مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 تجاوزات الأمن

 

 العادلى

 

بقلم : غريب المنسى
........................


حتى الولايات المتحدة وحتى عهد قريب لم تسلم من تجاوزات جهاز الأمن الداخلى , فمستر جون إدجر هوفر أول مدير لمكتب التحقيقات الفيدرالية " اف بى أى" تعامل مع الشعب الأمريكى على طريقة صلاح نصر مدير المخابرات المصرية فى عهد الرئيس عبد الناصر, وفكرة جهاز الأمن الداخلى فى الولايات المتحدة كانت قائمة على مواجهة المد الشيوعى داخل الولايات المتحدة فى فترة الحرب الباردة, ولكن هوفر قرر مواجهة المد الشيوعى والمد التحررى للشعب الأمريكى وبالذات الشخصيات السياسية والاعلامية الشهيرة , ففتح ملف سرى مترع بالفضائح لكل شخصية أمريكية معروفة ومنها الرئيس الأمريكى الراحل جون كنيدى والقس مارتن لوثر كينج وغيرهم الكثير.

ولكن بعد رحيل هوفر الرجل القوى المخيف فى جهاز الأمن الداخلى الأمريكى وظهور فضائحه وتجاوزاته وضع الكونجرس كثيرا من الضوابط القانونية على عمل الجهاز ووضعه تحت الرقابة المستمرة من الكونجرس فى أى وقت يراه أعضاء الكونجرس ضرورى للمتابعة والاستفسار. ويجلس مدير جهاز الأمن الداخلى أمام رجال الكونجرس كالتلميذ يجاوب على كل الأسئلة ويوضح مواقفه وسياساته مع مراعاة حفاظه على الأمن القومى الأمريكى . وظهر هذا جليا بعد احداث سبتمبر حيث خضع مدير وكالة المخابرات المركزية ومدير الاف بى أى لجلسات استفسار فى الكونجرس وكانت الصحافة تنقل مايحدث بكل شفافية , ولاتوجد نرجسية وانتفاخ شخصى وتورم نفسى لدى رؤساء هذه الأجهزة فهم موظفون لدى الشعب ومن حق الشعب أن يستجوبهم فى أى وقت يراه ضروريا.

كل دولة مستقلة ذات سيادة لابد أن يكون لديها جهاز للأمن الخارجى وجهاز للأمن الداخلى , ولكن المشكلة دائما أن هذه الأجهزة فى دول العالم الثالث تعمل لخدمة الأنظمة الحاكمة وتحت تأثيرها ولاتخضع للرقابة البرلمانية ومع الوقت والبيروقراطية تتحول هذه الأجهزة الى أجهزة تعمل بمفهوم البلطجة وهذا هو مربط الفرس , فجهاز مباحث أمن الدولة فى مصر جهاز ضرورى للمحافظة على الأمن القومى المصرى ولكن ينبغى أن يكون تحت رقابة صارمة من لجنة الأمن القومى فى مجلس الشعب حتى لاتكون هناك انحرافات فى عمل الجهاز ناشئة عن عدم الرقابة الشعبية.

وحتى تكون هناك لجنة فعلية وليست صورية للأمن القومى فى مجلس الشعب لابد أن تكون هناك انتخابات برلمانية نزيهة وأن يكون الأعضاء المنتخبين فى المجلس هم طليعة الشعب وليسوا من السوابق والمجرمين وأرباب العاهات النفسية والاجتماعية , وهنا ينبغى علينا أن نغير من الشروط التى ينبغى أن تتوافر فيمن يرغب فى ترشيح نفسه لعضوية مجلس الشعب , فتمثيل الشعب من خلال ممثلين شرفاء هو أول الطريق لترسيخ مبادىء الديموقراطية, فمجلس الشعب من المفروض أن يكون هو الجهة الرسمية الموكلة شعبيا لمحاسبة الرئيس والوزير ومديرى الأجهزة الحساسة, ومن حق المجلس سحب الثقة من أى مسؤول اذا ثبت للمجلس أنه غير أهل للثقة, وعندما يحس جميع المسؤولين أنهم تحت رقابة صارمة وعادلة سيتحسن الاداء فى كل مصالح الدولة وسيتغير الوضع تماما الى الأحسن وتسير العربة الى الأمام .

طبعا هناك تجاوزات كثيرة حدثت من جهاز الشرطة المصرية فى عهد الرئيس مبارك ولكن هذه التجاوزات حدثت لأن الرئيس مبارك كان قد أعطى الضوء الأخضر بموافقته على هذه التجاوزات وهذا ماجعل كل وزير داخلية فى عهده يقدم طرق جديدة ومبتكرة فى تكميم الشعب المصرى واهانته , وكل هذه الوسائل كانت تصب فى صالح مبارك لذلك سمح بها واغدق عليهم بالمنح والمكافأت. هل يعقل مثلا أن الأمن المركزى وصل عدده الى مليون ونصف المليون جندى فقط لحماية نظام مبارك من الشعب ؟ ولماذا تتحمل ميزانية الدولة كل هذه الأعباء فى حين أن ربع هذا العدد سيقوم بالمهمة فى دولة القانون , الولايات المتحدة لديها قوات لمكافحة الشغب ولكنها لم تصل الى حتى ربع مليون جندى على مستوى خمسين ولاية أمريكية والسبب أن القانون هناك يسمح بالتظاهر السلمى ويعاقب الشغب والشعب يعرف حقوقه وواجباته .

الغرض من هذا العرض هو أن المجتمعات الديموقراطية الحية لم تصل الى حد الكمال الا من خلال تجارب وأخطاء , دفع ثمنها الشعب , وقامت هذه المجتمعات بتصحيح الأخطاء بكل تجرد وشفافية , ونحن فى مصر قد مررنا بتجارب كثيرة منذ قيام ثورة يوليو وعانينا من جهاز المخابرات فى عهد عبد الناصر وأمن الدولة فى عصر مبارك والوقت الأن أصبح مناسبا جدا فى وضع وصفة واقعية لأحوالنا , فالأمن القومى بشقيه الداخلى والخارجى مسؤولية وأمانة على كل مواطن ولذلك نحن نرحب بوجود كل الأجهزة الضرورية لحماية الوطن ولكن بضوابط قانونية ورقابة برلمانية .

 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية