مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 كاميليا .. كاميليا
...............................................................

بقلم: غريب المنسى
......................


جلس البابا فى بلكونة الكاتدرائية على كرسى بابوى متنقل مصنوع من الخيرزان السميك واضعا عصا البابوية تحت أبطه وكأنه جنرال متمكن فى حروب العصابات ليستمع الى شرح رئيس أركانه ووزير دفاعه عن آخر التطورات فى مشكلة كاميليا, كان العسكريون يعرضون عليه آخر الصور الاستطلاعية الملتقطة بالقمر الصناعى عن وضع المتظاهرون فى الشوارع , ويشرحون له مضمون الخطط الهجومية والدفاعية المعدة مسبقا والموجودة فى عهدة رئيس هيئة العمليات فى بدروم الكاتدرائية.

انتقل النقاش بطبيعته فى هذه المحنة عن حاجة هذه الخطط الماسة للتطوير لتتناسب مع مستجدات الواقع , فهى خطط أعدت منذ أن تقلد قداسته منصبه فى سبعينيات القرن الماضى , وشمل النقاش أيضا حاجة الكنيسة فى الوقت الحالى الى خطة "أجراس الكنائس" وهى خطة استيرايجية تمويهية تقضى بالانسحاب التمويهى المرحلى حتى تهدأ الأمور نسبيا ليعود الهجوم وبتركيز شديد بعد أن ينام العدو مطمئا الى عملية الانسحاب التكتيكى, كانت أصوات المتظاهرين فى ميدان العباسية والمطالبين بعودة كاميليا الى صفوف المسلمين تصم آذان الموجودين فى هذا الاجتماع الهام بين آن وأخر, الأمر الذى دعى وزير دفاعه تحسبا لما هو أسوء الى الاتصال بقائد المجموعة 39 صليب متقدم لتأمين مداخل الكتدرائيه ضد أى عمليات ابرار خلف الأسوار.

وبعد أن استمع البابا الى العسكريون صرفهم ودعى وزير اقتصاده ليستمع منه عن تقرير الحالة الاقتصادية لشعبه, واطمئن البابا كثيرا وتنفس الصعداء عندما علم أن الاحتياط الموجود من المواد التموينية يكفى الشعب لمدة ستة أشهر وهى مدة مناسبة جدا لأن الحرب لن تستمر كل هذه المدة , فسفيرنا فى الامم المتحدة سوف يتقدم بطلب وقف اطلاق النار حال نشوب الحرب , وسيقوم مجلس الامن باصدار قرار فورى لصالحنا بعد ان نسيطر على ميدان السبتيه وهو ممر استيراتيجى هام سينفعنا لاحقا فى المفاوضات , ولن يكون هناك فيتو من أى نوع ف99% من أوراق اللعبة فى يد الأمريكان واسرائيل!!.

انصرف وزير اقتصادة ودخل وزير اعلامه ليشرح له خطته الاعلامية المركزة فى مواجهة هذا الهجوم الحنجورى الغادر والذى تجرأ لأول مرة فى تاريخ الكنيسة المصرية لينادى بسقوط البابا حاف كده من غير قداسة ولايحزنون, واتفق البابا مع وزير اعلامه على تسميتها "انتفاضة السكلية" !!

حان ميعاد الغذاء, ومازال مدير مخابراته يشرح له الوضع على الجبهتين الداخلية والخارجية, وطلب البابا الغذاء له ولمدير مخابراته فالرجلين صائمين , وكانت وجبة الغذاء مكونة من أطباق الفول المدمس بالشطة الخفيفة مغطى بالكامل بطبقة سميكة من الزيت الحار والثوم مع أطباق الليمون المخلل بالعصفر والبذنجان المقلى فى زيت الذرة , وبعض من البصل الأخضر المغسول , وعدد سته زجاجات مياه معدنية مشبرة من الحجم الكبير,على أن يلى الغذاء رشة شاى ثقيلة تساعد على استيعاب أبعاد المؤامرة.

نصحه مدير مخابراته باستخدام الخطة الاستيراتيجية "أجراس الكنائس" فهى المناسبة للوضع الاقليمى حاليا على أن تستعين الكنيسة بخدمات مكتب أمريكى للعلاقات العامة وهو نفس المكتب الذى استعانت به السعودية بعد أحداث سبتمبر للسيطرة على خسائرها المعنوية , هذا المكتب ستكون مهمته الهاء الدهماء , فكما ترى قداستك كل من هب ودب يطالب بكاميليا : واحد متخانق مع مراته عاوز كاميليا , واحد واقف فى طابور العيش عاوز كاميليا , واحد متشعبط فى اتوبيس عاوز كاميليا !! هكذا قال مدير المخابرات وهو يعض على فص بدنجان مقلى مغطى بالكسبرة الخضراء.

*****

على الفور تم الترتيب مع مكتب "أخوان مناحم" فى واشنطن ليدير اعلاميا مشكلة كاميليا , فالمكتب ذو شهرة عالمية فى ادارة النزاعات وقلب الحقائق ويبعد عن البيت الأبيض شارعين من ناحية الغرب , وأرسل المكتب على طائرة خاصة كبير مديرى العمليات الخارجية وهو رجل متمكن وذو خبرة كبيرة فى مجال التشويش وقلب الحقائق وكانت آخر أعماله اقناع الرأى العام العالمى نيابة عن الفاتيكان بأن اعتداء القساوسة جنسيا على الأطفال كان فى حقيقة الأمر تدريب هؤلاء الأطفال على القفز من على حجر الكاهن الى السرير بدون ملامسة الأرض , فالأرض ملوثة وطبيا غير ملائمة لهذه الأقدام البريئة.

دخل ايهود كوهين مدير العلاقات العامة وادارة النزاعات والسيطرة على الصراعات بمكتب أخوان مناحم على البابا فى مكتبه وكأنه كوفى أنان فى زيارته الشهيرة لصدام ابان الحرب , فالوضع العام ملتهب وهدير الجماهير فى المسجد القريب من الكتدرائيه يصم الآذان , والبابا فى وضع حيرة بالغة , فلقد استخدم كل الحيل المحلية الصنع من عناق وتبويس وعزائم فى رمضان وزيارات متبادلة مع شيخ الأزهر وكبار رجال التكيه, وعلى مايبدو أن الجماهير اصيبت بالمناعة من هكذا حيل !! وعلى العكس تماما من البابا فأصوات الجماهير فى اذن كوهين كانت كالسيمفونية السابعة , فبدون هذا الهدير لن يكون له عمل , وكلما ارتفع الهدير كلما زادت قيمة الشيك الذى تقاضاه على بياض من وزير مالية البابا.

بسرعة واجه كوهين البابا بعد أن اطمئن الى تحصيل الشيك الكترونيا فى حسابه البنكى بمجموعة من الخطوات التى ينبغى على البابا من اتخاذها فورا للسيطرة على الموقف وحتى تنصرف الجماهير , وهى تصورات عامة هدفها امتصاص غضب الجموع وصرفهم , من هذه الخطوات وهى طبعا اختيارية: أن يتعهد البابا باعتزال السياسة وأن يتفرغ لمشاكل الكنيسة الدينية العويصة, أو أن يفبرك البابا قصة موته المفاجىء بالسم على يد أحد الكهنة الرديكاليين, فالجماهير سوف تتعاطف معه فى هذه الحالة, أو أن يعلن البابا على الملاء من شرفة الكاتدرائية وفى مؤتمر صحفى عالمى تأييده الكامل والمطلق للبرادعى فبعض من غضب الجماهير يرجع الى تأييده للتوريث,أو يتنازل البابا عن العرش لأحد الوجوه الشابة من اصحاب الفكر الجديد, أو أن يقوم البابا فورا باشهار اسلامه للجموع الغاضبة على أن تكون هذه الخطوة هى آخر الخطوات.

ظهر الغضب على وجه البابا .. فكل هذه التصورات لاتصلح له فهو باقى على الكرسى حتى آخر نفس , وهنا بادره كوهين بمضمون الخطة "ب" وهى أن يلجأ البابا لسياسة التلبيس وهى خطة بديلة تنجح 95% فى بعض الحالات وبالذات فى دول العالم الثالث وهى ببساطة لابد أن يبحث البابا وبسرعة عن كبش فداء ليتحمل النتائج الكارثية لمشكلة كاميليا , ويفضل أن يكون هذا الشخص أو هؤلاء الأشخاص من المجموعة التى تنافس البابا داخليا على العرش وبهذا يضرب البابا عصفورين بحجر!!

مازال البابا حانقا ..

أو أن يقوم البابا بعرض المشكلة على .... وقبل أن يكمل الجملة سمع البابا يقول فى غضب بالغ : أشهد أن لااله الا الله ....
- اسلمت يابابا ؟ سأله كوهين حبورا..
- أسلمت ايه ياخى ؟!! انته كفرتنى .... هات فلوسى!!

*****
ويستمر صياح الجماهير .. كاميليا .. كاميليا

 


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية