| | | | التشخيص الخاطىء
| | من وراء القضبان | |
بقلم : غريب المنسى ........................
يحاكم المصريين رئيسهم السابق حسنى مبارك وأولاده ووزير داخليته السابق حبيب العادلى بتهم تتعلق بالفساد وإصدار الأوامر بقتل المتظاهرين أثناء الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام حكمه.وهذه التهم هى بعض من التهم التى ارتكبها الرجل وزمرته وليست كلها , فالرجل حكم مصر ثلاثة عقود وحوالى خمسين بالميه من الشعب المصرى لم يرو رئيسا غيره فى عمرهم المحدود, وينبغى علينا تشخيص التهم تشخيصا دقيقا حتى يكون الدفاع عنه وافيا وحتى تكون العقوبة عادلة, واننى أرى أنه ينبغى توجيه تهمة شاملة لكل سنوات خدمته وهى تهمة " وضع اليد على الوطن" وهى تهمة شاملة وجامعة , فالرجل وضع يده على الوطن كاملا بدون دفع حتى ايجار , وكان ينوى أن يورث الوطن بما عليه من بشر وشجر وحجر الى ابنه جمال على طريقة عرب كينج مريوط.
من الناحية العملية البحته تسلم مبارك الحكم وتركه بالعافية مضطرا كما تسلمه, فالرجل ترك لنا وزرات صالحة للاستعمال الأدمى ومجالس نيابية برضه منتخبة وشكلها حلو, وصحافة تعمل بكل حرية وترك لنا جيشا قويا وحاجة آخر حلاوة , طبعا هو استلم كل شىء من الرئيس السادات مستعملا برضه !! والسادات استلمه مهلهلا من عبد الناصر هو الأخر .
ومن الناحية المنطقية البحته أن وقت وقوع الثورة كانت البلد تدار بقانون الطوارىء وأنه صرف على وزارة الداخلية مليارات الجنيهات حتى تكون فى موقف قوى لردع أى عملية لكسر النظام , وأن قوانين الطوارىء التى وافق عليها الشعب من خلال ممثليه الهليبة تبيح للرئيس من اتخاذ اى اجراءات يراها ضرورية لحفظ الأمن , وهذا بالضبط مافعله حبيب العادلى , فحبيب العادلى من الناحية الواقعية هو مجرد موظف يؤدى وظيفته فى حدود القانون والدستور الموجود . فهو لم يقتل المتظاهرين لأن هناك تار بايت بينه وبينهم ولكنه قتلهم لأن القانون يبيح له استخدام القوة المسلحة فى حماية النظام.
وأزيدكم من الشعر بيتا وأضيف أن علاء مبارك وجمال مبارك ليسوا بالضرورة متهمين بقدر ماهم مظلومين, فأولاد الرئيس لم يرو شيئا خارج نطاق حدود المظلة الرئاسية , فأبوهم لم يكن سائق قطار مثلا طاف بهم محافظات مصر وضواحيها قبل أن يستقر فى القصر الرئاسى !! فالأولاد نشأوا وترعروا فى ظروف مختلفة جدا جعلتهم يتصرفون وكأن الحياة التى يحيونها شىء طبيعى جدا, فهم لم يروا حياة أخرى مختلفة مثل عامة الشعب وهم بلا أدنى شك أسرى لظروفهم المحيطة .
المشكلة كما أراها بكل صراحة أن مبارك تسلم أمانة من الرئيس السادات عبارة عن سيارة مستعملة وقبل أن يأخذها للقيادة أخبره السادات بكل صراحة أن هذه السيارة مش ملكه وهى سيارة موتورها زى الفل بس عاوز عمرة , وفراملها كويسة بس عاوزه تروح عند خراط محترم ,وشكمنها بيطلع صوت وعاوز لحام بس ممتاز, وأنورها الأمامية والخلفية محتاجة لمض , وكراسيها الداخلية عاوزه حبة شغل ,وفيها شوية صدأ خارجى ودى برضه مش مشكلة .. ولكن لاتخاف فالشعب الطيب سيساعدك فى دفع السيارة لو توفقت بيك بس انته قلهم ادو زوبة زقة وشوفهم حيعملوا ايه؟ , العربية دى بركة ياحسنى خد بالك منها !! ومن يومها ومبارك طمعان فى العربية .. يصلحها فقط عندما تتوقف !! وطول هذه السنوات وهى ماشية زى الفل فلماذا لايعطيها لابنه ؟
فقط تتم محاكمة مبارك فهو قائد السفينة المسؤول , أما أعوانه فيكفى فقط منعهم من ممارسة حقوقهم السياسية لمدة معينة وأن يردوا المبالغ المسروقة للشعب , فهؤلاء الأعوان كانو موجودين فى أيام عبد الناصر والسادات وسيكونون موجودين فى المستقبل مع أى رئيس قادم , فمبارك لم يصنعهم , ولاتوجد امة تخلصت من الناموس والبعوض والفيران والحشرات الزاحفة بطريقة حاسمة, ولكن تستعين الأمم بمطهارات وسموم ترشها بطريقة منتظمة للحد من وجود الحشرات !!
ولكن عن ماذا تتم محاكمة مبارك؟
تتم محاكمة مبارك على أنه خد العربية من السادات وشرخ ومش عاوز يرجعها تانى, أو بمعنى أدق أنه سرق شىء لايملكه وتصرف فيه على أنه المالك الأصيل للشىء !! وهو متهم ومدين بكل بساطة والعالم كله شاهد على ذلك , ولايمكن لألف ديب من تبرئته !! وبالتالى فمبارك العجوز أمامه أمرين: الأول أن يعترف بأخطاؤه ويطلب العفو من الشعب تحت بند أنه لم يعرض مصالح الوطن العليا للخطر وكل الأخطاء الداخلية تمت بسبب سوء التقدير والعزلة والجهل بحقائق الأمور. والثانى هو أن يخضع لتحقيق مركز يشرح لنا من خلال المحققين المدربين بالضبط علاقة مصر الخفية بالولايات المتحدة واسرائيل ودوره هو فى السياسة الاقليمية وأن يذكر لنا سيناريوهات حدثت بالفعل وكان ينبغى أن يتصرف فيها بطريقة أخرى تماما لو أن هذه السيناريوهات حدثت الآن , وهذا طبعا من شأنه أن يعطى دروس واقعية للشعب وللمهتمين عن علاقات مصر السرية مع العالم فى الربع قرن الأخير.
محاكمة مبارك الحالية قد تتكلف الكثير وقد تعطل مصالح الوطن وقد تطول , والأصلح أن نكون عمليين فى التعامل مع هذه القضية ,فسجن الرجل بدون الحصول على أسرار الثلاثين عاما فى الحكم لن يكون فى صالح الأجيال القادمة واعدامه وهو فى هذه السن قد يكون عملا من أعمال التهور الغير مبرر .
وعفى الله عما سلف .. والمهم .. هو شخصية الرئيس القادم..
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|