| | | | طائرة أبوعلاء
| | أبو علاء | |
بقلم : غريب المنسى ........................
لاتسقط أى طائرة من السماء لمجرد أى عطل طارىء, ولكن تسقط الطائرة نتيجة مجموعة من الأعطال الفنية مجتمعة وتكون نسبة حدوث هذه الأعطال فى وقت واحد ضئيلة جدا, حتى أن كل خبراء الطيران يتفقون على أن الطائرة فى السماء أكثر أمانا من أى وسيلة مواصلات أرضية.
عندما تولى أبوعلاء قيادة الطائرة المصرية فى بداية ثمانينات القرن الماضى كانت الطائرة فى حالة فنية معقولة . وبدا واضحا من اسلوب قيادة أبو علاء فى البداية الحذر الشديد , فالرجل لايقلع ولايهبط الا بعد أن يأخذ الاذن من برج المراقبة , ويتفادى المطبات الهوائية والغيوم ويفضل دائما الطيران النهارى فى ظل أحوال جوية مستقرة , وبسرعة شديدة أيقن الركاب أن الكابتن يفضل الملاحة الهادئة المطمئنة ولذلك حاز على لقب " ملك الاستقرار".
ورويدا رويدا وبعد أن اكتسب الثقة وضع أبو علاء الركاب فى مؤخرة الطائرة وربطهم بالحبال والجنازير وجلس يشاهد مبارة كرة قدم فى مقدمة الطائرة تاركا ابنه فى كابينة القيادة بلا رخصة طيران معترف بها شعبيا , فلقد وضع الرجل الطائرة على برنامج الطيران الآلى قبل أن يجلس مطمئنا لمشاهدة المباراة , ولكن الابن قرر أن يستغنى عن الطيران الآلى ويجرب حظه فى قيادة الطائرة بالشطارة, وبسرعة شديدة انحرفت الطائرة عن مسارها , وهبطت .. وارتفعت .. وهبطت بعنف واصطدمت بمجموعة كثبان رملية فى صحراء التيه.
المشكلة هنا كما يراها خبراء الطيران , أن الصندوق الأسود الذى يحتفظ بكل أسرار الطائرة غير موجود والشخص الوحيد الذى يحتفظ بهذا الصندوق هو أبو علاء شخصيا , وبدون هذا الصندوق ربما لن نعرف ماذا حدث لهذه الطائرة .. !!
ومشكلة الصندوق الأسود فى الطائرة المصرية هو نفس مشكلة الصناديق السوداء فى كل الطائرات العربية يتم التلاعب فى محتوياته بطريقتين , الأولى معلومات متناثرة من هنا أو هناك عن لسان شهود الحادث وهؤلاء نطلق عليهم مجازا شهداء على العصر , والثانية أن مذكرات الكابتن العربى دائما لاترى النور وان ظهرت فهى مذكرات ايجابية ليس فيها أى اعتراف بالخطأ والقصور وكأن الكابتن ملاك وليس انسان بكل نقائضه.
لذلك من الضرورى للأجيال القادمة والحالية أن يتم التحقيق مع أبو علاء حتى نعرف بالضبط ماذا حدث للطائرة, فالكابتن لديه أسرار كثيرة داخلية وخارجية وأعتقد أن التحقيق هو فرصته الأخيرة فى توضيح نقاط كثيرة قد يستفيد منها أى قائد آخر, فكيف ندع أبو علاء يذهب بدون معرفة أسرار الضغوط العالمية والاقليمية على الطائرة, وكيف يذهب الكابتن بدون تحذيرنا من الأخطار التى لمسها هو من خلال خبرته الطويلة.
ان التحقيق مع أبو علاء لاينبغى أن يكون بالضرورة جنائيا ولكنه تحقيق الهدف منه رسم صورة واضحة مترابطة للأحداث كما حدثت وليس كما يريد لنا هو أن نراها , فالتحقيق بمعنى بسيط هو كتابة مذكرات أبو علاء بقلم النائب العام .
*****
يمكن تقسيم مذكرات أبو علاء على ثلاثة أبواب للتسهيل على متابعى المذكرات وحتى لايفقد المتابع التشويق الدرامى : الباب الأول : عن العشرة سنوات الأولى , وفيها نتعرف على كيفية تعامل أبو علاء مع الولايات المتحدة واسرائيل والاوضاع الداخلية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. والباب الثانى عن العشرة سنوات الثانية وانتهاء فترة الحرب الباردة والبدء فى مخطط تقسيم الوطن العربى ودوره فى هذا المخطط مرورا بحرب تحرير الكويت . والباب الثالث يكون عن العشر سنوات الأخيرة بما فيها الحرب على الارهاب واحتلال العراق ومشروع التوريث .
أبو علاء هو أكبر شاهد على العصر .
***
الفرق بين أبى العلاء وأبو علاء : أن الأول كان ضحية أبوه على الأقل فى شعره والثانى كان ضحية ابنه وزوجته على أرض الواقع .
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|