السادات من تانى
...............................................................
| |
السادات | |
بقلم: غريب المنسى
........................
هناك شخصيتان لاتصلحان البته فى الحكم على الرئيس السادات , الشخصية الاولى هو الأستاذ محمد حسنين هيكل والشخصية الثانية هو الفريق سعد الشاذلى , لسبب بسيط وهو أن هاتان الشخصيتان ينطبق عليهم قانونا مايسمى بتعارض المصالح , وبالتالى كانت وستكون أحكامهم على الرئيس السادات تميل الى الدافع الشخصى , وهى بطبيعة الحال احكام مشخصنه ينقصها الموضوعية والشفافية ناهيك عن المنطقية . فهيكل والشاذلى اصطدما بالرئيس السادات صدامات كان معظمها شخصى جدا , وهذه الصدامات أثرت بطريقة مباشرة على مستقبلهم المهنى والسياسى, وبالتالى لن نتوقع منهم خيرا كثيرا فى الحكم على الرئيس السادات .والشعب المصرى لايهمه من بعيد أو قريب علاقة الرئيس السادات بهيكل أو الشاذلى ولكن يهمه بالأساس انجازات الرئيس السادات خلال فترة حكمه القصيرة نسبيا بالقياس بالرئيس عبد الناصر والرئيس مبارك .
نحن شعب كنا ومازلنا نحكم - بضم النون - بالبركة ودعاء الوالدين وقد استعملنا حكامنا ومنذ قيام الثورة كحقل تجارب فى تنفيذ ايدولوجية المرحلة, فصرنا اشتراكيين فى عصر الاشتراكية وتحولنا الى رأسماليين فى عصر الراسمالية وسوف نكون قريبا من فئة البدون !! ولم يكن لنا أبدا دخل فى توجهات حكامنا فهم يرون بالنيابة عنا, فالرئيس عبد الناصر والرئيس السادات والرئيس مبارك على التوالى لم يسبق لهم أن درسوا سياسة واقتصاد وقانون وعلوم ماوراء البحار ولكنهم تعلموا فينا ومعنا طرق الحكم الرشيدة , فنحن فئران التجارب .. وقد اثبتت التجربة الحية أننا أحسن فئران تجارب مطيعة فى هذا العالم , ولكن للأسف لم يعطى لنا أى حاكم منهم"كردت" مستحق لنا , ونسبوا كل النتائج المعملية المبهرة الى أنفسهم , ولكن عندما تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن لعنوا سنسفيل فئران التجارب وحملونا نتيجة الأخطاء والقصور المعملية.
اذا اتفقنا على ذلك سيكون سهل علينا أن نرى ونحكم على كل زعماؤنا بكل تجرد فى السياق الصحيح للأحداث , فكل رئيس جاء بخلفية مختلفة عن الآخر وبطموح مختلف عن الآخر وتوجهات وتحديات مختلفة عن الآخر ولكنهم اتفقوا فى شىء واحد وهو ولاؤهم المطلق لمصر ولن يستطيع أى انسان مهما أوتى من مهارة فى لوى الحقائق أن يطعن فى وطنيتهم وهذا معروف ومسجل ومتداول فى كتب التاريخ الغير مكتوبة والمسجلة فى ضمير الشعب.
مشكلتنا مع عبد الناصر أنه كان قريبا جدا من فئران التجارب , لأنه كان واحدا منهم , ودفعنا الى أن نصدق بأننا أسود وبالتالى شطحنا معه فى عالم الخيال ونسينا الواقع .. وكانت النتائج مبهرة بنينا السد وأممنا القناة وخسرنا سيناء وجلسنا على الشاطىء الغربى من القناة نبكى ونلطم .. لم يكن للرئيس عبد الناصر تجربة سابقة فى الحكم ولكنه تعلم فينا الحكم , والميزة العظيمة فى الرئيس عبد الناصر أنه كان عفيف القلب واليد واللسان والضمير ولذلك غفرنا له كل أخطاؤه ومجدنا كل انجازاته , ومازلنا نكن له كل الحب والوفاء والتبجيل لأنه على الأقل حاول أن يغير من طبيعة عملنا ولكننا لم نكن بالمرونة الكافية التى تساعده على أن ينافس الولايات المتحدة بنا .. لكنه حاول.
ومشكلتنا مع الرئيس السادات أنه كان الأذكى وتعامل معنا على أساس أننا فعلا فئران تجارب, وعاش الواقع على هذا الأساس وكان تخطيطه لحرب اكتوبر على هذا الأساس وانتصرنا فى الحرب على هذا الأساس لأننا كنا واقعيين , ومع العلم بأن الرئيس السادات هو الرئيس الوحيد الذى حقق نصر عسكرى عالمى للشعب المصرى ومع ذلك مازالت الاقلام الحاقدة تنهش فى قبره , وتتهمه بتهم غير منطقية ولاتتناسب مع شخصية الرجل , فمعظمنا عاصره ونعلم نقاط ضعفه وقوته ولم يكن فيها أبدا عنصر التواطىء على الرئيس عبد الناصر , فالرجل كان يحب عبد الناصر فكما قلنا سابقا كان عبد الناصر الفأر المعملى الأول الذى خرج عن المألوف وتبعه كل الفئران الشجاعة .. وكان منهم الرئيس السادات.
وكما ترون فالعملية كلها فئران خرجت الى السطح فى محاولة برئية وشجاعة ومتهورة فى بعض الاحيان لتثبت للعالم أننا موجودون , حاول عبد الناصر بطريقتة وحاول السادات بطريقة أخرى مختلفة , ولكنهم اصطدموا بعوامل دولية واقليمية وجغرافية كانت أقوى منهم ومن واقعهم . ونحن نكن كل الاحترام والتقدير لعبد الناصر والسادات , فمعهم وبهم ذقنا حلاوة التصنيف , ومعهم وبهم طلعنا السماء السابعة ونزلنا الى أسفل سافلين , ومع ذلك سامحناهم لأنهم حاولوا بسلامة نية وكانوا بسطاء وماتوا بسطاء.