الخروج الآمن   الخروج الآمن   بقلم : غريب المنسى ........................ دخل السكرتير الصحفى مكتب الرئيس فى الصباح الباكر ليستقى من سيادته الخطوط العريضة لاتجهات السياسة المحلية والاقليمية والدولية وحتى يكون جاهزا للرد على استفسارات الصحفيين فى المسائل المهمة والتى تهم القطاع العريض من الشعب ومنها التموين والمرتبات والتعليم والمواصلات بالاضافة الى مشروع النهضة الذى وعد به الرئيس الشعب والعالم فى خطبته العصماء ابان توليه المنصب. وسكرتير الرئيس الصحفى لابد أن تكون شخصيته تماما مثل شخصية النادل , لابد أن يكون حاد الذكاء ويفهم بسرعة مزاج الرئيس العام من النظرات فالرجل مهمته شديدة الأهمية , فهو الوحيد القادر على بيع كلام الرئيس للشعب من خلال بعض من الكلمات المعسولة المنمقة والمفتوحة النهايات ,وعندما يقف أمام حوالى ثلاتين ميكرفونا يضعها آمامه مراسلى الشبكات المحلية بالوان مختلفة وأحجام متفاوته يكون الانطباع لدى الناس بأن الرجل لاينطق عن الهوى وأنما مربوط بحبل سرى بافكار السيد الرئيس . وجد السكرتير الصحفى السيد الرئيس منهمك فى كتابة بعض الملاحظات ولكن كانت علامات وجهه تؤكد أنه يعنى مايكتب وأنه متأثر ومتواصل وجدانيا مع مايخطه على الورق, فانتظر الرجل قليلا حتى انتهى السيد الرئيس من الانتهاء من تدوين مايكتب وبابتسامته الصفراء الغير مفهومة , توجه للسيد الرئيس بخشوع مزيف وقال له اتمنى ياسيادة الرئيس أن لاأكون قطعت حبل أفكاركم , فاأنا على معرفة تامة بأن سيادتكم بدأت تضع الخطوط العريضة لمشروع النهضة والتى ستكون نتائجها باذن الله مبهرة , فالعالم يعرف أن سيادتكم من كبار المفكرين الاستيراتيجيين فضلا عن أن فخامتكم ينبوع الانسانية والاخلاق فى هذا الشرق الأوسط وأننى ياسيادة الرئيس لم اتردد يوما من اعطاء الصحفيين اشارات ايجابية عن سيادتكم ودائما أحاول اقناعهم بأنك هدية الله لشعب هذه البلدة التى وهبها الله بعد طول عناء الرجل المناسب للمكان المناسب, وبناء عليه ياسيادة الرئيس قل لى من فضلك ماذا تريدنى أن اقدمه للشعب فى هذا اليوم الجميل؟ فالشعب يريد أن يسمع توجهاتك وتفكيرك من خلال شخصى الضعيف الى الله .. الشعب يريد أن يطمئن على مشروع النهضة فالمخلوع ياسيادة الرئيس سابها زى ماسيادتك شايف خرابة.. - الرئيس : نهضة ايه ياعم ؟!! أنا كنت باكتب وصيتى للحاجة أم الأولاد.. - السكرتير : سيدى الرئيس عفوا .. مالذى يدور فى خاطرك ؟!! أنت لم تقضى بعد فى المنصب حتى الفترة الضرورية للتثبيت فى الوظيفة وهى على ما أعتقد ستة شهور , مالذى يدعوك للتخلى عن هذه الوظيفة التى جعلت منى أجدع سكرتير صحفى فى المنطقة .. هل تريد لى ياسيادة الرئيس أن أفقد وظيفتى؟!! - الرئيس : يابنى النهارده آخر يوم فى مهلة الرأفة !! لو استمريت فى هذا المنصب أسبوع آخر لن يكون هناك خروجا أمنا .. فالخروج من هنا تاريخيا كان الى القبر وأخيرا أصبح من هنا الى الليمان ثم الى القبر وأنا عندى عيال عاوز أربيهم . - السكرتير : سيدى الرئيس السجن للجدعان .. كلنا سنكون فى العنبوكى معا سواء شئنا أم أبينا ,فالشرق الأوسط لم يعرف بعد لقب الرئيس السابق فهو هنا اما الرئيس المرحوم أو الرئيس المسجون , ولكن أطمئن ياسيادة الرئيس هذا لن يحدث معنا اليوم أو غدا .. لقد استمتع المخلوع بالمنصب لمدة ثلاثين سنة قبل أن يودع فى الليمان .. فعلى الأقل نستمتع نحن بهذه الأبهة لمدة عشر سنوات وبعد ذلك سيكون السجن أحب الى قلبى من قصر رأس التين. - الرئيس : يابنى ده لو احنا محظوظين ندخل السجن .. ولكن هناك احتمال كبير أن نقتل ضربا بالأحذية , الشعب لم يعد بالسذاجة القديمة , الشعب يريد نتائج ولكننى اكتشفت أن المخلوع لم يترك لى شىء ملموس على الاطلاق حتى أستطيع أن أعطى أمل للشعب .. لقد ترك لى المخلوع البلد ناشفة . - السكرتير : بس سيادتك والاستاذ بديع منورين ومباركين هذه الخرابة .. يكفى أن سيادتك مازلت تواظب على الصلوات الخمس فى أوقاتها وتدعوا للشعب بالتوفيق والهداية وزيادة الانتاج .. وهذا فى حد ذاته توجه مختلف تماما عن توجهات المخلوع الذى كان لايصلى ولايذكر اسم الله !! - الرئيس : يابنى أنا قررت أن أترك البلد للأستاذ بديع وأهرب بجلدى بخروج آمن .. بديع ثورجى عنى وهو الذى أعلن راية الجهاد على اليهود الصهاينة وهو الذى أقنعنى أن أرسل هذه الرسالة العاطفية المخزية لبيريز وهو الذى أوحى للموساد بتسريب محتويات الرسالة حتى أكون أنا أمام الشعب الأنبطاحى وهو المجاهد الكبير. - السكرتير : بس الاستاذ بديع شكله كده بتاع ربنا مالوش فى الزمبكة. - الرئيس : كلنا بتوع ربنا!! - السكرتير : سيدى الرئيس بحق السماء لاتفسد على سعادتى وسعادة أم العيال بالاستقالة وتشريدى , اذا كانت المشكلة فى الأستاذ بديع فنحن ممكن نحلق له ونشيطنه !! - الرئيس : ازاى يابنى ؟ بديع نابه أزرق!! - السكرتير: على مايبدو ياسيادة الرئيس أنك لم تتفهم بعد الصلاحيات الدستورية التى هبطت عليك وجعلتك أقوى رجل فى هذه البلد, الأستاذ بديع قوى على تلامذته ومريديه فى المقطم .. ولكن هنا فى مصر الجديدة أنته الأستاذ. - الرئيس : مش فاهم ماذا تقصد ؟ يابنى الأستاذ بديع صاحب فضل على وأنا لايمكن أن أتنكر لأستاذى!! - السكرتير : ياسيدى الرئيس.. الموضوع مش تنكر .. الموضوع أن المركب عايزه ريس واحد .. وطالما أنا هنا فاأنا أفضل أن تكون أنته قائد المركب وأنا خادم قائد المركب المطيع .. واذا سمحت لى سيادتكم أن أعطيك نصيحة من شخص يحب سيادتكم ومستعد لبذل الروح فى سبيل رفعة مقامكم : لابد أن تتخلص من الأستاذ بديع فى أقرب فرصة أنه رجل متسلط يريد الأضواء لنفسه والتعتيم على فخامتكم .. تخلص منه يافخامة الرئيس واجعله رفيقا للمخلوع وونيسا لصفوت وعز وسرور عله يهديهم ويرشدهم الى طريق الصواب فى الليمان. - الرئيس : يهديهم ؟!! ويرشدهم؟؟!! ههههههههههه!! - السكرتير: سيدى الرئيس .. من السهل جدا فى ظل هذه الظروف التخلص من الاستاذ بديع .. من السهل جدا شكه دبوس هو وكل الشلة ونبقى أنا وسيادتك هنا .. وطبعا الشعب . - الرئيس : ألم أقل لك أن الأستاذ بديع نابه أزرق وعضته مسممة !! لقد فكرت قبلك فى هذا الموضوع ووجدت أنه من الصعب التخلص منه.. - السكرتير : سيدى الرئيس دعنى أتصل بالموساد ليفتحوا ملفه .. ومصادر تمويله , وعندئذ ستكتشف أنه سيطير من طريقك الى الأبد وبلا رجعة. - الرئيس : ياخبيث .. كيف عرفت أن له ملف فى الموساد؟ والمخابرات المركزية والكى جى بى والام أى 6؟ - السكرتير: معلومات عامة ياسيدى الرئيس .. وبالنسبة لملف سيادتكم باذن الله سيختفى تماما من هناك .. وراك رجالة ياسيدى الرئيس .. وراك رجالة !! - الرئيس : ماذا كنت تعمل فى السابق أيها السكرتير المعجزة ؟ - السكرتير : عضو عامل فى الحزب الوطنى ياريس..     06/11/2014 مصرنا ©