جواسيس
...............................................................
بقلم :غريب المنسى
......................
التجسس من أقدم الغرائز الانسانيه - بعد تجارة الرقيق - فالتجسس غريزة بشريه فطريه فيها شىء من الاثارة والغموض والنشوة يلجىء اليها الافراد وتستخدمها الدول والشركات والعصابات -وبعض الزوجات - كوسيلة من وسائل الحرب الخفيه مع الفرق فى الحجم والعدد والغرض وأيضا تقاس قوة الدول فى العصر الحديث بقوة جواسيسها لا بقوة جيشها فحسب . فميزانيه السى أى ايه ثلاتة مليارات دولارسنويا وهو الرقم المعلن أما الرقم الخفى فهو أكثر بكثير .
ولأن كلمة الجواسيس كلمة مخيفه تدعو على عدم الارتياح والهلع فان الدول تطلق على اجهزه تجسسها أسماء لطيفه تخفى حقيقة عملها الفعلى الذى هو التجسس على المواطنين والدول الاخرى بل وتعطى جواسيسها وظائف حساسة بمظهر لائق وحمايه مناسبه فقد يكون صحفيا وقد يكون دبلوماسى وقد يكون رئيس دولة .
أى والله العظيم رئيس دولة محترم وفى نفس الوقت جاسوس لصالح دولة اخرى .. ومن أشهر هؤلاء الجواسيس مستر بيف وهو المرحوم الملك حسين ملك الاردن - ومستر بيف - هو الاسم الحركى الذى اعطته له المخابرات المركزيه الامريكيه حتى لايكتشف أمره بسهولة . طبعا كانت مهمته سهلة وبسيطة وهى التجسس على أخوته الملوك والرؤساء العرب بدء بعبد الناصر ومرورا بالسادات وكان يتقاضى مليون دولار فى السنه - طبعا بأسعار السبعينات -- أما الذى فضحه فهو الصحفى الامريكى بوب وود ورد وهو نفسه الصحفى اللى فضح ريتشارد نيكسون فى ووتر جيت.
فى يوم الرابع من اكتوبر سنة 73 دق جرس التليفون فى مكتب رئيس الأركان الاسرائيلى الجنرال ديفيد اليعازر وكان المتحدث على الطرف الأخر رئيس الموساد الذى أخبر اليعازر بأن مصدره فى القاهرة أخبره بأن تحركات المصرين فى منطقة القناة هو فى الواقع استعداد لمعركة وليس تدريب ميدانى كما توقع الاسرائيليون.
ولخطورة المعلومات فلقد اجتمع مجلس الوزراء المصغر برئاسة جولدا مائيير وموشى ديان وزير الدفاع وابا ايبان وزير الخارجيه ووافقو على أن يسافر مدير الموساد الى لندن على متن طائرة خاصة ليلتلقى بمصدره المصرى فى العاصمة البريطانيه على وجه السرعه لأن المصدر سيكون فى لندن فى مهمة عمليه ستكون غطاء لتسريب المعلومات التى حصل عليها من أعلى المصادر فى مصر-- وهو الرئيس السادات شخصيا - لليهود.
وضع ديان الجيش الاسرائيلى فى حالة طوارىء ولكنه لم يشاء أن يعلن حالة الاستدعاء الشامل للجيش لانها لم تكن المرة الاولى التى أخبرهم فيها أحد الجواسيس بنية المصريين فى العبور وأيضا لما تكلفه عملية الاستدعاء الشامل للجيش للاقتصاد الاسرائيلى من أعباء وقد كانت هذه هى غلطة العمر لديان ففعلا كان المصدر صادقا هذه المرة وعندما التقاه مدير الموساد فى لندن يوم الخامس من أكتوبر كان قد فات الأوان لمنع المصريين من عبور القناة.
من هو هذا المصدر الذى سرب خبر استعداد المصريين للحرب وعبورهم للقناة ؟
فى يوم الخامس من اكتوبر 73 اتصل الملك حسين أيضا بالاسرائليين وأخبرهم بنية عبور المصريين للقناة وهجوم السوريين بتنظيم مع المصريين ...وأيضا كان الوقت متاخرا للاستفادة من هذه المعلومات الخطيرة التى كانت كفلية بمنع اى نجاح يذكر للعرب.
وهنا يبرز سؤال اخر لماذا ذكر اليهود الملك حسين فى مذكراتهم ولم يذكرو اسم الجاسوس المصرى الملتصق بالرئيس السادات فى حينه؟
الاجابه ببساطه أن الملك حسين لم يكن جاسوسا بالمعنى الحرفى للكلمه - فهو يتصرف على انه صديق - بيلفت نظر اصدقائه ومعلوماته عبارة عن احاديث روتينيه مع اصدقائه رؤساء الدول .. اما اخونا الجاسوس المزروع فى دائرة السادات الضيقه فهو يتقاضى مرتب وتدريب من اسرائيل مقابل تلميعه للاكر الخاصة بالقصر الجمهورى .
الرئيس السادات كان حريصا جدا على المعلومات الخاصة بالعبور وهو فعلا خدع اليهود بالتنسيق مع سوريا حتى ان الجاسوس المصرى - وقد كان هو فى الواقع أشرف مروان - لم يلتقط أية معلومات الا بالصدفه وفى الساعات الاخيرة قبل العبور بيومين وده وقت لم يكن كافيا لليهود لاتخاذ الاجراءات الوقائيه الضروريه فا اصطادهم المصريون يوم السادس من اكتوبر 73 وهم بدون بنطلون.
أما صراع الجواسيس بين القوتين العظمتين - أمريكا وروسيا - فكان ومازال صراعا شرسا وهو عادة يتم بتجنيد اشخاص فى مناصب معينه يقومو بعملية سرقة المعلومات ولكن اخطر المعلومات التى حصلت عليها روسيا من امريكا والعكس كانت معلومات قام بنقلها افراد متبرعين - وهو التجسس الايدولجى - هدف هؤلاء الاشخاص ليس مادى بقدر ما كان شخصى وشخصى جدا ولعلنا نتدكر - جانسان فو نونو- الجاسوس اليهودى الذى تجسس على امريكا لليهود ولم يفلح اى رئيس وزراء اسرائيلى حتى اليوم فى ان يحصل له على عفو- فقد كان ومازال حبه لدولة اسرائيل هو السبب للتجس وأيضا الدرش وروبرت هانسون الذى تجسس لمدة 20 سنه لصالح الروس.
هؤلاء الجواسيس بامزجتهم اخطر على الامن القومى لاية دولة لانهم بيكونو فى مواقع حساسة بيصعب اكتشافهم فلقد استغرقت عملية القبض على - الدرش - الجاسوس الامريكى داخل المخابرات المركزيه حوالى خمس سنوات لانه داخل الجهاز وصعب جدا الشك فيه . هولاء الجواسيس انقلبواعلى بلدانهم ودخلوا فى صراعات التخابر وما تحمله من اثارة ونشوة ليقضوا حياتهم بين جدران السجون او بالعيشة غرباء اذا فلحوا بالهروب واللجوء للدولة التى تجسسو لصالحها وهو فى كلتا الحالتين موت على طريقة الجواسيس .