مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 الجوع والديموقراطية وبابا عبده

بقلم : غريب المنسى
.......................


السبب المباشر لحالة الغضب الشعبى العربى عموما والمصرى خصوصا لايمكن اخراجها من سياقها الصحيح وتحليلها على أنها صراع أيدولوجى بين نظم حكم ديكتاتورية وشعوب تجاهد من أجل الديموقراطية , فلا هذه النظم ولا هذه الشعوب يدركان تماما حقيقة ومفهوم ومسؤوليات وواجبات الديموقراطية , ولكن هى فى الواقع وبعيدا عن استخدام الشعارات الوطنية الحماسية البراقة صراع بين شعوب جائعة منهكة وأنظمة حكم عاجزة اقتصاديا على توفير أساسيات الحياة بأسعار فى متناول المواطن, وهذا مرجعه فى المقام الأول الى أن هذه الأنظمة ليست لديها الوسيلة العلمية المناسبة لكسر حدة احتكار موجة الغلاء العالمى فى أسعار المواد الغذائية والمواد الخام والتى تهب علينا دائما من جهة الغرب.

وارتفاع أسعار المواد الخام مشكلة عالمية يتعامل معها العالم بطرق مختلفة كل حسب تعليمه , ويتوقف التعامل الصحيح مع هذه المشكلة الحيوية والملحة على قدرة النظام الاقتصادى بما يشمله من خبراء اقتصاد يفترض أنهم وطنيون على تحديد نقاط الخطر الحدى والتعامل مع أساس المشكلة علميا بما يتناسب مع طبيعة الواقع . ومشكلة الانظمة فى دول العالم النامى ومنها مصر أنها استراحت الى انضمامها لمنظومة اقتصادية عالمية شيطانية واعتمدت عليها كمبرر وذريعة وكضمان للاستمرار فى سياسات زراعية وصناعية وانتاجية عقيمة وخاطئة أدت وستؤدى الى الانفجار الشعبى , وهذا الانفجار له مايبرره فالجوع هنا هو سيد الموقف.

هذا العام بدأ بداية غير مطمئنة على الاطلاق فأسعار القمح ارتفعت عالميا 14% وأسعارالذرة 10% عن العام الماضى وسوف يترتب على ذلك ارتفاع فى بقية أسعار المواد الخام عالميا والتى سوف يواجهها المواطن يوميا فى صورة ارتفاع فى سعر الفول وباقى البقوليات مرورا بأسعار اللحوم والخضروات والمحروقات والكهرباء والملبس والتعليم . والعالم فى سبيله لمواجهة مشاكل غذائية ومشاكل مناخية لم يعهدها من قبل والسبب المباشر لذلك هى فكرة ربط العالم فى شبكة اقتصادية واحدة , وهى فكرة خاطئة شكلا وموضوعا لأنها ربطت الدولة النامية وقلصت من قدرتها على مواجهة مشاكلها المحلية بحلول محلية , وأرغمتها على التسوق من سوق الخضار والطعام العالمى بأسعار متذبذبة طبقا لأسعار المضاربات فى بورصة لندن ونيويورك وستغافورة. هذه الفكرة الغير عادلة لدول العالم النامى فرضت عليها بقوة السياسة وقوة الاحتواء الاقتصادى تحت عنواين براقة تحمل اشكال تنموية مثالية خلاقة بقيادة صندوق النقد والبنك الدولى والمنتدى الاقتصادى الدولى .

وعلما بأن الدول النامية لديها الفائض من الأيدى العاملة والأرض الخصبة والمياه اللازمة للانتاج الزراعى حتى تشبع بطون مواطنيها الا أنها وتحت هذا الضغط لاتستطيع أن تغرد خارج السرب خوفا وعجزا وتقاعسا وجهلا , وهذا على المدى المنظور سيؤدى الى نتائج اقتصادية واجتماعية وخيمة على مستقبل الاستقرار المحلى والعالمى فالجوع مشكلة ليست بسيطة, ونحن نتحدث هنا عن عالم فى الألفية الثالثة بكل ماتوصل اليه من تقدم تكنولوجى وخاصة فى مجال البيوتكنولوجى الزراعى تحديدا.

وعلى الرغم من تعهد منظومة العولمة الاقتصادية بالتكافل الاقتصادى بين كل دول المنظومة الا أنها فشلت فى تنفيذ وتحقيق هذا التكافل من الناحية العملية لأنها افترضت أن سعر القمح العالمى مثلا الذى يناسب ميزانية ودخل المواطن الغربى وهو دخل مرتفع لابد أن يتناسب بالضرورة مع ميزانية ودخل المواطن فى الدول النامية المنعدم الدخل أساسا , وهنا وجدت الحكومات النامية نفسها أمام مشكلة دعم السلع الأساسية وحتى لاتواجه صعوبات داخلية , وهذا الدعم ومع ازدياد الأسعار العالمية سنويا أصبح يمتص كل نتائج التنمية المحلية بل أصبحت هذه الدول تقترض بفوائد عالية حتى تغطى فقط تكلفة استيراد الطعام لمواطنيها ونتيجة لذلك أصبحت هذه الدول تابعة اقتصاديا للجهات المانحة لهذه القروض فى مقابل شهادة صلاحية مشكوك فى صحتها من صندوق النقد الدولى تفيد بأن الدولة تحقق معدل تنمية جيد, هذه الشهادة تستخدمها الدول النامية اعلاميا فى مواجهة المعارضة الداخلية ليس الا . ومع وغياب الاحساس القيادى بخطورة الوضع الاقتصادى الحالى والمستقبلى أصبحت عملية التواكل الاقتصادى على الغرب وقروضه ومنحه هى طريقة من طرق الحياة .

وهناك بعض التكهنات تخضع كلها لفكرة المؤامرة ولايوجد دليل مادى عليها حتى الآن تؤكد بأن دول العالم المتقدم تدرس فى صمت فكرة التخلص من هذه الكائنات البشرية الغريبة التى تعيش فى العالم النامى حتى تصيح الكرة الأرضية بخيراتها الوفيرة حكرا على عدد بسيط من البشر الراقى الذى يستطيع أن يستفيد منها بدلا من توزيعها على كائنات لاتستحق الحياة أساسا من وجهة نظر أصحاب هذا التفكيرالعنصرى .

اذن العالم يسير اقتصاديا فى اتجاه مخالف تماما لقوانين الطبيعة ودول العالم النامى لاتملك القدرة على اتخاذ القرار الاقتصادى السليم فى موجهة هذه القوانين الاقتصادية الغريبة . وفى مصر مازلنا فى وضع يسمح لنا بالانفصال على الأقل زراعيا من هذا النظام العالمى العاجز عمليا عن تسليم ماوعدنا به ونستطيع أن نزرع وننتج ماتحتاجه بطوننا فى معزل عن باقى أعضاء هذه المنظومة , فلدينا خبراء عالميين فى مجال الزراعة ولدينا كل الأساسيات اللازمة لهذه النهضة, فنحن بالأساس دولة زراعية.

لماذا لاننظر للأمر على أساس أنه غزو اقتصادى على بطوننا ونجيش الجيوش الاقتصادية والعلمية فى مواجهة هذه الحرب ؟ لماذا لانعتمد على الحلول العلمية المحلية بما نملك من خبرات زراعية وعلمية متراكمة؟ لماذا ننتظر حتى تهب علينا رياح المجاعة ؟ هل هو الكسل ؟ أم الخوف من مواجهة أنفسنا بكل صراحة ؟ أم هو البحث عن الديموقراطية؟

سوو صفوفكم

 


06/11/2014

مصرنا ©

 

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية