مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 خلط الدين بالسياعة

 

الرئيس

 

بقلم : غريب المنسى
........................


يقارن المتابعين للشأن المصرى حركة التصحيح التى قام بها الرئيس المنتخب محمد مرسى فى أغسطس من هذا العام والتى أقال فيها وزير الدفاع محمد حسين طنطاوى ورئيس أركانه الفريق سامى عنان وبعض من القيادات الرئيسة فى القوات المسلحة المصرية بحركة التصحيح التى قام بها الرئيس الراحل أنور السادات فى مايو من العام واحد وسبعين , وكان الهدف من كلتا الحركتان هو سيطرة رئيس الجمهورية على زمام الأمور فى الدولة وضمان ولاء أهم مؤسسة بالدولة وهى القوات المسلحة, وهذا بلا شك تحرك قانونى من رئيس الدولة فى حالتى السادات ومرسى .

هكذا تبدو الأمور من على السطح للمتابع البرىء , ولكن الأمر فى حقيقته هو انقلاب عسكرى صامت لصالح رئيس الدولة استغله السادات استغلال جيدا فى الاعداد لحرب أكتوبر ودفع بنجوم جديدة من أمثال المشير أحمد اسماعيل والفريق الشاذلى والمشير الجمسى وغيرهم الكثير من القادة العظام اللذين قدموا لمصر الكثير من الخدمات الوطنية , وكانت حرب أكتوبر هى الحرب التى أفرزت لنا الصف الثانى من القادة من أمثال المشير الراحل محمد عبد الحليم أبو غزالة الأب الروحى لفكرة اعتماد القوات المسلحة على ذاتها فى الامداد والتموين وتطورت فكرته ونظرته طويلة المدى حتى أصبح الجيش المصرى له مشاريع اقتصادية محلية توازى ثلث الدخل القومى المصرى والبالغ مائتين وعشرين مليار دولار سنويا. ولو لم يطيح به مبارك فى حركة غامضة لكان من الممكن جدا أن تملكت مصر صواريخ استيراتيجية طويلة المدى فى الوقت الحالى .

أما فى حالة الرئيس مرسى فهو ليس فى حالة حرب مباشرة مع أى دولة وقيامه بثورة تصحيح داخل الجيش أصابت كل الجهات الاستيراتيجية حول العالم بشىء من الذهول والخوف والتحفز فى محاولة قراءة تحركه المفاجىء وهل هذا التحرك لمجرد السيطرة على الأمور محليا لخدمة برنامجه السياسى والاقتصادى أم أنه خطوة بعيدة المدى للبدء فى تغيير الأيدولوجية العسكرية المصرية وتحويلها الى عقيدة دينية قتالية !! ومصدر خوف الجهات الغربية أن القادة الجدد وقادة الصف الثانى وحتى مستوى القيادات المتوسطة والتى تبدأ من رتبة المقدم حصلوا على دراسات متقدمة فى الولايات المتحدة وحتى الرئيس مرسى نفسه حاصل على درجة الدكتوراة من الولايات المتحدة .

الرئيس مرسى أرسل عدة اشارات خاطئة للمجتمع الدولى فى غمرة فرحته بفوز حزبه بمقعد الرئيس والتخلص من طنطاوى وعنان وارتفعت شعبيته وجاذبيته محليا فى غمضة عين عندما تأكد من ولاء الجيش التام له من خلال وزير الدفاع الجديد الفريق أول السيسى , فالمجتمع الدولى يحاول أن يحلل هذه الشفرات وهى كلها شفرات سياسية متضاربة لاتصدر الا عن الزعماء العرب :

** عندما تسلم الرئيس مرسى السلطة تعهد صراحة بالمحافظة على المعاهدات الدولية وبالتحديد كامب ديفيد مع اسرائيل. وأرسل له الرئيس الاسرائيلى تهنئة بمناسبة توليه منصبه وأرسل الرئيس مرسى رسالة ردا على التهنئة وكذبتها آلة اعلامه الداخلى وهذا معناه أنه منفصم الشخصية على الأقل فى نظر المتابع الغربى. فالتكذيب هنا ليس فى محله لاسياسيا ولادبلوماسيا ولا دينيا .

** أعلن أن حركة التصحيح فى الجيش كانت محلية لأسباب محلية وأنه هو صاحب القرار ولايعلم بقرارة أى انسان خارج حدود دائرته الضيقة كرئيس دولة , ولكننا اكتشفنا أن مدام كلينتون كانت على علم مسبق بالقرار وأن وزير الدفاع الأمريكى كان على علم مسبق أيضا.

** يبالغ الرئيس مرسى فى تأدية الشعائر وكلما أدى شعيرة نقلتها وسائل الاعلام وهذه رسالة ليس لها مفهوم على الاطلاق , من يهمه فى الغرب درجة تدين الرئيس مرسى ؟ ولكنه داخليا على مايبدو يريد أن يقلد "الرئيس المؤمن" الراحل السادات فقريبا وبعدما سيطر على مفاصل الدولة ستطلق عليه آلته الاعلامية " الرئيس الساجد" غير عابىء بمشاعر حوالى أربعين مليون مواطن مصرى بالداخل مابين مسيحى ومابين من يخطف الخمسة بسرعة ومابين غير مصدق بالديانات من الأساس.

هذه بعض الاشارات التى يرسلها الرئيس مرسى للمجتمع الدولى فارحا بشعبية محلية وانتصار وهمى على طنطاوى وعنان , أما فى اسرائيل فكل هذه الاشارات يفهمونها بطريقة مختلفة تماما. فالجماعة فى اسرائيل ليسوا بسذاجة الشعب المصرى ومن الأحسن والأفضل والأوفر أن تكون أشارات الرئيس مرسى واضحة ليس بها لبسا ولا تأويل, وهذا يجرنا لعدة أسئلة دارت فى مجالس الشعب المصرى خلال شهر رمضان.

هل وزير دفاع مرسى الجديد أخوانجى؟

هناك اجابتان على هذا السؤال الاجابة القصيرة هى أن الوزير الجديد ليس أخوانيا . والاجابة الطويلة هى أن تحرك الفريق السيسى ضد طنطاوى وعنان كان الهدف منه تسليك ماسورة الطموح لدى قيادات القوات المسلحة فوجود طنطاوى لمدة عشرين عاما على رأس وزارة الدفاع قتل الطموح وسد ماسورة الأمل لدى القيادات , فكما نعلم جميعا أن أمل أى ضابط طموح أن يصل الى أعلى المناصب القيادية وفى ظل وجود طنطاوى كل هذه السنوات أصبح وجوده مشكلة تواجه القيادات الطموحة فوجوده كان ضد طبيعة الحياة والتغيير . هذا من ناحية ومن الناحية العملية أن مرحلة وصول القيادات الى مناصب متقدمة تخضع لعملية معقدة جدا من المنافسة والدراسة وقياس الكفاءة, ونحن عندما نرى قيادة عسكرية فلابد أن نتأكد أنه تفوق خلال مسيرته العسكرية على مالايقل عن مائتين منافس ليفوز هو بالمنصب نتيجة تعب وكد ومثابرة ودراسة وبالتأكيد ليس من بينها أنه أخوانجى .

هل استغل مرسى غضب القيادات على طنطاوى لتمسكه بالمنصب لمدى الحياة؟

بالتأكيد استغل هذا فى التخلص من طنطاوى وعنان ليضرب عصفورين بحجر واحد , أولا يفسح الطريق أمام دماء جديدة فى قيادات الجيش وثانيا يضمن ولائهم التام له ليس عقائديا ولكن لشرعيته الدستورية .

لماذا يترك الرئيس مرسى الرأى العام العالمى والمحلى فى حيرة من أمره بخصوص هوية وزير دفاعه الجديد العقائدية؟

الاجابة هنا ستجرنا لموضوع الشفافية فى اتخاذ القرارات المهمة واعلام الشعب بخلفية اتخاذها حتى لايتخبط الرأى العام وهذا ليس جديدا علينا فمصر من الدول التى تحتل الذيل فى قائمة الشفافية الدولية فى كل القطاعات والرئيس مرسى على مايبدو لايهتم بموضوع الشفافية وكل مايهمه أنه تخلص من طنطاوى وعنان بضربة معلم سياسى عويص!! وهذا طبعا للاستهلاك المحلى .

هل الجيش المصرى بقيادته الجديدة على وعى تام بالخطر المحيق فى سيناء ومحاولة جره فى حرب استنزافية مع جماعات جهادية هى فى واقع الأمر جماعات وهمية مجندة من الأفارقة اللذين دخلوا من سيناء للهروب الغير شرعى لاسرائيل للبحث عن فرص عمل , جندتهم اسرائيل ومنحتهم فرص عمل كمجاهدين وهميين لاحداث قلاقل فى سيناء وقتما وحيثما تريد ؟

هذا ما يحتاج الى توضيح من الرئيس مرسى , فلم تعد هناك أسرارا!! فهناك مصادر أخرى للحقيقة ومن الأحسن أن تأتى الحقيقة من "الرئيس الساجد" مرسى , فالشفافية والصراحة مهمة جدا حتى نزيل الشك الذى يقتل ويشوش الشعوب.

ونصيحة مخلصة من القلب للرئيس مرسى بمناسبة العيد: طريقة الخبث الفلاحى لن تدفع مصر للامام, العصر قد تغير والغرب واسرائيل تعلم عن مصر ربما مالم تسمح به فترة رئأستك لمصر , وبالتالى فطريقة التفكير والتعامل مع الشعب المصرى والمجتمع الدولى لابد أن تكون واضحة وصريحة ومباشرة ومن القلب بعيدة عن اللف والدوران والتذرع بسرية الأمن القومى لتمرير أكاذيب وحزازير , الشعب المصرى ذكى ولو أنك تعاملت معه بمنطق الصراحة والوضوح سيشاركك المسؤلية ويقابلك فى منتصف الطريق , فالتحديات عظيمة على كل المستويات وبدون الشعب بجميع طوائفه ستكون هناك مشكلة كبيرة ستواجهك .. اخلغ عباءة الأخوان وارتدى عباءة شعب واحد تحت سماء واحدة وليكن شعارك أن الدولة للمواطن وبالمواطن ولصالح المواطن .. والاخوان مش حيطيروا ممكن ترجع لهم بعد خروجك على المعاش.

وأيضا : لاتخلط الدين بالسياعة .. حتى لانفاجىء قريبا بأن البدنجان حرام!!



 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية