مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 حرام عليكم .. وعليكم الحرام

 

طنطاوى

 

بقلم : غريب المنسى
........................


عندما قامت ثورة يوليو فى أوائل خمسينيات القرن الماضى فى مصر, كانت ثورة ميرى قام بها الجيش لصالح الشعب - أو هكذا كان هدفها - وقامت هذه الثورة ببعض الانجازات الجبارة كمجانية التعليم وبناء السعد العالى وتأميم قناة السويس وغيرها من الانجازات التى رفعت من معنويات الشعب المصرى والتى جعلته يرتبط بالجيش كأداة مهمة للتعبير عن رغباته وتطلعاته, ولكن الثورة لم تستطيع أن تتدارك نفسها وتعبر مساحة الفضاء الواسع من طموحات الشعب , فوقفت عند حد معين لم تستطيع من تجاوزه , ومع العلم بأن عبد الناصر كان رجل استيراتيجى من الطراز الأول الا أنه عجز عن نقل المواطن المصرى الى أى شىء قريب من الديموقراطية الفعلية وليست الكلامية, ولكن ظل المواطن المصرى فخورا بانجازات الثورة التى عبرت فعلا عن توجهات الشعب فى فترة معينة من تاريخ مصر , ومنذ الثورة الأولى تمسك الجيش بالسلطة ممثلا فى السادات ومبارك بعد غياب عبد الناصر.

جلس المؤرخين منذ وفاة عبد الناصر يعددوا لنا سلبيات الثورة وسلبيات عبد الناصر والسادات ومبارك وتوصلوا الى نتيجة مؤداها : أن الجيش ومع العلم بأنه قادر على تأمين شامل للوطن الا أنه مؤسسة تكتيكية وليست استيراتيجية بالمعنى السياسى للكلمة, وهى مؤسسة تبدوا للمتابع أنها بعيدة عن السياسة ولكن الواقع يقول أنها مؤسسة عينيها واذنيها مع السياسة, فالجيش يتمتع ومنذ ثورة عبد الناصر بقدرته على التحكم فى خيوط اللعبة السياسية فى مصر فى صمت ومن عن بعد. والعلاقة بين الشعب والجيش علاقة متينة ومعظم الشعب المصرى خدم بالجيش فالعيش والملح مع الجيش مازال قائما وسيظل.

وعندما قامت ثورة شباب مصر فى 25 يناير تسلم الجيش الثورة منهم, وبدا لنا أن ماقام به الشباب كان فعلا واردا فى حسابات الجيش وأن الشباب جنبوا الجيش الاحراج , فالجيش لم يكن قادرا على القيام بثورة ضد حكم مبارك لعدة أسباب منها : الولاء التام لمبارك مضاف اليها أننا لم نعد فى عصر الانقلابات العسكرية وأيضا أن مبارك كان قد حزم الأمور لصالحه مع العالم الخارجى واضعا لهم فزاعات خيالية هلامية حتى يبرطع فى السلطة ,وداخليا قام بعملية تخدير واستقطاب وابعاد للكوادر القادرة وسلط شرطته على الشعب.

والخلاصة هنا أن الجيش فى كلتا الحالتين سواء قام هو بالثورة أو هبطت عليه الثورة هو المسيطر والمتحكم فى مجرياتها وسارق الأضواء لصالحه, وهذا التحكم له محاذيره فى حالة عدم تطور العقلية العسكرية مع مجريات الواقع والعصر الذى نعيشه , فليس بالجيش وحده يحيا المصريون , وليست بالنوايا الحسنة فقط سنتحول من حقبة الرمم الى حقبة القمم , العملية اعقد من ذلك بكثير لو نظرنا الى الأمور بنظرة أننا فعلا نرغب فى تغيير جذرى فى حياة المصريين وليس تغيير كلامى مرحلى سينتهى بنا الى ديكتاتور آخر جالسا فى قصر العروبة .

من خلال التجربة الجيش لايؤمن بالديموقراطية ولايؤمن بتعدد الاتجاهات الحزبية ولايؤمن بالخلاف فى الرأى لأن طبيعة عمل الجيش تؤمن بالأمن بمفهومه الواسع أولا , وحتى يتحقق الأمن فلابد من التضحية بكل عناصر الديموقراطية حتى يتم الاستقرار , وهنا يخطر على بالنا سؤال مهم : هل فعلا الجيش قادرا على التنازل عن السلطة لصالح الشعب من خلال مؤسسات ديموقراطية وزعامات شبابية جديدة غير المعروضة الآن فى بوتيكات السياسة المصرية ؟

الواقع يقول أن الجيش تدخل وله هدفان : الهدف الأول السيطرة على الأمور وتحقيق الأمن والأمان والتأكد من عدم خروج الأمور الى حيز التسيب وهو هدف أصيل ونبيل ومطلوب والهدف الثانى ويعتمد على نجاح الهدف الأول فبعد تحقيق الاستقرار لابد للجيش من التحكم التام فى العملية السياسية متذرعا بنفس السبب الذى تذرع به مبارك وهو تحقيق الأمان فالسياسيون غير ملتزمون من وجهة نظر العسكر. ولامانع ابدا من اتباع سياسة " نعم وحاضر مع الشعب" فهذا شعب طيب وحتى يتم قفز العسكر تدريجيا على السلطة!!

ومما يؤكد من صحة هذه التوقعات أن الجيش عندما تسلم الثورة لم يقم بعملية تطهير شاملة لمجموعة الرمم , وترك عناصر كثيرة من الرمم مازالت تتحكم فى مفاصل المواقع الحساسة فى البلاد كالقضاء والاعلام وهذا يبعث على مخاوف كثيرة , فهذا الطابور الخامس يشكل خطرا جسيما على الصالح العام وعلى النقلة الحضارية التى نبتغيها وقد أطلق عليه البعض ب " الثورة المضادة".

لو أن الجيش ينوى على تطبيق نظام ديموقراطى حقيقى فى مصر ننصحه بفعل الآتى:

أن يقوم المجلس العسكرى باخراج ورقة فلوسكاب من درج المكتب ويرسم عليها هرم قاعدته الشعب وقمته منصب رئيس الجمهورية , وبين القاعدة والقمة مؤسسات نيابية وتشريعية وتنفيذية ورقابية هذه المؤسسات لابد أن تعمل بطريقة مختلفة تماما عن طريقة جمال وأنور وحسنى, هذه المؤسسات لابد أن تعمل بأحدث طرق الادارة والتنفيذ وتتماشى مع العصر حتى نستطيع أن نقول أننا قمنا بثورة , وأن الثورة حققت أهدافها . ونتمنى أن يسيطر الجيش أمنيا على الأمور وأن يسلم البلد لقيادة غير عسكرية حتى نلمس الفرق بين تفكير العسكر والتفكير المدنى الغير مرتبط باللوائح العسكرية.

على الهامش:

سيظل عبود الزمر قاتلا وحتى وأن أتم فترة العقوبة , ولاتوجد أمة تصنع زعيما من مجرما الا اذا كانت هذه الأمة فاقدة للوعى .





06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية