| | | | المعزة
| | اولاد مبارك | |
بقلم : غريب المنسى ........................
نام محمد وترك باب داره مفتوحا, فدخل عبد الجليل وسرق نعجته, وفى الصباح هاجت وماجت القرية فعبد الجليل هو شيخ غفر القرية والمسؤول عن الأمن فيها, وانقسمت القرية على نفسها , فالبعض يرى أن الخطأ هو خطأ محمد لأنه ترك بابه مفتوحا والمفروض أن يوصد بابه بالترباس قبل أن ينام, والبعض يرى أن الخطأ من نصيب عبد الجليل لأنه راعى الأمن فى القرية ولايصح أن يكون هو مصدر عدم الأمان , بل أن بعض المتحذلقين المنسلخين عن الواقع من أبناء القرية اتهموا النعجة, لأن المفروض أن لاتذهب النعجة مع رجل غريب عنها , وبنى هذا الافتراض على نظرية الهرطقة , فلو أن النعجة كانت مخلصة جدا لمحمد كان يمكنها أن تصيح بأعلى صوتها وقت سرقتها وحتى تنبه أهل الدار وتقول : ماء.. ماء.. ماء.
قضية محمد تعتبر فى ظل العولمة من ضمن القضايا التى يبنى عليها بعض المحامين أمجادا , فالفرق بين المحامى العادى والمحامى الغير عادى هو أن الأخير يستطيع تبرئة عبد الجليل من تهمة سرقة النعجة مستخدما كل أخطأ محمد وكل جهل أهل القرية لصالح عبد الجليل , بل أنه فى النهاية قد يقنع القاضى بأن عبد الجليل رجل رحيم لأنه كان يمر على الرعية ليلا وسمع النعجة تقول : ماء .. ماء .. ماء بلهجة مختلفة عن باقى النعاج الأمر الذى ترجمه عبد الجليل بأنها تعانى فى دار محمد من الاهمال فقرر أن يتبناها ويخلصها ويعتقها من ظلم محمد وقسوته وبخله. وأن النعجة قد زادت خمسة أرطال فى الفترة التى قضتها فى زريبة عبد الجليل لأن نفسيتها استراحت هناك من معاملة عبد الجليل الانسانية.
بل قد يطلب المحامى اللئيم من القاضى أن يأمر محمد بدفع ثمن الزيادة فى وزن النعجة لعبد الجليل بواقع 80 جنيه للرطل بسعر السوق , وأن يصدر القاضى قرارا بأن من حق عبد الجليل أن يتبنى أى نعجة فى القرية يسمعها هو وهى تقول : ماء .. ماء .. ماء .. بطريقة لاتعجبه, يقدرها هو طبقا لمشاعره وأحاسيسه النبيلة ويقرر بكل مسؤوليته الدستورية اذا كانت تعانى من ظلم واهانة وجوع , ولذلك ينبغى عليه وطبقا للقانون أن يتبناها ليحسن تربيتها اذا أحس أنها مهانة عند صاحبها.
وقد يطالب المحامى - محامى عبد الجليل - بأن تدفع القرية أتعابه والرسوم القضائية وتعويض مناسب لعبد الجليل , الرجل الرحيم الذى ينفطر قلبه عندما يرى نعجة وحيدة بائسة تعانى من الاهمال والجوع والوحدة .
على الناحية الأخرى من الصراع
قد يلجأ محمد الى محامى أخبث من محامى عبد الجليل الذى يستطيع أن يقنع القاضى بأن عبد الجليل مجرد لص يستخدم وظيفته فى سرقة النعاج الآمنة تحت حجج المحافظة على حقوق النعاج , وأنه ينبغى أن تطبق عليه المادة 88 من قانون الجنايات وعقوبتها السجن مدى الحياة .
بل قد يلجأ محامى محمد الى حيلة أخرى وهى اثارة الشكوك حول دستورية وجود عبد الجليل بسلاحه الميرى ليس حول النعاج فقط , ولكن حول نساء القرية , فالقرية تعج بالنساء الجميلة وعبد الجليل وطبقا لمرافعة محاميه قلبه طيب وضعيف أمام الظلم والشكوى المستمرة من النعاج والنساء. وهنا وخوفا على سمعة نساء القرية من هذا الغفير العربيد يجب أن تطارد القرية بالكامل عبد الجليل , وهنا تكون كل الاحتمالات مفتوحة أمام مستقبل غامض ينتظر عبد الجليل فهو رجل أصبح خطر على نساء القرية ونعاجها.
وقد يلجأ محامى محمد وتدريجيا وبناء على وقائع هذه القضية السفسطائية أن يتهم العمدة والمجلس المحلى ووزير الداخلية لأنهم وقفوا مع عبد الجليل فى قضيته التى هى عبارة عن قضية سرقة فى وضح النهار وحولوها الى قضية سياسية وقضية رأى عام ويبدأ المحامى فى التشكيك فى النظام القضائى والسياسى والاعلامى برمته مهددا بتدويل قضية موكله . وقد تستمر القضية الى مالانهاية .. بين طعون ومداولات وتمحكات الى أن يموت محمد أو عبد الجليل أو النعجة !!. **** بعد هذه المقدمة أريد ان أسئلك عزيزى القارىء سؤال مهم , والاجابة على هذا السؤال شخصية جدا ولكن ينبغى ان تفكر فيها تماما وتواجه نفسك بها , وبعد ذلك حدد موقفك من الحياة والاحداث بناء على تصورك.
ماذا لو كنت تسير فى طريق ووجدت نفسك فجاء أمام خزنة مليئة بالمال والذهب والياقوت والمرجان ,ولايوجد شخص غيرك فى هذا المكان ولكنك تعرف أنها ملك للناس اللذين يعيشون فى هذه المنطقة .. هل تأخذها وتهرب؟ هل تعيدها لأصحابها؟ هل تتردد بين الخيارين السابقين؟
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|