مطبوعة الكترونية عربية مهتمة بموضوع المواطنة وتداول السلطة القانونى وحرية التعبير  فى العالم العربى  .. تصدر من الولايات المتحدة الأمريكية عن المركز الأمريكى للنشر الالكترونى .. والأراء الواردة تعبر عن وجهة نظر أصحابها.
............................................................................................................................................................

 
 

 اضحك مع المصريون – قصة قصيرة
...............................................................

 

غالى محصل عاشور الدولة

 

غريب المنسى
..................


ذهب جرجس ليشهر اسلامه فى الأزهر هروبا من العشورين !! فالقسيس طايح وراه على عاشور الكنيسة ويوسف غالى طايح وراؤه ووراء كل المصريين على عاشور الدولة.. لذلك قرر أن يدخل الاسلام سرا وصوريا حتى يتخلص من العاشور الكنسى وبعد ذلك يمكنه بسهولة أيضا التهرب من عاشور يوسف غالى .. وأما الزكاة المفروضة على المسلمين فأمرها سهل لأنه تعتمد على تقديره هو الشخصى ويمكنه الايدفعها على الاطلاق اذا أراد !! وكان هناك سبب آخر شخصى جدا أخفاه حتى عن جاره فتوح الذى دله على الطريقة الصحيحة لاشهار اسلامه , فالرجل ميسور الحال وبخيل ويريد أن يدلع نفسه ويتزوج من صبية جميلة , فزوجته بعد أن تعبت فى تربية الأولاد وساعدته على التفرغ لادارة تجارته مريضة وأصبحت من وجهة نظره دقة قديمة, وكل القوانين الدينية لاتسمح له بالزواج الثانى ناهيك عن الطلاق.

نصحه فتوح وهو سمكرى سيارات من الحته بأن يصحو مبكرا ليكون أمام الموظف المختص بالاشهار فى حوالى الساعة الثامنه صباحا , مؤكدا عليه أن الاجراء بسيط لايستغرق سوى خمس دقائق بعد أن ينطق بالشهادتين ويسبل عينيه فى خشوع ورهبة أمام الموظف , وأنه سيعود الى دكانه بسرعة ولن يلحظ أى فرد من المحيطين به أى تغيير فى برنامجه اليومى .

ولكن عندما ذهب جرجس مبكرا طبقا للخطة وجد نفسه آخر شخص فى الطابور الطويل الذى ينتهى عند آخر حى الدراسة, ووجد أن كل راكبى الطابور متحفزون ونشطون وفى حالة معنوية جيدة ومتشوقون كأنهم مجاهدين ذاهبين الى افغانستان أيام الحرب مع الروس رغم أن حرارة الجو فى هذا الصباح الباكر من أيام يوليو وصلت 45 درجة مؤية بالرطوبة, وبعد خمس دقائق وجد أن الطابور خلفه قد طال واقترب من حدود ميدان العباسية , ومازال الزحف مستمرا !! , ولم يطول استغرابه فعندما تحدث مع الرجل الواقف أمامه عن سبب تكالب كل هذه الأعداد التى تريد أن تتحول من المسيحية الى الاسلام علم أن هناك أمين شرطة طيب تتوسط علامة الصلاة وجهه المؤمن ومختص بحماية المبنى قد افضى بسر أخوى للرجل الأول فى الطابور مؤداه: أن الأزهر الشريف وبناء على تعليمات من جهات سيادية عليا قد قرر أن يصرف شقة وسيارة ووظيفة لن يقل دخلها الشهرى عن أربعة الاف جنيه لكل قبطى يريد أن يلحق بأخر الديانات, وبسرعة البرق استخدم الشخص الأول فى الطابور محموله واتصل بمعارفه اللذين اتصلوا بدورهم بمعارفهم حتى وصل الحال الى ماهو عليه الآن من هجوم بشرى على الطابور , وقبل أن يفتح الموظف شباك الاشهار, أصبح الطابور أمام مكتبه مثل طابور الجمعية التعاونية التى تبيع كيلو الأرز ب 2 جنيه وكيلو السكر بجنيه فى حى الكيت كات!!

وبسرعة شديدة جدا انتشر على جنبات الطابور الباعة المتجولون المتخصصون فى بيع البيبسى والخروب والعرقسوس والسوبيا وسندوتشات الكبدة مجهولة المصدر والتى يطلقون عليها كبدة اسكندرانى !! وأصبح الطابور فى خلال ساعة فى حد ذاته مصدر رزق سريع ليس فقط لهولاء الباعة ولكن أيضا لفريق الانتشار السريع من باعة المناديل الورقية والجرائد والسجاير , وانضم اليهم بعض من بائعى التين الشوكى وبائع واحد للذرة المشوية , بالاضافة لفيلق من مشاة بيع الجلاليب البيضاء والسبح والصنادل الاسلامية والمسواك وكتب التفسير والشرائط والأناشيد الدينية وكل مايلزم المسلم الصحيح . بالاضافة لبعض المتسولين والمتسولات لزوم هذا التجمع البشرى !! ولاحظ جرجس أن نفس أمين الشرطة المؤمن صاحب التصريح والمختص بحماية المبنى جالس على كرسى خشبى بجوار المبنى فى استرخاء تام وتصله المشروبات المثلجة فى قيظ الحر بدون عناء ويدير البيزنس بطريقة سلسة , فالرجل لم يقوم بأكثر من الواجب , فهو بذكاء ابليسى أراد أن ينعش اقتصاد المنطقة فقرر أن يجعل المنطقة فقط محط التقاء بين البائع والمشترى , وجلب بيزنس لهؤلاء الباعة اللذين يكرمونه بالمشاريب وبعض من الكاش .

وصل جرجس عند الشباك بعد آذان العصر بنص ساعة وفوجىء بأن الموظف يتحدث اليه من خلال شباك من الزجاج المقاوم للرصاص ويستخدم الانتركوم فى الحديث اليه ولاحظ كاميرات مزروعة فى سقف الحجرة لتراقب كل المتعاملين مع المكتب.. تماما مثل اجراءات الأمن فى السفارة الامريكية , ولاحظ أيضا أن هناك عناصر من "البلو ووتر" تتجول فى الغرفة بطريقة أمنية ملفته للنظر , فأيقن أن الخبر لابد وأن يكون صحيحا , والا لماذا تكلف الأزهر كل هذه التكاليف الباهظة لمجرد الأمن فقط ؟!! وأصبح حلم الشقة والسيارة والوظيفة واقع يسبح فى خياله الباطن .. ولم يجد جرجس مفر من أن يسبل عينيه ويغير من نبرات صوته ليصبح صوته بقدرة قادر صوت رخيم وسأل الموظف فى خشوع بالغ عن المسوغات المطلوبة لتغيير الديانة , ولكن الموظف القى اليه غير عابىء ببعض الأوراق من فتحة وحيدة فى الشباك الزجاجى , وهى عبارة عن مسوغ من عشر ورقات كلها أسئلة دقيقة عن حياته الشخصية والعملية وأسئلة عن مصادر دخله وعن أقاربه المقربون ومن هم الأشخاص المقربون الذى ينبغى على الأزهر أن يتصل بهم فى حالة الطوارىء وحساباته فى البنوك وأيضا ماهو الاسم الاسلامى الذى يفضله فى حالة انتقاله ؟ مع لسته كاملة بالاسماء التى يفضلها الأزهر للمسلمين والمسلمات الجدد , ومن ضمن المسوغات أيضا شيك على بياض بمبلغ مليون جنيه ينبغى عليه توقيعه حتى لايرتد عن الاسلام والا كان عقابه السجن .. وفوق كل ذلك عليه أن يدفع رسوم ودمغات للطلب قدرها ألف جنيه , ولامانع أبدا من دفعها عندما يعود لموعد المقابلة مع السيد قنصل الأزهر عندما ينتهى من تعبئة المسوغات واحضار مايثبت وضعه الاجتماعى والمادى من أوراق , شريطة أن تكون أوراق أصلية موثقة , فقنصل الأزهر لايعترف بصور المستندات.

خرج جرجس من مكتب التوثيق غير متفائل بالمرة , فطلبات الموظف كلها طلبات تعجيزية وتحتاج الى وقت طويل لتحضيرها ولكن المكافأة مغرية : " شقة وسيارة ووظيفة محترمة" !! وبينما هو يفكر فى كيفية تحضير الأوراق المطلوبة والمكافأة الاسلامية الخيرة والسخية سمع أحد المتعشمين خيرا يخاطب قريب له على المحمول بصوت يعلوه الرجاء:

- تعال بسرعة والغى موضوع الهجرة لأمريكا .. ليه يابنى تضيع عمرك فى الغربة طالما الأزهر حل المشكلة من باب واسع : شقة وسيارة ووظيفة !! أرجوك يابنى هات مادلين معاك .. ياه .. تقريبا العذرا تقبلت دعواتنا .

وعندما دلف من الباب الخارجى قابله محمود عفاريتو بترحاب شديد وقدم نفسه اليه على أنه وكيل مكتب التخليصات المعتمد من مكتب الاشهار وهو مكتب يملكه مجموعة من الشيوخ المتقاعدون وهو مسؤول عن انهاء كل الاجراءات والمستندات مقابل مبلغ بسيط لايتعدى الألف جنيه , طبعا كلها مستندات مضروبة ولايهمك يأخى : استغفر ربك بعد الدخول فى الاسلام !! ودا كله كذب أبيض ..

***************

جرجس تاجر فى وكالة البلح , وقبل أن يكون تاجر كان صبى فى الوكالة وتعامل مع كل لصوص وحرمية قاع المجتمع وحاسة الشم لديه عالية فهو يشم رائحة الكذب مع على بعد خمسة كيلو مترات , وعندما جلس الى نفسه بعد عناء يوم طويل فى طابور الاشهار قرر أن يبحث فى موضوع الشقة والسيارة والوظيفة هذا , لأنه يدرك تماما أن هناك ملايين من الفقراء المسلمين المعدمين فى القاهرة وحدها وهم الأولى بمساعدات الأزهر الكريم !! وهل الحداية بترمى كتاكيت ؟!! هكذا تساءل فى صمت وغيظ .

وعندما اتصل بأحد معارفه فى دائرة البنوك علم أن الأزهر قد تلقى مساعدة أمريكية سخية لتصليح المنابر الخشبية التى يقف عليها الشيوخ لالقاء الخطب وهى منابر معظمها مسوس ومتأكل , ولكن أحد المشايخ الليبراليين اللذين قفزوا على علم الادارة بالأقدمية قرر أن يطور من مكتب الاشهار ويجعله قريب الى النظام الأمريكى لعله يحظى ببعض الاهتمام من السفير الأمريكى أو حتى وكيله , أما المساجد والمنابر فتبرعات المصلين كفيلة بتصليحها , وعندما تم التطوير الذى كلف خزانة الازهر تقريبا كل المعونة , تبلورت فكرة الشقة والسيارة والوظيفة فى ذهن أمين الشرطة الذكى , فهو يريد أن يزيد من دخله المحدود بطريقة هادئة ليتفوق على زملاؤه فى المرور..

ضحك جرجس ضحكة مجلجلة .. ماحدث اليوم أمام مكتب الاشهار لعبة حلوة تستغل الضغوط الاقتصادية ووهم الثراء السريع لدى الناس حتى فى أمور دينية .. كان جرجس فاكر أن شطارة المصريين توقفت عند باب سفارات دول الخليج , ولكنه كتاجر مقتنع تماما بأن الرزق يحب الخفية حتى ولو عن طريق الدين وأمام باب الأزهر, ووضع رجليه المتورمة فى المياه الساخنة والكمدات على قفاه الملتهب وقال : توبه.
.......

انتهت


06/11/2014

مصرنا ©

 

.....................................................................................

 


 

 
 



مطبوعة تصدر
 عن المركز الأمريكى
 للنشر الالكترونى

 رئيس التحرير : غريب المنسى

مدير التحرير : مسعد غنيم

 

الأعمدة الثابته

 

 
      صفحة الحوادث    
  من الشرق والغرب 
مختارات المراقب العام

 

موضوعات مهمة  جدا


اعرف بلدك
الصراع الطائفى فى مصر
  نصوص معاهدة السلام  

 

منوعات


رؤساء مصر
من نحن
حقوق النشر
 هيئة التحرير
خريطة الموقع


الصفحة الرئيسية