| | | | الحسابة زى الكتابة
| | مبارك | |
بقلم : غريب المنسى .......................
جاء فى تقرير البنك المركزى المصرى الذى صدر هذا الاسبوع مايلى : إجمالى ديون مصر الخارجية 34.7 مليار دولار وصافى الاحتياطيات النقدية 35.6 مليار دولار فى نهاية نوفمبر 2010، وهذا الاحتياطى يغطى 8.4 شهر واردات سلعية والسيولة بالنقد الأجنبى 35.6 مليار دولار فى نهاية أكتوبر 2010 والأصول الأخرى بالنقد الأجنبى 10.0مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضى وحجم الدين المحلى 888.7 مليار جنية فى نهاية يونيو 2010. وباقى التقرير الطويل عبارة عن كلام اقتصادى لوغريتمى لمجرد حشو مساحة التقرير ولو فرض أننا فهمناه فهو يصب فى خانة أننا أوكيه!!
وحتى يتفهم القارىء الغير مهتم بالاقتصاد هذا التصريح سنعيده بطريقة بسيطة:
يقول البنك المركزى بالبلدى أن مصر مديونة خارجيا بمبلغ 34.7 مليار دولار ويوجد حاليا بدرج البنك المركزى 35.6 مليار دولار , وهذا يعنى أنه لو فرض على مصر أن تدفع الدين الخارجى اليوم سيتبقى مبلغ 900 مليون دولار فقط لاغير فى خزينة الدولة المصرية وهذا المبلغ يكفى بالكاد أسبوع واحد من الواردات السلعية وبعد ذلك يكون الشعب المصرى وحكومته على باب الكريم , بل حتما سنتسول لأن الدين الداخلى حوالى تريلون جنيه مصرى . وبكل بساطة ووضوح الحكومة المصرية والشعب المصرى عايش على الضمان - الكريدت - وهذا أكبر مؤشر من مؤشرات الخطر لدولة يبلغ تعدادها 84 مليون انسان.
لايمكن للانصاف تحميل الحكومة المصرية كل السبب فى هذا العجز المستمر فى ميزان المدفوعات , فالحكومة المصرية مسؤولة عن فشل سياسات التخطيط الاقتصادى المستقبلى الحكيم , ولكنها ضحية من ضحايا العولمة , والعولمة بالبلدى خالص هى : أن البنيان الاقتصادى العالمى هو عبارة عن مجموعة مواسير موصلة للماء لكل العالم واذا سدت هذه المواسير أو بعضها عانى باقى العالم من الظمأ والموت عطشا. أو بمعنى أكثر وضوحا : "ربطة فى ديل قرد".
ومصر دخلت فى العولمة تحت ضغوط سياسية واغرائية : فمبدأ "خد النهارد وادفع براحتك" , وبيع أصول الدولة الذى هو رأسمالها للأجيال القادمة هو مبدأ مضلل جرنا الى طريق اقتصادى وعر وهذا خطأ جسيم وقعت فيه الدولة التى كانت تبحث على طريقة سريعة لحل مشاكلها وحتى تجد مكانا لقدميها فى هذه المنظومة المدلسة التى تسمى النظام الاقتصادى العالمى تتباهى به أمام الأمم . والدولة فى هذه الحالة لاتختلف كثيرا عن الشخص الغشيم الذى اكتشف أن المخدر جميل ومريح فأدمنه وساقه الادمان الى بيع عفش منزله.
الولايات المتحدة مؤسسة العولمة ومروجتها وأكبر مانح ومسهل للقروض بفوائد عالية بدون ضمانات تعانى هى الأخرى من اختلال فى موازين مدفوعاتها وهى مديونة حتى رقبتها للصين , وباعتبار مصر جزء من هذا النظام الاقتصادى العالمى فهى لابد أن تعانى اقتصاديا من الاشتراك فى هذا النادى الاقتصادى الذى يقوم على الربا كوسيلة لتحقيق الربح والذى هو مؤسس على قواعد اقتصادية انتهازية قاتلة ومرهقة, وحتى يربح هذا النظام الاقتصادى العالمى لابد أن يعتمد على مص دماء المواطنين والحكومات على السواء.
هذا الكلام مهم لكل المصريين حتى نعرف مقدار الخطورة الاقتصادية التى تواجهنا , فالوضع الاقتصادى خطير جدا والحكومة تقوم بعملية اقتراض مستمرلتدفع فواتيرها حتى تستمر الدولة فاتحة الأبواب بالخسارة , وحتما سيأتى يوما ونغلق ابواب الدولة ونعلن افلاسنا , لأن الاستمرار فى هكذا حلقة ديون مفرغة عملية مرهقة تمتص كل المجهودات المبذولة على المستوى المحلى فالديون هى الديون ملعونة ومصيبة سواء كانت للفرد أو للدولة.
اذن مالحل؟
الحل ليس سهلا ولكنه مثل الدواء غير مستحب ولكن لابد من تجرعه , والشفاء الاقتصادى فى هذه الحالة هو أن نستمر فى مجارة النظام العالمى الى حين وحتى لانعلن الافلاس ونغلق باب المحل , وفى نفس الوقت لابد أن يكون لدينا خطط تنمية طموحة بعيدا عن منظومة النظام العالمى للتنمية الداخلية تتماشى مع ظروفنا واحتياجتنا.
نعانى من البطالة وهناك حوالى 10 مليون متعلم عاطل فلماذا لانبدأ فى تصميم مشاريع انتاجية محلية وليست خدمية لانتاج معظم مانستورده ونوفر العملة الصعبة , وتوفير عمالة لعشرة ملايين متعلم عاطل ليست فقط مسؤولية الحكومة المفلسة ولكنها مسؤولية كل رجال الأعمال , فالاراضى متوفرة والأيدى العاملة متوفرة وأموال المصريين تحت البلاطة متوفرة , فلماذا لانقوم بعملية اكتتاب عامة للبدء فى مكافحة ظاهرة التسول العالمى الذى احترفناه مع عصر العولمة؟
الحل محتاج الى ثقة من الدولة فى بعض وليس كل رجال الأعمال لتنفيذ مشروع تنموى طموح يجلب وظائف. فعندما نقضى على البطالة سنقضى تدريجيا على الفقر والجوع .. وعندما نصل الى هذه النقطة يمكن لنا أن نبدأ بالحديث عن الديموقراطية.
من المهم أن نذكر هنا أن محاولة الخروج عن النظام العالمى ليست بالسهلة , فالغرض من هذا النظام هو ضمان تبعية الدول وتكميم ارادتها ومن يحاول الخروج عنه ستكيل له التهم الجاهزة , ولذلك فنحن نحتاج الى قرارت سياسية وطنية لتأميم ارادتنا والانفصال عن هذا النظام البلطجى , وهنا يأتى دور الزعيم الوطنى الذى لايخشى هذه الامبريالية الاقتصادية وتبعاتها السياسية السلبية.
يخطىء من يظن أن بذهاب النظام الحالى ستتحول الامور فى لمحة بصر الى اللون الوردى , فنحن كدولة نعانى من مرض السرطان الاقتصادى .. والسرطان يظل سرطانا حتى لو تغير الأطباء ولابد من تغيير العلاج أولا حتى نشفى .
لاديموقراطية مع الفقر والبطالة.
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|