مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الجنة والنار

 

الشيطان

 

بقلم : غريب المنسى
........................


ظروف عمل أى رئيس بعد أى ثورة أو انقلاب أو تمرد تكون صعبة جدا ان لم تكن مستحيلة, وهذا طبعا يرجع الى ارتفاع سقف المطالب الشعبية التى كانت منسية حتى جاء الرئيس الجديد ليتحمل وزر سابقيه ويشرب المقلب , فهو سيدخل التاريخ على أنه كان رئيسا فى فترة ما , ولكن بجانب كلمة رئيس سيكتب التاريخ على استحياء : كان لاحول له ولاقوة !! وهذا طبعا لو ان كاتبى التاريخ كانوا محايدين . ويمكن تشبيه ظروف هذا الرئيس بلاعب احتياطى موهوب نزل الملعب فى الدقيقة خمسة وتمانين وفريقه مهزوم بثلاث أهداف, ومطلوب منه على الأقل تحقيق التعادل ان لم يكن النصر فى فترة وجيزة. طبعا احتمالات توفيق هذا اللاعب محدودة جدا.

أما بالنسبة للرئيس الموجود فعلا فى الحكم ووجد نفسه فعلا فى عملية مواجهة غير متكافئة مع حركات شعبية متمردة لها مصالح خارجية ليس من ضمن أهدافها اصلاح الأحوال السياسية والاقتصادية للناس بقدر ماهى اداة لنشر الشر والتسيب المنظم فهذا الرئيس أو الحاكم يكون فى وضع اختبار جد صعب جدا , سيما انه مواجه بقوى عالمية تساعد المتمردين لوجستيا واعلام خارجى محبط يحاول جاهدا أن يهزمه سيكولوجيا.

خيارات الرئيس الثانى ليست أحسن حالا من خيارات الرئيس الأول فكلاهما يلعب فى الوقت الضائع من المباراة وكلاهما لن يرحمه التاريخ اذا لم يعلنا على الملأ التحديات التى تواجههم بكل صراحة وان يطلبا من شعوبهم المدد والعون, فبدون الشعوب التى طالما تم احتكارها واحتقارها لن تهدىء الأمور لا فى مصر ولا فى سوريا وسيكون الرئيس أو الحاكم كمن ينفخ فى بالون مثقوب. نعم الشعوب هى مربط الفرس وهى كل العلاج وليست جزء من المشكلة , ولو تم الاستعانة بوعيها الفطرى لتغيرت مجريات الأمور فى شرقنا .

من سيضمن للشعوب أن تغيير الرئيس الحالى سيضمن لهم الفوز بالمباراة بدون خطة طريق عملية موجودة فى خزائن الزعيم. نعم نحن لدينا خرائط طريق متقدمة جدا للآخرة أما الحياة الدنيا فنحن سائرون وراء زعماؤنا على طريقة الصيادين ننتظر مايجود به البحر فى موسم النوة.

لهنرى كيسنجر كتاب جديد عن الصين وتجربتها الناجحة والتى هى مرتبطة بتاريخها الطويل كأمبراطورية مسالمة تستخدم التفسير العقلى والمنطقى لأوضاعها , ويبدو أن هنرى كيسنجر متأثر جدا بالتجربة الصينية التى يقارنها بالامبراطوريات الغربية ومنها طبعا الأمريكية والتى يغلب طابع القوة العسكرية على تصرفاتها فى عملية صريحة لتغييب العقل. وكانت النتيجة كما نرى الآن تفوق الصين اقتصاديا على العالم وفى نفس الوقت مازالت الصين مرتبطة بتاريخها وحضارتها التاريخية فى حين فقدت معظم الشعوب حضارتها تحت وطئة التبعية والتطلع الزائف لقوى غريبة عنها فى حين أن كل أمة من الأمم لها نفس احتمالات نسبة التفوق لو ركزت على مصادر قوتها وعرفت بالتحديد مصادر ضعفها.

لابد من ظهور زعيم اصلاحى بيننا , فالصين ظهر فيها كونفوشيوس فى الفلسفة والفكر المتسامح والمفكر الاستيراتيجى العسكرى صن تزو والذى يعتبر وحتى وقتنا الحالى أحسن مفكر أستيراتيجى بكل المقاييس وأفكاره تستخدم ليس فقط فى المجالات العسكرية ولكن فى المجالات الاقتصادية والادارة على أعلى مستوياتها.

الصين مدت يدها فى خزانة تاريخها الطويل وأخرجت مجموعة من الحكم وطبقتها بكل هدوء بدون انقلابات وبدون ربيع آسيوى وبدون تدخل خارجى وبدون تقسيم شعبها على أسس عقائدية أو اجتماعية وبدون الجزيرة !! ومضت فى صمت لتحقيق هدف أسمى فى فترة زمنية لاتتعدى الخمسين عاما . أما نحن فمازلنا حائرين ضاعت كتب تاريخنا واندثرت حضارتنا وعشنا فى وهم كبير .. وأخيرا قررنا أن البحث عن الجنة هو أقصى مانمكن أن نفعله فى هذه الظروف .

وحتى الجنة والسعى اليها والفوز بها فشلنا فيه بكل المقاييس العقلية, فالسعى الى الجنة يستدعى الصدق والأمانة والسعى والعمل الدؤوب والعلم ومجاراة الأمم وينهى عن الغش والكذب والخداع وايذاء ذو القربى , فنحن أمة مجنونة تعمل كل المنهى عنه للوصول الى الجنة وهذا أمر محير حقا .

نحن بحاجة الى خطة طريق للحياة الدنيا وليس للآخرة , لأننا لو فزنا بالأعمال الجيدة فى الدنيا وحققنا قدرا من النجاح سيضاف الى حسناتنا وبذلك من الممكن أن نتنافس على دخول الجنة .. فبدون العمل الدنيوى الصالح لن تكون هناك جنة ولكن سيكون هناك أسفل السافلين .. فى الدنيا والآخرة .. أو هكذا يقول العقل.




 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية