين وثلاثة وبعد ثلاثة واربعين يوما انتهت العمليات العسكرية رسميا وبدأت حرب العصابات التى ما زالت مستمرة الى يومنا هذا.