مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 فى ذكرى أكتوبر

 

المشير طنطاوى

 

بقلم : غريب المنسى
........................


عندما قامت حرب اكتوبر كنت فى الصف الثالث الاعدادى وكنت اتمنى أن أكون مشاركا فيها لعدة أسباب لعل السبب الرئيسى هو رغبتى فى ان أعود الى مدينتى بورسعيد التى هاجرتها بسبب الحرب لأنها من مدن القناة المواجهة لسيناء والتى كانت معرضة للقصف الدائم من اسرائيل والسبب الثانى الذى لايقل أهمية عن السبب الأول هو أننى كنت ومازلت مبهورا بالزى العسكرى والرتب والنياشين التى توضع على الصدر وبالذات على صدر القادة العظام مثل روميل ومونتجمورى وجورج مارشل وايزنهاور وديجول وسعد الشاذلى وابراهيم الرفاعى , والسبب الثالث والذى لايقل اهمية عن الأسباب السابقة هو رغبتى فى الحصول على وظيفة محترمة ودخل ثابت ومعاش راقى مقارنة بكل فئات الشعب, فمزايا الجيش المادية والعينية بلا شك هى الأحسن. ولقد خابت كل احلامى فى الالتحاق بالكلية الحربية وأن أصبح ضابطا فى الجيش لأسباب طبية. وكانت رغبتى الثانية بعد دراستى الجامعية هو أن أكون دبلوماسيا وقد خابت أيضا هذه الرغبة لأن وزارة الخارجية لاتقبل أى شخصية دخيلة من فئة البلورتاريا فالوظائف هناك محجوزة دائما لأبناء الفئة البرجوازية , وقد أصابنى ذلك بعقدة المحروم , وهى عقدة استطعت أن أشفى منها تماما بعدما هاجرت الى أمريكا واكتشفت أننى من جذور مصرية أصيلة مرتبطة بتراب دلتا نيل مصر ولكن عيبها الوحيد أنها جذور ريفية فقيرة لأن الجيل الأول من العائلة لم يكن متعلم وكان ينتمى لفئة الفلاحين, وأنه لولا عبد الناصر ومجانية التعليم للفقراء لربما اختلف مستقبلى تماما , واكتشفت أن العيب كان فى التصنيف والعنصرية بين أبناء الوطن على أسس غير عادلة بالمرة.

وعندما التحقت بالجيش كجندى فى سلاح المشاه وكان ذلك فى أواخر سبعينيات القرن الماضى عشت جو الحرب والتعبئة الحقيقى لأن الرئيس السادات كان قد قرر غاضبا أن يرسل قوات على الحدود الغربية فى مواجهة تهديدات القذافى بغزو مصر , وهناك على هضبة السلوم تعلمت ليس فنون الحرب والتمويه فلم تكون هناك حربا مع ليبيا بالمعنى الحقيقى للكلمة ولكنى تعلمت شيئا مهما جدا أفادنى لاحقا فى حياتى العملية وحتى اليوم , فلقد تعلمت فن التعايش مع الطبيعة بتقلباتها وضرورة العمل الجماعى . فعلى هضبة السلوم ترى كل فصول السنة فى اليوم الواحد وتتعلم وتتيقن بأن العمل الجماعى وروح الفريق هى أهم سبب للبقاء على قيد الحياة فى الظروف الصعبة سواء كانت اقتصادية أو عسكرية.

وعلى الرغم من اننى زرت كثير من الدول وتذوقت كثيرا من الأطعمة سواء كانت أوربية أو لاتينية أو أسيوية فى مطاعم راقية الا أننى مازلت أحن الى عدس وفول وخبز وحلاوة وجبنة الجيش وهى لائحة طعام يومية ثابته تشبه الى حد كبير مانيو السجون , ولكننا كنا نقوم باعادة طهى العدس والفول باضافة التقلية مع الكثير من الشطة وتسخين الخبر بطرق بدائية على فحم الخشب !! والى اليوم مازلت استشهى هذه الأطعمة الصحية وبالذات بعد كل زيارة للطبيب وتحذيره المستمر من ارتفاع الكلسترول بسبب اللحوم وأخواتها.

وتأتى ذكرى حرب اكتوبر هذا العام مختلفة تماما عن الذكريات السابقة لأنها تأتى بعد ثورة الشعب على نظام الرئيس السابق مبارك ولم يكن للثورة أن تنجح الا بحماية الجيش ولن تستقر الأمور فى مصر بدون حماية الجيش , ولكن هذا لايمنعنا من الاصرار على ضرورة عودة الجيش الى ثكناته فى أقرب فرصة بعد أن يضع خريطة طريق واضحة أمام السياسيين .

فالجيش مطالب بتحديد مشاكل مصر التنموية بكل دقة ووضوح وأن يضع أهداف محددة للنمو الاقتصادى شاملا السياسات التعليمية والصحية فى خمس سنوات , وأن يضعها فى مناقصة سياسية أمام كل القوى السياسية والأفراد ومن لديه القدرة على تنفيذ هذا العطاء السياسى أن يتقدم بفريقه موضحا للشعب كيف سينقلنا من هنا الى هناك, وفى هذه الحالة لن تكون هناك أى فرصة للمزايدة السياسية , فالمياه دائما تكذب الغطاس.

ونحن لاننكر أن المسؤولية الملقاة على عاتق الجيش مسؤولية عظيمة فى ظل تنبلة شعبية كبيرة , فالكل له مطالب وللأسف كل المطالب جاءت فى وقت واحد علما بأن دخل الدولة محدود جدا , فالجيش لايطبع نقودا حتى يستطيع حل كل مشاكل الشعب النقودية , وعلينا أن نصبر قليلا حتى يأتى رئيسا منتخبا لديه برنامج اصلاحى واضح وفى نفس الوقت علينا أن نتخلى عن التنبلة وأن نبدأ فى العمل وأن نؤمن بالمثل الشعبى : اليد البطالة نجسة واشتغل بشلن وحاسب البطال!!

فى الاسبوع الماضى حذر محافظ البنك المركزى الأمريكى الكونجرس من احتمال تعرض الاقتصاد الأمريكى للمرة الثانية للانكماش خلال الفترة المقبلة وهى معضلة كبيرة تواجه الاقتصاد الأمريكى وليس لها حل مباشر وسوف تنعكس تباعا على باقى الاقتصاديات العالمية , ومع الأخذ فى الاعتبار انهيار بعض الاقتصاديات الأوروبية وبالذات اليونان نرى أن الوضع الاقتصادى للمواطن المصرى لايختلف كثيرا عن الوضع الاقتصادى للمواطن الأمريكى والأوروبى .. فالكل مطالب بترشيد الانفاق وربط الحزام.

نتمنى أن نعود الى أدبيات حرب أكتوبر فنحن فى معركة هدفها التحول الى دولة جديدة ويجب أن نتحلى بروح الفريق وبروح العمل الجماعى ويجب أن نواجه جميعا هذه المحن الاقتصادية بشىء من البساطة فهى محن زائلة ولكن الأبقى هو روح النصر والتحرر من الديكتاتورية وحكم الفرد.

تحية الى روح الرئيس السادات وأرواح كل قادة وجنود وشهداء حرب أكتوبر فى ذكرى معركة أكتوبر.

 



06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية