مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 ثورة الشك

 

المشير والرئيس

 

بقلم غريب المنسى
.......................

تابعت كما تابع معى الملايين نتائج الانتخابات المصرية والتى جاءت - وحتى ان لم تعلن رسميا بعد - بالفريق أحمد شفيق والدكتور محمد مرسى للتصفية النهائية على مقعد رئيس جمهورية مصر العربية, وكلاهما محط اختلاف كبير بين جموع المراقبين, فالأول ذو خلفية عسكرية وممثل المؤسسة الأمنية والوجه الظاهر لمجموعة رجال الأعمال اللذين تربوا فى عصر مبارك ولهم مصالح اقتصادية مباشرة تأثرت وسوف تتاثر- على الأقل من وجهة نظرهم- اذا جاء رئيس من خارج السيستم الخاص بهم ,والثانى هو الوجه السياسى للاسلام السياسى, وممثل المحظورة والمحبوسة والمقهورة والمحموسة - نسبة الى حماس - والمطلوبة - نسبة الى طالبان - والتى ركبت موجة الثورة فى لمح البصر وقفزت على الفرصة وتحولت من جماعة مطاردة الى جماعة طاردة للمد الثورى, والاثنين مع احترامى وتقديرى لهم ليسوا هم المقصودين بتاتا للتعبيرعن التغيير الذى كان ينشده الشعب المصرى.

قبل أن نحاول أن نضع النقاط على الحروف فى هذا التحليل الشخصى لابد أن نتذكر أن الثورة المصرية كانت انقلاب صامت من المجلس العسكرى على الرئيس المخلوع مبارك بمساعدة الولايات المتحدة بمساندة الفريق عنان والذى كان فى زيارة رسمية للولايات المتحدة وقت الثورة وعاد بتعليمات واضحة ومحددة : وهى أن ورقة مبارك قد انتهت وعليكم أن تتصرفوا.

الجيش كان له هدف محدد من عصيان مبارك ورفضهم مواجهة الشعب لصالحه , هذا الهدف هو اطاحة جمال مبارك وليس السلطة فى حد ذاتها لأنهم كانوا قادرين على تنصيب واحدا منهم رئيسا مباشرة بعد الاطاحة بمبارك, فجمال وأحمد عز كانا قد رتبا كل شىء واعدا العدة للركوب , وبدأت خطتهم تظهر بوضوح للأعمى عندما تمكنا من تزوير الانتخابات البرلمانية الأخيرة قبل الثورة مباشرة وحرمان كل القوى الحية فى المجتمع من المشاركة البرلمانية فى غفلة من الزمان , وكان الجيش يراقب هذا بتوتر مكتوم , والمخابرات العامة بقيادة اللواء عمر سليمان كانت على علم بذلك, ولكن كان جمال فى ذلك الوقت قد عزل والده فعليا بسبب سنه المتقدم ووضع كل رجاله فى الدائرة المغلقة المحيطة بمبارك الأب كجواسيس له ضد عمر سليمان. وبات جمال قاب قوسين أو أدنى من تحقيق حلمه بحكم مصر والتى اعترفت به والدته السيدة سوزان ثابت مؤخرا وقالت: أن فكرة التوريث كانت فكرة أمريكية اسرائيلية!!

مهم جدا أن نتفهم هذه الحقائق حتى نستطيع أن نتفهم حقيقة مايجرى الآن على الساحة من صراع مكتوم ليس للشعب المصرى فيه ناقة ولاجمل , فالاخوان نيتهم سيئة ولو تمكنوا من الحكم سيكونون دمويين مع بقايا النظام القديم وحتى مع رجال المجلس العسكرى الحالى والذى ساعدهم فى الخروج من جحورهم وسجونهم للمشاركة لا المغالبة فى العملية السياسية.

اللواء عمر سليمان ذكر فى حديث صحفى أخير لجريدة الحياة اللندنية مامعناه أن الأخوان لو وصلوا للحكم سيكون لديهم مليشيات عسكرية لها القدرة على مواجهة الجيش !! وهذا طبعا كلام خطير جدا وقد يكون كلام مبالغ فيه لو وضعنا فى الاعتبار الخلفية النفسية للمتحدث والضرر المادى والمعنوى الذى حدث له من جراء الثورة , ولكن كلامه بعد تحليل عميق فيه قدرا كبير من الصحة لأنه فى نهاية المطاف عندما تكون مصر دولة اخوانجية فهى ستعانى من مشاكل كثيرة على المحيط الداخلى والاقليمى والدولى وستسهل عملية الانقسام بين الناس وهذا هو الهدف من الدفع بهم غربيا للمقدمة فى غضون أيام من ثورة قام بها الشباب وامتطوها هم ببركة الله, فالاسلام السياسى ليس هو الحل الذى سوف يجعل من مصر المدينة الفاضلة, بل على العكس سوف يجرها الى مشاكل كثيرة تعيق عملية التقدم, وهذا هو السبب الذى جعل الولايات المتحدة تفتح خط مباشر مع الاخوان ليس حبا فى لحاهم ولكن لأن المخابرات المركزية تعلم تماما أنهم هم الوحيدين القادريين على اعاقة أى حركة تنوير ونهضة لمصر وللعالم العربى تباعا, فتاريخ الاسلام السياسى دائما وأبدا صراعات وسفسطائية وتفسير واعادة تفسير وتحريم وتحليل وكلها أمور ضد طبيعة التقدم العصرى. وهذا معروف ومتفق عليه تماما والغرب الذى يحارب الاسلام الذى فهموه صحيحا يسلط علينا الاسلاميين الفرحين بالمناصب والصولجان ليدمرونا بمفاهيمهم, لأن الغرب لن يسمح بقيام امبراطورية اسلامية تواجه امبراطوريتهم الرومانية الحديثة والتى تشكلت بالفعل. وأى متابع مهتم يجد غرابة شديدة من هذا التحول المباغت فى سياسات الغرب تجاه الاسلاميين العرب تحديدا .. وحتى لاتتوه معى فى التحليل لابد أن تفهم أمر مهم جدا وهو أنه عندما يتم تجنيد قيادة اسلامية من قبل الغرب تأكد من أنهم سوف يطلقون عليها اعلاميا أنها قيادة اسلامية معتدلة.. وبحسبة بسيطة تجد أن قادتنا الاسلاميين ماشاء الله معظمهم معتدل من وجهة نظر الغرب!!.. والله المستعان.

نعود لشفيق ومرسى مرة أخرى لنؤكد أن الرجلين ممثلين لفصيلين من جموع الشعب المصرى وليس لعموم الشعب المصرى, ولو جاء شفيق رئيسا سيتغدى بمرسى والاخوان ولو جاء مرسى رئيسا سيفطر بشفيق ورجال النظام القديم وسيتطاول على العسكر اللذين حموا مصر من مبارك ونزوات ابنه وزوجته لصالح الشعب , وتنصيب أحد الرجلين مخالف تماما لأمانى الثورة البديهية وهى تمكين رئيس لكل المصريين يأخذهم تحت جناحه ليعبروا المحن المزمنة التى عانى منها الشعب الطيب على مدار ثلث قرن .. هذا الشعب الذى خرج فى ظاهرة وطنية لانتخاب رئيسه غير ملم تماما بما يجرى من مكائد خلف الستار بين فريقين متصارعين على السلطة والقوة.

بديهيا لايمكن للمجلس العسكرى أن يعترف بتزوير الأصوات المليونية لصالح شفيق وحتى يكون هو حائط الصد الأخير ضد زحف مرسى وجماعته وبالتالى فالشعب وجد نفسه فى معضلة حقيقية وبات السؤال مالعمل فى هذه المعضلة؟ ولمن سنعطى صوتنا ؟ ودخلنا جميعا فى عملية تربيطات انتخابية ولعب على المكشوف أقل مايمكن وصفه أنها تليق بانتخابات اتحادات الطلبة على مستوى الجامعات وليس لمنصب رئيس الدولة.

هناك أيضا بديهية أساسية تفوت علينا فى خضم الولع بالديموقراطية والتى نتصور أنها ستأتى لنا بالرخاء بين غمضة عين وانتباهتها, وحتى يكون كلامى ليس به أى لبث فالديموقراطية مهمة جدا لمشروع النهضة ولكننا فى مصر لم نضع أساسها الصحيح بعد وبالتالى لن تكون هناك نتائج مرجوة من الديموقراطية فى الوقت المنظور , وعليه لابد أن نسلم بأمر بديهى جدا سواء رضينا أو لم نرضى وهو أن الجيش المصرى عنصر مهم جدا فى المعادلة السياسية وأن التفكير مجرد التفكير فى الحصول على مقعد الرئيس والالتفاف على الجيش هو أكبر جهل سياسى بتركيبة القوة فى الدولة المصرية , فالجيش لابد أن يسلم السلطة لرئيس مدنى يثق فى قدراته وأمانته وتوجهه العام , والحقيقة التى يغفلها الاسلاميين أن الجيش والمتدينين لايجتمعون فى مكان الا وكانت السجون وأعواد المشانق منصوبة ومستعدة ليس فقط الجيش المصرى فحسب ولكن كل الجيوش على مستوى العالم بما فيهم الجيش الاسرائيلى.

من المؤسف حقا أنه فى لحظات كتابة هذا المقال كان مدير المخابرات القطرية فى اجتماع عمل فى القاهرة مع قيادات الاخوان وهذا بالمفهوم الوطنى البسيط تدخل سافر من دولة بحجم حى شبرا فى الشأن المصرى وماخفى كان أعظم!!

من هذه المقدمة الطويلة وحيث انه لن يكون هناك تنازل من شفيق أومرسى لأحد من وجوه التغيير الحقيقية المؤمنة بمصر بكل طوائفها وتناقضاتها , فنحن نرى أن التصويت لصالح شفيق سيخدم الثورة لأنه حال توليه سيطيح بالأخوان من الملعب السياسى بمعرفته, وبعد انتهاء ولايته يستطيع المصريين من انتخاب رئيس جديد مرضى عليه من الجيش ومرضى عليه من عموم الشعب , وهذا هو أقصى مانستطيع أن نحصل عليه من الديموقراطية فى ظروفنا الحالية.


 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية