| | | | فى بيتنا رجل
| | حرب المعلومات | |
بقلم : غريب المنسى .......................
فى تدفق سريع للأحداث اتهم جوزيف بايدن نائب الرئيس الأمريكى جوليان آسانج مؤسس الويكيلكس بأنه ارهابى يستخدم التكنولوجيا الحديثة لهدف ارهابى , ولمح الى احتمال أن توجه له وزارة العدل الأمريكية اتهام تقوم دعواه على أنه حصل على الوثائق التى نشرها فى موقعه الشهير بدافع التآمر , وأن الموضوع خرج عن نطاق حرية تداول المعلومات الذى يقره القانون الأمريكى صراحة, الى موضوع حرية تداول الأسرار والتشكيك فى السيستم العالمى لتداول الأسرار, وهذا أثر بالفعل على طريقة تداول المعلومات السرية بين أجهزة الحكومة الأمريكية.
وحتى هذه اللحظة نجد صعوبة فى فهم دوافع مستر آسانج لنشر هذه الكمية من الوثائق فى هذا التوقيت بالذات ناهيك عن كيفية الحصول عليها , وهل الرجل فعلا هو رسول العناية الاعلامية والذى قرر لسبب انسانى بحت أن ينشر معلومات قد تساعد على اسقاط حكومات وذرع الشك حتى فى المحادثات الرسمية المغلقة بين الرسميين.
لاشك أن الرجل نجح فى ذرع الشك فى نفوس الحكومات وموظفيها حول العالم , وهذا فى حد ذاته عمل ابليسى موجه ضد الولايات المتحدة قبل أن يكون موجها للحكومات الأخرى , والولايات المتحدة هى الأخرى لديها من الوسائل التقنية والكوادر التكنولوجية التى تستطيع أن تنشر من خلال شخصية غامضة تماما مثل مستر آسانج وثائق عما يدور من محادثات ومراسلات مثلا بين حكومة الصين أو الحكومة الروسية أو الحكومة الألمانية وسفاراتها حول العالم , ولكن هذا التصرف سيكون بمثابة انشطار معلوماتى خطير مثله مثل الانشطار النووى تماما لأنه سيفقد الثقة الدولية فى أساليب التخاطب الديبلوماسى والمخابراتى حول العالم وبالتالى سنعود جميعا الى عصر الحمام كوسيلة آمنة لنقل الرسائل .
مهم جدا أن نفهم أننا فى عصر لن يكون هناك داعى أبدا لاستخدام القنبلة النووية مرة أخرى لتسوية أى صراع ولكن هذا الزمن هو عصر استخدام القنبلة التكنولوجية وهى أخطر وأشد ضررا, فيكفى مثلا هجوم الكترونى منظم ومركز على شبكة معلومات أى دولة ليدمرها اقتصاديا ويجعلها تعود الى العصر الحجرى , فالعالم الآن يعتمد على تكنولوجيا المعلومات بدرجات متفاوته, وحتى الدول النامية التى تستخدم التكنولوجيا بدرجة أقل لن تنجوا من هذا التدمير التكنولوجى ونتائجه القاتلة. وهنا لابد لنا كمواطنين عالميين على قدر من المسؤولية من التركيز فى لب الموضوع بدلا من الفرحة الزائفة لأننا عرفنا ماذا يقول فلان عن فلان فى رسالة دبلوماسية .
لو افترضنا أن ويكليكس حصل على هذه الوثائق عن طريق شخص متبرم وناقم على حكومته , فهذا الشخص لابد أن يكون حاصل على شهادة صلاحية أمنية من الحكومة الأمريكية , وهذا التصريح الأمنى له ثلاث درجات تتحدد كل درجة حسب طبيعة المهمة السرية الموكلة للشخص ويخضع فيها الشخص لتعبئة نموذج يتعدى العشرين صفحة وتكون الأسئلة مصممة بحيث تغطى كل فترات حياته منذ ولادته وحتى اللحظة التى تقدم فيها للحصول على التصريح , تلى هذه المرحلة مرحلة الاستخبار عن الشخص من خلال الاتصال بالأماكن والاشخاص والمدارس والجامعات والجيران والأقارب الذى دونهم فى النموذج , أضف الى ذلك أن التصريح الأمنى بالعمل مع وثائق سرية أمريكية ليس تصريح دائم ولكنه تصريح متغير حسب طبيعة المهمة . وهذا من شأنه أن يجعل الدائرة ضيقة حول هذا الشخص الذى أرسل كل هذه المعلومات لأنه من السهل الوصول اليه من خلال حصرالأشخاص اللذين يتعاملون مع هذه النوعية من المعلومات. ولأنه وطبقا لتسلسل الصلاحية فى الاطلاع على الوثائق السرية لايستطيع الجندى برادلي مانينغ المتهم بتسريب كل هذه المعلومات من القيام بكل هذه المهمة وحيدا لأنه له صلاحية معينة للدخول على وسائق سرية معينة أغلبها عسكرى مرتبط بحرب العراق حيث كانت خدمته هناك , وليست له صلاحية للدخول على كل الوثائق التى نشرت والخاصة بالجزء الديبلوماسى . ولو افترضنا أن ويكليكس قد حصل على هذه المعلومات عن طريق القرصنة الشخصية فهذه جريمة دولية لابد من معاقبة ويكليكس عليها. ولو افترضنا أن القرصنة تمت من حكومة معادية فهذا أيضا من شأنه أن يساعد على اشعال حرب المعلومات العالمية وبدء الانشطار المعلوماتى الذى قد يصيب العالم فى اقتصادياته.
الموضوع أعقد وأخطر من أن نسطحه ونصوره على أنه مغامرة انسانية نبيلة من شخص كانت كل مهمته فى الحياة قبل أن يظهر على سطح الأحداث هى القرصنة الألكترونية ولكنه قد يكون تصارع بين قوى دولية شريرة تريد أن تستخدم التكنولوجيا المعلوماتية فى بدء حرب عالمية معلوماتية ستكون آثارها سيئة على البشرية .
فى كتاب حروب أوباما لبوب وودورد جاء مامعناه : على الرغم من خطورة الهجوم الارهابى فى أحداث سبتمبر وأثاره السلبية على الاقتصاد العالمى الا أن خبراء الأمن مازالو يعتقدون أنه أهون بمراحل من أى هجوم تقنى على البنوك ومراكز المعلومات والبنية النووية . وهذا يؤكد تماما أن هناك صراع عالمى خفى على القوة سيدفعنا الى مزيد من الخوف والتحفظ لأننا بكل بساطة نعتمد على التكنولوجيا بدرجات متفاوته ولابد أن تكون هناك رقابة دولية صارمة على استخدام التكنولوجيا وعدم التعدى عليها بأى وسيلة لأنها تتعدى على الحياة بكل بساطة وتجرد. وباعتبارنا مواطنين فى عالم المعلومات ومرتبطين به فى حياتنا لابد أن نكون نحن الخط الأول للدفاع عن مكاسبنا التكنولوجية التى قربت المسافات بيننا وسهلت لنا الحياة نسبيا.
06/11/2014
مصرنا ©
| | | |
| | | | |
|
|