النخبوى   النخبوى   بقلم : غريب المنسى ........................ عاد محمد الى منزله الساعة الثانية صباحا بعد سهرة سياسية صاخبة قضاها مع مجموعة من النخبة التى يعول عليها المجتمع فى توجيهه وشرح مايلبس عليه من أشياء, فالبلد فى حالة ثورة ومفيش حد فاهم حاجة, فالمخلوع مازال يرتب أوراقه فى مخلعه , ورموز النظام فى المعتقل متواصلين مع بعضهم البعض وتصلهم طواجن الحمام المحشى وصوانى الكباب والكفته والبورى والمحاشى بانتظام وكروت الشحن, وتخرج توجيهاتهم وخططهم المضادة للثورة الى عناصرهم فى الخارج من أبو زعبل بطريقة طبيعية جدا وكأنهم فى معسكر صيفى , وهناك لغز محير جدا وهو ظهور عفريت أزرق يطلق الرصاص على المصريين فى أى تجمع بدون معرفة هويته , وتسلل الجواسيس من حدودنا كالنمل منهم من يدعى انه وكيل مؤسسة دولية لانتاج الديموقراطية الأصلية ويبحث عن موزعين محليين, ومنهم ماهو متخفى ومندس يتكلم عربى باللهجة المصرية. والجيش حائر وممطوط فى دفاعة عن الخارج والداخل فى وقت واحد والشرطة فى مرحلة طناش وسلبية . وضع محمد النخبوى مفاتيح شقته وعلبة سجائره وأوراقه على طربيزة السفرة وهى قريبة جدا من باب الشقة , ودلف الى المطبخ وكالعادة وجد طبق عشاؤة مغطى بطبق آخر على سطح البوتجاز أعدته له زوجته قبل أن تذهب الى سريرها, وكشف محمد الطبق وبدأ يلتهم بعض أصابع محشى البدنجان على الواقف فهو جائع لدرجة أنه لايستطيع الصبر ليجلس على الطاولة ليتناول طعامه. وبينما هو يبتلع الطعام باردا كان تفكيره مازال يسترجع ماتوصل اليه زملاؤه النخباويين فى اجتماعهم , فهم لايستطيعون من توجيه اللوم والاتهام الى الموساد أو المخابرات الأمريكية أو السعودية أو حتى القطرية, فهذه الدولة هى التى تمنح فلاداعى للدخول فى مشاكل مادية معهم , واتفقوا على تسمية الوضع بالكامل على انه لهو خفى. فالحكومة أطلقت عليهم "أصابع خارجية" والنخبة أطلقت عليهم "اللهو الخفى" . وبكل خجل من وصف الواقع للناس كما هو بدون تلاعب فى الكلمات اقترح محمد على مجموعة النخبة أنهم "الفلول" . وجد محمد النخبوى أنه من الأمانة أنه يضع الحقائق أمام الناس فى مقاله الأسبوعى غدا , فهو مخلص جدا لذاته فكان تفكيره منحصر فى ثلاث حقائق مهمة هى سبب عملية عدم الاتزان فى البلد بعد خلع المخلوع وكانت محصلة اجتهاته الفكرية الاستيراتيجية أنها على التوالى : أصابع خارجية مبهمة تلعب فى مؤخرة الوطن لم يحدد هويتها بعد وهناك مجموعة اللهو الخفى التى تلبس طاقية الأخفاء ولايستطيع أحد فى بلد كلها مخبرين من تتبعها ومعرفة مكان اجتماعاتها وطريقتها فى تنفيذ عملياتها التى أصبحت محفوظة عن ظهر قلب لبائع البطاطا, وأخيرا المخلوع .. نعم المخلوع أيها الناس هو سبب كل شىء!! وبعد أن بلع محمد ماتركته له زوجته ليتعشى به دلف الى الحمام , وبسرعة أفرغ مافى مثانته من سحلب وشاى ومياه معدنية وقهوة وكاكولا وهى كل ماتناوله فى الاجتماع النخبوى .. وعاد بهدوء الى صالة الشقة ليستمتع بتدخين سيجارة ليفكر ويفكر ويفكر فى حالة الوطن , ووضعه الجديد فى منظومة جديدة ليست أحسن بأى حال عن المنظومة السابقة , فالأمر بالنسبة له كفاح من أجل لقمة العيش .. وفى السكة من أجل الوطن!! وبينما محمد مشغول فى ترتيب نفسه قبل أن يذهب ليحتل النصف الأيمن من السرير , فالنصف الأيسر محتل تماما ومن الساعة الثامنة , سمع طرقا شديدا على باب شقته , فجرى بخوف محفوف بالخطر فى اتجاه باب الشقة ونظر من العين السحرية ليعرف من هو الذى يحاول مداهمة منزله فى هذه الساعة المتأخرة , فهو فى أعماق ذاته متصور أنه بعيدا عن أيد مباحث امن الدولة التى تحللت بعد الثورة , والفلول لاتتابعه واللهو الخفى لايهتم به من الأساس فهو لايشكل خطورة عليهم باى حال من الأحوال, وعندما حملق محمد فى العين السحرية رأى محمود النخبوى صديقه الذى تركه من حوالى ساعة بعد انتهاء الاجتماع وبدا له محمود فى حالة اعياء شديدة, ففتح محمد النخبوى الباب لمحمود النخبوى بسرعة وسأله متلهفا عن ماذا حدث له ؟ - يامحمد لقد افترقنا كل منا الى منزله بكل أمان بعد انتهاء السهرة وبعد أن تركتك قررت أن اترجل الى منزلى فهو ليس بعيد عن المقهى. - وبعدين ايه اللى حصل يامحمود؟ هل هاجمتك الفلول؟ أم اللهو الخفي؟ أم الأصابع الخارجية؟ - ياريت يامحمد - لقد هاجمنى عدة أشخاص وطلبو منى طلب غريب جدا ارجو أن يكون سرا بينى وبينك فنحن من النخبة يامحمد. - سرك فى بير يأخى بسى قول ايه اللى حصل؟ - لقد ساومونى على نفسى يامحمد, والا القتل. - وعملت ايه يامحمود ؟ - يامحمد حأعمل ايه يأخى مانا مازلت عايش أهوه - جدع يامحمود .   06/11/2014 مصرنا ©