مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 كنيسة ودير لكل مواطن

بقلم : غريب المنسى
........................

حضرت افتتاح مؤتمر الحزب الجمهورى فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة , وكان المرشح الجمهورى هو جون ماكين, وخارج القاعة التى عقد فيها المؤتمر وهى عبارة عن استاد رياضى للعبة الهوكى يتسع لحوالى ثمانين ألف مشاهد كان عدد المتظاهرين ضد سياسات الرئيس الجمهورى جورج بوش وحزبه يتعدى السبعة الآف معترض , وكان المشهد فى حد ذاته متضارب فعلى الأرصفة الملاصقة لقاعة المؤتمر اصطفت شاحنات الشبكات التلفزيونية المحلية والعالمية لنقل احداث المؤتمر على الهواء مباشرة , وكان كل مشاهير الاعلاميين فى الولايات المتحدة متواجدين للتغطية وكانت الأحداث بما فيها التظاهرات تنقل الى صالة معيشة المواطن الأمريكى من المحيط الى المحيط بالاضافة الى كندا واستراليا والمملكة المتحدة وغيرها من الدول الأوروبية المهتمة بالشأن الأمريكى, وفرضت الشرطة كردون واسع حول قاعة المؤتمرات حوالى ميل من كل اتجاه ووضعت المتاريس تحسبا لأى تهور من جانب المعترضين , وكانت الشرطة بالاضافة الى تسليحها المعتاد من طبنجة اتوماتيكية ومسدس الكهرباء وانبوبة غاز الدموع والكلابشات التى دائما تعلق فى حزام بنطلون رجل الشرطة بطريقة واضحة كانت مزودة بلواء كامل من الكلاب البوليسية المخيفة والمدربة على اعتراض ومطاردة وعض وتشويه أى انسان أحمق لايتوقف عن التقدم عندما يأمره رجل الشرطة بالتوقف ثلاث مرات حسب القانون.

والمعترضين على سياسات الجمهوريين فى ذلك اليوم كان خليط من قطاعات الشعب الأمريكى يشمل الجميع من رجال ونساء وطلبة وعمال وأكاديميين ومحامين ومهندسين وعلماء من كل لون وملة يحملون يافطات الشجب ويرددون هتافات ضد المرشح الجمهورى وحزبه فى حراسة تامة من الشرطة , ولكن فى هذا اليوم خرجت الأمور عن السيطرة نتيجة محاولة بعض المعترضين المتهورين الاعتداء على المبانى المحيطة بقاعة المؤتمرات وهنا اكتشفنا أن هناك شرطة سرية منتشرة بين المتظاهرين تحسبا لمثل هذا الموقف وبدأت عملية القبض على المتهورين بمساعدة الكلاب البوليسية وهو مشهد كان فى غاية الغرابة والقسوة سيما أنه تم على مشهد ومسمع من الملايين وعلى الهواء مباشرة وفى دولة الحرية والقانون.

عملية القبض على أى متهور سياسى أو أيدولجى فى مظاهرة مشحونة ليست لطيفة بالمرة , فهو كالطور الهائج ووضع الحديد فى يديه لايتم بسهولة ويحتاج على الأقل الى اثنين من رجال الشرطة وكلب مدرب حتى يلقوه أرضا وبالتالى يتمكنوا من وضع الكلابشات فى يديه وحمله لالقاؤه فى مقطورة بوليسية منتظره فى شارع جانبى , وطبعا فى خلال هذه العملية التى تستغرق وقتا يختلف حسب قوة المتظاهر البدنية تكون هناك دماء وخدوش وجروح قطعية وتمزيق للملابس وبهدلة وشحططه للمتظاهر الذى خرج عن حدود قانون التظاهر السلمى . وكانت نتيجة هذا اليوم الدامى القبض على حوالى تسعين متظاهر متهور, وتحرر ضدهم مخالفات قانونية صارمة.

تابعت تغطية الاعلام لهذه الحادثة فكانت كلها تغطية موضوعية جدا , فقانون التظاهر السلمى واضح وصريح والخروج على قانون التظاهر السلمى لايحتاج الى فلسفة وتعاطف وتنظير , وهيبة رجل الأمن واحترام أوامره فرض عين ولايمكن لأى انسان مهما علا شأنه من تجاوزه , واطلاق النار من رجل الأمن على المواطن أمر وارد جدا وله شروط حددها القانون وهى فى معظمها تقديرية لرجل الأمن اذا تصور للحظة أن المواطن لايتعاون معه فى حالة توقيفه وأنه- أى المواطن - يشكل بتصرفاته وحركاته خطرا جثمانيا على رجل الأمن ,وبالتالى لايكون هناك مفر من اطلاق النار على المواطن هكذا بكل بساطة فى دولة القانون .

رجل الأمن حتى لو كان غفيرا هو رمز للدولة والاعتداء عليه هو اعتداء على الدولة , والا مالداعى لوجود رجل الأمن بالأساس اذا كان تصديه للخروج على القانون جريمة وفضيحة ؟!!!!

*****

أصبح واضحا للأعمش والأعور وضعيف النظر أن الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك عندما خلع – بضم الخاء من فضلك - ترك مجموعة من الخوازيق المقلوظة بعناية شديدة موجهة لمؤخرة الشعب المصرى والهدف منها جعل وظيفة أى رئيس لاحق له تكون فى منتهى الصعوبة ان لم تكن مستحيلة,وأيضا لتأديب الشعب بطريقة سيكوباثية ليس لها مبرر على الاطلاق من رجل تمتع بأطول فترة حكم لمصر فى العصر الحديث ونال فيها أكثر ماكان يحلم به بكثير, تتمثل هذه الخوازيق فى مجموعة من الرجال والمجموعات التى كانت مرتبطة بنظامه ولها منافع سياسية ونفوذية واقتصادية ودينية وهم ماأطلق عليهم مجازا"الفلول" .

ويعتبر القس شنوده فل كبير مخضرم لأسباب كثيرة منها أنه ومبارك كانا متفاهمين تماما فى تقسيم حدود النفوذ والسلطة وكان شنودة من مؤيدى التوريث علنيا, وكل من الرجلين مؤمن تماما بنظرية الاستقرار التام أو الموت الزوئام وكليهما ركب على شعبه بطريقة متشابهة فمبارك ركب بطريقة سلطوية,وشنوده ركب بطريقة دينية واذا كان مبارك فى النهاية كان غير محظوظا فى استمرار الركوب,الا أن شنوده الأكثر حظا مازال راكبا على ظهر شعبه محميا بسذاجة وطاعة اتباعه الطيبين المظلومين المشتتين بين الاعيب السياسة وأوامر الدين واللذين يعتقدون أن وجوده فى العباسية أمر من أوامر الرب.

والمتابع للشأن المصرى عموما والقبطى خصوصا يحتار , هل مشكلة الأقباط دينية أم سياسية؟ أم هى مشكلة ثقافية فكرية اجتماعية مرتبطة بالتخلف المصرى فى كل المجالات؟ أم هى مشكلة مزمنة مرتبطة بمؤامرة دولية هدفها عرقلة هذا الشعب بجميع طوائفه من العيش فى سلام على الكفاف فى ظل الأحوال الاقتصادية المتردية؟

أنا كانسان مصرى من حقى أن اسلط الضوء على الطريقة التى تدار بها الأمور فى قلعة العباسية ومن حقى تماما أن أعترض على الطريقة الديكتاتورية التى يدير بها القس شنوده أمور عشر الشعب المصرى وهى قوة شعبية منتجة متعلمة تساهم بقدر كبير فى دفع عجلة الاقتصاد واستقرار الوطن فى ظل الظروف الراهنة والمستقبلية, وتوجيه طاقة هذه القوة الشعبية فى اتجاه سلبى هى جريمة قومية ينبغى الا تمر علينا بسهولة, فمن الناحية الدنيوية البحته نجد أن القس شنوده قد تجاوزه الزمن بمراحل وطريقته فى القيادة قد عفى عليها الشيب ومع ذلك لايريد أن يفسح المجال لأى قيادة شابة مؤمنة بالتغيير فى طرق الادارة التى سوف تنعكس بشكل ايجابى على الاخوة الأقباط وهو متمسك بالمنصب وحتى آخر نفس فى صدره ويحتاج الى ثورة لخلعه مثل حبيبه مبارك, ومن الناحية الدينية البحته فالرجل ليس لديه كرامات ومعجزات خاصة تميزه عن باقى رجال الكنيسة فأنا من المتابعين لكتاباته وعظاته ونكاته فى مجلة الكرازة وأجدها بكل تجرد عبارة عن وعظ سطحى على طريقة حكايات جدتى .

ولكن شنوده السياسى مثل ربيبه مبارك يلعب بالبيضة والحجر ومن مصلحته أن تستمر الأمور بين المسلمين والأقباط فى مصر متوترة فكل احتكاك من بين مايربو على مائتين احتكاك بين الأقباط والمسلمين فى عهده الميمون يضعه فى منتصف الأحداث كنجم ربانى يستقبل الضيوف الدائمين والمكررين له بعد كل احتكاك فى صالون الكاتدرائية كزعيم اقلية مهضومة محتاجة لشنودة لوثر كينج !!

نعود لمشكلة الأخوة الأقباط فى كل مرة محتارين عن المرة السابقة , فماهى مطالبهم على وجه التحديد ؟ هل هى المشكلة فى بناء المزيد من الكنائس؟ أم فى نسبة الوظائف السيادية ؟ أم هى مشكلة اقامة الشعائر؟ أم مشكلة الجيران وحبال الغسيل ؟ أم هى مشكلة الزواج والطلاق التى يتهرب من حلها شنودة بتوجيه طاقة شباب الأقباط الى التصادم مع المجتمع من حولهم ليظل هو ممسكا بخيوط اللعبة دائما وأبدا ؟ أم هى مشكلة سيكولوجية يعانى منها الأقباط تبدوا معها كل الحلول غير كافية لارضاهم حتى لو قررت الدولة بناء كنيسة ودير لكل مواطن قبطى!!

تفرز أى مشكلة عموما مجموعة من الانتهازيين يحاولون دائما أن يستفيدوا من استمرار المشكلة , وشنوده يجلس على كرسيه الدينى شكلا والسياسى حقيقيا محاطا بمجموعة من الانتهازيين تماما مثل ربيبه مبارك ,هؤلاء الانتهازيون ليسو فقط أقباط المهجر الذى يعتمد عليهم شنودة فى تجريس مصر دوليا بمناسبة وبغير مناسبة ولكنهم الأرزقية المسلمين اللذين يبدون تعاطفا سطحيا مدفوع الأجر مع مشكلة الأقباط اذا افترضنا أن للأقباط مشكلة أساسا , فأقباط مصر هم أكبر أقلية مدللة على مستوى العالم, ولكن سلاح البروبجندا فى دولة شنوده له رأى مختلف تماما , ففى كل جنازة لشهداء الأقباط يلعب المونتاج الشنودى دورا خطيرا فى تحويلها الى منظر عنصرى خطير هدفه تأجيج روح الكراهية والثأر والانتقام بين صفوف الأقباط وتصوير الوضع على أنه ابرتهايد مصرى صميم.

شنوده ومشاكله وسياساته واستيراتجياته حركات مصرية قرعة بامتياز, وعلاجه لابد أن يكون علاجا مصريا , والذى ساعده على التمادى فى الخروج بالكنيسة من الدين الى الدنيا واقحامها فى السياسة بما تحمله من انتهازية هو أن النظام السياسى المحيط بشنوده كان نظاما عفن فالرجل وجد نفسه فى وسط فاسد وميوله أساسا ليست دينية بحته ولكنه ومنذ نعومة اظافره وحتى قبل أن يعتلى كرسى البابوية كان قسيسا مشاغبا وقد سبب مشاكل كثيرة للبابا الوقور كيرلس هذه المشاكل مدونة فى تاريخ الكنيسة. وعلاج شنوده من هذه الشيزوفرانيا الدنيوية هو وجود نظام سياسى قوى ورئيس حاسم يعطى مالقيصر لقيصر وما للشعب للشعب.وفى دولة القانون لن تكون هناك مشاكل طائفية مكعبلة محيرة سفسطائية,سيكون الجميع سواسية ولن تكون هناك حصانة دينية لأى كاهن .

أتمنى أن يدعو رئيس الوزراء مجموعة من الصحفيين الكبار من مختلف أنحاء العالم ليمكثوا فى مصر شهرا كاملا فى ضيافة الحكومة المصرية على أن تمنح لهم التسهيلات والتصاريح الخاصة بزيارة الكنائس والأديرة وتكوين صورة كاملة عن الوضع القبطى فى مصر بدون رتوش ولوى للحقائق حتى يتأكد العالم من أن مشاكل الأقباط فى مصر ليست مشاكل مستعصية عن الحل ولكنها مثل كل مشاكل الأقليات على مستوى العالم وبالذات العالم الثالث.

نحن الأقليات فى الغرب المتمدين المتحضر القانونى الدستورى لنا مشاكل يتجاوزها القانون والمجتمع ونتعامل بقوانين الاغلبية فلماذا يضخم الأقلية فى مصر مشاكلهم ويتبرمون من قوانين الاغلبية متذرعين بأسباب دينية؟ هذا هو السؤال الذى لايمكن الاجابة عليه الا بمواجهة واقعية حاسمة صريحة بعيدة عن المجاملات والعناق والحسابات السياسية.

 



06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية